summary
stringlengths 1
404k
| text
stringlengths 2
598k
|
---|---|
باسيل أعلن في إفطار في البترون أمس نيته اعتباراً من غد اليوم ، القيام بأول إجراء بحق المفوضية التي تواصل على رغم تنبيهاتنا مواجهة السياسة اللبنانية القائمة على رفض توطين النازحين السوريين في لبنان .
|
وكانت الأخبار نشرت مطلع الشهر الماضي أن الخارجية تدرس إعلان أحد المسؤولين الدوليين المقيمين في لبنان شخصاً غير مرغوب فيه ، في إشارة إلى ممثلة مكتب المفوّضية العليا لشؤون اللاجئين في لبنان ميراي جيرار، احتجاجاً على بيان مؤتمر بروكسيل لدعم مستقبل سوريا والمنطقة في نيسان الماضي، والذي تحدّث عن توطين النازحين و اندماجهم و انخراطهم في سوق العمل في الدول المضيفة. وتحدثت مصادر في الخارجية إلى الأخبار ، فاستبعدت أن تقدم الخارجية على طرد جيرار، لكنها لفتت الى إجراءات تصاعدية من بينها، مثلاً، عدم تجديد أوراق إقامتها وفريق عملها في لبنان. وأكّدت أن المداخلات الدولية والمحلية بدأت فور انتهاء باسيل من كلامه ليل أمس . وكان مدير الشؤون السياسية والقنصلية في الخارجية السفير غادي الخوري استقبل جيرار أول من أمس، وعرض لها التحفظات اللبنانية على سياسة المفوضية، وسلّمها رسالة تتضمن طلب لبنان تغيير المفوضية مقاربتها لهذا الملف إنطلاقاً من تحسّن الوضع في عدد من المناطق داخل سوريا بما بات يسمح بالعودة الآمنة والكريمة للنازحين . كما تضمنت الرسالة الطلب من المفوضية، أن تبادر خلال أسبوعين، إلى تسليم الوزارة خطة توضح الإجراءات التي ستتخذها لإطلاق مسار عودة النازحين السوريين إلى المناطق الآمنة داخل سوريا. على رغم ذلك، فوجئ فريق من الخارجية والأمن العام زار عرسال أمس للاطلاع على الإجراءات المتخذة لإعادة نازح إلى مناطق آمنة في سوريا بأن المفوضية تمارس ضغوطاً على هؤلاء لثنيهم عن قرار العودة. وتحدث نازحون أمام الوفد عن تنبيهات تلقوها من موظفي المفوضية من أن عودتهم إلى سوريا قد لا تكون آمنة لأنها لن تكون برعاية الأمم المتحدة، وتحذيرات من إمكان تجنيد الرجال في الجيش أو اعتقالهم. وفي معلومات الأخبار أن عودة النازحين الـ ستكون آمنة . إذ إن السلطات السورية تلقّت لوائح بأسماء هؤلاء وأكّدت لنظيرتها اللبنانية أنه لن يتم التعرّض لأي منهم تحت أي اعتبار، تماماً كما حدث مع النازحين الـ الذين غادروا منطقة شبعا إلى بيت جن نهاية آذار الماضي، وذلك في إطار المساعي السورية واللبنانية لخلق مناخ مؤات لتشجيع النازحين على العودة. وقالت المصادر الواضح أن المفوضية مش قابضتنا جد في هذا الملف، وهم يعتقدون أن هناك من يدعمهم في الداخل في سياستهم هذه . وأضافت أن كلام باسيل أمس مؤشر واضح على ما ستكون عليه سياستنا الخارجية في المرحلة المقبلة في هذا الشأن .
|
أفدتُ من نجوميته للوصول إلى شرائح جديدة من الجمهور، لم أكن على التماس المطلوب معها سابقاً. أيضاً، سعدتُ بالعمل مع مروان حامد في تراب الماس أخيراً. صحيح أنّ الدور صغير، ولكنّ المهم هو التواجد ضمن توليفة مغرية، مع أسماء مثل ماجد الكدواني وآسر ياسين ومنّة شلبي. هؤلاء ممثّلون يشبهوني في التفكير والتوجّه. أرتاح في العمل إلى جانبهم. الفيلم لم يُعرَض بعد، لكنّي أعوّل عليه. عموماً، أنا متفائل بالقادم.
|
لأنّي ركّزتُ على التلفزيون والنّوع التجاري. المفارقة أنّك تسألني الآن، فيما أعود هذا العام إلى هكذا مشاريع. هناك عدد من الأفلام، أترك الإعلان عنها لوقتها. هذا النوع يحقق متعةً وإنعاشاً للممثّل. لا شكّ في ذلك. الأمان الماديّ ضرورة. لن أكذبَ بالقول إنّني لا أقبل سوى ما يناسبني فنيّاً. هذا النوع من البوهيميّة ، غير مجدٍ على أرض الواقع. وليام دافو قال يوماً أحياناً أمثّل، وأحياناً أعمل . أحاول تقديم اقتراح تمثيلي محترم، حتى عندما أعمل . الممثّل ليس لاعب كرة قدّم، يلعب بعلم بلده على صدره. هذا مشروع فرديّ بالدرجة الأولى. بالنسبة إلى الأردن، أتمنّى أن أعمل هناك مجدّداً، ولكن بشروط واعتبارات مدروسة. قيمة العمل. مدى الإضافة التي يقدّمها. حسابات التسويق والانتشار. بالتأكيد. نحن بالفعل نتحدّث في مشروع محدّد، قد ينفّذ قريباً. لا أفضّل الحديث عن مشاريع لم أوقّعها بعد. ثمّة حديث جديّ عن مشروع بليغ حمدي. سنرى كيف تسير الأمور. تتم كتابة مسلسل للعرض خارج موسم رمضان بعنوان شبر ميّة ، مأخوذ عن فورما أجنبيّ. أنا متفائل به. هناك أفلام أيضاً، أعلن عنها بعد التوقيع.
|
وقْع تلك الصدة وصل إلى مباراة ألمانيا في ربع النهائي. خسر الإنكليز وقتها بعد التمديد . بانكس لم يلعب بسبب المرض. فرانتس بكنباور كان بين المسجلين لـ المانشافت . القيصر لم يتوان عن القول بعد المباراة لو كان بانكس هنا، لما كانت كرتي لتعبر خط المرمى .
|
قصة بانكس مع المونديال لم تتوقف على تلك الصدّة، إذ إنه أحرز اللقب العالمي في . هو، بالتأكيد، أفضل حارس في تاريخ إنكلترا ومن الأفضل في تاريخ كأس العالم. هي نسبة الأهداف في مرمى بانكس في مشاركاته في المونديال، إذ تلقى أهداف في مباريات لم يتلقّ بانكس أي هدف في دور المجموعات في مونديال حتى سجل البرتغالي أوزيبيو في مرماه في نصف النهائي لعب بانكس مباراة مع منتخب إنكلترا بين عامَي و
|
تظاهرة عام نجحت في استدعاء أعداد أكبر من المتظاهرين ألفاً ، بينما تجمع أقل من ألف من المناهضين للفاشستيّة في التحرك المضاد وكادوا يتحولون إلى لقمة سائغة لهجمات عدوانيّة لولا تدخل الشرطة لحمايتهم.
