summary
stringlengths 1
404k
| text
stringlengths 2
598k
|
---|---|
يعود لوس أنجلس لايكرز وبوسطن لايكرز الى مسرح الدور النهائي في دوري كرة السلة الاميركي الشمالي للمحترفين، حيث سيجددان منافستهما القديمة، في ظل طموحات كبيرة لكلٍّ منهما، إذ إن الاول سيسعى بكل جهده للبقاء بطلاً، بينما يرصد الثاني استعادة اللقب. إلا أن نجم لايكرز وهدافه الاول كوبي براينت رفض الانسياق وراء هذه الحماسة الجارفة قبل لقاء الفريقين للمرة الثانية عشرة في الدور النهائي للبطولة. وقال براينت الفائز بلقب دوري المحترفين أربع مرات في حديثٍ الى الصحافيين لا يهمني ما يدور حولنا كثيراً. عنوان هذا الدور اي مواجهة لايكرز وبوسطن يثير حماسة الآخرين. أشعر بالحماسة عند الفوز فقط .
|
وأبدى اكثر من طرف عند الفريقين حماسته لوقوف لايكرز وبوسطن وجهاً لوجه في النهائي، لتكرار ما حدث في عندما حسم بوسطن سلتيكس اللقب لمصلحته بعد فوزه في المباراة السادسة من السلسلة على غريمه بفارق نقطة. وقال مدرب بوسطن دوك ريفرز سلتيكس ولايكرز يعنيان الكثير لكل شخصٍ بسبب التاريخ. الشبان يعرفون التاريخ أيضاً . وفي الوقت الذي برز فيه تألّق لايكرز في القسم الغربي منذ بداية الموسم، واجه سلتيكس الكثير من الصعوبات في القسم الشرقي، وبدا انه لن يتجاوز الدور التمهيدي. لكنّ خطة ريفرز اعتمدت على توفير طاقة فريقه من أجل الادوار الإقصائية بلاي أوف ، وهذا ما تحقق بالفعل بعد التفوق الملحوظ لسلتيكس على ميامي هيت وكليفلاند كافالييرز وأورلاندو ماجيك في طريقه للوصول إلى الدور النهائي. ورغم تغيير بعض اللاعبين الاحتياطيين في بوسطن منذ ، إلا أن التشكيلة الاساسية لا تزال تضمّ أبرز النجوم وعلى رأسهم الثلاثي المعروف بول بيرس وكيفن غارنيت وراي ألن. وقال بيرس الذي بلغ معدل تسجيله . نقطة في المباراة الواحدة خلال الادوار الاقصائية هذا الموسم أريد اللعب أمام لوس أنجلس والذهاب الى هناك ومحاولة الفوز بالبطولة في مسقط رأسي . ويصرّ لايكرز على انه اصبح أكثر نضجاً منذ هزيمته في الدور النهائي امام بوسطن قبل عامين. وعلّق لاعب لايكرز المخضرم ديريك فيشر على الموقعة الخبرة. عقليتنا كفريق مختلفة وأصبحت أفضل. تعلمنا المزيد بشأن ما يتطلّبه الأمر لكي نصبح الأفضل . وسيتطلع سلتيكس الى تعزيز رقمه القياسي والظفر باللقب للمرة الـ في تاريخه، بينما يرصد لايكرز لقبه السادس عشر، علماً بأن الأول يتفوّق على الثاني في سجل مواجهاتهما في الدور النهائي، بعدما تغلب عليه تسع مرات مقابل هزيمتين فقط. ودخل كيفن مكهيل، لاعب سلتيكس السابق الذي يعمل حالياً محللاً للقناة التلفزيونية التابعة لرابطة الدوري الاميركي للمحترفين، على خط التصريحات، قائلاً الجميع يشعرون بالإثارة. بوسطن أراد مواجهة لايكرز والعكس صحيح أيضاً . وأضاف هناك الكثير من التاريخ. من سيفوز؟ هذه المرة لا أحد يعلم . ويستضيف لايكرز أول مباراتين في الدور النهائي على أرضه في لوس أنجلس قبل انتقال السلسلة إلى بوسطن.
|
أدّى تراجع محصول القمح في كبرى الدول المصدّرة له، إلى قفزة كبيرة في أسعاره وتهديد إمدادات مصر منه، ما يهدد بأزمة خطيرة قد تؤدي بحسب رويترز والإيكونوميست لاضطرابات اجتماعية في أكبر دولة مستوردة للقمح في العالم. يبدو الأمر قدرياً تماماً ولا ذنب للحكومة المصرية به على الإطلاق. فالحكومة المصرية ليس لها يد بالتأكيد في المناخ السيئ الذي ضرب روسيا وأدّى إلى تراجع صادراتها من القمح بمقدار الربع، بل تعليق تسليم الشحنات المتعاقد عليها بالفعل والارتفاع الهائل في الأسعار الناجم عن ذلك. يبدو النظام المصري سيئ الطالع. ففي الوقت الذي تتعقّد فيه الأوضاع والقضايا ويضطر لمواجهة أزمات لم يتعود عليها من قبل، تتفجر في وجهه أزمة تقليدية جداً لم تكن في حسبانه ولم يستعد لها.
|
يتضح حجم الأزمة الناجمة عن أوضاع محصول القمح العالمي وأسعاره عند معرفة أن الاستهلاك السنوي من القمح في مصر حوالى مليون طن. والاستهلاك الشهري من قمح الخبز المدعوم ألف طن شهرياً، بينما لا يصل الإنتاج المحلي لثمانية ملايين طن في عام ، حسب الكتاب الإحصائي السنوي الصادر عن الحكومة. وحسب تقرير حديث لمجلس الوزراء، فإن من الأسر المصرية تستهلك الخبز المدعوم و من تلك الأسر تعتمد عليه اعتماداً رئيسياً. ويفيد التقرير نفسه بأن تكلفة دعم الخبز وصلت إلى . مليار جنيه في العام المالي ــــ ، وهو العام الذي شهد ارتفاعاً في أسعار الحبوب. أما العام المالي ــــ ، فيقدر الدعم الموجه للرغيف بـ جنيه للفرد، أي حوالى دولاراً. ويتضح حجم الأزمة إذا عرفنا أنه وفقاً للتقرير نفسه، انخفضت نسبة الاعتماد على القمح المحلي في إنتاج الخبز المدعوم من . في عام ــــ وما بعدها إلى عام ــــ . الأزمة الراهنة رفعت بقوة فاتورة استيراد القمح، حيث ارتفعت مدفوعات واردات القمح من . ملايين دولار في الربع الأول من السنة المالية ــــ إلى . في الربع الثاني، إلى . في الربع الثالث حسب نشرة البنك المركزي المصري. ولكن القفزات التالية في الأسعار، التي واكبت الحرائق الروسية، حملت معها تهديدات أكثر قسوة. فقد تعاقدت هيئة السلع التموينية على ألف طن من روسيا بسعر . دولاراً شاملاً النقل للطن في السابع من تموز يوليو . وفي تموز يوليو، كان سعر الطن يقفز إلى . دولاراً ثم . دولاراً في تموز يوليو. وفي السابع من آب أغسطس، تعاقدت الهيئة على ألف طن من فرنسا بسعر دولارات للطن شاملاً النقل. هذه البيانات تعني بوضوح أن الخبز الذي يستهلكه من السكان هو في خطر حقيقي، وأن التقارير التي تتحدث عن احتمال نشوب اضطرابات اجتماعية لا تحمل أي مبالغات. فبمجرد ظهور بوادر الأزمة، انعكست فوراً على أسعار المستهلكين، فارتفعت أسعار الدقيق الفاخر والمعكرونة بنسبة في الأسواق. وتأتي أزمة القمح على طوابير خبز موجودة بالفعل، ضمن العديد من الأزمات التي تدفع قطاعات للتعبير عن غضبها يومياً وبطرق أصبحت ترسم ملامح الأحداث المقبلة. ففي الأسبوع الأول من رمضان، استولت أكثر من مئتي أسرة من منطقة عشوائية أُخليت بالقوة على وحدات سكنية مغلقة في إحدى المدن الجديدة، وهددوا بتفجير أسطوانات البوتاغاز إذا حاولت قوات الأمن إخلاءهم بالقوة. هذه الأزمات الدرامية تحلّ عشية انتخابات برلمانية ورئاسية يتحدد خلالها مستقبل النظام وسط معارضة متصاعدة لوجوده ولسيناريوهات التوريث. ولكن هل أزمة القمح التي تهدد باضطرابات اجتماعية مجرد قضاء وقدر ولا يد فيها للنظام الذي لم يشعل الحرائق في روسيا؟ إذا وافقنا على التفسير القدري للأزمات، يجب أن يحظى النظام المصري بالكثير من سوء الطالع ليمكنه الجمع بين أزمات القمح واشتعال أسعار السلع الأساسية وتهديد مياه النيل وتفشي التهاب الكبد وانقطاع التيار الكهربائي وأزمة المرور وحوادث القطارات إلى آخر مسلسل الأزمات التي أصبح من الصعب إحصاؤها، ويمكن ببعض الجهد إيجاد تفسير لكل منها خارج مسؤولية النظام. ولكن اجتماعها على هذا النحو لا يكفي لتفسيره سوء الطالع أو القدر. ولنأخذ مثلاً بأزمة القمح الراهنة. لقد اعتبر توفير الخبز دائما إحدى أهم ركائز استقرار النظام في مصر. وليس مصادفة أن أكبر انتفاضة شعبية شهدتها مصر في العصر الحديث كانت انتفاضة الخبز في كانون الثاني يناير . وكانت أي بادرة أزمة في توفير احتياطي القمح في الصوامع المصرية تستدعي استنفار النظام فوراً. كما كان توفير النقد الأجنبي لشراء القمح إحدى أكثر مهمات النظام قدسية. وربما كانت أزمة منع أميركا القمح عن مصر في الستينيات وتدخل روسيا السوفياتية للإنقاذ وأزمة احتياطي النقد الأجنبي في نهاية الثمانينيات والأسعار العالمية في عام من أهم الأزمات التي شعر بها النظام في مصر. ولكن رغم الحديث الدائم عن محاولات تحقيق الاكتفاء الذاتي من القمح، لم تكن السياسات المطبقة بالفعل تتفق مع المعلن. فكيف يمكن الحديث عن اكتفاء ذاتي من القمح بينما السياسات المطبقة تدمّر تدميراً منظماً حياة الفلاحين. لقد كان أبرز ملامح السياسة الزراعية تحرير العلاقة بين المالك والمستأجر في الأراضي الزراعية في عام ، والذي كان يعني القضاء على استقرار ما يزيد على ألف أسرة ريفية وطرد أعداد واسعة من الفلاحين من الأراضي، وقفزت ساعتها إيجارات الأراضي الزراعية من جنيهاً إلى أكثر من ألفي جنيه ووصلت حالياً إلى أربعة آلاف جنيه سنوياً. بالإضافة إلى ذلك، رُفعت أسعار الأسمدة ومستلزمات الزراعة وأُلغي الدعم عليها وتُركت للسوق السوداء وأُثقل الفلاحون بديون بنك الائتمان الزراعي، ما أدى إلى صدور أحكام بالحبس على أعداد كبيرة من الفلاحين. ناهيك بالأزمات المتكررة في مياه الري التي تذهب لملاعب الغولف، والتي يزيد عددها حسب تحقيق في جريدة الأهرام على ملعباً تستهلك ما يقرب من مليار ليتر مياه أسبوعياً، ويحتاج الفدان
|
ويدين المنتخب الصربي المتوج باللقب العالمي في مناسبات خلال حقبة يوغوسلافيا و و و و ، بتأهله إلى دور الأربعة إلى لاعب اولمبياكوس اليوناني ميلوس تيودوسيتش الذي سجل ثلاثية الفوز قبل ثلاث ثوان فقط على صفارة النهاية.
|
وقدم الصرب أداءً جماعياً مميزاً وتألقوا كثيراً من خارج القوس تسديدة ناجحة من اصل محاولة ، وكان ماركو كيسيلي ونوفيتسا فيليسكوفيتش الأفضل بـ نقطة لكل منهما. أما من ناحية اسبانيا، فكان خوان كارلوس نافارو الافضل بـ نقطة مع تمريرات حاسمة. وفي ربع النهائي الثاني، فازت تركيا على سلوفينيا ، وكان ايرسان ايلياسوفا افضل لاعبي تركيا بتسجيله نقطة مع متابعات، ومن سلوفينيا فكان ساني بيسيروفيتش وبوستيان ناشبار الافضل برصيد نقطة، ليلتقي الفريقان في نصف النهائي السبت. ويلتقي اليوم منتخبا الولايات المتحدة وروسيا . ، وليتوانيا والأرجنتين . في ختام الدور ربع النهائي.
|
يأخذك الشاب إلى منزله، وتحديداًً إلى غرفته. يغلق الباب ليفتح الشبّاك، يقوم إلى خزانته، يمد يده إلى سقف الخزانة ليسحب سيجارتي حشيشة. يناولك واحدة، تبتسم معتذراً، فيهزأ منك قائلاً دخّن يا زلمي متل السيكارة العادية . دقائق، وتمتلئ الغرفة برائحة الحشيشة. حسن اسم مستعار شاب فلسطيني بدأ مشوار الإدمان بتعاطي حشيشة الكيف ليتدرج ويصل إلى مرحلة الكوكايين. في البداية، أصدقاء السوء يقولها ساخراً علموني على التكسير فتّ الحشيشة والتحشيش ، كما يقول. لكن بعدما كان اعتماد حسن على أصدقائه لتوفير حاجته من الحشيشة، تعرف الشاب العشريني إلى المروج في المنطقة، فأصبح يقصده لشراء البضاعة منه مباشرة. مع الوقت، أصبح لدى حسن اكتفاء ذاتي ، فصار يبيع الفائض، متحولاً إلى مروّج. لكنه يقول إن سجائر الكيف وحدها لم تعد تكفيه ليصل إلى النشوة المنشودة، فبدأ الشاب العشريني بتعاطي الحبوب المهدئة للأعصاب مع السجائر. وحين تسأله عن طبيعة شعوره في تلك الحالة، يجيبك رواق، وجوع . يستطرد حسن في شرح الحالة قائلاً الرواق من ورا الحبوب والسيجارة. أما الجوع، فلأن الجسم بيصير بدو سكر. فبعد التحشيش تعمل السيجارة على حرق السكر الموجود في الدم، فأعوضه بلوح شوكولا أو أي نوع آخر من الحلوى . هذا بالنسبة إلى الحشيشة، فكيف وصل الشاب إلى الكوكايين؟ يقول صرت حشش أكتر وما عدت حس بإشي، فصار بدي إشي أقوى . ارتقى حسن درجة على سلم التعاطي، منتقلاً من السيجارة وحدها، إلى السيجارة مع الحبوب، ليصل إلى البودرة ، أي الكوكايين. ينهي حسن سيجارته الأولى، ليشعل الثانية مباشرة. هذه الأيام، حسن لا يملك المال الكافي لشراء البودرة، المشهورة بكونها مخدر الأغنياء. أما في الماضي، فكان يستعير دراجة نارية فيبيعها ويتصرف. ويعترف بأن تشديد القوى الأمنية لقبضتها على المروجين خوفني شوي، قلت لحالي بدّخن أحسن ما شم أأمن ، كما يقول. يقوم إلى الخزانة يسحب حبتي ليكزوتانيل ليعود إلى مكانه بعد ابتلاعهما. تحذره من خطر ذلك على صحته، يبتسم مجدداً سنة وأنا على هالحالة ما صار إشي . يعود ليكمل سيرته الذاتية بعدما أصبحت اروّج في المخيم أصبح لدي ما يكفي من المال لأشتري الكوكايين، وأصبحت أعرف التجار الكبار . هكذا، ابتدا المشوار مع الكوكايين، لكن حسن مقتنع، ككل المدمنين، بأنه يستطيع وقف التعاطي وقت ما بدي .
|
الأهل يدزّون على أولادهم المدمنين
|
وتشمل صفقة الأسلحة مقاتلة حربية جديدة وتحديث طائرة من النوع نفسه، وشراء طائرة مروحية من نوع أباتشي و من نوع بلاك هوك و من صنف ليتل بيرد . وأضاف المسؤول أن الولايات المتحدة والسعودية تبحثان أيضاً عقد صفقة أسلحة بحرية قد تصل قيمتها إلى مليار دولار، لكن التوقيت لم يتحدد بعد، ولن يتضمنه الإخطار الخاص بالكونغرس.
|
رويترز
|
تجاوز شريكا الحكم في السودان أزمة تعيين الأمين العام لمفوضية استفتاء الجنوب من دون أن يتمكنا من التغلب على جميع خلافاتهما بشأن الاستفتاء، وفي مقدمتها الانتهاء من ترسيم الحدود بين الشمال والجنوب، وسط محاولات أميركية حثيثة للعب ضمن ما بقي من مهلة زمنية فاصلة عن موعد التاسع من كانون الثاني المقبل، على أمل تحقيق اختراق يضمن إنجاز الاستفتاء في موعده، ويحول دون تفجر الأوضاع الأمنية على الحدود.
|
وبعد جولة من المفاوضات الماراثونية، تخللتها تهديدات من قيادات الحركة الشعبية لتحرير السودان باللجوء إلى إعلان أحادي للانفصال، اتُّفق بين الأخيرة وحزب المؤتمر الوطني الحاكم على اختيار الدبلوماسي محمد عثمان النجومي لشغل منصب أمينها العام، لتستكمل عملية تعيين أعضاء مفوضية استفتاء الجنوب. اتفاق أتى بالتزامن مع إعلان مؤسسة الرئاسة السودانية، التي تضم الرئيس السوداني عمر البشير إلى جانب نائبه الأول، رئيس حكومة السودان، سلفاكير ميارديت، والنائب الثاني علي عثمان طه، تعديل المهل الزمنية الخاصة بالإعداد للاستفتاء. وعلى الرغم من تقليص مدة تسجيل الناخبين، المرجح أن تبدأ مطلع الشهر المقبل، من ثلاثة أشهر إلى يوماً والموافقة على المراقبة الدولية التي سيكون للأمم المتحدة دور أساسي فيها، إلا أن التأخر في التصديق على تعيين النجومي زاد من تباطؤ إطلاق أعمال المفوضية على الأرض. تأخر يتزامن مع وجود مشاكل عالقة سيؤدي العجز عن التفاهم عليها إلى تأزم الأوضاع، وليس أقلها عدم اكتمال ترسيم الحدود بين الشمال والجنوب. ومن هذا المنطلق، أتى اتفاق مؤسسة الرئاسة السودانية على تأليف لجنة سياسية للإشراف على ترسيم الحدود، بعدما فشلت اللجنة التقنية في حسم ترسيم في المئة من الحدود، معظمها مناطق تقع على طول الخط الفاصل بين جنوب دارفور وغرب بحر الغزال، وتكمن خطورتها في كونها مركزاً تاريخياً للصراع القبلي، فضلاً عن غناها بالثروات النفطية والمعدنية، ما يجعل كلا الطرفين يحاول التمسك بها. وتشهد منطقة أبيي، المقرر أن تخضع بدورها لاستفتاء يحدد من خلاله سكانها رغبتهم في البقاء ضمن الشمال أو الالتحاق بالجنوب في حال الانفصال، تأخراً في إنشاء مفوضيتها الخاصة. وتؤدي القبائل، وتحديداً المسيرية العربية ونجوك دنكا، دوراً رئيسياً في تحديد هوية المنطقة مستقبلاً، على اعتبار أن القبيلتين تمثّلان المكون السكاني الرئيسي للمنطقة، ولذلك لم يكن مستغرباً أن يخرج عدد من قيادات الحركة الشعبية متهمين حزب المؤتمر الوطني الحاكم بتمويل استيطان ألفاً من رجال قبيلة المسيرية في أبيي بهدف تغيير الطبيعة الديموغرافية قبل موعد التصويت. وفيما ينفي حزب المؤتمر الوطني الحاكم الاتهامات، تراها مصادر دولية مرجحة، لكن مع التشكيك في دقة أرقام الحركة الشعبية. ووسط الخلافات بين الشريكين، كثفت الولايات المتحدة من جهودها الدبلوماسية لإحراز تقدم ملموس يضمن الالتزام بموعد الاستفتاء، بعدما أيقنت أن جهود مبعوثها الخاص إلى السودان، سكوت غرايشن، الذي يزور السودان حالياً، ليست كافية. واستغلت الولايات المتحدة انعقاد الجمعية العامة للأمم المتحدة للترتيب لمؤتمر عن السودان في الرابع والعشرين من الشهر الجاري يتوقع أن يحضره الرئيس الأميركي باراك أوباما. وتشعر الحركة الشعبية أن الاجتماع سيكون لمصلحتها نظراً للعلاقة الوطيدة التي تربط قياداتها بعدد من مسؤولي الإدارة الأميركية، وفي مقدمتهم المندوبة الأميركية لدى الأمم المتحدة، سوزان رايس. كذلك يظهر جدول أعمال سيلفاكير في القمة الدولية، الذي يتضمن لقاءً مع أوباما، توجه الحركة لاستغلال المؤتمر لممارسة أكبر قدر ممكن من الضغوط على وفد حزب المؤتمر الوطني الحاكم، الذي يرى في الاجتماع فرصة للحصول من واشنطن على ما يستطيع، ولا سيما أن الإدارة الأميركة لم تستبعد حتى اللحظة خيار الجزرة من تعاملها مع الحزب الحاكم.
|
على وقع النيران، وتحت التهديد، وفي ظل مئات آلاف الجنود الأجانب، تفتح مراكز الاقتراع في أفغانستان أبوابها اليوم أمام . ملايين ناخب لاختيار ممثليهم في الجمعية الوطنية ولسي جيرغا . المجتمع الدولي يراقب الانتخابات بقلق، ويجد فيها اختباراً جديداً لديموقراطيته التي قال إنه زرعها في أفغانستان. لكن لا تلوح في الأفق أي إشارة إلى أن الانتخابات الحالية ستختلف عن سابقاتها لناحية نزاهة الاقتراع أو الطبقة التي ستنتجها، ولا سيما أن هذه الانتخابات هي الرابعة التي تجري في ظل الغزو، بعد انتخابات الرئاسية و لمجلس المحافظات والبرلمان و لمجلس المحافظات والرئاسة.
|
وكان مقرراً أن تجري انتخابات ولسي جيرغا ، التي تؤلّف مع مجلس الشيوخ مشرانو جيرغا البرلمان الأفغاني، في أيار الماضي، لكنّ حفلة التزوير التي رافقت الانتخابات الرئاسية أدّت إلى إرجائها حتى أيلول، على وقع انتقادات دولية عارمة، إذ طلبت الأمم المتحدة والولايات المتحدة وأوروبا من الحكومة إرجاء أي انتخابات ريثما تضع قانوناً انتخابياً جديداً ولائحة بالناخبين المسجلين. بعدها، صاغت حكومة الرئيس حميد قرضاي، أحادياً، قانوناً انتخابياً جديداً، أقرّ تعيين الأعضاء الخمسة للجنة شكاوى الانتخابات من قبل الرئيس بالتشاور مع رئيس البرلمان، فيما كان سابقاً يجري تعيين أعضاء أجانب من قبل الأمم المتحدة إضافة إلى أفغان، لكنّ مجلس النواب رفض هذا الإجراء.
|
رسمت سياسة الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي في الواقع الفرنسي خطاً يفصل بين ما يمكن تسميتهم محافظين جدداً ساركوزيين وآخرين. هؤلاء لا يقتصر تعدادهم على فريق المعارضة، بل يشمل شرائح واسعة من المواطنين الفرنسيين الذين يرفضون اليمينية المتطرفة التي تعمل على صب قالب فلسفي متحجر لم تعرفه فرنسا منذ عهد فيشي. وبدأت هذه السياسة تطال خطين جديدين تمددا نحو جبهتين في الحياة السياسية الفرنسية الجبهة الخارجية التي طالها الخط الأول وخدش صورة وطن حقوق الإنسان ، بينما انحرف الثاني ليجرف تقاليد عريقة في جبهة الممارسات الديموقراطية في الجمعية الوطنية لإمرار قوانين تحمل طروحات ساركوزي المثيرة للجدل.
|
باريس ــ لا تزال قضية ترحيل الغجر من فرنسا تتفاعل على الصعيد الخارجي في صورة تراشق بين الحكومة الفرنسية، المترنحة والمعلنة نهايتها قبل نهاية الشهر حسب معلومات الأخبار ، وبين المؤسسات الدولية والأممية الناشطة في مجال حقوق الإنسان. وبالطبع، كان هذا الملف حاضراً بقوة على طاولة القمة الأوروبية أمس. الرئيس الدوري للمجلس الأوروبي، رئيس الوزراء البلجيكي إيف لوتيرم، صرح عند وصوله إلى الاجتماع بأنّ من واجب المفوضية السهر على حسن تطبيق فرنسا لتعهداتها في مسألة الغجر، فهذا من مسؤولياتها الأساسية ، وهو ما رأى فيه البعض دعماً مباشراً للمفوضية. وكان السجال في هذا الشأن قد انتقل قبل يومين إلى أروقة الدوائر الأوروبية مع تهديدات بملاحقات قانونية للدولة الفرنسية بسبب سياستها التي لا تحترم القوانين الأوروبية بتمييزها في التعامل بين المواطنين الأوروبيين. وما زاد من احتدام السجالات كشف الصحافة الفرنسية عن تعميم أصدره وزير الداخلية بريس هورتوفو يطلب فيه من الشرطة العمل على فكفكة ٣٠٠ مخيم للغجر وترحيلهم ، ما يمكن اعتباره إشارة عنصرية لمجموعة سكانية مستهدفة ، حسب تفسير القانونيين. على أثر ذلك، تحركت المفوضة الأوروبية المكلفة شؤون العدالة والحقوق الأساسية فيفيان ريدينغ واتهمت الحكومة الفرنسية بالتصرف كالنازيين إبان الحرب العالمية الثانية تجاه المواطنين اليهود والغجر، وهي سياسة تقوم على التمييز العرقي . وسبّب ذلك صدمة قوية للفرنسيين، وخصوصاً أنّ مفوض حقوق الإنسان في المجلس الأوروبي، السويدي توماس هماربرغ، كان قد قارن هو الآخر بين الخطاب الفرنسي إزاء الغجر والخطاب النازي إزاءهم وإزاء اليهود. وتضامنت المفوضية الأوروبية مع المفوضة اللوكسمبورغية الأصل التي قالت إنها تخشى من عودة إلى الاستهداف العرقي والماضي المظلم الذي عاشته أوروبا . ورأى رئيس المفوضية خوسيه مانويل باروزو أن ريدينغ تتكلم باسم المفوضية كاملة. ورأى عديدون أنّ رد ساركوزي في هذه الأزمة، التي لم يشهد مثلها الاتحاد الأوروبي منذ ٤٠ سنة، جاء يحمل النفَس العرقي التمييزي داخل أوروبا . إذ قال أمام عدد من أعضاء مجلس الشيوخ إنّ ريدينغ تستطيع أن تستقبل الغجر في اللوكسمبورغ إذا أرادت ، في إشارة إلى جنسيتها الأصلية وفي خروج عن العرف الأوروبي الذي يرى أنّ المفوض الأوروبي يمثل كلّ المواطنين الأوروبيين. ورغم إعلان أسف ريدينغ على التفسير الخاطئ لما قصدته ، وهو ما رأى فيه البعض تهدئة للعاصفة عشية اجتماع زعماء الاتحاد الأوروبي في بروكسل، إلا أنّ التسريبات أكدت أنّ مسألة الغجر احتلت حيزاً هاماً في القمة، التي شهدت سجالاً حاداً بين ساركوزي وباروزو، بحسب ما أعلن رئيس الوزراء البلغاري بويكو بوريسوف، الذي أضاف أن القمة لم تقرر شيئاً في مسألة الغجر، التي رُحلت إلى القمة المقبلة. في هذا الوقت، ضرب ساركوزي عرض الحائط بكل الانتقادات الأوروبية، وأعلن في ختام القمّة أن بلاده ستواصل تفكيك كل المخيمات غير القانونية مهما كانت أصول من يشغلونها. أما في الجبهة الداخلية، فقد سارع البرلمان الفرنسي في إمرار مشاريع قوانين ساركوزي، كأنّه في سباق مع الوقت قانون البرقع وقانون سحب المساعدات المدرسية من المتخلفين عن الصفوف، وقانون سحب الجنسية من الجانحين. وأُقرّ مشروع قانون الضمان الاجتماعي وسط شغب وصراخ لم تعرفه قاعة البرلمان الفرنسي منذ عقود عديدة. وللمرة الأولى، يسمع في أرجاء القاعة التاريخية تهمة انقلابي موجهة إلى رئيس الجمعية الوطنية الذي رفع الجلسة قبل أن يصل دور نواب المعارضة والمستقلين لشرح تصويتهم، ما منع ١٥٠ نائباً من الكلام في مخالفة مفضوحة لقانون البرلمان الفرنسي من رئيس الجمعية الوطنية برنار أكوايه. ولاحق نواب المعارضة أكوايه داخل أروقة المجلس وهم يصرخون استقل ، وصرّح أكثر من نائب بأنّ الأوامر أتت من ساركوزي في إشارة إلى خرق فاضح للفصل بين السلطات. وبعد ساعات، جرى التصويت الذي لم تكن نتيجته موضع شك؛ لأنّ حزب ساركوزي يحتفظ بغالبية مريحة، فوافق ٣٢٩ عضواً على مشروع القانون واعترض عليه ٢٣٣ عضواً، وبات القانون الذي يُعَدّ من أهم منجزات ساركوزي في ولايته، في منتصف الطريق نحو إقراره، رغم وعد اليسار بتغييره حالما يعودون إلى الحكم . ويبدأ مجلس الشيوخ النظر بالمشروع في ٢٣ الشهر الحالي، وقد دعت النقابات التي لم تتراخَ تعبئتها إلى إضراب عام في التاريخ نفسه لتأكيد رفضها له. وبالطبع تتابع شعبية ساركوزي تراجعها مع كل استفتاء جديد للرأي. ولم يعد نافلاً الحديث عن إمكان خسارة ساركوزي الانتخابات الرئاسية أمام أي من منافسيه الاشتراكيين، مارتين أوبري سكرتيرة الحزب، أو دومينيك ستروس كان، مدير صندوق النقد الدولي. وأحدث استطلاع نشرته صحيفة لو باريزيان صدمة لدى اليمين الساركوزي، بعدما بيّن ارتفاع شعبية دومينيك دو فيلبان، الخصم اللدود، على نحو مفاجئ، بحيث بات يتعادل مع ساركوزي ١٨ في المئة . وتترافق هذه النتيجة مع إعلان استعداد النواب المؤيدين لدو فيلبان الانفصال عن حزب الأكثرية الشعبية الحاكم لتأليف مجموعة مستقلة، مع حديث عن إمكان انضمام نواب حزب الوسط الجديد الذي يمثلهم في الحكومة وزير الدفاع هيرفيه موران. عوامل قد تكون إشارة إلى بداية النهاية لساركوزي، ولا سيما أن التفكّك يصيب الحلف الذي أوصله إلى الإليزيه.
|
وقطع ستونر المسافة بزمن . . دقيقة، متقدماً على الإسباني داني بدروزا هوندا بفارق . ثوان، والأميركي نيكي هايدن دوكاتي بفارق . ث، والإسباني خورخي لورنزو ياماها بفارق . ث.
|
وعلى الرغم من حلول متصدر الترتيب العام لورنزو نقطة رابعاً، إلا أنه لا يزال يملك فرصة إحراز اللقب لأنه يبتعد نقطة عن مطارده بدروزا، وفيما تقدم ستونر الى المركز الثالث ، والإيطالي فالنتينو روسي ياماها الى المركز الرابع ، تاركاً الخامس لمواطنه أندريا دوفيتسيوزو هوندا . وفي فئة موتو ، كان الفوز حليف الإيطالي أندريا يانوني سبيد اب الذي قطع المسافة بزمن . . دقيقة، متقدماً على الإسباني جوليان سيمون سوتر والمجري غابور تالماتشي سبيد اب . وبقي الاسباني طوني الياس موريواكي متصدراً الترتيب العام نقطة ، أمام سيمون نقطة ، ويانوني نقطة . وفي فئة سي سي، أحرز الإسباني بول اسبارغارو دربي المركز الأول بعدما قطع المسافة بزمن . . دقيقة، وتقدم على سائقي ابريليا مواطنه نيكولاس تيرول والبريطاني برادلي سميث. وتصدر تيرول الترتيب العالم لبطولة العالم برصيد نقاط، بفارق نقاط فقط عن اسبارغارو، في وقت تراجع فيه مواطنهما مارك ماركيز دربي ، المتصدر السابق الى المركز الثالث . أ ف ب
|
ثانية هي مدة الإعلان الجديد الذي بدأ بثّه في الولايات المتحدة وعلى موقع يوتيوب أخيراً... ضدّ سلسلة مطاعم ماكدونالدز . يبدأ الإعلان بموسيقى باردة تترافق مع صورة رجل ضخم ميت في مشرحة أحد المستشفيات، وإلى جانبه، امرأة ترتدي الأسود وتنتحب عليه، غير مصدّقةٍ ما يقوله لها الطبيب عن نتائج الفحوصات الطبية. تدور الكاميرا حول السرير لتلتقط الرجل الميت من كل جوانبه، فنرى جيداً أنه لا يزال يمسك بيده ما بقي من الـ برغر الذي كان يتناوله. فجأة، عندما تستكمل الكاميرا دورتها، يتوقف المشهد عند قدمي الجثة الهامدة، فتظهر علامة الـ ماكدونالدز الشهيرة حرف بالأصفر وشعار كنت أحبّه بدل الشعار الأصلي أنا أحبّه . وفي الختام يقول صوت المعلّقة كوليستيرول مرتفع، ضغط دم مرتفع، ذبحات قلبية... كُن نباتياً هذه الليلة .
|
الإعلان يحمل توقيع لجنة المعالجين لطبّ مسؤول في الولايات المتحدة، ويتّهم صراحة هذه المرة سلسلة مطاعم الوجبات السريعة بالقتل. ويشير معدّو الإعلان بوضوح إلى أداة الجريمة التي أنهت حياة أحد الأشخاص وهي قطعة الـ برغر من ماكدونالدز . ولم تتأخّر هذه الحملة الجديدة في إثارة غضب إدارة سلسلة المطاعم الشهيرة. بل ردّت هذه الأخيرة في رسالة إلكترونية بالقول إنّ هذا الإعلان فضائحي، خادع وغير منصف . وأضافت نثق بزبائننا الذين سيدقّقون في خلفية هذه البروباغندا المستغربة ضدنا، وسيختارون مأكولاتهم وطريقة الحياة التي تناسبهم . إذاً، لن يشاهد المستهلكون هذه المرة إعلاناً يدغدغ غرائزهم وشهيّتهم حول حجم برغر أكبر، أو عدد شرحات لحم مضاعف، بل سيتلقّون صدمة عند تخيّل أنفسهم موتى في مشرحة، مكان الرجل المصوّر في الشريط وهذا بالضبط ما أرادته اللجنة الطبية أن تصدم بهدف التوعية.
|
دائماً، الوجوه نفسها. لا تغيّر فيها السنون العابرة ببطءٍ مملّ، إلا الشكل، فتتجعّد وتكبر وتذبل شيئاً فشيئاً. أمس، على رصيف مركز بعثة الصليب الأحمر الدولي، كانت تلك الوجوه حاضرة. تحيي اليوم العالمي ضد الإخفاء القسري، الذي نظّمه مركز الخيام لتأهيل ضحايا التعذيب. كانت متشابهة في كل شيء في الحزن. في الوجع. في التجوال بحثاً عن طيف. في الانتظار... في الأقنعة البيضاء التي اختبأوا خلفها أمس، والتي كان لها مغزيان واضحان وضوح الشمس أولهما التدليل على حقيقة مخفية لم يجرؤ أحد على الاعتراف بها، وثانيهما لامبالاة الجهات المعنية بإقفال ملفٍ أُتخم بسبعة عشر ألف مفقود ومخفيّ قسراً.
|
على ذلك الرصيف، جلست أم عزيز الديراوي وأم إبراهيم زين الدين، وأمهات كثيرات يحيين يوماً يعشنه كل يوم. بان الكبر على وجوههن المتعبة من السنين ومن الدموع أيضاً التي لم تجد مصرفاً إلى الآن، في غياب ابن أو زوج أو أب. حتى اليدين فقدتا السيطرة على الصور التي باتت معروفة حتى دون أن تُذيّل بالأسماء. تلك الصور التي لم تعد وحدها المحمولة في اليد، فإلى جانبها بات هناك العكاز الذي لا مفر منه في تلك الرحلة التي طالت وتطول من دون نهاية. وحدهنّ يعرفن معنى هذا اليوم. معنى الاستيقاظ صباحاً، على أمل أن يأتي الغائب. معنى السهر ليلاً بانتظار طرقة خفيفة على الباب ليدٍ فارقتها منذ سنوات طويلة. معنى ألا يكون هناك فلذة كبد ، كما تقول أم إبراهيم، وألا يكون هناك لا عزيز ولا منصور ولا إبراهيم ولا أحمد ، تضيف أم عزيز، العائدة إلى رصيفها بعد الغياب المبرر الذي فرضه المرض. عشر. عشرون. ثلاثون سنة على الاختطاف. يئس الكل، إلا هنّ المرميات على الأرصفة وفي الخيم. كلماتهنّ معروفة لا تعدّلها كثرة السنوات التي تمر بدّي ياه. بدي شوفه. إذا ميّت بدي زور قبره. ومع ذلك، لا يفارقهنّ الأمل بأن أطفالهن لا يزالون على قيد الحياة، ولا يتنازلن عنه. دائماً، هناك الشعور بأنهم سيعودون يوماً إلى الديار. ولكن، يا خوفي إن كان هالرجعة بعد ما روح، متل ما صار مع أوديت ، تقول المرأة التي لم يعد لها من العمر أكتر مما مضى . تبوح بخوفها، وتعود لـ عابورة الدمع التي لا تفارق العينين المتورمتين، كما عيون الكثيرات حولها.
|
قالت صحيفة يديعوت أحرونوت ، أمس، إن موسكو باشرت تنفيذ صفقة صواريخ ياخونت التي أبرمتها مع سوريا، مشيرةً إلى أن عناصر أولية من الصفقة، التي تضم عشرات الصواريخ، بدأت بالوصول خلال هذه الأيام إلى دمشق، بعدما وصلت وثائق الالتزامات المالية السورية إلى وزارة الدفاع الروسية. ونشرت الصحيفة تفاصيل عن التجاذبات التي شهدتها الكواليس السياسية بين تل أبيب وموسكو وواشنطن بشأن الصفقة، التي أصرّت روسيا على تنفيذها، رغم الاعتراضات الإسرائيلية والأميركية. وكتب مراسل الصحيفة للشؤون العسكرية، أليكس فيشمان، أن رئيس الوزراء الروسي، فلاديمير بوتين، أجاب وزير الدفاع الإسرائيلي، إيهود باراك، عندما حاول خلال زيارته الأخيرة إلى موسكو ثَنيها عن المضيّ قدماً في تنفيذ الصفقة بأنه ليس هناك ما يمكن البحث فيه، لأنّ الثمن قد دُفع .
|
وأكد الكاتب أن إسرائيل لم تفاجأ بنبأ الصفقة لأنها كانت تعلم بشأنها منذ أن أُبرمت بين عامي و ، واكتشفتها في ذلك الوقت أجهزة الاستخبارات الغربية. وكشف فيشمان أن إسرائيل أدارت على مدى ثلاث سنوات حواراً سرياً شارك فيه مسؤولون أميركيون مع روسيا في محاولة منهم لإقناعها بالتراجع عن الصفقة عبر التركيز على أنّ ياخونت هو سلاح هجومي، من شأنه أن يسرع سباق التسلح في الشرق الأوسط، فضلاً عن احتمال انتقاله إلى حزب الله فيصبح بذلك سلاحاً إرهابياً . وعلى مدى سنوات الحوار، كان الردّ الروسي أن الصاروخ ذو طابع دفاعي ويمثّل جزءاً من رزمة وسائل قتالية دفاعية اشترتها سوريا من الصناعات العسكرية الروسية، وتتضمن صواريخ مضادة للطائرات وأخرى مضادة للدبابات. أما بالنسبة إلى الادعاءات الإسرائيلية بأن هذه الصواريخ ستجد في نهاية المطاف طريقها إلى حزب الله، فإن الروس، بحسب فيشمان، يفضلون أن يصدقوا الرواية الرسمية لموسكو، التي ترى أن تهريب السلاح من سوريا إلى لبنان مجرد دعاية إسرائيلية مفندة . ورأى الكاتب أن في خلفيات القرار الروسي بعدم التخلي عن الصفقة رؤية استراتيجية تتعلق بدور سوريا في المنطقة. فبالنسبة الى موسكو سوريا هي منطقة نفوذ حيوية ذات أهمية متزايدة في ضوء التطرف الأصولي في مناطق النفوذ التقليدية لروسيا وفي ضوء التطورات الحاصلة في العراق وتركيا. وفي هذا السياق، تحافظ روسيا على وجود عسكري لها على مستوى الخبراء في الجيش السوري، كما أنها تشغّل محطات تنصت وإنذار مبكر داخل الأراضي السورية، وتستخدم الميناء العسكري في طرطوس محطة لأسطولها العامل في البحر الأحمر. وإضافةً إلى كل ذلك، فإن سوريا هي إحدى الأوراق القوية التي تسمح لروسيا بطلب شراكة كاملة في السياقات السياسية في الشرق الأوسط ، وخصوصاً في ما يتعلق بعملية السلام. وإذا أشار إلى الطراز الذي سيحصل عليه السوريون من الصاروخ، الذي يطلق من الساحل باتجاه أهداف بحرية، ربط فيشمان بين التهديد الذي تمثّله هذه الصواريخ على السفن الإسرائيلية، والتهديدات التي يطلقها الأمين العام لحزب الله، السيد حسن نصر الله. وبحسب الكاتب فإن ما يقلق إسرائيل حقاً ليس سوريا، بل حزب الله. ففي إسرائيل يربطون صفقة ياخونت بالمعادلة التي وضعها نصر الله في أعقاب حرب لبنان الثانية، ووجدت تعبيرها علنياً في العام الأخير معادلة التبادلية، أو بالعبرية السهلة العين بالعين والسن بالسن . ويوضح الكاتب إذا ما وقع ياخونت في أيدي حزب الله، فإنه يُدخل بعداً آخر إلى المعادلة هو البعد البحري إذا ما ضربتم موانئ لبنانية وفرضتم الحصار عليها، فإن موانئكم ستكون مشلولة أيضاً، وستحصلون على صواريخ جوّالة تصل إلى سفنكم القتالية بسرعة تبلغ ضعفين ونصف ضعف سرعة الصوت لتنفجر عليها بدقة . ويشير الكاتب أخيراً إلى أن الخشية الإسرائيلية تتعدى المخاطر المذكورة، وترتبط بتقديرات المحافل الاستخبارية في إسرائيل بأن هذه الصواريخ ستصل أيضاً إلى حركة حماس في قطاع غزة، فإذا كانت صواريخ فجر ، صواريخ مضادة للدبابات، وعلى ما يبدو أيضاً صواريخ كتف مضادة للطائرات قد وصلت إلى القطاع، فعندها كل شيء يمكن أن يدخل إلى هناك من تحت أنوفنا وأنوف المصريين .