|
عدد المتظاهرين، وعدوانيتهم الظاهرة وطبيعة الشعارات التي حملوها كما غياب مناهضة حقيقية للظاهرة الفاشستيّة في أقلّه مقارنة بجمهور شارع كيبل، حملت كلّها اشارت قاتمة ومقلقة في شأن تصاعد المدّ اليميني في العالم الغربي عموماً، وتعاظم العداء للأجانب المسلمين منهم تحديداً ، وانتقال النزعات الفاشستيّة من مواقعها الهامشيّة في الشارع والسياسة بعد الحرب العالميّة الثانية إلى قلب الحدث. لكن الأخطر من ذلك كلّه أن تجمع الفاشيست الذي تلاقت أطرافه على القوميّة الإنكليزيّة والإسلاموفوبيا، لا يجد في مواجهته أي قوى حازمة لا من الأحزاب التقليديّة في السلطة أو المعارضة على حد سواء، ولا بين قوى اليسار المهمّش حد الانقراض ناهيك عن أي تجمعات شعبيّة أو عماليّة. التظاهرة مع ذلك وبما حملته من إشارات لم تكن حدثاً مفاجئاً لأحد. فموجة الانقسام السّياسي الحاد في بريطانيا بدأت في موازاة شعور بالصدمة وفقدان الثقة بالأحزاب الحاكمة النيوليبراليّة منها أو حتى الديموقراطيّة الاشتراكيّة الذي عمّ أوروبا إبّان الأزمة المالية العالميّة ، بعد أن توافقت الطبقات الحاكمة وقتها على إنقاذ البنوك واستثماراتها الفاشلة على حساب الطبقة العاملة ومن أموال دافعي الضرائب عبر برامج تقشف قاسية. وقد تسببت مشاعر الصدمة تلك في تصعيد نموذج جديد من السياسيين الشعبويين الذين نجحوا مستفيدين من ضعف اليسار وانقساماته في تحويل أنظار قطاع عريض من الطبقة العاملة الإنكليزيّة عن الحرب الطبقيّة التي هم ضحاياها إلى عدو آخر الأجانب واللاجئين لا سيّما المسلمين منهم. بعض هؤلاء السياسيين انتظم في ما عرف بحزب الاستقلال البريطاني الذي ما لبث أن تحوّل في وقت قياسي إلى قوة ثالثة تحدّت ظاهرة الحزبين الكبيرين في السياسة البريطانية، فسيطر على عدد كبير من البلديات المحليّة ووصل ممثلوه إلى البرلمان، وكان القوّة الدافعة وراء تصويت في المئة من البريطانيين لمصلحة الخروج من الاتحاد الأوروبي في استفتاء . صعود اليمين البريطاني المتطرف رافقه صعود تيارات شعبوية موازية في أوروبا بغربها وشرقها، وهي جميعها تلقت دعماً هائلاً بانتخاب دونالد ترامب رئيساً للولايات المتحدة وتولي متطرفين من أقصى اليمين مفاتيح السلطة في الإمبراطوريّة العظمى. ومنذ تلك اللحظة، لم يعد ثمّة ما يقف حائلاً دون قفز الأحزاب اليمينيّة على السلطة من خلال صناديق الاقتراع، الأمر الذي حدث بالفعل في غير بلد أوروبي كان آخرها إيطاليا. ما منع تكرار ذلك السيناريو حتى الآن في بريطانيا كان رجلاً واحداً جيريمي كوربن زعيم حزب العمال المعارض، والذي على رغم تحالف الطبقة المهيمنة مع بقايا تيار توني بلير داخل حزبه لمحاولة اسقاطه إلا أنّه نجح في تقديم بديل مقنع سواء لناحية أخلاقياته السياسيّة أو برنامجه الحزبي المضاد للتقشف، وأصبح بمثابة المرشح الأقوى لتولي رئاسة الوزراء حال فقدان المحافظين لغالبيتهم الهشّة في أية لحظة. ظاهرة كوربن تسببت في النهاية توازياً مع انكشاف دجل سياسيي البريكست في انفجار فقاعة حزب الاستقلال البريطاني وخسارته لمعظم مقاعده سواء في البلديات أو في البرلمان. لكن سقوط الحزب في صناديق الانتخاب لم يعن انتهاء الظاهرة الفاشستيّة، بل هي تحولت الآن إلى حراك شارعي منفعل، نجح سياسي متطرّف مثل تومي روبنسون المسجون بتهمة الإساءة للمحكمة في توحيده كما في تظاهرة السبت وإطلاقه إلى العلن. وهو حراك يهدد بمزيد من الاستقطاب الحاد في الشارع البريطاني، ونقلاً للصراع من لعبة الصناديق الانتخابيّة إلى الشوارع. ولا تمتلك بريطانيا بتاريخها الإمبريالي وماضيها العنصري مناعة لعدم الوقوع في براثن الفاشستيّة، وهي التي كانت ملكتها نفسها ترفع يديها بتحية النازيين قبل أن تتحول أقدار السياسة وتنقلب نخبة بريطانيا ضدهم في الحرب العالمية الثانية بحثاً عن مصالحها الإمبراطوريّة، في ذات الوقت الذي لا تبدو فيه أي من القوى بقادرة على المبادرة في الاتجاه الآخر. فحزب السلطة المحافظون يمتلك غالبيّة هشّة في البرلمان مستمدة أصلاً من قاعدة شعبيّة مشتركة مع الكتل اليمينيّة المتطرفة، وحكومته بقيادة تيريزا ماي تبدو في غاية الهزال لمواجهة استحقاقات استراتيجيّة في الشأن الاقتصادي والسياسي معاً، ليست أقلها المفاوضات الشاقة مع الاتحاد الأوروبي ناهيك عن إمكان الحصول على تأييد شعبي واسع لمواجهة الاستقطابات بسبب سياسات التقشف التي انهكت الطبقة العاملة. كذلك فإن حزب العمال المعارض يبدو وكأنّه قد استنفذ الظاهرة الكوربينيّة إلى أقصاها وتورط في لعبة انتظار سقوط الحكومة أو الوصول إلى انتخابات عامة عاديّة في قد تحمله نظريّاً إلى السلطة. كما أن يمين الحزب أنصار توني بلير ما زال على رغم هزائمه المتكررة أمام كوربن قادراً على إثارة المشاكل له في كل استحقاق سياسي أو انتخابي مقبل، وهم بالفعل يستهلكون جزءاً كبيراً من طاقة الحزب على مواجهة المحافظين. الأحزاب اليساريّة والاشتراكيّة البريطانيّة جميعها غير قادرة على استقطاب دعم شعبي ذي معنى سواء في الشارع أو في صناديق الاقتراع، وهي على كثرة دكاكينها ليست موحدة التوجهات، وتكتفي غالباً بالتصارع في ما بينها على مسائل تاريخيّة تتعلق بستالين وتروتسكي أو في تفسير صعود شعبيّة الزعيم كوربن، ولا ينجح أي منها في جمع أكثر من عدة مئات من المشاركين في نشاطاتها المختلفة معظمها من الوجوه اليساريّة المعتقة ذاتها. في ظل تخاذل كل هذه القنوات السياسيّة الفاعلة في مواجهة الفاشيست، فإن آخر خط دفاع لن يكون حتماً سوى الطبقة العاملة البريطانيّة وفقراء الشعب الذين ستعيّن عليهم أن يرسلوا للفاشيست وللسياسيين الغافلين معاً رسالة واضحة في شأن موقفهم تجاه هذه الظاهرة قبل أن تتوسع وتمسك بزمام السلطة في البلاد. ولعل التظاهرة المخطط لها في تموز يوليو المقبل تزامناً مع زيارة ترامب للندن تكون آخر فرصة لها لإظهار انحيازها الحاسم ضد الهيمنة والغزو وحروب الهويّات المتخيلة وصعود الفاشيست. قد فعلها البريطانيّون يوم خرجوا في أكبر تظاهرة في تاريخ البلاد ضد اشتراك حكومة توني بلير بالتخطيط للحرب على العراق، وهم مدعوون اليوم من جديد لتولي قيادة المواجهة، وبغير ذلك فإن الجزيرة البريطانيّة ستغرق في الأزمنة المظلمة، وهي الأوقات التي قال لنا غرامشي قبل ثمانين عاماً أنها تُخرج الوحوش من أوكارها عندما يموت نظام قديم بينما تتأخر ولادة نظام جديد. لقد شوهدت هذه الوحوش وهي تتظاهر السبت الماضي في قلب لندن.