|
وأشارت مكتّف في كلمتها إلى تأليف وزير الداخلية لجنة مشتركة بين وزارتي الداخلية والعدل والصليب الأحمر الدولي لتحسين الوضع الصحي في السجون بهدف مساعدة المساجين وتخطيهم المصاعب في مرحلة إعادة الدمج بالمجتمع ، مؤكّدة ضرورة توسيع المشاركة والتعاون بين وزارة الداخلية وغيرها من الوزارات مثل وزارات الشؤون والعدل والثقافة والصحة . وتمنّت أن تصدر عن ورشة العمل توصيات تحسن وضع السجون والمساجين .
|
كلمات الافتتاح تلتها ثلاث جلسات تمحورت مجموعات العمل فيها حول الخدمات الطبية والنفس الاجتماعية، الخدمات القانونية، الحاجات الأساسية للنزلاء في السجون، الخدمات المهنية والتأهيل الاجتماعي للنزلاء، وإدارة السجون وتنظيمها.
|
ميزانية المحكمة الدولية الخاصة بجريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري لعام تبلغ ، مليون دولار. ، مليوناً منها تمثّل مجموع نفقات القلم. ويفترض أن يسدّد لبنان في المئة من المبلغ الإجمالي بحسب ما يقتضيه قرار مجلس الأمن الرقم أيار ، لذا يفترض أن يتعرّف اللبنانيون ونوابهم على تفاصيل ما يُنفق من خزينة الدولة.
|
رواتب موظفي دائرة الخدمات التكنولوجية التابعة للقلم ستبلغ مليوني دولار. وستبلغ كلفة التشغيل ، ملايين دولار. واللافت هو تخصيص مبلغ ألف دولار من هذا المبلغ لشراء معدات إلكترونية، منها حواسيب محمولة لمكتب المدعي العام رغم تخصيص ميزانية بلغت ، مليون دولار لمكتب دانيال بلمار راجع الأخبار عدد أمس، صفحة . اللافت أيضاً تخصيص مبلغ ، مليون دولار لخدمة الإنترنت ولصيانة الحواسيب وللهواتف المحمولة ومبلغ ألف دولار للتواصل الإلكتروني الدولي بين مقر المحكمة في لاهاي ومكتب بيروت ومدينة ساحلية إيطالية تدعى برينديسي . ولم يوضح تقرير رئيس قلم المحكمة هيرمان فون هابيل الى مجلس إدارتها في نيويورك لماذا ترتبط الشبكة الإلكترونية الخاصة بالمحكمة بمدينة إيطالية؟ أما بالنسبة الى نفقات العلاقات العامة بمختلف أشكالها وأنواعها، فقد حدّدت ميزانية العام المقبل مبلغ ألف دولار رواتب لموظفي وحدة العلاقات العامة الستة، يُتوقّع أن يضاف إليها موظف جديد قريباً. وستبلغ كلفة التشغيل ألف دولار، منها ألف دولار لرحلات الموظفين لحضور نشاطات في لبنان والمنطقة لنشر معلومات عن المحكمة الفقرة . وحدة التواصل تمثّل أيضاً جزءاً من نشاط العلاقات العامة للمحكمة الدولية، وستبلغ كلفة رواتب الموظفين الأربعة فيها ألف دولار و كلفة التشغيل ألف دولار، منها ، ألف دولار لتغطية راتب موظف إضافي خلال مدة ستة أشهر للمساعدة في تنظيم نشاطات التواصل ومبلغ ، دولاراً لتغطية كلفة سفريات الموظفين وضيوف وحدة التواصل. هؤلاء الضيوف سيتقاضون كذلك مبلغ ألف دولار، بينما سيكلّف تصوير النشاطات بالفيديو عشرة آلاف دولار. وبلغت كلفة رواتب الموظفين في وحدة الموارد البشرية ألف دولار و كلفة التشغيل ألف دولار. واللافت أنه ضمن هذا المبلغ يخصّص ألف دولار لتغطية نفقات مشاركة موظفي المحكمة في امتحانات الجدارة اللغوية الخاص بالأمم المتحدة، و ألف دولار تعويضات للموظفين عن خدمات طبية تلقّوها رغم تخصيص ألف دولار للتأمين الصحي عبر شركة فان بريدا الهولندية. واللافت أيضاً تخصيص مبلغ ألفاً ومئتي دولار لتسديد راتب طبيب يعمل بدوام جزئي في المحكمة الدولية، ما يعني أن راتب هذا الطبيب الشهري هو نحو ، آلاف دولار.
|
الدولة في مصر اختارت موسمها الرمضاني لتدير البلد كله من التلفزيون. الأحشاء تفرغ محتوياتها في السنوات الأخيرة على الشاشة. ساعات لاهثة من دراما وحوارات وفكاهات تتسابق لتنال موقعاً على خريطة تربك مشاهدها، وتصيبه بتخمة تتوازى مع تخمة الموائد في رمضان.
|
الإعلانات تشير الى حركة مال نشيطة، والى نشاط في مجال العمل الخيري. رمضان مناسبة للصدقات الجارية، واعتبار التسول ظاهرة إيجابية، التلفزيون وسيلة توزيع لفتات الثروات على فقراء ومتسولين ومنتظرين لضربة حظ. إعلانات الخير أداة ضبط اجتماعي، وتخفيف للاحتقان، يتصارع الجميع على اقتناص فرصة الموسم، كما يتصارع منتجي ٥٢ مسلسلاً على استرداد ١٣١ مليون دولار تكلفة إنتاجهم لدراما متعجلة على طريقة الوجبات السريعة، تتضمن إشارات الى طعام ما، لكنها خلطة غامضة، تشبع لكنها لا تغذي. تلاحق اللعنات أصحاب الثروة السهلة في مسلسلات رمضان، حرب على الفساد في الشاشة، تنتهي كل حلقة منها بإعلانات عن ملوك الثروة السهلة أنفسهم. الحرب تتم بهندسة ورعاية شبه كاملة من جهاز أمن الدولة، الذي يراقب سوق رمضان ويضع أصابعه في خريطة المسلسلات. يختار فرق ضيوف الحوارات التلفزيونية، يدورون حول البرامج، نصفهم حكومة والنصف الآخر معارضة، يتبادلون الآراء والمواقف، فريق يتناوب الهجوم ويوزع التفاؤل، والمقدمون مصاصو دماء ينتظرون فريسة في الاستوديو، يتنافسون على فجاجة، يتصورون أنها عنصر الجذب الوحيد في سوق مفتوحة، يغلب فيها الأعلى صوتاً والأكثر تطرفاً، وتعرياً. التلفزيون ذراع طولى لأمن الدولة في السيطرة على ملعب السياسة اللاعبون والحكم والجمهور، والاستوديو التحليلي أيضاً. أمن الدولة هو أداة الحكم الأولى في عهد مبارك، أصابع الجهاز وأقدامه موجودة في كل مكان، وتمد خيوطها بشكل معقد ومركب مع خصومها المعلنين، ومندوبيها في إدارة كل شيء من الأحزاب المعارضة الى الجامعات، من المصالح الحكومية الى برامج التوك شو. الأصابع موجودة ووقع أقدام الضابط في أمن الدولة مسموع للجميع. موافقة أمن الدولة شرط كل شيء، من إنشاء حزب أو صحيفة أو التخطيط لبرنامج توك شو وحتى زواج مسلم بمسيحية. وستحتاج إلى كونتاكت مع الأمن لتكمل أي مشروع. جهاز يتضخم ويبتلع كل الأجهزة الأخرى. وعبر الشاشة تصنع أحجاماً متضخمة لشخصيات كرتونية في الواقع، وتصنع الشهرة، والنجومية، ويحقق المتفرج انتصاره الافتراضي على الشاشة، يشارك في سباق اللعنات على الوضع القائم، ويشاهد برامج مصارعة النجوم، ويرى افتراس حياتهم الشخصية بما يدخل الى قلبه الطمأنينة. الشاشة مسرح السياسة، ومحور للصراعات، والضربة القاضية التي أرادها النظام لجماعة الإخوان المسلمين، توجه عبر ٣٠ حلقة من الشاشة، الجماعة ردت عليها بكتائب ردع فكري، أنشأت مجموعات على الفيس بوك للرد على هجمات المسلسل، صراع سياسي انتقل بالكامل الى الشاشة، تعدم فيه الجماعة أساليب الدفاع. هكذا غادرت الدولة مراهقتها، لم يعد التلفزيون منصة توجيهات أو رسائل الى الشعب أو الجمهور. دور الشاشة أكبر الآن ميزانيته تتجاوز ٦ مليارات ، في دولة تبني جسوراً عشوائية بين الرفاهية و الفقر المدقع . الدولة وحدت في الواقع وللمرة الأولى بين مواطنيها في توزيع انهيار البنى التحتية. المياه قطعت ٤ أيام متواصلة عن القاهرة الجديدة بما فيها من منتجعات وقصور ارستقراطية عصر مبارك. وانتشرت حكاية الوزير الذي يخزن الماء في أوعية بلاستيك. هذه ليست علامة على عدالة توزيع الأزمات، ولكن على انهيار البنى التحتية، فخر عصر مبارك. الكهرباء تغيب عن مدن كبرى بالايام، وتتبادل أحياء العاصمة الحياة في العتمة، والمياه عزيزة. الرئيس استفسر عن سر انقطاع الكهرباء، ولم يتلق إجابة، بينما انشغلت أجهزة كبيرة في مطاردة المفطرين، مدير أمن العاصمة ألقى القبض على سائق يدخن علناً في نهار رمضان، بينما كانت السيارات متكدسة في الشوارع أثناء هبوط طائرة الرئيس مبارك في منطقة صفط اللبن ، إحدى قرى تتمدد في قلب العاصمة، تستجدي خدماتها، والرئيس يفتتح محوراً جديداً يربط المنتجعات السكنية الجديدة، بالعاصمة. القرية ممر، لم تشعر إلا بالشدة الأمنية، والطوارئ التي حولت المنطقة المحيطة بمهبط الطائرة الى ثكنة. وشعر كل مواطن باختناق الحياة، لكنه جلس أمام التلفزيون وسرق لحظات تفريغ طاقة أمام الشاشة، قبل أن تختفي الكهرباء.
|
يتحوّل مكتب وزير العدل إبراهيم نجّار إلى مستودع تُرمى فيه كلّ الملفّات التي لا طاقة للحكومة على مناقشتها. بدأ الأمر مع شهود الزور، وانتقل إلى مذكّرات التوقيف السوريّة. غداً، قد تُحال عليه مشاريع موازنتَيْ و ، وربّما مشروع تأليف الهيئة الوطنيّة لإلغاء الطائفيّة السياسيّة.
|
برنامج العمل الجديد لوزير العدل ليس إلا دليلاً على الشلل الحكومي. لقد سقطت حكومة الوحدة الوطنيّة، سواء بقيت أو جرى تغييرها. فهي لم تتمكّن من إنجاز أيّ شيء، وغرقت في النكايات السياسيّة التي عرقلت حتّى المشاريع الجديّة التي امتلكتها قلّة من الوزراء. وحتّى لا يستمرّ المرء بالاختباء وراء إصبعه، ينبغي الاعتراف بأنّ هذه الحكومة لا يمكنها أن تستمرّ إلا بقوّة العجز. فمن ناحية أولى، يقف على رأس هذه الحكومة سعد رفيق الحريري المتمسّك بالمحكمة الدولية التي يعرف تماماً أنّها ستصدر قريباً قراراً يتّهم حزب اللّه أو بعض عناصره غير المنضبطين باغتيال والده. أي إنّ رئيس الحكومة يقود فريق عمل يضمّ مَن تعتقد المحكمة الدوليّة أنّهم قتلة والده. ومن ناحية ثانية، يشارك في هذه الحكومة وزراء من حزب اللّه وحلفائه الذين يعتقدون أنّ المحكمة الدوليّة التي يتمسّك بها رئيس الحكومة تحاول إلصاق جريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري بالحزب إرضاءً لرغبة أميركيّة وإسرائيليّة في التخلّص من المقاومة. أي إنّ وزراء حزب اللّه يعملون بقيادة من يعتقدون أنّه ضالع، عن قصد أو غير قصد، في مؤامرة دوليّة للتخلّص منهم. فإذا كان الوزراء عاجزين عن النظر بعضهم في أعين بعض، فكيف يُطلَب منهم أن يديروا بلداً؟ يتطلّب الأمر أكثر من رئيس توافقيّ وأكثر من جدول أعمال خالٍ من الدسم. لا شكّ في أنّ فريق رئيس الحكومة بات مدركاً لهذه الحقيقة. لذلك، عاد شدّ العصب الطائفيّ لإثبات أن لا بديل من زعيم السنّة على رأس الحكومة، لا بل بات كبار الموظّفين الأمنيّين المقرّبين منه يتباهون بأنّهم يتحوّلون هم أيضاً إلى رموز للطائفة. وبعضهم لا يخجل من خلع النجوم عن كتفيه للمشاركة في البازار الطائفي تحت شعار بناء الدولة . لعلّ أخبث ما في الاستراتيجيا الطائفيّة أنّها غالباً ما تكون ناجحة، وخصوصاً حين لا تجد في مواجهتها إلا المرايا.
|
مدة ربع قرن كانت كفيلة بأن تجعل الـ تياترو في وسط العاصمة تونس قبلة الفنانين المستقلين، ومساحةً لم يقدر منطق العرض والطلب على ابتلاعها. السنة الثقافية لهذا الفضاء الثقافي تبدو متنوعة، رغم أنّ جمهور المسرح تقلّص مع الوقت. حصيلة أنشطة السنة الماضية ناهزت المئة بين مسرحيات وعروض موسيقية وأفلام ومعارض تشكيلية، تركت بصمة في المشهد الثقافي التونسي المأزوم بطبيعته. ولا يبدو أنّ هذا الموسم يختلف عن سابقيه من حيث الجودة الفنية. برنامج هذه السنة في الـ تياترو تراوح كالعادة بين مسرحيات من إنتاج هذا الفضاء الذي يشرف عليه المسرحي البارز توفيق الجبالي، وعدد من الأنشطة الأخرى. بين أيلول سبتمبر و تشرين الأول أكتوبر ، يتواصل لقاء دولي بعنوان المفكرات العلمانيات في العالم العربي والفضاء الأورو ــــ متوسطي . يشمل الحدث معارض للصور الفوتوغرافية إشراف ماريان كاتزارس ، وورشات تتعلق بـ تقنيات القصة القصيرة، الكتابة بالمؤنث إدارة هدى بركات ، و حقوق المرأة في العالم العربي إدارة سناء بن عاشور ، وندوة تتناول الكتابة والمرأة بعنوان أيتها النساء، ريشاتكن ورجالكن إدارة رشا التونسي ، و قراءة مسرحية إدارة سيداف أيسير ، و المشاريع الثقافية والتمويل في الاتحاد الأوروبي إدارة جوديت نيس ، إضافة إلى عرض رقص معاصر بعنوان بطاطا للفنّانة التونسيّة إيمان السماوي. التظاهرة تندرج ضمن كفاح الثنائي توفيق الجبالي وزينب فرحات للدفاع عن هذا الفضاء المستقل، ومكانه في حياة العاصمة التونسيّة، حفاظاً على ما بقي من جيوب ثقافية قليلة ما زالت تتبنى صراحةً الدفاع عن الطروحات العلمانية، والثقافة الطليعيّة عموماً.
|
توفيق الجبالي سيرقص مع القرد في الـ تياترو
|
تقول إحسان، التي اعتقلت بتاريخ على حاجز عصيون، لحظات وبدأت أسمع موسيقى صاخبة جداً، وشعرت أن أحداً يحاول أن يلمسني، وكنت أحاول الالتصاق بالحائط لكن من دون جدوى. وجاء جندي آخر وأحضر قنينة خمر وعرض عليّ الشرب فرفضت، واستمر بمحاولة التحرّش بي .
|
وتضيف ابنة قرية نوبا غربي الخليل ، وما هي إلا لحظات حتى بدأوا يهجمون عليّ كالكلاب المسعورة، وبدأت رحلة الضرب بأعقاب البنادق وبأرجلهم، وضرب أحد الجنود رأسي بحديد الجيب العسكري حتى أغمي عليّ . وتشير إلى أن أحد المحقّقين كان يشدّني من شعري، وكنت طيلة الوقت مقيّدة اليدين، واستمر التحقيق معي حتى الساعة الحادية عشرة ليلاً، وبعدها نقلوني إلى سجن هشارون حيث وُجّهت إليّ تهمة محاولة طعن والانتماء إلى الجهاد الإسلامي. وترافع عني محامون من نادي الأسير الفلسطيني، وحكمت بالسجن شهراً، وأطلق سراحي بتاريخ . وتختم إحسان قصتها بالقول لن يهدأ لي بال حتى يُعاقب جنود الاحتلال قضائياً، ليكونوا عبرة لكل من تسوّل له نفسه إهانة أو إذلال أي أسير أو أسيرة فلسطينية . وعرض التلفزيون الإسرائيلي التسجيل المصوّر الذي أُرفق بجملة تسجيل مسلّ عن جندي إسرائيلي يرقص حول إرهابية عربية . من جهتها، دعت منظمة بيتسيلم الإسرائيلية دبابسة إلى تقديم شكوى لديها للمساعدة في إجراء التحقيقات، ورفع قضايا لمعاقبة الجندي المذكور. وطالبت بيتسيلم ، على لسان مدير البحث الميداني كريم جبران، بفتح تحقيق جدّي في الممارسات الخاطئة والمهينة للكرامة الإنسانية عموماً، إضافة إلى الدعوة لمعاقبة مرتكبيها بشدة، بحيث لا تتكرر أبداً. معا، أ ف ب
|
مبادرة جديدة في هذا المجال أطلقتها أمس الشبكة الوطنية لمكافحة الرشوة و الجمعية اللبنانية لتعزيز الشفافية ـــــ لا فساد ، في فندق فينيسيا ، تناولت مكافحة الفساد عبر محاربة الرشوة وتعزيز الشفافية والمساءلة ، بتمويل من مركز المشروعات الدولية الخاصة ومنظمة الشفافية الدولية والوكالة الأميركية للتنمية الدولية.
|
ويأتي لبنان وفقاً لمؤشر مدركات الفساد لعام ، في المرتبة الـ على قائمة من دولة المرتبة الـ من أصل دولة في المنطقة العربية ، مسجّلاً علامة . وقد بقي هذا الرقم مستقراً خلال العامين المنصرمين، حيث لم يلاحَظ أيّ تقدّم.
|
رغم هذا يقف الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي أمام موجة تصاعد إضرابات انطلاقاً من اليوم الثلاثاء مع الاستعداد لإضرابات مفتوحة في عدد من المرافق. وتزيد النقابات الضغوط مع التوجه إلى أن تكسر تظاهرات الأيام المقبلة الأرقام القياسية التي سجلتها سابقاتها. ويلي تحرّك اليوم يوم تعبئة السبت المقبل بدعوة من أحزاب المعارضة اليسارية.