|
وفي موقف مساند لميركل، رأت المفوضية الأوروبية أمس أن الحل الأوروبي وحده كفيل بمعالجة تحدي الهجرة الذي يقسم الاتحاد والحكومة الألمانية. وقال المتحدث باسم المفوضية، مارغاريتيس سخيناس، إن المفوضية تتقاسم وجهة النظر التي تقول إن الحل الأوروبي والاتفاق الأوروبي وحدهما جديران بمعالجة هذه المشكلة .
|
رويترز، أ ف ب، الأناضول
|
أشار دا سيلفا على فريق الدفاع بإدارة مفاوضات مع الشرطة الفدرالية لتمديد مهلة الاعتقال، في محاولة منه لإقناع الصف الأول من مناصريه بضرورة احترام القرارات القضائية حتى لو كانت جائرة ، وبأن مسيرته السياسية الطويلة لن يختمها بتمرّد يكسر إرادة الدولة ويهشّم مؤسساتها. كان حديث الزعيم اليساري يسقط كالصاعقة على مسامع مساعديه أتظنون أنّي سأسهم في سقوط حلمي، وإراقة دماء شعبي؟ إنّ دخولي السجن أحبّ على قلبي من أن أرى شرطياً ينزف أو مواطناً يتألم. إذا كان الثمن حريتي فليكن، لكن من يستطيع هزيمة إيمان راسخ وعزيمة صلبة؟ . إصرار دا سيلفا على التوفيق بين إقناع مناصريه والامتثال لأمر الاعتقال، حمله فريق الدفاع إلى الشرطة الفدرالية واستحصل على مهلة يوم إضافي لتسليم نفسه.
|
اليوم الإضافي تحوّل إلى مهرجان سياسي، اختلطت فيه الدموع بالذكريات. كانت لمقرّ نقابة الحدادين رمزيةٌ استثنائية؛ ففي هذا المكان اعتُقل دا سيلفا ورفاقه قبل ثلاثين عاماً. استذكر الرجل هناك مراحل الاضطهاد التي تعرّض لها إبّان الحكم العسكري، الذي لم ينته بنشوء النظام الديموقراطي، فالبلاد لا تزال تعيش تحت وطأة ديكتاتورية الفساد والتبعية. بلاد سطا عليها الفاسدون، فحموا أنفسهم واستولوا على المؤسسات الرسمية والقضائية، وحوّروا الحقائق، وبدأوا مسيرة الاغتيال السياسي لكلّ من ناهض مشروعهم المدمّر. تحدث دا سيلفا، بتأثر، عن حلمه في بلد يحقّ فيه للفقير بتبوّء أعلى المناصب أو الاستحصال على وظيفة لائقة. استفاض في الحديث عن حلم قطعته أيدي الغدر ، فأوقفت فرص الفقراء في العيش الكريم تحت مظلة دولة تساوي في الحقوق والواجبات. افتخر الزعيم العمّالي بأنه الرئيس الوحيد في تاريخ البرازيل الذي لا يملك شهادة جامعية، بل سجلاً من التفاني والإخلاص خدمةً لشعبه في مسيرة نظيفة لن تدنسها افتراءات لا تمت إلى الحقيقة بصلة، وتساءل بأي جرم تحاكمونني؟ أنا الرئيس الوحيد الذي يُحاكَم بقضية شقة ليست له ولا يمتلكها أحد من أفراد عائلتي. إنكم تكذبون. الشرطة تكذب، والقاضي يكذب، والحقيقة ستظهر لا محالة . في نهاية خطابه التاريخي، أعلن دا سيلفا أنه سيسلّم نفسه للعدالة حتى لو سادت حولها الشكوك، علماً بأنّها عدالة سارت بسرعة البرق لاعتقال رئيس هو صاحب الفضل في نموّ البرازيل وتطورها، وهو الرئيس الاستثنائي الذي خرج من الحكم محافظاً على تأييد شعبي يفوق سبعين في المئة. كان دا سيلفا يُدرك أنّ القضاء الذي تباطأ في عمله على مدار السنين، سيكون نشيطاً بما فيه الكفاية لإطباق التهمة عليه، لأنّ قرار اغتياله السياسي قد اتُّخِذَ منذ سنوات. قرارٌ أشرفت عليه المخابرات المركزية الأميركية التي تسلمت التحقيق بشكل رسمي وتابعت الملف حتى آخر فصوله، وفق ما كشفه رئيس مركز الشؤون الاقتصادية والسياسية، الباحث الأميركي مارك ويسبورت. امتثل دا سيلفا لأمر الاعتقال، لأنّ الهدف كان دائماً تصوير حزبه كمنظمة خارجة على القانون. واختار السجن لأن احتجاز حريته لن يمنع حلمه من التمدد خارج القضبان إذ لم يعد يُمثّل شخصاً بعينه، بل فكرة ومشروعاً سيُستكمل رغماً عن أنف السجان . لكن رغم امتثاله، فإنّ ذلك لم يخفف من نية خصومه في الإمعان في الإذلال، فرُفِض طلب بقاء دا سيلفا في ساوباولو حيث مقرّ الإقامة، وأصرّ القاضي سيرجيو مورو على تحويله إلى مدينة كوريتيبا، تطبيقاً لما أعلنه يوماً في أحد لقاءاته عن عمله الدؤوب للإتيان بالرئيس الأسبق مُقيَّداً إلى زنزانة أعدّها له بنفسه. إلا أنّ القيادة العمّالية ارتأت أن تكسر، للمرة الثانية، المهلة التي فرضها مورو، وذلك من خلال منع دا سيلفا من الخروج لتسليم نفسه احتشدت الجماهير وسدّت منافذ المقرّ حتى السابعة من مساء أول من أمس، وهو التوقيت الذي خرج فيه الزعيم العمّالي من باحة خلفية واستقلّ سيارة الشرطة الفدرالية التي اقتادته إلى مقرّها الرسمي في ساوباولو ثم نقلته عبر طوافة عسكرية إلى المطار، وبعدها نُقل مباشرة إلى السجن المخصّص له في المركز الفدرالي لمدينة كوريتيبا. حقق خصوم الزعيم العمّالي مبتغاهم في خفر عدوهم اللدود، وابتسم الرئيس الحالي ميشال تامر، وهو يرى أنّ العدالة تسير في هوى السياسة التي حصّنته وأغلقت ملفاته المليئة بصفقات الفساد. كذلك انتشى القاضي سيرجيو مورو، بعدما أدى المهمة الموكلة إليه على أكمل وجه. إلا أنّ طريقة تعاطي دا سيلفا مع المسألة حدّت من احتفالية اليمين، إذ إنّه برز كرجل دولة حريص على أمن بلاده واستقرارها. لم يعتب على الفقراء الذين أوهمتهم الحملة الدعائية الشرسة بفساد زعيمهم، ولم يكترث للشماتة التي ملأت عناوين الصحف وشاشات التلفزة ولا لنشوة خصمه القاضي سيرجيو مورو. دا سيلفا يريد من سجنه أن يُمثِّل انطلاقة لمشروع النضال الجديد، الذي قد يختم فيه رحلة عمره، ولكنه حكماً سوف يؤسّس لوطن جديد . بدأ دا سيلفا مسيرته في السجن، ويبدو اليوم أنّه ينهيها فيه. وعد الزعيم التاريخي شعبه بأنّ الزنزانة لن تزعجه، وبأنّه كلما استلقى سيغفو بعمق، لأنه أدى الرسالة بأمانة . وفي الأثناء، سيبقى النظام الانقلابي برئاسة ميشال تامر، عنواناً للمواجهات الآتية.