|
وتشير الاستطلاعات إلى أن حركة الاحتجاج تحظى بشعبية كبيرة لدى الرأي العام الفرنسي، ويؤيدها ٧١ في المئة من المواطنين الذين يجدونها مبررة ، رغم محاولات الحكومة التخفيف من بعض بنودها، ومنها استثناء الأمهات اللواتي لديهن ثلاثة أولاد من زيادة فترة العمل، وهو ما رفضته النقابات وعلقت عليه بعض الجهات بأنه فارغ . وفي الواقع فإن ساركوزي يرفض المس بـ جوهر التشريع الجديد ، أي تراجع سن العمل من ٦٠ إلى ٦٢ عاماً الذي جعله شعاراً لعهده ومحور نزاعه مع النقابات. وبالمقابل فإن النقابات قررت التشدد بالتلويح بإضرابات عامة في بعض المرافق، وتركت للنقابات القطاعية حرية إقرارها وهو ما انعكس تشدداً وإقرار إضرابات مفتوحة في عدد من المرافق، منها النقل وشركات البريد والاتصالات. أما التهديد الأكبر فيأتي من قطاع الطاقة والمصافي، الذي يلوّح أفراده بإحداث شح وتراجع في تموين المحروقات، وهو ما يخيف كثيراً الأوساط الصناعية والمواطنين. إلا أن هذا السيناريو لا يزال عالقاً بقرارات يأخذها عمال الشركات على الأرض وهو مرتبط أيضاً بنسبة المشاركة في الإضراب. وقد حذّر عمال السكة الحديد من أنهم لن يلتزموا وحدهم هذا النوع من التحرك، ما لم يكن شاملاً. وما يأتي ضد تيار الإضرابات هو عامل قدرة المشاركين في الإضرابات على تحمّل حسوم أيام الإضراب من رواتبهم في ظل الأزمة المالية الحقيقية التي تعصف بالطبقات الفقيرة. ومن هنا تحذيرات بعض المراقبين من أن نفَس الإضراب يتراجع وأن كل يوم إضراب جديد يشهد وجوهاً جديدة ، ويفيد هذا بأن عملية الاحتجاج تتوسع إلا أن المشاركة تظل مشرذمة رغم التظاهرات المليونية. وسوف يمكن قراءة التوجه العام للاضراب المكشوف عبر عدد الموظفين الرسميين المشاركين اليوم، إذ أقر أحد كبار الاتحاد العمالي العام سي جي تي بأن كثيرين يرفضون خسارة راتب يوم عمل، الأمر الذي يشير إلى أنه رغم قوة الاحتجاجات فإن المقاومة التاتشرية التي أظهرها ساركوزي يمكن أن تفضي إلى إقرار القانون بأقل خسائر ممكنة. عامل واحد يمكن أن يقلب موازين القوى هو المشاركة الطلابية ونزول تلاميذ المدارس إلى الشوارع، إذ كما يقول أحد المراقبين إذا شارك الطلبة فمن الصعب إعادتهم إلى صفوفهم . وتشير الاستطلاعات إلى أن ٨٤ في المئة من الشباب ما بين ١٨ و٢٤ عاماً يعارضون هذه القوانين الاجتماعية التي سوف تطبق عليهم وتصيب حياتهم المهنية أكثر من تأثيرها على نهاية خدمة من ينزل اليوم إلى الشوارع بسبب تدريجيّة تطبيقها مع الوقت لتصبح نافذة خلال ثماني سنوات. ويدرك الجميع أن أي تحرك طلابي واسع يمكن أن يوسع من دائرة المطالبات ويتجاوز المطالب العمالية . أمر لا يحبذه ساركوزي، وخصوصاً في ظل تراجع شعبيته التي انزلقت إلى ٢٦ في المئة، وهو ما لم تصل إليه شعبية أي رئيس فرنسي سابق.
|
وقال مصدر في منظمة إنسانية، طلب عدم كشف هويته، إن رجالاً مدجّجين بالأسلحة كانوا يركبون ثلاث سيارات على الأقل، اقتحموا مكاتب الفرع البريطاني لمنظمة سيف ذي تشيلدرن غير الحكومية في عدادو وسط الصومال .
|
واقتاد الخاطفون المستشار الأمني الذي يعمل للمنظمة ومرافقه الصومالي باتجاه هوبيو، أحد معاقل القراصنة الصوماليين على ساحل المحيط الهندي. ولم يبد رجال الأمن أي مقاومة ولم يجر تبادل لإطلاق النار. من جهته، أكد حاكم منطقة عدادو محمد عدن تيي الحادث، موضحاً أن تحقيقاً يجري . في المقابل، اكتفى مصدر دبلوماسي بريطاني بالقول تبلغنا ذلك الخبر ونحقق في القضية . ويحمل المستشار الذي يقيم عادة في نيروبي الجنسية الدنماركية أيضاً. أ ف ب
|
أعلن وزير التربية والتعليم العالي الدكتور حسن منيمنة، فتح باب التعاقد بالساعة مع مدرسين من حمَلة الشهادات المتخصصة بالتعليم الابتدائي في اختصاصات الرياضيات واللغات العربية والفرنسية والإنكليزية للعام الدراسي ، وجاء في تفاصيل الإعلان في إطار خطة تطوير التعليم الرسمي، تعلن وزارة التربية والتعليم العالي عن قبول طلبات جدد للتعاقد بالساعة لتدريس صفوف تقوية دعم مدرسي في الرياضيات واللغات العربية والفرنسية والإنكليزية في الحلقة الأولى من التعليم الأساسي للعام الدراسي ، وذلك خلال الفترة الواقعة ما بين الإثنين والسبت ضمناً خلال الدوام الرسمي.
|
تقدم الطلبات إلى المناطق التربوية، ويُقبل المرشح للتعاقد بالساعة بناء على تقييم ملف يتضمن مقابلة شفهية يُعلن عنها خلال شهر تشرين الثاني . جدد منسّق التجمّع لإغلاق مطمر الناعمة نديم حمزة، مطالبته وزارة الداخلية والبلديات بتحويل فوري وعاجل للتعويضات المستحقة للبلديات المحيطة بمطمر الناعمة. على أن تُحتسب هذه التعويضات بمفعول رجعي بدءاً من عام تاريخ إنشاء المطمر، وذلك بالاستناد إلى قرارات مجلس الوزراء في حزيران عام وفي نيسان عام ، وإنفاذاً لمنطوق المادة الحادية عشرة من المرسوم رقم التي تنص على أن تستفيد كل بلدية يُنشأ في نطاقها مطمر صحي ما يوازي قيمة ستة دولارات أميركية بالعملة اللبنانية عن كل طن من النفايات . ودعا حمزة نواب عاليه والشوف الى تقديم سؤال الى الوزير زياد بارود، وتحويله الى استجواب اذا اقتضى الامر، لتقاعسه عن تحديد أصول وقواعد احتساب المبالغ المترتبة على كل بلدية لصالح البلديات المحيطة بمطمر الناعمة. وكانت لجنة المتابعة في التجمّع لإغلاق مطمر الناعمة قد عقدت جلسة بحثت فيها الندوة التي دعت إليها في قاعة بلدة بعورته بتاريخ . كذلك، عرضت تحرّكها خاصةً لقاء وفد منها مع وزير البيئة محمد رحال، ضم وهبة حمزة وأديب حمزة، وثمّنت اللجنة الدعوة التي وجّهها الوزير أكرم شهيب إلى عضو لجنة المتابعة خالد العياش لحضور اللقاء الإنمائي الثاني لبلديات غرب عاليه. وطلبت اللجنة من شهيب ووكالة داخلية عاليه الثانية من الحزب التقدمي الاشتراكي ورؤساء البلديات وضع ملف المطمر ضمن سلّم أولياتهم. وتوقّفت اللجنة عند الطرح الذي سمعته من وزيري البيئة والمهجرين حول الخطة البديلة للنفايات والتي تقوم على تركيب ثلاث محارق. لذلك يعلن التجمّع رفضه القاطع أن يكون مطمر الناعمة مكاناً لأية محرقة. وجدد التجمع مطالبته بتركيب محطة لتوليد الطاقة الكهربائية من الغازات المنبعثة من المطمر . أحيا تيار المجتمع المدني المقاوم الذكرى السنوية الرابعة لانطلاقته تحت عنوان فلسطين الذاكرة ، في احتفال أقيم في مجمع سراي فيلدج في بلدة بشامون قضاء عاليه، شارك فيه النائب فادي الأعور، رئيس تيار التوحيد الوزير السابق وئام وهاب، المسؤول عن العلاقات السياسية في حركة حماس علي بركة، وممثلون لأحزاب وفاعليات سياسية وثقافية.
|
في الغرب، يسمّونها رواية بمفاتيح . عمل أدبي يلتحف لبوس التخييل، ليقول عن قضية أو واقعة معينة، ما يعجز التحقيق الصحافي أو البحث التحليلي عن كشفه مباشرة. فمؤلف هذا الصنف الأدبي، صحافياً كان أو باحثاً أو رجل سياسة، يطرق باب الرواية ليعبّر، تحت غطاء الخيال الأدبي، عمّا لا يستطيع أو يجرؤ على قوله من دون مواربة.
|
ضمن هذا الصنف الأدبي الذي لم يُطرق عربياً إلّا في ما ندر، تندرج رواية نصر الدين علوي الريميس دار الفارابي . ليس هذا أول عمل أدبي يصدره إعلامي جزائري علوي صحافي فيقناة الجزيرة ، إذ شهدت الجزائر، منذ منتصف التسعينيات، عدداً لافتاً من الأعمال الروائية المكتوبة بأقلام صحافيّة. خلال سنوات الإرهاب ، اكتوى الإعلاميون الجزائريون الذين طرقوا باب الرواية بالأتون الحارق لبلادهم. وجدوا أنفسهم بين نارين خناجر الجماعات الإسلامية المتطرفة التي هدّدت بأن تقتصّ بالسيف من كل من يحاربها بالقلم، ورصاص النظام الحاكم الذي تمادى في التضييق على الحريات، باسم مكافحة التطرف حيناً، وباسم حماية القيم الديموقراطية حيناً آخر من هؤلاء الصحافيين من كتب ليدلي بشهادته الحميمة عن رعب سنوات الإرهاب وبشاعاتها، ومن كتب ليصفّي حسابات سياسية أو شخصية أو ليصنع لنفسه بطولة وهمية. وإذا كان البعض قد انبرى متصدياً للتطرف والظلامية، فإن البعض الآخر كتب لتبرير العنف والتستر على القتلة، فضلاً عمّن كتب مبشِّراً بنوع غريب من الديموقراطية المحمولة على ظهور الدبّابات أما رواية علوي الريميس ، فتنأى عن كل ذلك. مؤلفها إعلامي بارز، هو مؤسس جريدة اليوم الجزائرية ومديرها. لم يتوان عن التصدي للتطرف من خلال كتاباته الصحافية، لكنّه لم ينجرّ إلى الفخ ولم يتحوّل شاهد زور، من أجل تبييض صورة النظام الفاسد والمتسلِّط. وحين ضاق سقف الحريات بأكثر ممّا يحتمل، طرح كل شيء جانباً، وغادر البلاد بحثاً عن أوكسجين أنقى . بذلك، فهو في غنى عن تأليف عمل روائي لاصطناع بطولة وهمية، أو للتعبير تحت غطاء التخييل، عما لم يتمكن من قوله في كتاباته الصحافية. لماذا هذه الرواية إذاً؟ بعد سنين طويلة من العمل الإعلامي والنضال الديموقراطي خارج الجزائر، أُتيحت للمؤلف فرصة التأمل ووضع مسافة نقدية بينه وبين الأحداث. سمح له ذلك بتوسيع الرؤية، لتحيط بالمشهد الجزائري كاملاً، بكلّ مكوّناته وتناقضاته وغرائبه. بذلك، كان مثل فنان تشكيلي ينهمك طويلاً في رسم لوحته، ويحتاج في لحظة معيّنة إلى أن يتراجع بضع خطوات إلى الخلف، ليتأمل في اللوحة عن بُعد، قبل وضع اللمسات الأخيرة عليها، فينظر إليها بعين الموضوعية وروح النقد. ولا مبالغة في القول إنّ من أهم ميزات هذه الرواية أنّها تنقل صورة غير مسبوقة عن المشهد الجزائري الملتهب، ما خفي منه وما أُعلن. من خلال مغامرات ضابط أمن يدعى برهان، يدعونا الكاتب إلى رحلة شائكة في كواليس المؤسسة العسكرية والأمنية الجزائرية. يُكلّف برهان بإجراء تحقيق عن شبكات تهريب السلاح من أوروبا إلى
|
أعلن عضو اللجنة المركزية لحركة فتح ، عزام الأحمد، أنه جرى الاتفاق على عقد الاجتماع مع حركة حماس خلال أسبوع، مؤكداً أنه يجري حالياً الاتفاق على مكان انعقاده، في وقت نفت فيه مصادر حركة حماس أن يكون قد جرى التوافق مبدئيّاً على عقد اللقاء في بيروت بدلاً من العاصمة السورية دمشق.
|
ونقلت صحيفة الأيام الفلسطينية عن الأحمد قوله نحن حريصون على حل سوء الفهم الذي حصل مع سوريا، وحريصون على العلاقة الفلسطينية ـــــ السورية، ولكن نريد أجواءً مريحة. ومن أجل الأجواء المريحة لا بد من إزالة الأجواء السلبية التي سادت بين الرئيس محمود عباس والرئيس السوري بشار الأسد في قمة سرت الأخيرة . وأكدت مصادر فلسطينية أن قنوات عديدة بدأت اتصالات بين الطرفين الفلسطيني والسوري، وأن الأمور تسير باتجاه إيجابي. ولم تستبعد المصادر إمكان عقد الاجتماع في سوريا إذا سارت الأمور سيراً إيجابياً. وفي السياق، نفى الأحمد وجود علاقة بين ما كشف عن ضبط الأجهزة الأمنية الفلسطينية أخيراً مخزن أسلحة كبيراً في رام الله تابعاً لحركة حماس يشتمل على أسلحة أوتوماتيكية وقذائف، وتأجيل اللقاء الذي كان مقرراً في العشرين من الشهر الجاري. ووفقاً لوكالة معا أثارت طبيعة الأسلحة وكمياتها التي جرى التحفظ عليها حفيظة القيادة الفلسطينية. من جهته، أكد القيادي في حماس ، إسماعيل رضوان، أن حركته مصرّة على تجاوز الخلافات لتحديد موعد للمصالحة وتهيئة الأجواء المناسبة لإقفال هذا الملف، معرباً عن أمله في أن تكون حركة فتح على قدر المسؤولية، لأنها قادرة على ذلك . في غضون ذلك، ادّعت صحيفة يديعوت أحرونوت أمس أن حركة حماس تمكنت من تهريب مبالغ مالية طائلة إلى قطاع غزة أرسل معظمها حرس الثورة الإيراني، وأنها معدّة لتمويل الكفاح المسلح لحركة حماس . ووفقاً للمحلل العسكري للصحيفة، اليكس فيشمان، فإن الحديث يدور عن تهريب لم يسبق له مثيل من حيث حجم الأموال. وتحت عنوان الحقائب المالية لحركة حماس ، أشارت الصحيفة إلى أنه جرى تهريب هذه الأموال بواسطة حقائب عبر الطريق المستخدم لعمليات التهريب السابقة من إيران الى السودان ومن ثم عبر مصر الى سيناء، ومن هناك الى داخل قطاع غزة عبر الأنفاق. وزعمت الصحيفة أن طهران تتبرّع بما معدله نحو مئة مليون دولار سنوياً لنشطاء حماس والجهاد الإسلامي في القطاع، وأن حجم هذه المساعدات يثير امتعاض بعض الجهات الإيرانية. ووفقاً للصحيفة فإن الاعتقاد السائد لدى الجهات الإسرائيلية المختصة أن قادة حماس سيسرّعون بعد حصولهم على هذه المبالغ وتيرة الاستعدادات لخوض مواجهة أخرى مع إسرائيل. يو بي آي، معا، سما
|
قبل الطريق وبعده هكذا أراد القيّمون على محميّة بنتاعل الطبيعيّة تصوير المشهد، فاختاروا بلدة حبوب وتحديداً مدخل الطريق الذي بوشرت أعمال توسيعه على تخوم المحميّة، مكاناً للاعتصام الذي نفّذوه صباح السبت الماضي تحت عنوان محميّة بنتاعل في قلب الخطر .
|
المحمية رفعت الصوت في السابق عبر مؤتمر صحافي لإنقاذها من الخطر الذي يدهمها، هي التي تخضع لابتزاز عقاري وسياسي وانتخابي، ترفع الصوت مجدداً لأنها بفعل استمرار المؤامرة عليها أصبحت في عين الخطر ، يقول رئيس لجنة المحميّة ريمون الخوري، متابعاً دعوة البيئيين المناضلين الى هذا اللقاء هي لكي يشهدوا للحقّ وليكونوا شهود الحقيقة الناصعة بوجه شهود الزور، شهود المصالح العقارية والسياسية والتبعيات والمصالح الفردية، بوجه شهود المتآمرين على المحمية الاصغر على اليابسة، وها هم اليوم وزراء وسياسيين ونافذين يطوّقونها تحت شعار التواصل بين الناس، تحت شعار العمران والبناء . وذكّر الخوري بأن لجنة المحمية ساهمت في إيجاد الحل العادل والبديل الذي يقوم على حماية المحمية من جهة، وتأمين الطريق الى فيدار التحتا ومنها الى فيدار الفوقا من جهة أخرى، وذلك باعتماد تطبيق مرسوم الاستملاك الرقم تاريخ الذي يفي بغرض التواصل وهو أقصر من الطريق الحالي الذي يمر بمحاذاة المحمية . وناشد الخوري وزير الاشغال العامة غازي العريضي وقف الاشغال على الطريق، شاكراً وزير البيئة محمد رحال لوقوفه بجانبهم، سائلاً رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان التدخل والعمل على اعتماد الطريق البديل. الاعتصام الذي نظّمته لجنة المحميّة بالتعاون مع أحزاب وتجمعات بيئية رفعت خلاله لافتات كتب على بعضها مرملة المتن تساوي طريق فيدار حبوب . وبالمناسبة، أكّدت ماري تريز مرهج سيف باسم حزب الخضر أنّ الاستمرار بشق الطريق من شأنه أن يؤثر على التنوع البيولوجي الذي تشتهر به المحمية ويزيد من فرص اشتعال حرائق الغابات . كما أعربت بلديّة جبيل عن دعمها للمحميّة، وأمل عضو المجلس البلديّ فيها طوني صفير من السياسيين الوقوف بجانب الحق لا القوة . فيما وجّهت منسقة الشبكة العربية للتنمية والبيئة هيام كريدية نداءً الى النائب وليد جنبلاط مطالبة إيّاه بالسعي مع الوزير العريضي لإيقاف هذا الطريق الذي يمثّل خطراً حقيقياً على المحمية كما يفعل عندما يتعرّض أرز الشوف لأي خطر مماثل . وفي الختام، دعا أمين سر المحمية مارون فرح إلى المحافظة على الإرث الطبيعي في بلدة بنتاعل.
|
وكانت المحكمة العسكرية برئاسة العميد خليل قد ختمت أمس محاكمة الموقوفين بعد مطالعة ممثل النيابة العامة العسكرية، الذي طلب تطبيق مواد الاتهام في حق المتهمين. وترافعت المحامية نهى فرحات عن حيدر مهدي الحاج حسن، وطلبت إبطال التحقيقات في حق موكلها وإعلان براءته من الجرائم المسندة إليه لعدم توافر عناصرها ولانتفاء الدليل. ورأت أن ما نسب إلى موكلها هو معلومات كاذبة، وردت إلى المديرية العامة للأمن العام من مجهول، وهي غير صحيحة وغير مسندة إلى أي دليل يثبت تورط موكلها في العملية واستندت إلى اجتهاد صادر عن محكمة، وطلبت كف التحقيقات بحق موكلها وإعلان براءته لجهة المادة عقوبات لعدم تأليفه أي عصابة مسلحة وكف التحقيقات عنه لجهة المادتين و من قانون واعتبارها خارج موضوع الدعوى ومنحه أوسع الأسباب المخففة مع تعهد بعدم تكرار فعله وترك الأمر للسلطات المعنية، وفي حال الحكم عليه، وقف التنفيذ والاكتفاء بمدة بتوقيفه.
|
كذلك ترافع المحامي شربل ميلاد خوري عن حسين نايف عمر وطلب البراءة لموكله والاكتفاء بمدة توقيفه. وطلب المتهمون في الكلام الأخير البراءة. يُذكر أنه صباح يوم الجمعة حزيران ، وصل إلى الأمن العام طرد مرسل عبر البريد السريع إلى مبنى المديرية العامة للأمن العام قرب المتحف، وذلك لإخضاعه لينال الترخيص الذي يسمح بإرساله إلى العنوان المحدد خارج لبنان. ولدى معاينة المعنيين له في المديرية، كانت المفاجأة الكبيرة. إذ تبين أن الطرد المذكور كان موضباً في علبة هاتف، ويحوي مادةً بدت غريبة في البداية، إضافة إلى أسلاك كهربائية، وجهاز توقيت ، وقارورة غاز صغيرة الحجم، كتلك التي تستخدم في نفخ البالونات بالغاز، وصاعق التفجير كان جاهزاً أيضاً. عزلت القوى الأمنية الطرد فوراً، وتبين لاحقاً أنه يحتوي على غراماً من مادة الـ الشديدة الانفجار، التي من شأنها أن تحدث انفجاراً يمكن وصفه بالهائل، داخل ممرات مبنى، وهو الأمر الذي أكده حينها خبير عسكري. الأخبار
|
بعد أشهر قليلة من انتهاء انتخابات مجلس الشورى التي جرت في حزيران يونيو ، تحل انتخابات مجلس الشعب. الانتخابات المنتهية عُدت بروفة لما سيجري في الانتخابات اللاحقة والحاسمة بالنسبة للنظام والمعارضة. فهي الانتخابات التي ستؤلف مجلس الشعب الذي سيشهد انتخابات الرئاسة، وقد يشهد أيضاً انتقال السلطة من الأب للابن سواء في الانتخابات الرئاسية عام أو بعد ذلك خلال الدورة البرلمانية التي تستمر خمس سنوات. المجلس القادم إذاً، لا يحتمل وجود كتلة معارضة خارج السيطرة تثير ضجة في مرحلة حساسة، حتى وإن كانت أقلية غير مؤثرة في قرارات المجلس. وفي الوقت نفسه، لا يليق أن يكون المجلس عارياً تماماً من الشرعية عبر انتخابات لا تمر منها أي معارضة وتحجز المقاعد كلها للحزب الحاكم مسبقاً. انتخابات مجلس الشورى قدمت حلّاً سحرياً للنظام لإخراج الانتخابات بطريقة مقبولة. ففي مشهد فريد من نوعه جرى التزوير ليس لمرشحي الحزب الحاكم بل لمرشحي أحزاب المعارضة. وذلك بطريقة أفزعت حتى أعضاء تلك الأحزاب الذين أعربوا عن غضبهم الشديد من الطريقة التي فاز بها مرشحوهم في انتخابات الشورى بالتزوير حتى ضد مرشحين من الحزب الحاكم. ففي بعض الدوائر طُرد مندوبو المرشحين جميعاً، سواء من المعارضة أو الحكومة أو المستقلين، وتولّى رجال الأمن إخراج النتيجة التي حملت الفوز لمرشحين من أحزاب المعارضة الرسمية بعكس مؤشرات التصويت. وفي الوقت نفسه، حُسم وضع الإخوان المسلمين مبكراً، بحيث يستحيل مرور أي مرشح منهم في الانتخابات.
|
يبدو ما حدث في انتخابات الشورى متسقاً مع التسريبات التي تدور حول انتخابات الشعب، ومضمونها أن نحو مقعداً بمجلس الشعب، بما يوازي خمس المقاعد تقريباً، ستمنح لأحزاب المعارضة الرسمية، الأمر الذي يعني كتلة معارضة وازنة لا تقل عن الموجودة في المجلس الحالي، لكنّها في الوقت نفسه كتلة معارضة مستأنسة لا تخرج عن الحدود المرسومة لها. وقد بدأ بالفعل الحديث عن صفقات بين النظام وبعض أحزاب المعارضة الرسمية. وبالطبع لن يخلّ ذلك بحصة الحزب الحاكم، بل سيكون على حساب مقاعد الإخوان والمستقلين في المجلس والتي سببت الكثير من المتاعب طوال الدورة السابقة، وهو ما لا تحتمله الدورة القادمة بما ستشهده من أحداث مصيرية. تلك الصورة دفعت قوى المعارضة للمطالبة بضمانات لنزاهة الانتخابات تتمثل في إشراف قضائي كامل ورقابة محلية ودولية وتنقية الكشوف وغيرها من الضمانات، وإلا ستقاطع الانتخابات المقررة نتائجها سلفاً. لم تتأخر إجابة النظام على مطالبة المعارضة بالضمانات والتي عبر عنها برفض التدخل الأجنبي، و عدم السماح للمنظمات الغير الشرعية بتعكير صفو الانتخابات ، حسب تعبير رئيس الوزراء. أضف إلى ذلك زيادة القيود على وسائل الإعلام، بالقرارت الأخيرة التي تضمنت شروط التصريح المسبق لبث الأخبار عبر رسائل المحمول وتقييد حركة وحدات البث المباشر وقنص جريدة الدستور بالتعاون مع المعارضة الرسمية وغيرها. فضلاً عن تشديد القبضة الأمنية على احتجاجات المعارضة. فقد بدت واضحة زيادة درجة العنف الأمني تجاه التظاهرات الطلابية وتظاهرة المعارضة أمام قصر عابدين، وكذلك زيادة الملاحقات الأمنية والاعتقالات لجماعة الإخوان المسلمين مع اقتراب الانتخابات.
|
ويلتقي أوباما نظيره الإندونيسي سوسيلو يودهويونو في التاسع من تشرين الثاني الجاري، ثم يزور مسجد الاستقلال، أكبر مساجد إندونيسيا، ويلقي خطاباً من مكان يحدد لاحقاً أمام الشعب الإندونيسي يشدد فيه على الشراكة بين الدولتين، والديموقراطية، وانفتاح الإدارة الأميركية على المسلمين حول العالم، ونموذج التسامح والتعددية الذي تقدمه إندونيسيا.
|
وأوضح البيت الأبيض أن أوباما سيلتقي، على هامش قمة منتدى التعاون الاقتصادي لدول آسيا والمحيط الهادئ ، الذي سيعقد في اليابان، نظيره الروسي ديمتري مدفيديف، ورئيس الحكومة الأوسترالية جوليا غيلارد، فيما يلتقي نظيره الصيني هو جينتاو على هامش قمة العشرين في سيول. ويلتقي أوباما خلال جولته الآسيوية رئيس الوزراء الهندي مانموهان سينغ، والرئيس الكوري الجنوبي لي ميونغ باك، ورئيس الوزراء الياباني ناوتو كان. يو بي آي
|
منذ أن بدأت إسرائيل حصارها لغزة، وأعداد المتضامنين الدوليين مع شعبها المحاصر في ازدياد مطّرد. لم تنفع كلّ مضايقات الدولة العبرية في ثني هؤلاء عن فعلهم النضالي، تساعدهم في ذلك خبرتهم المديدة في الحركات الاحتجاجية المناهضة للفاشية السياسية. فأغلب هؤلاء المتضامنين آتون من خلفيات يسارية ذات صلة وثيقة بمحطات مفصلية في بلدانهم أيار ودعم حرب تحرير الجزائر في فرنسا، مناهضة حرب فيتنام في أميركا، النضال ضد حقبة الديكتاتوريات العسكرية في أميركا اللاتينية وإسقاطها...الخ. ومن لم يعاصر تلك الأحداث من الجيل الجديد من المتضامنين، قرأ عنها في الكتب والوثائق، أو وصلته عبر روايات شفهيّة وأفلام وثائقية رصينة. ذلك أنّ فعل التراكم ضروري في الحالة النضالية، حتى لا ينقطع التواصل بين ما حدث بالأمس وما يحدث اليوم. ومأساة غزّة شاهد حيّ على ذلك. فهل كان جيل الستينيّات ليظنّ أن جريمة كجريمة حصار غزة ممكنة بعد كلّ ما فعلوه قبل أربعين أو خمسين عاماً ضد العسف الرأسمالي ـــــ الإمبريالي وملحقاته في دول الجنوب؟
|
وحده الساذج يعتقد أن بإمكانه اليوم أن ينجو من عسف مماثل وحيداً من دون تشبيك مع من يقع عليه الاضطهاد من الضفّة الأخرى. لذلك نقول إن مناهضي الرأسمالية يجب أن لا يكونوا أقلّ دهاء منها. ففي النهاية، هنالك حدود لكل شيء. وحدود الرأسمالية أظهرتها الأزمة الدورية الأخيرة على أكمل وجه. ذلك أن الحلّ الخلاص الفردي أو المبادرة الفردية الذي بشّرت به مراراً يتعرّض اليوم لامتحانات قاسية. وإلا ما معنى أن يعود مناضل يساري قديم شارك في الثورة الطلابية في فرنسا عام ليرفع في غزة شعارات تحاكي ما كان يقوله قبل أربعين عاماً ونيّف؟ وهو إذ يفعل ذلك لا ينسى أن من يتضامن معهم في حصارهم اليوم هم ضحايا دولته بقدر ما هم ضحايا إسرائيل التي رعتها تلك الدولة وأمدّتها بالسلاح وشاركتها في العدوان على مصر في عام . لا أعتقد أن ترف النضال وحده هو ما قاد هذا الرجل أو غيره إلى أرض فلسطين المحتلة. فما يحدث في فلسطين غير منقطع الصلة عن الأحداث الجارية في فرنسا وأوروبا. أحداث تبدأ بالنقاشات حول الهوية الوطنية والنقاب وقضايا الهجرة، ولا تنتهي بالهواجس الاقتصادية وأشباح الكساد والتضخّم والبطالة وحقوق العمال. ولمن يجد مبالغة في الربط بين ظواهر لا يجمع بينها رابط منطقي ، نقول ابحثوا عن فلسفة العلاقة بين نيكولا ساركوزي وسيلفيو برلوسكوني وأفيغدور ليبرمان وغيرت فيلدرز و...إلخ، تجدوا الرابط المنطقي. آه... نسينا ريجيس دوبريه لكن الرجل مثقف يساري عضوي على ما قال غرامشي يوماً، وليس سياسياً انتهازياً كهؤلاء. كما أنه لا يمتّ بصلة إلى برنار هنري ليفي وآلان فينكلكروت وباقي ممثلي الليكود في النخبة الأوروبية. حسناً. إذا كان ذلك صحيحاً، فماذا ذهب يفعل في غزة إذا لم يكن ذهابه لمصلحة التضامن مع أهلها ضد همجية إسرائيل؟ الجواب لدى وكالة الصحافة الفرنسيّة التي أوردت في خبر لها أخيراً ما حرفيته بحث كاتب وناشط حقوقي فرنسيّان في غزّة... مع رئيس الحكومة الفلسطينية المقالة إسماعيل هنية قضية الجندي الإسرائيلي جلعاد شاليط. واجتمع الكاتب والمثقف ريجيس دوبريه والناشط في مجال حقوق الإنسان ستيفان إيسيل مع هنيّة... وقال إيسيل لقد شدّدنا خصوصاً على الوضع غير المقبول لجلعاد شاليط المعتقل في مكان سري في قطاع غزة منذ أربع سنوات . هكذا إذاً. ذهب المثقف العضوي السابق إلى غزة ليستكمل فعل الوساطة الذي لم ينجزه نظيره الألماني. لكن الوسيط الألماني آتٍ من عالم الاستخبارات لا من عالم الثقافة والتنظير لحوار الحضارات عاد ونقض الرجل تنظيره هذا في كتاب سمّاه أسطورة معاصرة اسمها حوار الحضارات ، كما هي حال دوبريه. وشتان ما بين الاثنين. فالعمل الاستخباري هو امتداد للسياسة التي تنتهجها هذه الدولة أو تلك. والنجاح في المهمة الاستخبارية يعني تحقيقاً لمصلحة براغماتية لا مكان فيها للأخلاق أو لحقوق الإنسان. وما فعلته ألمانيا في ملف الوساطة بين حماس وإسرائيل هو بالضبط استثمار دورها الاستخباري لتحقيق مصلحتها في المنطقة. هكذا تفعل الدول عندما تنتدب وسطاء لها في صفقة ما. فهل هذا هو ما يفعله دوبريه اليوم؟ وهل هو وسيط بين فرنسا ومن خلفها إسرائيل وحماس؟ وما هي المصلحة التي ستحققها هذه الوساطة لفرنسا؟ قد تكون العطالة الفرنسية الحالية هي الجواب على هذه الأسئلة مجتمعة. عطالة تطال السياستين الداخلية والخارجية على حدّ سواء. هنا نعود إلى إشكالية اليمين الذي يحكم أوروبا اليوم بسياسة العصا الغليظة . وحين يحاول مداراة مأزقه الداخلي باللجوء إلى السياسة الخارجية، لا يجد ما يفعله. وإذا ترك له هامش ما، سيملأه كالعادة بالخيال العقيم وسوء التدبير. حتى عندما تتوافر لديه نخب و كفاءات منحدرة من أصول يسارية عريقة، لا يعرف كيف يستثمرها ويموّه بها واحديّته، وينتهي به الأمر إلى حرقها واستنفادها تماماًً. هذا ما حصل مع برنار كوشنير اليساري العريق ، وهذا ما سيحصل مستقبلاً مع ريجيس دوبريه إن ارتضى لنفسه دوراً مماثلاً. نعلم اليوم أنه واحد من مؤسسي الحزب الجديد المناهض للرأسمالية يرأسه أوليفييه بوزانسنو إلى جانب الراحل دانيال بن سعيد، وهذا أمر كفيل وحده بالقضاء على أي بوادر التحاق باليمين الحاكم وسرديته الأمنية. لكنّ ذهاب الرجل إلى غزة بأجندة مفارقة تماماً لأجندة التضامن الدولي مع شعبها ضد الحصار الهمجي، يحمل المرء على التشكّك بـ يساريّته وآرائه السلبية التي أبداها في كتاباته الأخيرة تجاه إسرائيل يراجع في هذا الخصوص كتابه رسالة إلى صديق إسرائيلي . فالموقف من غزة وشعبها المحاصر لا من سلطة حماس بات اليوم معياراً للحكم على هذا الموقف أو ذاك. هنا نحن أمام حالة شبيهة بحالة حرب فيتنام. مَن انحاز يومها إلى الأميركيين ضد مقاومة شعب فيتنام أصبح نسياً منسيّاً هل من يقارن اليوم بين صورتي جين فوندا وريتشارد نيكسون؟ . أما من اختار الاصطفاف إلى جانب هوشي منه وأبنائه، فقد أنصفه التاريخ، رغم كل الترّهات التي ساقتها دعاية هوليوود الفظّة ضد هذا النسق من الإنصاف. وكي لا نظلم ريجيس دوبريه اليوم، ونضعه في موضع مفارق لراديكاليته اليسارية المستعادة، دعونا نعُد إلى التاريخ ونجرِ تعديلاً طفيفاً لبعض وقائعه. تخيّلوا مثلاً لو أنّ جين فوندا ذهبت لتفاوض يومها الثوار الفيتناميين على إطلاق سراح جندي أميركي محتلّ ماذا كان سيحلّ بصورة تلك الممثلة اليسارية الراديكالية؟ هل كانت ستحافظ على موقعها المكتسب كأيقونة ذلك الجيل من اليساريين؟ واستطراداً هل كنا لنراها في عام في مقدمة المتظاهرين ضد حرب العراق في أميركا؟ في ضوء هذا التمرين، ماذا يمكن أن نقول عن ذهاب دوبريه إلى غزة؟ في الشكل، لم يلتق الرجل أيّاً من المسؤولين الإسرائيليين أثناء عبوره إلى القطاع المحاصر اقرأ سلطة الاحتلال ، بل اقتصر لقاؤه على رئيس حكومة حماس المنتخبة إسماعيل هنية اقرأ ممثل الشعب المحاصر من طرف الاحتلال . حتى الآن لا غبار على مواقف صاحب ثورة داخل الثورة . لكن الانعطافة ستحدث عندما ننتقل إلى المضمون، إذ فهمنا أن رفيق غيفارا سابقاً سيبحث مع ممثّل الشعب المحاصر وضع أحد جنود الاحتلال الذي اعتقل وهو ينفذ عملية عسكرية ضد شعب أعزل.
|
بمعزل عن المحكمة الدوليّة في شأن لبنان، وبمعزل عن الثقافة المؤيّدة لها والرافضة لها على حدّ سواء، ما الذي يجري في البيئة الطائفيّة التي باتت معادية للمحكمة الدوليّة، ومن خلفها المجتمع الدولي ؟
|
ما جرى أوّل من أمس، في عيادة الطبيبة النسائية في الضاحية الجنوبيّة، مضحكٌ مبكٍ. مضحك، ظاهرياً وكردّة فعل أولى، وصول فريق التحقيق الدولي بجريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري، إلى مكان حساس بالنسبة إلى تلك البيئة الناشطة في حقل التناسل والولادة إلى حدِّ التضخّم، الذي بات يثير الريبة لدى الشركاء في الوطن وبيئاتهم، إذ يشعرون بأن أبناء تلك البيئة المتكاثرين يزاحمونهم في كل شيء وفي كل مكان. فقد أوحى الحدث بأن لجنة التحقيق تقترب من مكان مقدّس وتلاحق تلك البيئة، لا إلى سريرها وإنما إلى سرّها ووجودها والمكان الخاص الذي تبدأ منه حياتها. يا للهول. مضحك مبكٍ أن يوصل القدر الاتصالتي لجنة التحقيق إلى عيادة ولادة وأمراض نسائيّة... وفي الضاحية الجنوبية. مضحك مبكٍ أن تكون عيادة ولادة ممرَّ لجنة التحقيق إلى بيئة الضاحية الجنوبيّة ذات الكثافة السكانية التي انطلق جزءٌ منها من تلك العيادة الشهيرة. ومضحك ومبكٍ أن تبدو تلك العيادة الخط الدفاعيَّ الأول عن تلك البيئة وحقّها في الوجود والخصوصيّة. هذا مضحك ومبكٍ، إلى حد يُسأل فيه ماذا لو حققت اللجنة الدولية مع هيفاء وهبي المؤيدة للمقاومة كما عبّرت مراراً، رغم أنه لا علاقة لها ببيئة الضاحية، وربما لم تزر تلك العيادة التي يقصدها كبار قوم الضاحية. مضحك مبكٍِ هذا. مضحك مبكٍ لا أن يُشوَّشَ على لجنة التحقيق ويعوّق عملها، إنما الطريقة التي يجري فيها ذلك، بل انعكاسات ذلك في صورة البيئة التي تشوّش وتعوّق. مضحك مبكٍ أن تُقدّم تلك البيئة صورة غوغائية عن نفسها، تارة بمسمّى الأهالي الغاضبين وأخرى تحت عباءة نسائية. ولا ندري ماذا بعد ومتى يحين موعد الأطفال. مضحك مبكٍ أن تُحرق صورة طبيب أو مهندس أو جامعي أو مزارع أو عامل أو أمٍّ أو مقاوم من أجل صورة غضب الأهالي. مضحك مبكٍ أن تصادر لغةُ الشارع العقلَ، أن تحل الأيديولوجيا ودعايتها بدل الثقافة والأخلاق، أن يختصر حزب حتى لو كان المقاومة، بيئةً، وأن يَستخدم حزبٌ ممسوكٌ لغة التعبير العفوي ويتخفّى وراءها. مضحك مبكٍ أن يغدو الدفاع عن النفس أشبه بالانتحار وتشويه الذات. مضحك مبكٍ ألا يترك المنضبطُ طريقة تعبير للمتفلّت. مضحك مبكٍ أن تُصوَّر بيئة كاملة ومتنوعة هوجاءَ عنيفةً متخلّفة. مضحك مبكٍ ألا يبقى لنا إلا إخفاء الوجه أمام هذه المهزلة. يخجلني أن أقول لابنتي ماذا يجري في وطني. لا يخجلني أن أشرح لها درساً في العلوم الجنسية، يخجلني أن تقصد أمها عيادة نسائية. وما يجري تعميمه هو العكس. يجري التعميم أن الدرس هو المخجل وأن عيادة الولادة هي مكان سرّي، مكان لا تُحمى أسراره من أجل الخصوصية، وهي حق، وإنما لكونها أسراراً. أسرارٌ يُدافع عنها بالدماء، وتُحرق لأجلها صورة المدافع عنها. وما دامت الحفلة لتتفيه لجنة التحقيق الدولي وعملها، ألم تفكر تلك النسوة وهن يهاجمن المحققين الدوليين في العيادة، في صورتهنّ، ألم يفكّرن في صورة النساء اللواتي يدخلن تلك العيادة لأمر طبي وبشكل عادي؟ أهنّ يرتكبن أسراراً؟ ألم تفكّر تلك النسوة بصورة البيئة وبصورة العيادة؟ ألم يفكّرن أنه قد يُقال إن هياجهنّ بسبب وجود أسرارٍ خطيرة عنهنّ وعن بيئتهن في تلك العيادة؟ مضحك مبكٍ أن يُستهان بهذا في بيئة محافظة. مضحك مبكٍ أن تغدو الولادة أمراً مخجلاً. ربَّ قائل إن هذا ليس السبب. نعم، لكنه من الآثار الجانبيّة... الخطيرة.
|
الفستان الأحمر القاني يغطي الخشبة كلها. ينهدل من جسد الراقصة ليوحي بأكثر من قراءة. وهذا الفستان هو أول ما يطالعك وأنت داخل إلى القاعة. تحتار كيف تحمله الراقصة الشابة، تبحث عنها في أمواجه ، وتتوقع الكثير. على خشبة مسرح مونو ، انطلق عرض الفستان الذي يحمل توقيع الكوريغراف اللبنانية ندى كعنو، وتؤدّيه سارة بو صادر.
|
تبدو صاحبة الفستان شابة في العشرين. لكن الرؤية الكوريغرافيّة تسعى إلى التغلغل داخل ذلك الجسد، لاستنطاق التجربة الإنسانية لصاحبة الفستان. الأحمر هو نقل لكل التأثيرات الخارجية إلى دواخلنا. جسد يرقص ببراءة حيناً وبألم أحياناً كثيرة. لكن الفستان هو أيضاً الجدار الذي تخفي الراقصة تحته حياتها الخاصة، ومشاعرها، وربما أحلامها. عالم مسمّر على كرسي، كالراقصة التي كانت ترقص على تلك المساحة الضيقة. وإذا أرادت أن تحتل الخشبة كلها، خلعت الفستان ـــــ أي إنها خلعت الستار الحاجب ـــــ لتنتقل في اكتشافها لذاتها وللعالم إلى ما يشبه القفص. سجن يحاصر جسدها كما يحاصر كل الأجساد. فجأة تنسحب الموسيقى لمصلحة أصوات ساسيين ومسؤولين لبنانيين، تحبس جسد الراقصة، تلك المرأة التي وصلت إلى القفص بعدما صعدت درجات سلّم إليه. أي سلّم؟ السلطة أم المال أم الطموح الجارف أم كل ذلك؟
|
على الرغم من حضورها القوي في مجلس حقوق الإنسان، يتوقع أن تكون جلسة الاستعراض الدوري الشامل لحالة حقوق الإنسان في ليبيا أقل من عادية في جنيف اليوم.