|
ولا تقتصر تأثيرات العدوان والحصار على تراجع القدرة الشرائية لليمنيين، بل تشمل أيضاً تغيير اتجاهات المستهلكين بفعل انخفاض معدّل دخل الأسرة اليمنية إلى أدنى مستوياته منذ بدء الحرب. إذ، وللعام الثاني على التوالي، احتلّ الطلب على الملابس العسكرية، بمختلف ماركاتها ومصادر إنتاجها، مرتبة متقدمة، خصوصاً أنها تُعدّ من الملابس المتوسطة الثمن. وفيما اتجهت الشرائح الميسورة مالياً، والتي تمثل القلة، نحو اقتناء الماركات الحديثة من الملابس، نحت الشرائح الفقيرة والمعدمة باتجاه شراء الملابس الرخيصة الثمن والمحلية الصنع. وفي حين تركّز الطلب في أسواق الكساء على ملابس الأطفال في شكل كبير، لوحظ تراجع الطلب على ملابس الكبار نظراً لتردي الأوضاع الاقتصادية في البلاد.
|
ومع اتجاه الدولة نحو سياسة الاقتصاد المقاوم ، فرض المنتج الوطني من الملابس المتنوعة نفسه في سوق الكساء قبيل عيد الفطر، حيث ارتفع المعروض من الملابس المحلية الصنع والمتعددة الماركات ، بما فيها ماركات حديثة تم تقليدها من قبل مصنعين محليين. كذلك، افتتحت الأسر المنتجة عدداً من المعارض خلال الأيام الماضية، وذلك في ظل الاهتمام بالمنتج المنزلي من قبل حكومة الإنقاذ وحركة أنصار الله ، التي تدفع نحو رفع معدل الإنتاج المحلي، واستبدال المنتج الوطني بالمنتجات المستوردة للحد من التبعية الاقتصادية والاعتماد على الخارج. وبالنظر إلى أن الكثير من الأسر لا تستطيع تأمين كسوة العيد لأطفالها، عملت منظمات وجمعيات عدة في العاصمة صنعاء، التي تحتضن قرابة خمسة ملايين نَسَمة، على تنفيذ عدد من المشاريع الخيرية الهادفة الى تأمين الكسوة للآلاف من الأطفال الفقراء. ووزعت مؤسسة رعاية الشهداء و مؤسسة يمن ثبات المعنية بالاهتمام بأسر المرابطين في الجبهات ملابس العيد على المئات من الأسر خلال الأيام الماضية. ويوم الثلاثاء الفائت، شهدت العاصمة صنعاء افتتاح أول مول خيري لتوزيع الملابس مجاناً للفقراء والمحتاجين. وأوضح محمد إبراهيم الهمداني، وهو متطوع في مبادرة تكاتف الشبابية، أن افتتاح المول الخيري في نادي بلقيس في صنعاء يُعدّ المرحلة الأخيرة من جملة مراحل بدأت أواخر الشهر الماضي، بجمع الملابس المستخدمة والفائضة عن حاجات الأسر، وإعادة ترميمها وتغسيلها وترتيبها، ومن ثمّ تقديمها للمعوزين. وفي محاولة من قبل سلطات صنعاء للتخفيف من معاناة مواطنيها، وجّه المجلس السياسي الأعلى ، بقيادة الرئيس مهدي المشاط، وزارة المالية في حكومة الإنقاذ، بالعمل على صرف نصف راتب لموظفي الدولة قبيل عيد الفطر وفق الإمكانات المتاحة، وهو ما تمكّنت الوزارة من إنجازه مطلع الأسبوع الجاري. وبالتوازي مع ذلك، وفي ظل تجدد محاولات تحالف العدوان استغلال الأعياد الدينية لتحقيق تقدم ميداني، أطلقت سلطات صنعاء حملة تحت عنوان أعيادنا جبهاتنا ، تشمل برامج عيدية لرفد مقاتلي الجيش واللجان بالإمدادات البشرية والمادية، وتنظيم قوافل غذائية إلى الجبهات، خصوصاً منها جبهة الساحل الغربي، وزيارات لأسر الشهداء والجرحى في مختلف المحافظات، إضافة إلى تدشين نزول ميداني لوسائل الإعلام إلى الجبهات كافة لمشاركة المقاتلين احتفاءهم بالعيد. ويبيّن مصدر في حركة أنصار الله ، في حديث إلى الأخبار ، أن البرامج العيدية الميدانية وزيارة الجبهات تأتي وفاءً وعرفاناً لما يقدمه رجال الجيش واللجان الشعبية من تضحيات جسيمة في سبيل الدفاع عن الأرض والعرض، ومواجهة قوى الاستكبار في مختلف جبهات الشرف والبطولة والإباء .
|
اللافت أن المصادر، التي تحدثت أمس إلى وكالة رويترز ، أتبعت الكلام عن تأمين المطار بالإشارة إلى أن الخطة المفترضة تقتضي التقدم على الطريق غير الساحلي من بيت الفقيه للسيطرة على الطريق السريع المؤدي إلى صنعاء وكذلك طريق حجة . تصريح يجلّي التضعضع في حسابات التحالف ، الذي ربّما تحمله الخسائر الكبيرة لميليشياته على أعتاب مطار الحديدة من دون نتيجة تستحق الذكر على اللجوء إلى خطة بديلة من السعي لبلوغ الميناء عبر المدينة. لكن إذا كانت الضربة النوعية التي وجّهتها القوات اليمنية إلى بارجة إماراتية بداية الهجوم قد دفعت أبو ظبي والرياض إلى العدول عن فكرة الإنزال البحري للوصول إلى الميناء، وإذا كانت المقاومة الشرسة التي ووجِه بها المرتزقة في مطار الحديدة أفهمتهم أن فكرة القتال داخل المدينة تبدو أشبه بالعمل الانتحاري، فماذا سيكون مصيرهم إذا قرروا سلوك طريق غير ساحلي لا تزال الكلمة العليا فيه لـ أنصار الله ؟
|