|
حرية التعبير والحق في التجمع السلمي في مقدمة القضايا التي ستُثار بوجه الوفد الليبي، الذي من المقرر أن يدافع عن سجل بلاده في جلسة استماع تمتد لثلاث ساعات. ولاحظت منظمة مراسلون بلا حدود في تقريرها إلى مجلس حقوق الإنسان أن تأميم قناة الليبية الفضائية في حزيران ٢٠٠٩، وفضائية أخرى جديدة اسمها الوسط ، يدل على بداية عودة النظام إلى إحكام قبضته. كما أشارت المنظمة إلى أنه في كانون الثاني ٢٠١٠، توقفت صحيفتا أويا و قورينا عن الصدور بعدما حظرتهما الهيئة العامة للصحافة بذريعة عدم سداد بعض الفواتير. ومن المتوقع أن تتقدم كل من بريطانا والدنمارك وألمانيا بتوصية إلى ليبيا تقضي بالتراجع عن تأميم الإعلام والتوقف عن ممارسة الرقابة على الإنترنت. ويفيد التقرير غير الحكومي بأن السلطات تمارس رقابة صارمة على شبكة الإنترنت، حيث اغلقت موقع يوتيوب في ٢٤ كانون الثاني الماضي، عقب نشر أشرطة مرئية عن تظاهرات عائلات السجناء في بنغازي ولقطات تظهر أفراداً من عائلة القيادة يحضرون حفلات السمر. ويفيد التقرير بأن العديد من المواطنين الأجانب محتجزون في السجون الليبية، بعضهم سرّاً لمدة ١٥ عاماً من دون تمكينهم من استئناف الحكم باحتجازهم لدى هيئة قضائية، وأن التعذيب وسوء المعاملة لا يمارسان في مراكز الشرطة أو الاحتجاز التابعة لجهازي الأمن الداخلي والخارجي فحسب، بل في السجون أيضاً. ومن المتوقع أن تتقدم بريطانيا بسؤال إلى الجانب الليبي حول مصير التحقيقات التي تجريها السلطات لمعرفة مصير المفقودين جبالا مطر وعزت المغاريف ومنصور الكيخيا، إضافة الى المطالبة بإطلاق سراح المعتقلين السياسيين محمد أبو شما وعبد اللطيف الرغوي ومحمد مطر أو محاكمتهم. وفيما غابت عن التقارير غير الحكومية وأسئلة الدول أي اشارة إلى قضية اختفاء السيد موسى الصدر ورفيقيه المفقودين منذ عام ١٩٧٨، طالبت منظمة صحافيين بلا حدود بكشف مصير عبد الله علي السنوسي الضراط، وهو صحافي مفقود في ليبيا منذ عام ١٩٧٣. ويتوقع أن تكون قضية إلغاء عقوبة الإعدام على رأس التوصيات التي ستقدم إلى ليبيا لكونها عضواً في العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية. كما ستشدد التوصيات على ضرورة عدم تهديد هوية السكان الأصليين والأقليات، وخصوصاً القرى التي تحتفظ بخصائصها الأمازيغية.
|
بين تشرين وتشرين صيف تاني . صدق المثل، وعاد الصيف في عزّ بدء فصل الشتاء، ليسيطر بطقسه الحار على معظم المناطق اللبنانية. هذه العودة دفعت معظم سكان قرى الساحل وبلداته إلى سلوك طرق المناطق الجبلية، ومنها بلدة بنشعي، حيث البحيرة السياحية الشهيرة. عند أطراف البحيرة، عادت الحركة التي انقطعت لبعض الوقت إلى سابق عهدها. عاد الأطفال إلى اللهو والشباب إلى السباحة والعائلات إلى التنزه، والحافلات السياحية الكبيرة التي تنشط في نقل المتنزهين إلى ساحات بنشعي الفسيحة.
|
هكذا، مدّد الصيف الحاضر على حين غفلة عمل المقاهي والمتنزهات في البلدة، بعدما كادت تتوقف بسبب هطول الأمطار في الفترة الأخيرة وانخفاض درجات الحرارة. لكن، ليس الصيف وحده ما أعاد الوهج إلى بحيرة بنشعي، فقد زادت، أخيراً، القيمة السياحية للبحيرة، بعدما افتتح على مقربة منها متحف الحيوانات المحنطة الذي وُضع في خدمة زوار البحيرة من محبي الحيوانات الضخمة والنادرة. غابة من الحيوانات المتنوعة والنادرة لم تكن موجودة إلّا على شاشة التلفاز، وقد اجتذبت الأطفال خصوصاً. ريتا حموي واحدة من الأطفال التي تواظب على الحضور إلى البحيرة كلما سنحت لها الفرصة ، تقول الوالدة مهى وتضيف أصبحت متعلقة جداً بها لأن الحيوانات التي تعرض هنا في المتحف نادرة ومن الصعب أن تجد متحفاً مماثلاً له في لبنان . فكرة إنشاء المتحف جاءت انسجاماً مع الواقع البيئي للبحيرة ، يقول شربل مارون، صاحب المتحف الذي يضم نحو ثلاثة آلاف حيوان محنط من كل أصقاع الأرض من أوروبا وأميركا وآسيا وأفريقيا وأستراليا . ويلفت مارون إلى أن الحيوانات المعروضة لم تُصطد أو تُقتل، بل أتينا بها من مصادر عدة في العالم، بعدما نفق بعضها لسبب ما في حديقة معينة، غير أنني أقوم بتحنيطه في مراكز متخصصة خارج لبنان . ثمة طريقة أسهل لجمع هذه الحيوانات وهي شراؤها محنطة من مكان واحد ، يضيف مارون. كل شيء موجود في هذا المتحف، واللافت أنّ كل أنواع الحيوانات المتوحشة والأليفة اجتمعت في مكان واحد الأصداف. الأسماك. الطيور. الدب القطبي. الحمار الوحشي. السلاحف. الفراشات. الأفاعي... وقد جعل هذا التنوع من البحيرة مقصداً لمحبي الحيوانات وعشاق السباحة الفرحين بشمس بنشعي التي لا تغيب.
|
بالتزامن مع انطلاق قمة مجموعة العشرين أمس، التي تسعى إلى التوصل إلى حل للخلل الاقتصادي الكبير الذي يهدد التجارة العالمية، كثفت الدول الأغنى في العالم والاقتصادات الناشئة حربها الكلامية. وفيما أثار اقتراح أميركي لإعادة التوازن التجاري بين مختلف الدول التي تسجل عجزاً، وتلك التي لديها فائض تجاري انتقاد الصين وألمانيا، أبرز دولتين مصدّرتين في العالم، تعهد الرئيس الصيني، هو جينتاو، زيادة الحوار والتعاون مع الولايات المتحدة، التي تطالب أيضاً بإعادة تقويم أسرع للعملة الصينية، التي يسهم سعرها المنخفض في العجز التجاري الأميركي الكبير.
|
وعلى هامش القمة، التي تستضيفها كوريا الجنوبية، عبّرت المستشارة الألمانية، أنجيلا ميركل، للرئيس الأميركي باراك أوباما، عن مخاوفها من تحركات مجلس الاحتياطي الاتحادي البنك المركزي في الآونة الأخيرة لضخ السيولة في الاقتصاد الأميركي، الأمر الذي يؤدي الى إضعاف الدولار ويثير استياء الشركاء التجاريين للولايات المتحدة. وأضافت مصادر في الوفد الألماني إنّ أوباما أبلغ ميركل أنّه يريد أن يرى مزيداً من الطلب المحلي في ألمانيا، وأنّهما اتفقا على ضرورة مناقشة الاختلالات العالمية على أساس عدّة مؤشرات. من جهته، أقرّ رئيس الوزراء البريطاني، ديفيد كاميرون، في حديث له، بأنّ دول المجموعة لا يزال أمامها الكثير من العمل للتوصل الى اتفاق على الخلل في توازن الاقتصاد العالمي، وخصوصاً بعد الأزمة المالية لعام . وشدّد على أهمية إزالة جدار المال في الشرق وجدار الدَين في الغرب ، إضافةً الى وضع حدٍّ للحمائية . وفي هذا الإطار، قال مسؤولون كوريون جنوبيون إنّ القمة، التي تُختتم اليوم ببيان ختامي، يمكن أن تكتفي بتكليف صندوق النقد الدولي بوضع إرشادات عامة للحد من اختلال التوازن بين الدول الدائنة والمستدينة. وفي هذا السياق، فإنّ جدول أعمال قادة الدول ليس كله حافلاً بالمشاكل، إذ يتضمن الموافقة على إجراء أكبر تعديل في تاريخ صندوق النقد الدولي، الذي أُسس قبل عاماً، لإعطاء دور أكبر لقوى ناشئة مثل الصين. وعلى صعيد آخر، صرح الأمين العام لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، أنجيل جوريا، أن استراتيجية عالمية جديدة للتنمية سيُكشَف عنها خلال القمة، وستمثل قفزةً كبيرةً إلى الأمام إذ تعتزم المجموعة تبني اتفاق سيول للنمو المشترك الذي يتضمن التأكيد على أهمية الاستثمار في البنية التحتية كوسيلة لتحقيق نموٍّ مستدام في الدول الفقيرة. وقال إنّ هذه القفزة تتمثّل هنا في أنّ الأمر لم يعد مسألة مساعدات بل تنمية . أ ف ب، رويترز
|
يبدأ الأحد المقبل المهرجان الرابع للأفلام الذي تنظّمه جامعة سيدة اللويزة ويتبارى في المهرجان أكثر من فيلماً قصيراً لطلاب من مختلف الجامعات في لبنان. ويتنافس المخرجون الشباب على الحصول على جوائز أفضل فيلم روائي ، و أفضل وثائقي ، و جائزة الجمهور .
|
أما موضوع هذا العام فهو السينما اللبنانية تشيّد المسرح اللبناني من خلال ريمون جبارة ، إذ يكرّم المهرجان المسرحي اللبناني المعروف في يوم الافتتاح أي الأحد المقبل عند السابعة مساء في حرم الجامعة في ذوق مصبح شمال بيروت . يصوّر المخرج السوري سامر البرقاوي حالياً فيديو كليب بيئيّاً، بمشاركة مجموعة من النجوم السوريين، أبرزهم أمل عرفة، وباسل الخياط وغيرهما...
|
لم تكد شمس الصباح تطلع، حتى كانت بيوت قرية الحروف قد فرغت من شبابها وصغارها. خرجوا باكراً، حاملين عدّة شغل طارئة، لم تَعْدُ كونها مجموعة من أكياس النايلون وقفّازات وقبّعات تقيهم قسوة الشمس. كانت الساعة تشير إلى السابعة، حين امتلأت ساحة البلدة بهم وبصخبهم. هناك، وقفوا في انتظار الرفاق من القرى المجاورة و الآمر ، الذي من المفترض أن يوزّعهم مجموعات، ويبلغهم برنامج يومهم الطويل، المتضمن القيام بحملات نظافة في البلدات التي لم تحظَ إلى الآن بمجلس بلدي، لكونها قرى صغيرة. كان لافتاً في يومهم الطويل ذاك، الهدف الذي وضعوه، فهم لم يقصدوا فقط إقامة حملات النظافة، بل أرادوا أيضاً أن يسترجعوا تقليداً قديماً كان قد درج في قراهم العونة .
|
السابعة والنصف صباحاً، خرج الشباب من قرية الحروف إلى البلدات المستهدفة. كانت كفر مسحون المحطة الأولى. هناك، كان المختار شربل سويدان في انتظارهم للترحيب بهم. وصلوا إلى دارة المختار وتوزّعوا وشبيبة البلدة في الأحياء، حاملين عدّتهم. كان العمل رائعاً ، يقول عبدو سويدان، ابن البلدة وأحد العاملين ضمن الفريق. يمسح سويدان حبيبات العرق عن جبينه، ويقول بابتسامة لم تفارق وجهه الطفولي نظّفنا ما أمكننا بمعاولنا، كذلك استقدمنا جرّافة لتنظيف الطريق ولمنع الأتربة والرواسب من السقوط عليه . ليس بعيداً عن كفرمسحون، انطلق الفريق إلى بلدة مشحلان، حيث انضم إليهم أطفال البلدة وشبابها. الهدف هنا واضح ، يقول جورج خوري، يضيف همّنا إظهار صورة حضارية عن المنطقة، وإشعار المسؤولين بأهمية العمل على تحسين أوضاع بلداتنا . تعيد الشابة فاليري زكّا ما قاله خوري، مؤكّدة همّنا أن تكون بلدتنا نظيفة . ترتفع الأصوات، فكل واحد منهم يريد أن يقول هدفه، حيث تشير شقيقة زكّا عم ننضّف من قلبنا، بس بدنا يساعدونا . في بيت المحميّة في بلدة بنتاعل، اجتمع فريق العمل مجدداً. نزلوا بعدّتهم إلى الطرقات، فخرجوا حاملين شوالات من النفايات ، تقول ابنة البلدة جويل خوري. تعزو سبب وجود كل هالزبالة إلى اللبنانيين الذين يرمون أكياس النفايات من سيّاراتهم على الطرقات . تتمنّى الشابة لو يصار إلى فرض ضبط مخالفة على كلّ من يرمي النفايات على الطرقات . يسترجع الطفل عقل فرح سنة مشهد الطرقات قبل تنظيفها فقد كانت مليئة بالنفايات من محارم وعبوات ومواد بلاستيكيّة . ينتهي اليوم الطويل في منزل مختار البلدة بطرس خوري، الذي تحدّث عن التعاون بين أبناء البلدة الواحدة في نشاط مفيد صحيّاً وبيئيّاً ورياضيّاً . وأمل في الختام أن يكون العمل عبرة للآخرين ليتمثّلوا بنا .
|
تنتظر الفتاة اللحظة التي ستقول فيها نعم لفارس أحلامٍ تكمل معه مسيرة حياتها. لكن في بعض القرى، ثمّة فتياتٌ يُجبرن على قول تلك الكلمة، في عائلات تُحرّم فيها كلمة لا في تلك اللحظة الحاسمة من حياتها. في بعض القرى وفي بعض العائلات، لا يعود للفتاة أن تقرر الموافقة أو عدمها على العريس . التقت الأخبار بعضهن، فتحدثن، ولكن بأسماء مستعارة.
|
بعد التخرّج، تقدم لؤي، حبيب مقاعد الدراسة، لخطبة منى، لكنّ والدها رفضه رفضاً قاطعاً. العذر مبرّر بالنّسبة إلى الوالد. السّياسة. فالوالد مسؤول منطقة في حزب ما، والشّاب ينتسب إلى حزبٍ آخر. والفتاة متل ما حبّتو بتحب غيرو . هكذا قال. استعانت الفتاة بأقاربها من أجل إقناع والدها، لكنّها لم تصل إلى نتيجة. بعد ذلك، أجبر الأب ابنته على الموافقة على عريس من الضّيعة ، مهدّداً بـ التّبرّي منها، وطردها من المنزل. معاناة الفتيات مع البابا كثيرة. فوالد سوسن رأى أنّ ابن عمّها سيكون الصّهر المثالي. بنظر الأب، هذا سبب كاف لتزويج ابنته منه، رغم أنّها لا تحبه. فكرت في الهروب من المنزل، لكنّ والدي هدّدني بأنه سيقتل والدتي إذا قمت بذلك ،
|
لا تزال العقدة الأبرز غير المحسومة في العراق، معرفة ما إذا كان إياد علاوي سيوافق على تولي رئاسة المؤسسة المنوي استحداثها في النظام السياسي، وهي المجلس الوطني للسياسات الاستراتيجية . ويبدو أنه شخصياً لم يقرّر ذلك بعد، ولا الرئيس جلال الطالباني في أجواء قرار علاوي، رغم أنّ هذا المنصب سيرى النور بعد صدور قانون إنشائه عن البرلمان وواجباته ستكون مهمة جداً .
|
وعن صلاحيات هذا المجلس، قال الطالباني إن واجباته مهمة جداً، وسيكون ممثلاً لجميع القوى الفاعلة والممثلة في البرلمان وقراراته التي تصدر بالإجماع أو الأكثرية الساحقة تكون ملزمة وواجبة التنفيذ . لكنه اعترف بأنّ من غير الواضح ما إذا كان علاوي سيوافق على ترؤس هذا المجلس الذي سيُؤلَّف خصيصاً له. وفي السياق، كان لافتاً الانتقاد الذي وجهه الطالباني للقيادة التركية، في مقابلة مع صحيفة ملييت ، عندما رأى أن السياسة التركية المتبعة إزاء العراق خاطئة ، كاشفاً عن أن أنقرة لم تكن تريده هو لتولي منصب رئاسة الجمهورية، بل كانت ترغب بعلاوي، وذلك رغم أن الرئيس التركي عبد الله غول كان من أوائل المتصلين بالطالباني للتهنئة. وفي مقابلة تلفزيونية أخرى، طمأن الطالباني الحرصاء على مصير القيادي الأسبق في نظام صدام حسين طارق عزيز، إلى أنه لن يوقع أبداً قرار اعدامه، مبرراً قراره هذا بالقول لن أوقع أمر إعدام عزيز لأنني اشتراكي . وتابع أنا متعاطف مع طارق عزيز لأنه مسيحي عراقي. وعلاوة على ذلك، فهو رجل تجاوز عمره السبعين . تجدر الإشارة إلى أن موافقة الرئيس العراقي ضرورية لتنفيذ حكم الإعدام. أما علاوي، فقد اعترف من لندن بأنه لم يقرر بعد ما إذا كان سيوافق على تسلم المنصب المستحدث من عدمه، معرباً عن تشاؤمه من إمكان نجاح الحكومة الجاري العمل على تأليفها. وجزم بأنه لن يشارك في الحكومة الجديدة أصلاً؛ لأن الأمر ليس مطروحاً أو معروضاً حالياً، أو أن قائمة العراقية تريدني أن أكون عضواً . وفي المقابلة نفسها، كرّر علاوي موقفه من أن صيغة اقتسام السلطة شُوِّهَت، وكذلك قضية تداول هذه السلطة، لذلك لست واثقاً مما إذا كان من الممكن تأليف حكومة متماسكة . ولما سُئل هل ستستمر الحكومة طويلاً، أجاب بـ لا ، قبل أن يستدرك بالقول لا يزال لدينا بعض الوقت لمناقشة القضايا ولرؤية ما إذا كان ذلك سيحدث أو لا . في المقابل، هوّن علاوي من شأن انسحاب أعضاء من العراقية من البرلمان في جلسة الخميس الماضي، كاشفاً عن أن الخلافات التي كانت وراء ذلك سُوِّيَت. لكنه أوضح أنه لن يعود إلى بغداد لحضور افتتاح البرلمان يوم من الشهر الجاري بما أنه سيكون في لندن لحضور زفاف ابنته. الأخبار، رويترز، أ ف ب
|
تعدّدت الرويات والتحليلات بشأن ما جرى مساء يوم الاثنين الفائت، عند حاجز درك ضهر البيدر، بعدما تمكّن عدد من الأشخاص، يستقلون سيارة من نوع نيسان تيدا ، زجاجها حاجب للرؤية فيميه ، من اجتياز العوائق الحديديّة الموزّعة في محيط الحاجز، ثم إطلاق النار باتجاه أحد العسكريين الذي حاول ملاحقة السيارة لمنعها من متابعة سيرها. حصول هذه الحادثة بعد مرور ساعات على جريمة المصنع، التي أدت الى استشهاد العريف في الجيش اللبناني يوسف يوسف، أثار لغطاً إعلامياً وأمنياً في الربط بين الحادثتين، غير أن مسؤولاً أمنياً أكد لـ الأخبار أن التحقيق الأولي لم يظهر وجود صلة بين الأولى والثانيّة، موضحاً أن الأشخاص المجهولين الذين كانوا يستقلون سيارة، حاولوا قبل وصولهم الى الحاجز، وفي أماكن مختلفة على طول الطريق الدوليّة، اعتراض سيارة يقودها طبيب من آل ز. وأن الأخير أبلغ هاتفياً غرفة العمليات التي عمّمت بدورها مواصفات سيارة المشتبه فيهم على الدوريات والحواجز.
|
يُشار إلى أن حاجز ضهر البيدر كان قد شهد حوادث مماثلة في أوقات سابقة، تمكّن خلالها العديد من العابرين بسياراتهم من الفرار من أمام عناصر الدرك المكلفين القيام بالمهمات الأمنيّة الموكلة اليهم. آخر هذه الحوادث ما حصل أوائل الشهر الماضي، حيث استطاع أحد الأشخاص المطلوبين للقضاء بمذكّرات عدليّة، الإفلات من عناصر الحاجز والهرب باتجاه الجرود المؤديّة الى تلال بلدة قب الياس الواقعة للجهة الشرقية من مكان وجود هذا الحاجز، قبل أن تتمكن قوة من الجيش اللبناني من توقيفه في منطقة وادي الدلم. وفي هذا السياق، لفت مسؤول أمني الى أن تكرار بعض الخروقات من حين الى آخر، مردّه إلى الضغط الهائل في أعداد السيارات العابرة على هذه الطريق، التي تعدّ ممرّاً إلزامياً يربط البقاع بالعاصمة بيروت، كما أن النقص في عديد المركز لا يسمح بمضاعفة عناصر الحماية، مشيراً إلى أن هذا الأمر هو موضوع متابعة.
|
في كلمة اتّسمت بغياب أي مؤشر على قرب الخروج من مأزق المفاوضات المباشرة المتعثّرة بين الفلسطينيين والإسرائيليين، أعرب وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون السياسية، لين باسكو، عن أمله في تحريكها مجدداً.