لا يكاد يمرّ يوم، منذ انطلاق الهجوم على الحديدة الأسبوع الماضي، من دون أن يعلن الجيش واللجان تكبيدهما الغزاة والمرتزقة خسائر بشرية ومادية على طول الطريق الممتدة من حيس إلى الدريهمي. وآخر ما أعلنته القوات المشتركة في هذا السياق، هو الأنباء التي أوردتها وكالة سبأ التابعة لسلطات صنعاء، أمس، عن تدمير آلية ومدرعة خلال تصدي الجيش واللجان لمحاولات تقدم شمال الدريهمي ، وكذلك تدمير آليتين عسكريتين في منطقتَي المشيخي والمجيليس في مديرية التحيتا بعد استعادة الجيش واللجان سيطرتهما عليهما، و ثلاث أخريات في منطقة الجبيلة ، ومثلها جنوب دوار المطار . وقائع يُضاف إليها استمرار قطع خطوط إمداد الميليشيات المدعومة إماراتياً، والذي توسّعت رقعته خلال الساعات الماضية على نحو بات معه الحاجز بين القوات المهاجِمة شمالاً وخطوط إمدادها في الجنوب يُقدّر بحوالى كلم بحسب ما تفيد به مصادر مطلعة الأخبار ، وهو ما سيتيح للقوات المشتركة مجالاً أوسع لمواصلة تكتيكات استنزاف المهاجِمين بتعبير المصادر نفسها. هذا الخناق، الذي يشتدّ ساعة بعد ساعة، يلخّصه مصدر عسكري تحدثت إليه رويترز بالقول الحوثيون يقطعون الطريق إلى الحديدة... ثم تتدخل طائرات الأباتشي الإماراتية لفتح الطريق. لكن بمجرد رحيلها يعود الحوثيون. إنها لعبة القط والفأر التي لا تنتهي . اللعبة هذه تجعل القوات المهاجِمة في وضع صعب ومأزوم، وفي حالة انهيار شبه كبير على حد تأكيد المصادر التي تحدثت إليها الأخبار . وعلى رغم أن الميليشيات المدعومة إماراتياً لا تزال قادرة على التحرك عبر البحر لمدّ عناصرها بالمؤن، أو نقل الأفراد من وإلى الساحل ، إلا أنها عاجزة عن نقل الأسلحة الكبيرة أو تنفيذ عمليات إنزال فعالة، وهي ستواجه مزيداً من الاستنزاف طبقاً لما تجزم به المصادر، لافتة إلى أن استخدام الجيش واللجان الصواريخ المضادة للدروع بكفاءة عسكرية عالية فاجأ الغزاة وأجبرهم على الهرب ، مضيفة أنه تم إلى الآن تدمير آلية عسكرية على أقل تقدير . وتعزو المصادر تراجع حدة الاشتباكات يوم أمس إلى الإرباك الكبير الذي تعانيه القوات المهاجمة، بعد تكبدها خسائر فادحة في المدرعات والأرواح . إرباك لا يبدو أن لدى الإمارات وسيلة للتغطية عليه سوى تغريدات وزيرها، أنور قرقاش، الذي أعاد، أمس، مطالبته أنصار الله بـ الانسحاب الكامل وغير المشروط من مدينة الحديدة ، مُكّرِراً الحديث عن أن تحرير الحديدة يعجّل بتحقيق التسوية السياسية ، ومُجدِّداً القول إن بلاده ستواصل الضغط العسكري حتى تحقيق أهدافها ، في مؤشر على ذهابها نحو الانتحار الجماعي الذي سيوردها المهالك على حدّ تعبير الناطق باسم أنصار الله ، محمد عبد السلام، الذي أكد، أمس، أن حملة العدو الإعلامية ارتدت عليه فضيحة تكفي لأن يعترف بهزيمته ويخرج من اليمن، قبل أن تكون الكلفة بما لا يتوقع . وأشار عبد السلام إلى أن الهجمة الصبيانية لقوى العدوان على الحديدة فشلت فشلاً ذريعاً ، مضيفاً أن القادم كفيلٌ بما هو أعظم . في خضم ذلك، أعلن المبعوث الأممي إلى اليمن، مارتن غريفيث، في بيان، نيته مواصلة مشاوراته مع جميع الأطراف لتجنب المزيد من التصعيد العسكري في الحديدة... والعودة بسرعة إلى المفاوضات السياسية ، معرباً عن ثقته بـ أننا نستطيع التوصل إلى اتفاق ، في حين حذر المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة، فرحان حق، من أنه إذا وصل القتال إلى مناطق حضرية فسيتعرض المدنيون لخطر أكبر .
|
وبينما لا يزال الأردن يغلق حدوده الشمالية في وجه أي نزوح من درعا، فإن مسؤوليه يقودون حراكاً ديبلوماسياً واسعاً لاجتراح هدنة ــ وإن موقتة ــ في الجنوب السوري. هذه المشاورات سوف تحمل وزير الخارجية أيمن الصفدي، إلى لقاء الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، لبحث تحرك دولي لوقف النار في الجنوب السوري وحماية المدنيين ، وفق ما نشر عبر حسابه على تويتر ، مضيفاً أن اتصالات المملكة تستمر مع كل المعنيين لوقف القتال ولضمان تحمّل المجتمع الدولي مسؤوليته نحو المدنيين ولإيصال المساعدات لهم في بلدهم . كذلك سيزور الصفدي موسكو في الرابع من الشهر المقبل، وذلك لـ إجراء محادثات حول منطقة خفض التصعيد في جنوب سوريا وعملية السلام الفلسطينية ــ الإسرائيلية ، وفق وكالة انترفاكس الروسية.
|
وتبدو هذه الزيارة في إطار التحضيرات للقاء الرئيسين، الروسي فلاديمير بوتين والأميركي دونالد ترامب، واحتمالات التوافق بينهما على صيغة جديدة تخص الجنوب السوري، ضمن مسائل أخرى. وتأتي هذه التطورات، في وقت أكد رئيس مجموعة الأمم المتحدة للعمل الإنساني في سوريا يان إيغلاند، في جنيف، أن الأمم المتحدة تحض الأردن على فتح حدوده ، مشيراً إلى أن طريق الإمدادات الإغاثية من الحدود الأردنية، الشديد الفعالية حتى الآن، قد توقف بسبب المعارك في الأيام الأخيرة . وفي السياق ذاته، وصل أمس إلى الأردن وفد من قيادات الفصائل المسلحة في الجبهة الجنوبية ، للتداول في جهود وقف إطلاق النار التي تقودها الأردن، وفي وقت متأخر من ليل أمس، بدأت مصادر معارضة تتحدث عن التفاهم مع الجانب الروسي على هدنة موقتة مدتها ساعة، تتيح مجالاً أمام مفاوضات موسعة، من دون أن يخرج أي تأكيد رسمي حول هذا الموضوع. وتزامناً مع نشاط عمّان، انتقد رئيس هيئة التفاوض المعارضة، نصر الحريري، ما وصفه بالصمت الأميركي تجاه التطورات العسكرية الأخيرة في الجنوب السوري. وقال في تصريحات من العاصمة السعودية الرياض للأسف الشديد شعرنا بعد فترة بسيطة وكأن هذه المنطقة قد تم الاتفاق عليها عبر صفقة خبيثة، وإلا ما الذي يفسر الآن سكوت الولايات المتحدة الأميركية، وهي دولة ضامنة، على كل هذه الخروقات؟ ، على حد ما نقلت عنه وكالة رويترز .
|
عادة، يشار بهذا التوصيف إلى الأمر الذي يأخذ طابع المكيدة، أو العمل المسروق بعيداً عن الاضواء، أو المؤامرات التي تحاك ولا يعرف بها المنتفعون أو المتضررون إلا بعد حصولها.
|
هذا ما حصل في مرسوم التجنيس الاخير، الذي أُعدّ في الخفاء طيلة شهور، وتقرر تأجيل إصداره الى ما بعد الانتخابات النيابية، وتم توقيعه قبل ساعات فقط من انتقال حكومة الرئيس سعد الحريري الى مرحلة تصريف الاعمال، ليتبين بعد أيام أن العملية منجزة قبل أسابيع طويلة، وأن المرسوم جرى إعداده على مهل، بين مجموعة من العاملين والمستشارين في القصر الجمهوري والسراي الحكومي الكبير ووزارة الداخلية. هذه الجهات الثلاث توقّع على المرسوم الذي لا يحتاج نفاذه الى نشره في الجريدة الرسمية. في السابق، وقبل اتفاق الطائف، كانت عمليات التجنيس تتم بطريقة تخصّ رئيس الجمهورية وحده، وكان قصر بعبدا يصدر المراسيم في أوقات مختلفة، وليس في نهاية الولاية الرئاسية فقط. وكان الجميع يعلم أن الجنسيات تمنح لأصدقاء الرئيس أو أصدقاء كبار المسؤولين في البلاد، وقد تم اختيارها لأسباب مختلفة، لا تتصل فقط بكون طالب الجنسية يخدم لبنان بصورة غير قابلة للخدش. بعد اتفاق الطائف، صدر المرسوم الشهير عام ، وتضمن لوائح بآلاف الاسماء، وكانت غالبيتهم من المستحقين، والفقراء الذين لم يكن ممكناً لهم الحصول على جنسية في ظل النظام السابق. ولا يخفى على أحد أن السوريين خلال وجود جيشهم في لبنان، رشحوا مئات الملفات، وجرى الأخذ بتوصيتهم. كذلك ظهرت لاحقاً اعتراضات قامت في أساسها على غياب التوازن الطائفي. حيث تبين أن الغالبية الساحقة هي من المسلمين، ومن السنّة على وجه الخصوص. في عهد الرئيس ميشال سليمان تأخر المرسوم الى الاسابيع الاخيرة من ولايته، ولا يزال كثيرون يصرّون على أن اللائحة شملت الكثيرين من المتمولين. ولم تقم القيامة يومها، ما عدا الرئيس ميشال عون وفريقه السياسي الذي انتقد منح الجنسية لغير المستحقين، بينما حرص التيار الوطني الحر، طوال الفترة السابقة على توليه السلطة، على انتقاد فكرة منح الجنسية لمن لا صلة له بلبنان، مع تركيز على الفلسطينيين والسوريين. بالأمس، عندما شاع خبر توقيع الرئيس عون للمرسوم، جرى التداول بلوائح لا تغطي كامل الاسماء، كما جرى إدراج أسماء لم ترد في المرسوم أصلاً. لكن اتضح أن هناك قوى سياسية أعدّت نفسها لحملة تستهدف الرئيس عون على وجه الخصوص. وتقود القوات اللبنانية هذه الحملة مع عدد من الشخصيات المسيحية المحسوبة عليها أو على حزب الكتائب. وهي تعكس خلفية عنصرية بغيضة، تستهدف السوريين والفلسطينيين على وجه الخصوص، والمسلمين بوجه عام، وتم تكليف قناة المر تي في بتولي المهمة التي تناسب طبيعتها العنصرية، أو تلك التي لا تتناسب وشروطها في من يجب أن يعيش في لبنان. عملياً، جاءت هذه الحملة لتشكل عنصر ضغط على الرئيس عون بشكل خاص. لكن الانتقاد الفعلي لا يتصل بهذا الجانب ولا يمكن اعتبار كل نقد مشمولاً بنفس أهداف العنصريين. لأن المرسوم تجاهل، كما غيره، حق الألوف من مكتومي القيد أو أصحاب الجنسية قيد الدرس، وكل هؤلاء يعيشون في لبنان منذ عشرات السنين، ولهم حق في الحصول على هذه الجنسية. لكنهم فقراء، ويعيش غالبهم في الارياف البعيدة، ولا يمكنهم دفع الاموال مقابل الحصول على الجنسية، كما أن القيادات السياسية لا تهتم بهم، وهي قيادات لا تهتم باللبنانيين أصلاً. كذلك، فإن المرسوم يصدر عن الرئيس عون، وهو المفترض أن يكون مانعاً لوصول فاسدين الى بلد يكفيه ما فيه من فساد، كما يفترض بالرئيس عون أن يفرض احترام الآليات والمعايير العلمية والمنطقية، والقائمة على أساس العدالة والمساواة. وهو أمر لم يحصل؛ فلا المرسوم شمل المستحقين فعلياً، بل شمل أسماءً بعضها قليلاً ما يزور لبنان، كما شمل مجموعة كبيرة من رجال الاعمال والمتمولين الذين لديهم ودائع كبيرة في مصارف لبنان، كذلك فإن الخطوة تمّت سراً وبعيداً عن الشفافية التي ينادي بها الرئيس عون. ثم إن مرحلة التدقيق لم تحصل وفق المتعارف عليه، حيث يجري تكليف المديرية العامة للامن العام بإدارة الملف بكامل تفاصيله، قبل وضعه على طاولة الرئيس لدرسه مرة أخيرة وتوقيعه. اليوم، هناك فرصة لتصحيح الخلل، وأولى الخطوات تكون في نشر الملف، وترك الناس تعرض ما تعرفه عن الاسماء وتقدمه الى الأمن العام كما طلب رئيس الجمهورية، كذلك فإن حملة التشهير يمكن مقاومتها، بتحذير كل من يسيء الى الاسماء الواردة من ملاحقة قضائية تتولاها الدولة الى جانب المتضررين. ولكن الأهم هو العودة الى فتح الباب أمام المستحقين، واستقبال ملفاتهم، ودرسها بكل الوقت الذي تحتاج إليه، ومن ثم إصدار المرسوم بالطريقة المناسبة، والواضحة غير القابلة للنقد. لا أن يكون كمرسوم مكتوم القيد
|
كانت النقابات قد أطلقت دعواتها للإضراب بمطلب واحد؛ وهو إسقاط مشروع قرار ضريبة الدخل، وهذا ما قد تحقق، كما أنها غير مستعدة لقيادة حراك اجتماعي واسع وشامل المطالب. التنظيمات والحراكات السياسية التي شاركت منذ اليوم الأول في الاحتجاجات قلِقت من توسع قاعدة الاحتجاج في الأيام الأخيرة، وفقدان السيطرة عليها بالحد الأدنى. الجهات المتصارعة في الدولة مع الفريق الليبرالي انتابها القلق نفسه، ففضلت وضع نقطة نهاية للاحتجاجات. جناحات أخرى في الدولة ارتأت إيقافه برسم اجتماع مكة، على اعتبار أن الرسالة المطلوبة قد وصلت إلى الجهات المانحة لدفع المزيد من المساعدات. هي إذن محطة استراحة مالت إليها جميع الأطراف، ولكن أي منها لا يملك دليلاً واحداً على أن الأردن عبَر الأزمة، ولا أن الناس الذين نزلوا إلى الشوارع قد حُلّت مشاكلهم أو على الأقل في طريقها جدياً إلى ذلك
|