|
وقال في إحاطته الشهرية عن الحالة في الشرق الأوسط أمام مجلس الأمن الدولي، أمس، إنه يتعيّن على الأمم المتحدة في المرحلة المقبلة العمل مع الأطراف من أجل عقد مفاوضات مباشرة وتعزيز مناخ على الأرض يفضي إلى إحراز تقدم ملموس، بما في ذلك تجميد الاستيطان في الأراضي الفلسطينية المحتلة . وتوجه إلى الرئيسين الفلسطيني محمود عباس، والإسرائيلي بنيامين نتنياهو، مطالباً بـ إظهار بصيرة وقيادة والارتقاء فوق العراقيل الداخلية وتحقيق سلام تاريخي دائم . والجلسة التي كانت مقتضبة واقتصرت على كلمة باسكو قبل التوجه إلى إجراء مشاورات مغلقة لم تتطرق إلى الشأن اللبناني. وتطرق باسكو في إحاطته إلى التوتر في قطاع غزة. وأوضح أن المسلحين أطلقوا ثمانية صواريخ خلال شهر، بينها صاروخان من طراز غراد و قذيفة هاون. ووفقاً للتقرير، أقدمت إسرائيل على شن عشر غارات و توغلاً في القطاع وقتلت مسلحين، بينهم بطريقة الاستهداف المباشر. وفيما أكد باسكو حق إسرائيل في حماية نفسها، انتقد القتل بالاستهداف بدون محاكمة، ورأى أنه مخالف للقانون الدولي. وفي تصعيد رآه مقلقاً ، قال باسكو إن مسلحين فلسطينيين أطلقوا قذائف فوسفورية من القطاع في التاسع عشر من الشهر الجاري. وشنت إسرائيل غارات جوية على أنفاق في منطقة معبر رفح وأخرى على معسكر تدريب. وأدان إطلاق الصواريخ، متجاهلاً الغارات الإسرائيلية ليكتفي بمناشدة كل الأطراف توخي الهدوء وضبط النفس واحترام القانون الإنساني الدولي. وأعرب باسكو عن قلقه من إجراء حركة حماس تجربة على صاروخ بر ـ بحر في العاشر من الشهر الجاري، وقال إن الصاروخ عبر منطقة مكتظة بالسكان، معرباً عن قلقه العميق من أن ذلك يعرض سلامة المدنيين للخطر.
|
الصورة الأولى غريب أمر الشارع اللبناني، نصف يضع يده على الزناد، والنصف الآخر مدهوش؛ نصفه يحبّ الحياة، والنصف الآخر عليه أن يدافع عن حياة من يحب الحياة ويصمت على مبدأ قاوم وأنت صامت. حياة اعتقدوا أنّهم اعتادوا عليها قبل أن يطفح الكيل ببعضهم ويكتشف أنّ الحياة بتلبقلو . وهنا، هنا فقط، اختلفت الموازين وفلت الملقّ ولم يعد البلد ماشي ، ولم تعد تنفع التهدئة ولا مراوح س س ، ولا حتى كل الأحرف الأبجدية جمعاء. ليست مشكلة فحسب، إنّها ركائز بلد اكتشف أهله أنّها لم تكن سوى خوازيق.
|
الصورة الثانية البلد يحترق ومجلس وزرائه بكل أطيافه المتنافرة يجتمع بكل هدوء ويناقش بكل اتّزان ويصدر قرارات وبيانات يفيض الوعي المفاجئ من بين أسطرها ليثبت لجيشه وشعبه ومقاومته أنّه مجلس وزراء لأيّ دولة تخطر ببالكم إلّا لبنان. ربّما كان له عذره بذلك، لكن ليس لك أيّ عذر أيها الشعب العنيد في أن تطالب مجلسك الممثّل برئيسه سعد الحريري بأن يكون بمستوى الحدث لسبب بسيط جداً ربّما لم يقل له أحد حتى الآن إنّ هناك حدثاً. الصورة الثالثة مذكرات توقيف قيمتها صفر... قال أحدهم. مذكرات التوقيف هجوم مسلّح على الدولة اللبنانية... قال آخر. مذكرات التوقيف أمر قضائيٌّ بحت... قيل لرئيسهم. ابتسم... انتحب... قاوم... استسلم... ارحل... أنت في لبنان. الصورة الرابعة احترقت لتعرّضها للضوء قبل الأوان.
|
افتكر تاريخهم الأسود ، ملصقات انتشرت على جدران الإسكندرية في الأيام الأخيرة، في إطار حملة واسعة ينظّمها شباب بيحبّ مصر شعارها لا للإخوان . الحملة جديدة، وتحرّض على التصويت ضد الإخوان لأنهم يكرهون مصر يعيدون التذكير بجملة شهيرة قالها المرشد السابق مهدي عاكف طظ في مصر وأفكارهم ضد الديموقراطية يعتمدون على الطاعة العمياء، والمرشد السابق أيضاً له جملة شهيرة يحرّض فيها على ضرب معارضي الجماعة في البرلمان بالحذاء .
|
المعركة بين الحزب الوطني الديموقراطي وجماعة الإخوان المسلمين هي المعركة، وغيرها هوامش سيحاول النظام السيطرة عليها بقدر يتيح له الحصول على خاتم نزاهة من تحقيق نجوم في المعارضة نجاحاً غير متوقع، أو على الأقل وضع خريطة بدوائر يريدها النظام خالية من التزوير أو من التوجيهات العليا بالتزوير . هذا لا يعني عدم إتاحة الفرصة أمام التزوير بالجهود الفردية للمرشحين . النظام يريد خاتم النزاهة، الضروري في مرحلة العبور الى رئاسة جديدة، وانتزاع شرعية جديدة غالباً للرئيس حسني مبارك بالأدوات القديمة لكن تحت غطاء جديد انتخابات متعددة المرشحين . الغطاء يحتاج إلى خاتم، والخاتم لا بد أن يكون وفق سيطرة محكمة إلى درجة مفرطة. لماذا يخاف النظام أو يتوتر، كما يبدو من تحركاته؟ وماذا سيحدث إذا حصل الإخوان على نسبة مقاعدهم السابقة؟ أسئلة تطرح نفسها على مستويات متعددة من جلسات النخبة السياسية المهتمة وحتى السهرات حول دخان الشيشة. لماذا تبدو أجهزة الدولة منفعلة؟ ضباط أمن الدولة تجولوا منذ أيام في شوارع وسط العاصمة وأمروا بإغلاق المقاهي، وبدا المشهد غريباً قرب ساعات الفجر، وبدا الخروج الجماعي لرواد المقاهي أقرب إلى تجمهر من النوع الذي لا تحبّه أجهزة الأمن. التجمهر بالضبط هو سر توتّر الأجهزة الأمنية. والجماعة هنا محطّ القلق، لأنها قادرة على ركوب الشارع في أي لحظة، وتحويل الحشود الانتخابية الى مناسبة شحن للاحتقان الشعبي. هذا رغم ما يقال عن صفقات سرية بين النظام والجماعة، أو خطة محكمة لتقليص مقاعد نواب الإخوان من ٨٨ الى ما يوازي ربع العدد أو أقل، وإن كان البعض في دائرة صناعة القرار قد أعلن الرغبة في منع الجماعة من الدخول تحت القبة ، وهو ما يعني تلقائياً العودة الى تحت الأرض . الأجهزة العاقلة تعرف أن العودة الى تحت الأرض صداع لا يحتمله النظام العجوز. المناوشات ليست بين الجماعة والحزب، بل بينها وبين الأجهزة، ولهذا استعرضت الجماعة قوتها ووجّهت رسالة الى عقلاء النظام على لسان المرشد محمد بديع لن ننسحب من الانتخابات ، سنحاسب الحكومة على كل نقطة دم تراق في الانتخابات ، سنحمي الصناديق . لهجة حادة للمرشد تشير إلى أن العنف ارتفعت درجته بعد قرار غير معلن للجماعة باستخدام آلية المسيرات في الدعاية لمرشحي الجماعة. هل هناك مسافة بين العقل الأمني والعقل السياسي يمكن أن تمر منها الجماعة؟ الحكم الذي أصدرته محكمة القضاء الإداري بوقف انتخابات ١١ دائرة في الإسكندرية، يمكن أن يكون ثغرة يفاوض منها النظام على التهدئة في مقابل تنفيذ الحكم بقبول مرشحي الجماعة المرفوضين. قرار المحكمة جاء بعد رفض وزارة الداخلية واللجنة العليا للانتخابات قيد ٦٩ مرشحاً في دوائر الإسكندرية وكفر الشيخ، بينهم ١٤ من الإخوان والباقون من المستقلين أو المستبعدين من قوائم الحزب الوطني. الإسكندرية هي أرض المعركة الكبرى بين النظام والجماعة، والمركز سيكون دائرة الرمل، حيث يخوض حرب النظام الوزير عبد السلام المحجوب، الذي يعتمد في دعايته على سنوات إدارته للإسكندرية، وهي سنوات صنعت شعبية ضخمة ينتظر النظام أن توقف شعبية الجماعة في العاصمة الثانية. خصم الوزير المرشح صبحي صالح الذي يعتمد على أن التصويت في الدائرة رافض للنظام تاريخيّاً، وقبل أن يسيطر عليها الإخوان . النظام يجهز للجماعة جيشاً سرياً من الجماعات السلفية، التي دخلت منذ فترة تحت عباءة النظام، وعُدّت جناحه أو جيشه الديني لضرب الجماعة، معتمداً على أفكار تحرّم الخروج على الحاكم . الجيش السلفي فعّال خلال الفترة الأخيرة، وألعابه متعددة من احتلال مواقع في الشارع لحصار الإخوان ، الى أداء دور الفزاعة لتحجيم سطوة الكنيسة والبابا. يتوقّع المراقبون استخدام السلفيين في إعادة إخراج أحداث كنيسة العمرانية على أنها رغبة من الأمن في حماية الأقباط من بطش السلفيين، الذين حرّكوا قبل فترة قصيرة تظاهرات تطالب بتحرير أسيرتي الكنيسة كاميليا ووفاء. استخدام السلفين يأتي في سياق الخوف من انتقام الأقباط، وخصوصاً سكان العشوائيات البعيدة عن السيطرة التقليدية للكنيسة وتوازناتها. هؤلاء لهم ثأر الآن مع أجهزة الأمن، ومن المتوقع أن يخرجوا عن اتفاق الكنيسة والنظام بالتصويت الروتيني لمصلحة الحزب الحاكم. المعادلة تغيّرت بعد إراقة الدماء في العمرانية، وهو ما يمثل تحوّلاً خطيراً في نفسية الأقباط، ولا سيما بعد بيان الحزب الحاكم الذي رأى أحداث العمرانية مبيّتة ومخططة . كيف سيحكي الدم عن الأيام الحرجة في مصر؟ هذا ما ستقوله الأيام المقبلة.
|
في دبي، أراد بهجوري لجمهوره أن يدخل عالمه من باب التشكيل. معرضه الأخير في صالة سبيس آرت ، يقدم لنا عالماً يبدو للوهلة الأولى مبهجاً، لكنه سرعان ما يشحن متلقيه بمشاعر متضاربة. التشكيلي الآتي من عقلية كاريكاتورية وساخرة بامتياز، سيضع اللوحة في فضاء قوامه القلق والشجن الداخلي الذي ينعكس بوضوح على بناء العمل وإيقاعه العام.
|
جورج بهجوري... أمّ كلثوم مرّة أخرى
|
لحق روما الايطالي ببايرن ميونيخ الألماني المتصدر الى دور الـ بعد تعادله مع ضيفه كلوب كلوج الروماني ، سجلهما ماركو بورييلّو لروما وتراوري لكلوج، في المجموعة الخامسة.
|
وتغلب بايرن على ضيفه بازل السويسري المتأهل الى مسابقة يوروبا ليغ ، سجلها الفرنسي فرانك ريبيري و والاوكراني اناتولي تيموتشوك . وفي السادسة، فاز مارسيليا الفرنسي الثاني على ضيفه تشلسي الانكليزي المتصدر ، سجله برنداو . وخسر زيلينا السلوفاكي أمام ضيفه سبارتاك موسكو الروسي المتأهل الى يوروبا ليغ ، سجلها ماتان لزيلينا واليكس وايبسون لسبارتاك. وفي السابعة، سحق ريال مدريد الاسباني المتصدر ضيفه أوسير الفرنسي ، سجلها الفرنسي كريم بنزيما و و والبرتغالي كريستيانو رونالدو . وسقط ميلان الايطالي الثاني أمام ضيفه اياكس امستردام الهولندي الذي تأهل الى يوروبا ليغ ، سجلهما زيوي والديرفايرلد . وفي الثامنة، بلغ شاختار دونيتسك الأوكراني دور الـ بتغلبه على ضيفه سبورتينغ براغا البرتغالي الذي تأهل الى يوروبا ليغ ، سجلهما رات وادريانو . وتأهل أرسنال الانكليزي كثاني المجموعة الى دور الـ بفوزه على ضيفه بارتيزان بلغراد الصربي ، سجلها الهولندي روبن فان بيرسي من ركلة جزاء وثيو والكوت والفرنسي سمير نصري لأرسنال وكليو لبارتيزان. وكان يوم أول من أمس قد شهد تعادل توتنهام هوتسبر الإنكليزي المتصدر مع مضيفه تفنتي أنشكيده الهولندي ـ ، سجلها لاندزات من ركلة جزاء وروزاليس والمغربي ناصر الشاذلي لتفنتي الذي تأهل إلى مسابقة يوروبا ليغ ، وويسغرهوف خطأ في مرمى فريقه وديفو و لتوتنهام، في المجموعة الأولى. وتعرّض إنتر ميلانو الإيطالي حامل اللقب والمتأهل الثاني عن المجموعة لسقوط كبير أمام مضيفه فيردر بريمن الألماني ـ ، سجلها برودل وارناوتوفيتش والبيروفي كلاوديو بيتزارو . وفي المجموعة الثانية، تغلب شالكه المتصدر على مضيفه بنفيكا البرتغالي ـ ، سجلها لويزاو لبنفيكا، وخورادو وهويديس لشالكه. ورغم ذلك بلغ بنفيكا مسابقة يوروبا ليغ بعد تعادل منافسه هابويل تل أبيب الإسرائيلي مع مضيفه ليون الفرنسي الثاني ـ ، سجلها لوبيز ولاكازيت لليون، وبن ساهار وزاهافي لهابويل. وفي الثالثة، تعادل مانشستر يونايتد الإنكليزي المتصدر مع مضيفه فالنسيا الثاني ـ ، سجلهما أوليفيرا لمانشستر، وهرنانديز لفالنسيا. وتعادل بورصة سبور التركي مع ضيفه رينجرز الاسكوتلندي المتأهل إلى يوروبا ليغ ـ ، سجلهما يلدريم لبورصة، وميلر لرينجرز. وفي الرابعة، تأهل كوبنهاغن الدنماركي إلى دور الـ بعد تغلبه على ضيفه باناثينايكوس اليوناني ـ ، سجلها فينغارد وغرونيكار من ركلة جزاء وسيسيه خطأ في مرمى فريقه لكوبنهاغن، وكانتي لباناثينايكوس. وفاز برشلونة الإسباني المتصدر على ضيفه روبن كازان الروسي المتأهل إلى يوروبا ليغ ـ ، سجلهما فونتاس وفاسكيز .
|
أؤكد الحرص على أن تقوم سلطة قضائية مستقلّة كليّاً، قوية وقادرة وعصرية وحامية للحريات، كما كرسها الدستور ... كلمات قالها رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان قبل أكثر من عام في حفل افتتاح السنة القضائية ـــــ . وبعد مرور أكثر من عام، يبرز السؤال، ترى هل أدّى حرص الرئيس ومعه كل الحريصين إلى قيام سلطة قضائية مستقلّة كليّاً؟ الجواب، بكل بساطة، كلّا. هذا الجواب مستنبط من كلمة الرئيس سليمان نفسه، التي ألقاها أمس في حفل افتتاح السنة القضائية ـــــ في باحة الخطى الضائعة داخل قصر عدل بيروت. ملتزمون متابعة السعي والحرص على أن يتمكن لبنان اليوم، وللسنوات المقبلة، من الاتكال على سلطة قضائية قوية، قادرة، عصرية، وحامية للحريات. فالحاجة تبدو أكثر إلحاحاً كي يحصّن القضاء نفسه من المحسوبيات السياسية والمصالح الشخصية والإغراءات كلها . هكذا تحدث الرئيس سليمان أمس، إذ لا جديد على ما طُرح في العام الماضي، فهذه هي عادة السياسيين في لبنان، يكررون أقوالهم بلا كلل أو ملل، بل يستنسخون العبارات نفسها أحياناً. في لبنان، لا تجد سياسياً واحداً إلا يدعو إلى إبعاد القضاء عن السياسة، فيما لو كانت لعدالة القضاء أن تتكلم وتشكو، لما شكت إلا منهم ومن غزواتهم السياسية ، كما يحلو لرئيس مجلس القضاء الأعلى، القاضي غالب غانم، أن يُردد دائماً، وهو الذي لم يعد يفصل بينه وبين الإحالة إلى التقاعد سوى أسابيع.
|
داخل قصر عدل بيروت، أمس، كانت عقارب ساعة الحائط المعطّلة في باحة الاحتفال تشير إلى فيما الوقت الصحيح هو الرابعة مساءً، موعد بدء حفل افتتاح السنة القضائية الذي تأخر نحو شهرين. وصل رئيس الجمهورية وجلس على كرسيه في الصف الوسطي، وإلى يمينه رئيس المجلس النيابي نبيه بري، وإلى يساره رئيس الحكومة سعد الحريري. أما على كراسي صف اليمين، فجلس وزير العدل إبراهيم نجّار وعدد من الوزراء والسفراء والشخصيات السياسية. أخذ القضاة والمحامون أمكنتهم في صف اليسار، حيث جلس في المقدمة القاضي غالب غانم والمدّعي العام لدى محكمة التمييز القاضي سعيد ميرزا، وتوسطهما رئيس مجلس شورى الدولة القاضي شكري صادر، الذي تردد أنه المرشح الأبرز لتولّي منصب رئيس مجلس القضاء الأعلى بعد أسابيع خلفاً للقاضي غانم.
|
قبل ثلاثة عقود تأسس مجلس التعاون الخليجي في أبو ظبي، وها هي قمته الحادية والثلاثون تنعقد اليوم في المدينة نفسها. لكن شتان بين الأمس واليوم. فالقادة المؤسسون كان هاجسهم الأمن قبل كل شيء، حين كانت المنطقة تعيش تداعيات الحرب العراقية ـــــ الايرانية. أراد آباء التجربة أن يحموا كياناتهم الضعيفة من الخطر الايراني، فأجّلوا كل خلافاتهم الحدودية، التي ظلت تتفاعل تحت الرماد، لتشتعل بين حين وآخر، مهددة بتقويض أركان البيت.