لا تفضل النقابات أو الأحزاب السياسية أو الحراكات الناشئة، مهما تمكنت من استقراء لسياسة الرزاز، المبادرة للاحتجاج مجدداً الآن، لا لشيء إلا لتتجنب تهمة المحاكمة على النوايا، ولكنها في حالة ترقب حقيقية لما سيصدر عن الحكومة الجديدة. في المرحلة القادمة كلما انتقلت تصريحات الحكومة من الشعارات إلى الإجراءات العملية سوف تتضح ملامح الاشتباك الاجتماعي أكثر. في كل الأحوال؛ ما ينطبق على تكتيكات السياسة، لا ينطبق على البحث والإعلام، الذي يمتلك الحق في التعبير عن الاستقراء مسبقاً، ولفت الانتباه للخيارات الممكنة، والإجراءات المتوقعة. بمعنى آخر؛ من حقنا هنا أن نحاكم السياسة التي نتوقع أن ينتهجها الرزاز، والتي نعرفها عنه في أدبياته المنشورة، ولقاءاته الصحافية السابقة، وتصريحاته مؤخراً من موقعه كرئيس للحكومة. من الريع إلى الإنتاج، الطريق الصعب نحو عقد اجتماعي عربي جديد ، عنوان الورقة التي قدمها الرزاز خلال اشتعال شرارة الربيع العربي، وقد كانت تصريحاته الصحافية الأخير متخمةً بتعبيراتها وأفكارها. يعرض الرزاز في ورقته أسباب الأزمة الحقيقية من وجهة نظره للمجتمعات العربية، ويعتبر أن ثنائية الريع والاستبداد السياسي تكمن في مركز السببية للأزمات، فالدولة الريعية التي شمل بها الدول المعتمدة على الموارد الطبيعية أو الحوالات الخارجية أو المنح والمساعدات، تجبر الأفراد على الإذعان الكامل لسلطاتها مقابل ما تنفقه عليهم الدولة، ويشكّل ذلك الملمح الرئيس من ملامح العقد الاجتماعي العربي القائم، حيث تميل الدول العربية إلى الريعية؛ لأنها لا تضطر كثيراً لمراجعة ممثلي الشعب، وتعتمد على إيراداتها الريعية أكثر من الإيرادات الضريبية، وغير مضطرة للكشف عن إيراداتها وآليات إنفاقها الإيرادات سر من أسرار النظام ، ويتغول فيها الأمن على السلطة التنفيذية، وتتغول الأخيرة على السلطة التشريعية، كما أن الأفراد يبحثون عن رضا الحاكم، للحصول على حصة أكبر من النفقات. كل ذلك برأي الرزاز حوّل الدول العربية من دول إنتاجية إلى دول تخصيصية، استكملت مشوراها في الريع عبر مشروع خصخصة مشوه، لم يدفع باتجاه المزيد من المنافسة، وإنما بقي محصوراً في حيز زواج الإمارة والتجارة، فتشكل قطاع خاص زبائني مستفيد من نمط الريع السابق، ويركز على العقارات وعقود مجزية مع القطاع العام. وكل ذلك أنجب قطاعاً خاصاً احتكارياً، لا تدخل معه منشآت جديدة إلى الأسواق، ولا تغادر منه المنشآت التي فقدت قدراتها التنافسية، أو بمعنى آخر تلكم التي تعفنت الوصفة التي يقدمها الرزاز في ورقته للانتقال من الريع إلى الإنتاج تعتمد على برنامج من سبع نقاط أساسية؛ التحول الديمقراطي، حاكمية رأس المال العام، من الاقتصاد الريعي إلى الاقتصاد الإنتاجي، من التهميش إلى التشغيل، من عنصر بشري مذعن إلى عنصر بشري خلاق، من محاصصة الريع إلى توزيع الدخل والحماية الاجتماعية، من تشرذم سيادي عربي إلى تكتل سيادي عربي. يتفق الرزاز نظرياً مع إجماع واشنطن في اعتبار القطاع الخاص هو المحرك الرئيس للاقتصاد، وتكون الدولة مسؤولة عن حماية البلاد من التضخم وفق سياسات الاقتصاد الكلي، وتحرير التجارة الخارجية، وخصخصة القطاع العام على طريقة مختلفة عن زواج الإمارة والتجارة . كما أنه يعتقد أن الطريقة الأسلم لتنمية الأرياف يكمن في تهيئتها كبيئة صالحة للاستثمار والأعمال، وفي سياق ذلك يجري دمج سكان الأرياف في بيئات العمل هناك، بدلاً من هجرتهم إلى المدن بحثاً عن فرص عمل. النقد الأساسي الذي قدمه الرزاز في ورقته لإجماع واشنطن، يتعلق بالشق السياسي وعدم التركيز على شرعية الأنظمة واستقلال السلطات. اعتماداً على كل ذلك يمكن اختصار منهج الرزاز، أو رؤيته في العناصر التالية أولاً الرزاز مؤيد حقيقي لمشاريع الخصخصة، ولكنه معارض لطريقة تنفيذها في الدول العربية، حيث تم تنفيذها دون الحد الكافي من الشفافية والكشف عن الإيرادات وسبل إنفاقها، كما أنها انتجت قطاعاً خاصاً زبائنياً، بدلاً من منافسة في أسواق مفتوحة. ثانياً يقترح الرزاز تحويل الدول العربية من حالة الريع إلى حالة الإنتاج، ويرى أن تكديس الوظائف في القطاع العام هو عرض من أعراض الدولة الريعية، وغياب الإنتاجية. نظرياً، يميل الرزاز إلى التخلص من القطاع العام على طريقة إجماع واشنطن. في لقاء صحافي أجراه الدكتور يوسف منصور مع الدكتور عمر الرزاز ومروان المعشر، يؤيد الرزاز تعليق المعشر على الأمان الوظيفي أنا ضد ثقافة الأمان الوظيفي، فالموظف حال شعوره بالأمان الوظيفي لا يبدع ثالثاً يقدّم الرزاز برنامجاً من سبع نقاط، يمثل التحول الديمقراطي الشرط الأول فيها، والأكثر أولوية على المستوى الزمني. والصيغة النهائية التي يسعى الرجل إليها، دولة معتمدة على القطاع الخاص تحركه المنافسة في الأسواق، وبذلك يصبح الفرد مصدر الثروة، وليس متلقياً للريع. يرى الرزاز في تجربة الإمارات العربية المتحدة وبالتحديد دبي نموذجاً يحتذى به في الانتقال من الريعية إلى الإنتاج. رابعاً في ما يتعلق بالعلاقة مع المحيط، يرى الرزاز صعوبة تجاوز دولة عربية بمفردها أزماتها تماماً، وهي بذلك بحاجة لباقي الدول العربية، ولكن ليس على طريقة الدعاوى الرومانسية للوحدة، فقد ثبت برأيه الفشل الذريع لكل الدعاوى الرومانسية للوحدة التي أطلقتها أنظمة غير ديمقراطية، وأي مشروع قومي جديد يجب أن يتأسس عبر الديمقراطية القِطرية والتبادل التجاري والانفتاح الاقتصادي على العالم، وتجاوز المفهوم القديم الاكتفاء الذاتي . قد يبدو وصف الدولة الريعية حتى مع المعايير المطاطة التي وضعها الرزاز في ورقته غير دقيق، حيث أن ما ينطبق على السعودية التي تؤجر مواردها للحصول على الريع، لا يشبه حالات كالأردن ومصر وسوريا والعراق وغيرها. في الحالة الأردنية، تحصل الدولة على أغلب إيراداتها من ضرائب العاملين في الداخل وحوالات العاملين في الخارج، ويشكّل هذا مردود عمليات إنتاجية، ويخالف معايير الرزاز في انخفاض اعتماد الدول الريعية على الضرائب. الريعية التي يقصدها الرزاز في الحالة الأردنية مرتبطة بالمقام الأول بالقطاع العام، وتكديس المزيد من الوظائف فيه من القوى العاملة ، ولكن الملفت للانتباه هنا أن القطاع العام الأردني تحوّل إلى قطاع خدماتي خدمة الجمهور بعد انسحاب الدولة من المشاريع الإنتاجية، وعجزها لاحقاً عن مهمات التمويل للقطاع العام بالمجمل، ودفع العاملين فيه تحت خط الفقر. إذن يمتلك الأردن ريعاً متمثلاً بقطاع عام تتكدس فيه وظائف بأجور متدنية تحت خط الفقر، مضافاً إليها ريعاً سياسياً. الرواتب المتدنية في القطاع العام، لم تعد تشكل عاملاً للاستبداد السياسي، وبذلك تسقط ثنائية الرزاز في الأردن؛ حيث أن أعلى سقوف الهتافات خلال الاحتجاجات الأخيرة كانت في المحافظات أبناء القطاع العام ، وليست في العاصمة. أما الريع السياسي، فقد فقدت الدولة الكثير من مهماتها الوظيفية الخارجية تاريخياً مكافحة الشيوعية، الكيان الفاصل، إلخ ، وما زالت تحاول الاستفادة من الريع السياسي داخلياً أبقوا الحال كما هي، لأننا بلد آمن في محيط ملتهب، ونحن من حافظنا لكم على هذا الأمن ، وبذلك يمكن شطب الأردن من قائمة الدول الريعية التي عانت بسبب مواردها الطبيعية، أو التي أصيبت بـ المرض الهولندي . في المؤتمر الصحافي الأخير وجّه الرزاز رسالة واضحة مفادها أن القطاع العام يجب أن يتطور، وهذا توجه سليم لو جردناه من الخطة متوسطة وبعيدة المدى في ذهن الرئيس، فخطة دمج المؤسسات ورسائل الطمأنة بالحفاظ على جميع العاملين، هي الخطوات الأولى لتقليص القطاع والاستمرار في عزل الدولة عن أي نشاط إنتاجي، والاكتفاء بجسم بيروقراطي تنفيذي خدمي فقط، وتحت عنوان تطوير العاملين سيجري دمج المزيد من المؤسسات لتأدية مهمات متنوعة لتسهيل مهمات قطاع الاعمال، لا أكثر. حسب الرزاز، فالدولة المنتجة هي دول القطاع الخاص المبني على المبادرات والريادة والمنافسة، ولكنه لا يقدم الحلول اللازمة للحفاظ على القطاع الخاص المحلي، وكيفية حمايته من المنافسة غير العادلة مع الشركات العالمية الأخرى، الأمر الذي ينقلنا من الاحتكار الزبائني حسب تعبير الرزاز، إلى احتكار عالمي بوكيل محلي. وهذه الحماية التي تتعارض مع بنود اتفاقية التجارة الحرة التي وقع عليها الأردن، هي السبيل الوحيد لحماية القطاع الخاص المحلي، تحديداً في مراحله الأولى قبل الوصول إلى مرحلة المنافسة العالمية، كما يتمنى الرئيس. إذاً كان القطاع الخاص المحلي يعاني بسبب المنافسة غير العادلة، ويحتاج لحماية تصطدم ببنود التجارة الحرة كي يتمكن من الوقوف على قدميه، والمبادرات الاقتصادية تبحث عن تمويل خارج إطار الدولة، والقطاع العام محصور بالخدمات بعيداً عن الإنتاج، والمؤسسات التي تقدم ريعاً اقتصادياً للدولة مملوكة لشركات أجنبية، إذن أين الإنتاج؟ ومن أين يبدأ الرزاز؟ يتحدث الرئيس القادم من حقيبة التربية والتعليم عن التدريب والتعليم المتسق مع متطلبات السوق. السوق القائم المرتهن للشركات العالمية يتطلب مهمات تنفيذية وتقنية محددة وإدارية لا تمكن أصحابها من ابتكار ما يلزم للمنافسة، إنها تكفي لمنافسة الفرد في الحصول على وظيفة في السوق القائم، ولكنها لا تكفي لإنتاج ما يلزم لدخول السوق كشركات محلية منافسة، لذلك تعود الأولوية هنا إلى الصراع التاريخي بين أكاديميي الحرس القديم والاكاديميين الجدد، هل نعلم أبناءنا كيفية إنتاج جهاز حاسوب أم نعلمهم التطبيقات الحديثة المنتجة عالمياً والمستخدمة بغزارة في الأسواق العالمية، سوقنا وسوق غيرنا؟ في السياسة، يخشى الأردنيون من دعايات التحول الديمقراطي بعد أحداث هبة نيسان، حيث أن المطالب الاقتصادية الأساسية بيعت بشعارات الانفراج الديمقراطي والميثاق الوطني وإعلان التعددية الحزبية في البلاد. إن كل تنازل سياسي قدمته الدولة الأردنية في الداخل، أصبح محل شبهة اقتصادية عند الأردنيين، حيث يتزامن الإصلاح السياسي مع الاستمرار في الخراب الاقتصادي. بعد التعرض للأزمات الاقتصادية يجري تكثيف الحديث عن الحوار مع الأحزاب، وتنميتها سياسياً، والمنصات الالكترونية لإشراك المجتمع في الحوار والقرارات، وتطوير أنظمة استقبال الشكاوى من المواطنين، وعادة ما يكون ذلك امتصاص للأزمة الاقتصادية التي تصر الحكومات على الاستمرار فيها. في المؤتمر الصحافي الذي عقده الرزاز، ليس هنالك أكثر من رسائل طمأنة مطلوبة بعد موجة الاحتجاجات؛ تخفيض الجمارك على سيارات الهايبرد، والبحث في الرواتب التقاعدية للوزراء، والحفاظ على العاملين في القطاع العام حتى بعد الدمج، ومراجعة العبء الضريبي على المواطن مع التأكيد على أهمية أن يتحمل الجميع الظرف الصعب الذي تمر به البلاد، وتسهيل المعاملات البيروقراطية المعقدة لمرضى السرطان، وتخفيض مليون دينار من النفقات الحكومية، والكشف عن معادلات تسعير النفط. وفي ذلك إشارات لمزيد من الشفافية لإقناع المواطنين، الأمر الذي لا يعني التراجع عن النهج الاقتصادي، وإنما تحسين شروط العيش معه. لا يمكن حل مشكلة بالذهنية نفسها التي أنتجتها أصلاً، الدوامة التي تغرق بها الحكومة الجديدة هي ذاتها التي علقت بها الحكومات السابقة، وهنا لا تعني النوايا شيئاً؛ مزيد من الاستغناء عن دور الدولة في الإنتاج هو السبب الرئيس الذي يحوّل موظفي القطاع العام إلى مستفيدين من الريع ، والقطاع الخاص المحلي لا يمكن أن ينمو دون تدخل حقيقي من الدولة في التشريعات الحامية له، وتوفير الدعم المالي للمشاريع الناشئة، وتبعاً لذلك يعجز تخفيض النفقات عن أن يكون بديلاً من المزيد من الإيرادات الضريبية. تنمية المحافظات عبر المشاريع الاستثمارية لم تجلب إلا الويل للسكان المحليين، كما جرى في تجارب الهند والمكسيك، عندما حولت الشركات الزراعية الكبرى الفلاحين إلى موظفين انتحاريين تحت سطوة المواد السامة، لقد انتحروا حقاً، ليس ذلك تعبيراً مجازياً... التغني بنموذج دبي إنما هو استخدام الريع لاستقطاب الاستثمار، وهذا لا يعني دخول الإماراتيين السوق، بقدر تحويل بلادهم إلى سوق، فالاكتفاء الذاتي والإنتاج الداخلي الذي لا يروق للرزاز هو المتطلب الأول لدخول الأسواق أو القدرة على دخولها كما جرى في حالة أوروبا أو إيران وسوريا في الشرق من ناحية القدرة على دخول الأسواق بما تنتج داخلياً . سياسياً، لم تكن رسائل الشكر للخليج ووعود مشروع ناقل البحرين إلا استمراراً للنهج نفسه؛ الاعتماد على المنح الخليجية، والاستمرار في قبول الضغط السياسي الناجم عنها، والاستمرار في العلاقة مع الكيان الصهيوني. المزيد من إقصاء الدولة اقتصادياً، والمزيد من محاصرة القطاع العام، ورسائل الود للخليج، وعدم تسمية سفير أردني في إيران، وتبني نظريات الديمقراطيات العربية القطرية، كل ذلك يتوافق مع بنود صفقة القرن، في إطار تحويل مؤسسات الدولة في الأردن إلى هيئات تتوافق سياسياً واقتصادياً مع دور الأردن القادم في المدن الخليجية الإسرائيلية. حكومة الرزاز سوف تستكمل نهج سابقاتها، ولكن الأردن بعدها لن يكون كما قبلها. كاتب أردني
|
Subsets and Splits
No community queries yet
The top public SQL queries from the community will appear here once available.