|
ومن دون شك فإن أصل المشاكل الحدودية يعود إلى الخرائط التي رسمها البريطانيون للمنطقة، لكن الشراهة السعودية هي التي جعلت من هذه المسألة لغماً موقوتاً قابلاً للانفجار على الدوام. والسمة العامة هي أن السعودية على خلاف حدودي مع كل دول المجلس الخمس، كما أنها طرف في بعض الخلافات الثنائية. والملاحظ في تجربة المجلس أن هناك تلازماً بين الملفات، الأمر الذي ألقى بظله على الشؤون الأمنية والاقتصادية والسياسية. البداية كانت حين رسم الملك عبد العزيز آل سعود خريطة للمملكة حدودها الماء. وعندما سأله مسؤول بريطاني في أربعينيات القرن الماضي عن تصوره لحدود المملكة، قال الرجل الذي وضع أساس المملكة الثالثة سنة حدودي حيث يقف الغزال . أي أنه كان ينظر نحو البعيد، يريد الوصول الى البحر. فابن نجد الصحراوية لم يكن ليشبع نهمه أنّ مُلْكه يمتدّ على سواحل البحر الأحمر، بل كان يحلم بأن يوسع مدى مملكته لتصل الى بحر العرب والخليج العربي كله. نجح ابن سعود في أن يحقق بعض أحلامه حين قضم مساحات شاسعة من اليمن، وسعى إلى بسط نفوذه على الخليج، لكن نزعاته التوسعية اصطدمت بالتاج البريطاني، صاحب القرار في المنطقة حينذاك. ويروي أمين الريحاني في كتابه ملوك العرب أن خريطة المنطقة، التي رسمها المقيم البريطاني في عبادان السير بيرسي كوكس في مؤتمر العقير الذي انعقد في خيمة الملك عبد العزيز سنة ، لم تَرق لابن سعود. ويقول الريحاني إن المسؤول البريطاني بعدما استمع الى رأي عبد العزيز تناول عصاه ورسم خريطة على الرمل. نزلت دمعة من عين الملك السعودي، الذي لم يعرف البكاء طريقاً إلى قلبه، فاستردّ عصاه بسرعة ليهزّها في وجه كوكس، وقال له والله لو أن شخصاً آخر رسم هذه الخريطة، غير مندوب صاحبة الجلالة، لقتلته بهذه العصا . ظلت السعودية تلوّح بالعصا لجيرانها في المنطقة، وتزحف رويداً رويداً نحو البحر، فالمنطقة بالنسبة إليها ليست سوى خرائط من الرمال المتحركة. وبدلاً من أن يطلق ابن سعود غزلانه، أرخى لجماله العنان، فظلت تتقدم شيئاً فشيئاً على طريق الماء والكلأ، حتى ناخت على شطآن بحر العرب، على مسافة قريبة جداً من الإمارات وقطر. وصار للسعودية منفذ بحري، وامتلكت حقول نفط جديدة، وفرقت بين البلدين الجارين، حتى اصبح الإمارتيون والقطريون مجبرين على المرور بالأراضي السعودية لكي يتنقلوا بين البلدين. أبرز النزاعات الحدودية هو الخلاف بين السعودية والإمارات، وقد أطلّ برأسه بعد استقلال دولة الامارات في مطلع سبعينيات القرن الماضي. الخلاف كان حول واحة البريمي، التي كانت في الوقت نفسه محل نزاع بين ابو ظبي وسلطنة عمان، الذي انتهى بتقاسم المنطقة، ست قرى لإمارة ابوظبي وثلاث لسلطنة عمان. وبعيداً عن منطق الحل بالتراضي، فرضت السعودية على الإمارات صفقة مجحفة عندما تراجعت عن مطالبها في منطقة العين وصحراء الظفرة وفق اتفاقية جدة للحدود مع الإمارات سنة ، مرفقة ذلك باعترافها بدولة الإمارات، وحصلت في المقابل على سبخة مطي الغنية بالنفط وخور العديد وجزء من المثلث الجنوبي. وخور العديد يشمل منطقة ساحلية بطول كيلومتراً، وهي التي فصلت حدود قطر والإمارات، كما آلت للسعودية نسبة في المئة من آبار حقل زراره الشيبة، التي تضم احتياطياً يقدر بـ مليار برميل و ألف متر مكعب من الغاز. وتقضي الاتفاقية، في حال اكتشاف النفط على الحدود المشتركة، سواء قبل الاتفاق أو بعده، أن تؤول ملكية الحقل برمّته الى الدولة التي يقع فيها الجزء الأكبر منه، ولذا اصبحت ملكية حقل الشيبة وموارده ملكاً للسعودية. وبدأت شركة آرامكو العمل فيه سنة ، وهو ينتج نحو ألف برميل يومياً. منذ رحيل مؤسس دولة الإمارات الشيخ زايد بن سلطان عام تغير الجوّ بين الرياض وأبوظبي، فحاولت الأخيرة تصحيح الخلل القائم الذي كرّسته اتفاقية جدة. وأثار الرئيس الاماراتي الشيخ خليفة بن زايد الأمر رسمياً خلال زيارة الى الرياض. لكن المسؤولين السعوديين صمّوا آذانهم. وتكررت محاولات أبو ظبي طيلة خمس سنوات، إلا أنها بقيت تصطدم بجدار الممانعة السعودية. ولعبت الرياض منذ سنة جملة من أوراق الضغط ضد الإمارات، في محاولة لثنيها عن مواصلة المطالبة بإعادة التفاوض حول الاتفاقية، منها عرقلة التنقل بين البلدين. وفي آب ، منعت السعودية إماراتيين من دخولها باستخدام بطاقات الهوية الخاصة بهم، تحت ذريعة أن البطاقة تحتوي على خريطة تظهر أراضي سعودية على أنها جزء من الإمارات. وفي السياق، تضمّن الكتاب السنوي الذي تصدره دولة الإمارات كل عام، في نسخة السنة الماضية، خريطة تظهر إعادة ضم خور العديد الى إمارة ابوظبي، وتمديد الحدود في منطقة الربع الخالي، بحيث تأخذ الإمارات ما نسبته في المئة من حقل الشيبة النفطي. ولاحظ متابعون لهذا الملف أن دولة الامارات قررت تعديل الخرائط الرسمية المتعلقة بالحدود، بحيث تؤكد ما تراه حقها في الخور وحقل الشيبة حسب التسمية السعودية، وزرارة حسب التسمية الإماراتية. كما أظهرت الخريطة تواصل الحدود البرية بين قطر وأبو ظبي، الأمر الذي يحدث للمرة الأولى منذ ثلاثين عاماً على الأقل. وتعكس هذه الخطوة إصرار حكومة دولة الإمارات على تثبيت الحدود رسمياً، وفرضها أمراً واقعاً، وقطع الطريق على أي مساومات أو وساطات في المستقبل. وقد ردّت السعودية في صيف بعرقلة حركة المرور البري بين البلدين، حيث بقيت مئات الشاحنات العابرة للأراضي السعودية تنتظر لأيام في قيظ شهر آب، كما أنها استمرت في عرقلة مشروع الجسر بين الإمارات وقطر، الذي اعترضت عليه رسمياً سنة بحجة أنه سوف يمرّ في أراضيها. لكن هذه الضغوط لم تثمر في تليين موقف الإمارات، التي ألّفت في نهاية السنة الماضية مجلساً خاصاً للحدود يتولاه ولي عهد إمارة ابوظبي، رئيس الأركان، الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، الذي عهدت إليه رئاسة اللجنة الحدودية المكلفة بالنزاعات الحدودية مع المملكة العربية السعودية، التي تضم حالياً وزير الداخلية الشيخ سيف بن زايد. وقد استندت الإمارات في مطالبها إلى نقطة جوهرية هي أن المجلس الوطني الاتحادي لم يصادق رسمياً على اتفاقية جدة حتى الآن، رغم أن السعودية سجّلت الاتفاقية لدى الامم المتحدة. وشهد الخلاف الحدودي في العامين الماضيين توترات متفاوتة الحجم، فتارة يقتصر على القنوات السرية، مع توافق ضمني على إبقاء الخلاف في حدود تلك القنوات، وتارة أخرى يتسرب الى الأروقة السياسية مع قدر قليل من العلنية، وتارة ثالثة يتفجّر بغتة مطلقاً العنان لطرفي النزاع في البوح بمواقف متشددة، وتارة رابعة يترجم الخلاف الى مواجهات عسكرية، على غرار ما حدث في آذار الماضي، حين تعرض زورق سعودي لهجوم زورقين إماراتيين، واحتجز فردان من حرس الحدود السعودي سلّما إلى سفارة بلادهما في أبوظبي. وتحدثت مواقع إلكترونية سعودية عن الحادث، قائلة إنه حصل في المياه الإقليمية السعودية، في منفذ أبو قميص الواقع على بعد كيلومتراً عن منفذ سلوى على الحدود السعودية ـــــ القطرية. وقالت مصادر إماراتية إن الزورق السعودي كان في المياه الاقليمية لخور العديد، الذي تصرّ دولة الإمارات على أنه امتداد لأراضيها ومياهها الإقليمية. وعلى أثر ذلك كثّف المسؤولون السعوديون زياراتهم للإمارات، وخصوصاً ولي العهد الامير
|
صار عندنا وزارة للشباب والرياضة حديثاً... تنقّل فيها وعليها وزراء وموظفون، وملفات واقتراحات ملأت فراغات وأزماناً، لكن لم تولّد برامج وحلولاً ولم تترك دراسات واستراتيجيات ومشاريع تنظيم متطور ينقل رياضات الوطن من حركة الفوضى والعبثية إلى أرجاء الحداثة العصرية.
|
كل وزير كان يأتي نشيطاً متأمّلاً، كان يدخل غرفاً مسكونة بمكاتب وأشباح تهمس في فراغات... فيصطدم بواقع مصدوم وملفات غبراء مكسّرة، ويحاول بناء قصور في الهواء ويغادر سريعاً غير آسف، لتبقى الرياضة مأسوفاً عليها. دخل الوزير الحديث، علي عبد الله، في عز الأزمات الصعبة، بين ألغام الظنون والحقيقة التي ضربت مفاصل الوطن ورياضاته، وطرق باب الهيكل، ووقف أمام طاولات الربا ليتأمل آثار التخلف، وسريعاً ألّف لجاناً استشارية خبيرة. فماذا حقق الوزير علي عبد الله...وماذا يريد بعد؟ خلال أكثر من عاماً من عملي الإعلامي، لم أرغب في مقابلة وزير لأسباب ظنيّة ، هذه المرة طلبتها أنا، ولقيت في صالون البهو ضيوفاً وحركة متنوعة، واستقبلني مستشاران، المهندس مازن رمضان والأستاذ مصطفى حمدان، ومَن يعرفهما يتصور ماذا يدور في الداخل. بدأ الوزير مرحّباً، وبدأت الحوار أنا أحمل معي أربعة عناوين الاتفاقيات مع طهران، المرسوم لتنظيم الرياضة، محطة تلفزيونية خاصة للرياضة وقضية جمهور ملاعب الكرة... لكن امتد اللقاء إلى عشرين عنواناً شاملاً، جعلتني تفاصيلها أثق بعبارة قلتها له و... سأختم بها. هي سبعة ملفات رئيسية متنوعة في التربية المدارس والجامعات ، وفي الثقافة المسرح والفنون ، والتنمية الإدارية، وذوي الاحتياجات، والضمان الاجتماعي، والإعلام ورعاية الطفولة والشيخوخة. وأضاف مذكّراً، وقد سبق أن اتفقنا على إنشاء بيوت شبابية تقدمة ، وبناء قاعات مقفلة للألعاب المناسبة ميني فوتبول، سلة، يد، مصارعة... . قدمنا الطلب إلى وزير الإعلام لاقتناعنا بضرورة إقامة محطة للنشاط الرياضي تكون الأولى في لبنان وتبث بدوام يومي كامل، وسنتابع هذا مع المراجع المعنية. توقفنا عند بندين مع اللجنة الأولمبية يتعارضان مع الشرعة الأولمبية حول العلاقة بين الوزارة والاتحادات الرياضية المحلية، ووجدنا نحن أن نعيد تدارس بعض البنود الأخرى ليكون التصحيح شاملاً. يدرك الموالون والمعارضون كم من المعارك المصلحية والسلطوية ترتكب عندنا باسم الرياضة وعليها، ليقع مصيرها بأيدي الحكم الخصم فتضيع الحقوق والحقائق. من هنا جاءت رؤية الوزارة في تشكيل لجنة التحكيم الرياضي ، وهي تضمّ قاضياً مفروزاً لها، وتتابع اجتماعاتها لتضع مرجعية لحلول كانت مستعصية. وأمام حزازير ملاعب الكرة المكتومة وضياع الجمهور حيالها، بين سماح للبعض ومنع لآخر، أوضح الوزير عبد الله أن الموضوع طرح أساساً بين الوزارة والمراجع الأمنية وصولاً إلى وزارة الدفاع، وعُرض على مجلس الوزراء وجرى التوافق عليه، لكن الانتكاسات الأمنية والاحتقان الداخلي منع اعتماده بنحو شامل ومنظّم. يُذكر أن الوزارة كانت قد طرحت عودة الجمهور تدريجاً بشروط معيّنة رفضها اتحاد اللعبة . وعلّق الوزير بأنه ينظر إلى الملاعب على أنها ساحات التقاء للشباب على اختلاف ميولهم، شرط ألّا تتحوّل إلى ساحات سلبية معاكسة. ... وبعدما سألت ما عندي، أضاف الوزير الشاب سلّة نشاطات مهمّة تأليف لجنة لمكافحة المنشّطات المحظورة، ولإجراء فحوص في حالات مختلفة. وأشار إلى إطلاق المشورة الشبابية والبطاقة الشبابية تتيح لحاملها دخول الأماكن الرياضية والثقافية وارتياد المؤسسات الاجتماعية . وقدم الوزير فكرة البرلمان الشبابي وهو يجمع لائحة من شاباً وشابة مناصفة وفي دائرة واحدة من سن إلى . ولم ينس أن يذكّر بتواضع تقديم المساعدات إلى غالبية النوادي وجميع الاتحادات. وكان ختام الحوار مسكاً عبر طرح خطة استراتيجية رياضية ـــــ شبابية شاملة لعشر سنوات قادمة، ستعلن يوم الثلاثاء في مؤتمر إعلامي عام. ... كانت هذه رؤية أولى، أكدت رغبتي في مقابلة أولى مع وزير رياضي، وكذلك معنى جملتي الأولى له قبل بدء الحوار هذه أول مرة أقابل وزيراً يسبق الرياضة . ... على أمل تنظيم رياضاتنا الوطنية وتطويرها لندخل ميدان الرياضة الوطنية الحديثة فعلاً أو...نعود إلى هيكل الفراغ للبحث من جديد.
|
وكشف تشخيص الفيروس أنه إنتاج إسرائيلي، لكنه فتح مجالات واسعة للتعاون بين أجهزة الأمن الإسرائيلية والغربية. ويقول ودورد إن أول من شخّص فيروس ستاكسنت مجموعة ألمانية، من خبراء الأمن الإلكتروني الصناعي، حلّلت الطريقة التي يعمل بها. وأكدت أنّ من الممكن أنه طُوِّر لمهاجمة محطة بوشهر النووية الإيرانية.
|
ويرى هالف لانغنر، الذي كان أول من كشف بالتفاصيل الهدف التدميري لـ ستاكسنت والنيات الخبيثة لمن ابتكره، أن الهجوم البالغ المهنية تطلَّبَ توافُر طواقم لإعداده تتضمن استخبارات سرية، عمليات سرية، ومهندسي تصورات، ومهندسي مراقبة الأنظمة واتصال عسكري... . وأضاف أن ستاكسنت هو هجوم إلكتروني يجري التحكم فيه في المئة، ويستهدف تدمير مركب صناعي في العالم الواقعي . وأردف لا يتعلق الأمر باستخبارات كما يدعي البعض. إنه هجوم تخريبي مئة في المئة . ويكشف لانغلر، في موقعه الإلكتروني، عن كود ستاكسنت الذي قام بتحليله، ويُبرِز بالتفاصيل كيف أنه يعمل مثل صاروخ إلكتروني مُوجَّه، وهو ما وافقه عليه ثلاثة من خبراء مرموقين في نظام المراقبة والأمن الصناعي في الولايات المتحدة، حلّل كل منهم أقساماً من ستاكسنت. خبراء آخرون لم يحللوا بأنفسهم ستاكسنت ، لكنهم يعترفون بنتائج الذين أجروا التحليل، ويتفقون مع نتائج لانغلر. وجاء في تحقيق أجراه صحافيان من مجلة لو نوفيل أوبسرفاتور الفرنسية، في عددها الصادر في الثاني من كانون الأول، أن ستاكسنت اكتُشف في حزيران الماضي، لكنه باشر عمله قبل عام ونصف عام. ومهمته هي التسلل إلى إمدادات التغذية الكهربائية في نوع معين من المحركات. فهو يسيطر على المحركات، ويغير سير عملها، ويرفع وتيرة سرعتها إلى أن تنفجر. وبعد بلوغ هدفه، يعيد الفيروس التيار الكهربائي إلى حاله السائرة اليومية، متخلصاً من آثار توغله الإلكتروني . وقال المدير السابق لبحث أنظمة المراقبة للأمن الإلكتروني في وزارة الطاقة الأميركية، مايكل أسانت، إن ما نراه مع ستاكسنت هو أول نظرة لشيء جديد لا يحتاج إلى مَن يوجهه من الخارج، لكنه على العكس، يستطيع مراقبة البنى التحتية الصناعية والنووية . وأضاف هو أول مثال مباشر على شيء ناعم، وقد حُوِّل إلى سلاح عالي الشخصنة، وجرى تصوّره وصنعه للعثور على هدف نوعي . ولم يتأخر جوناثان بوليت، وهو خبير في نظام مراقبة الأمن الصناعي، في القول أنا أميل إلى اعتبار ستاكسنت سلاحاً . وأضاف البحث الذي أنجزه لانغلر يكشف اختراقاً حاسماً في هجوم ستاكسنت يبرز هدفه التدميري، وهو ما يتفق عليه باحثون آخرون. إن هذا التقدم، الذي يسميه لانغلر أخذ بصمات إصبعية ، يدفع إلى القول إن ستاكسنت يمكن أن يوصف بسلاح تهديف . لقد حدد لانغلر قدرة ستاكسنت على أخذ بصمات إصبعية للنظام المعلوماتي، الذي يتسلل إليه كي يُحدِّد إن كان الأمر يتعلق بالآلة الحقيقية التي يريد برنامج الهجوم تدميرها. وإذا لم يعثر على ضالته، يترك النظام المعلوماتي الصناعي بسلام. إن التقاط البصمة الإصبعية لنظام المراقبة هو الذي يكشف أن ستاكسنت ليس نظاماً تجسسيّاً، لكنه بالأحرى برنامج هجوم ابتُكر كي يُحدث تدميراً. ويراهن لانغلر على أن المركز النووي في بوشهر كان هدف ستاكسنت، فكتب إن التشريح الذي نقوم به سيقودنا، بوضوح، إلى مسار الهجوم والمهاجمين. على المهاجمين أن يدركوا الأمر. خلاصتي هي أنهم سيغضبون، لكنهم لا يخشون دخول السجن . وإذا كان بوشهر هو بالفعل الهدف من الهجوم، فلأنه كان، قبل أي شيء، هدفاً مناسباً. ومن وجهة نظر الحكومات التي لديها مصلحة في تخريب البرنامج النووي الإيراني، فإن بوشهر ليس هو الهدف الأكثر أهمية، لكنه الأكثر سهولة في دخوله أمام العمال الروس. ويقول تحقيق لونوفيل أوبسرفاتور إن الغاية من الدودة الإلكترونية هذه تخريب مفاعلات ناتنز وعرقلة مساعي الجمهورية الإسلامية النووية . ويضيف ويقال إن ستاكسنت أبصر النور في إسرائيل، شمال تل أبيب، على مقربة من مقري الموساد وهيئة أركان الجيش الإسرائيلي، في مبنى حديث تشغله شركات معلوماتية. والأمر هذا معقول ولا يجافي المنطق. فمعظم الشركات العاملة في المبنى هذا أسسها نوابغ في المعلوماتية تدربوا في صفوف وحدة الاستخبارات العسكرية الموكل إليها تتبع الاتصالات وشؤون الحرب الرقمية. ومثل غيرهم، يعمل هؤلاء في سلك الاحتياط... ، على ما يقول أهارون ب.، عميل الاستخبارات الإسرائيلي السابق. ويكشف التحقيق عن أن أجهزة الاستخبارات الغربية وحدت جهودها لعرقلة المشروع النووي الإيراني. فـ القضية الإيرانية أطلقت ثورة ثقافية في الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية أمان ، وفي الموساد . وهي حملت قادة الأجهزة على المبادرة إلى التعاون الوثيق مع الاستخبارات الخارجية، سواء كانت صديقة أو لا، مخالفين عقيدتهم الاستخبارية التقليدية التي تعلي شأن العمل الأحادي من غير تنسيق مع آخرين ، على حد قول الصحافي الإسرائيلي رونن برغمان، الذي يعد كتاباً عن عمليات الموساد السرية. وفي فرنسا، كفّت الأجهزة الاستخبارية الفرنسية عن التنافس، وعززت التعاون في ما بينها لمواجهة تحدي المشروع الإيراني النووي، على ما يقول الخبير فرانسوا هيزبورغ صاحب كتاب إيران، هل هو خيار الأسلحة؟ . وفي أيلول الماضي، ذكرت وكالة رويترز أن إسرائيل طورت قدرات حرب إلكترونية باستطاعتها زعزعة أنظمة المراقبة الصناعية والعسكرية في إيران . وبعيداً عن فرضية التضليل التي قد تحكم هذه التسريبات الإعلاميّة، وعلى افتراض أن إسرائيل أرسلت حقيقة أول صاروخ إلكتروني عسكري يمكن التحكم فيه، فما هي النتائج التي ينطوي عليها الأمر؟ يجيب عن هذا السؤال بول ودورد بتحديد جملة من المعطيات ـــــ تنبيه إيران إلى أن كل منشآتها الصناعية عرضة للهجمات، وأنها ليست بعيدة عن تشرنوبيل أخرى. ـــــ إن إسرائيل، حتى وإن لم تعترف بضلوعها في ستاكسنت، تعبّر عن إرادتها في الانخراط في حرب إلكترونية من خلال استخدام ورقة رابحة استراتيجية. ـــــ إن إسرائيل، في ميدان الحرب الإلكترونية، من أهم القوى العالمية. ويشهد على الأمر تصديرها للعديد من دول العالم، حتى المتقدمة والصناعية منها، لأحدث التقنيات في هذا الميدان. ـــــ في عزّ السباق على التسلح الإلكتروني، يجب ألا نتخيل الأمر، كما كان الشأن في باقي سباقات التسلح الأخرى، حيث القوةُ تكمُنُ في القدرات أكثر مما تكمن في استخدام القدرات. ـــــ إذا كان العالِم النووي الباكستاني عبد القدير خان قد برهن على سهولة اشتغال شبكة انتشار نووي، لكون مواد خام مثل تلك التي تُستخدَم في الحرب الإلكترونية، هي بالتأكيد من المواد الأكثر سهولة في نقلها في الكرة الأرضية ـــــ الكود المعلوماتي ـــــ فهذا يعني، بصيغة ما، أن حقبة الحرب الإلكترونية ليست أكثر خطورة من حقبة الحرب النووية. ـــــ في هذا المشهد الاستراتيجي من الحرب الإلكترونية، يمكن أن يكون أخطرُ فاعِلٍ عبارة عن دولة صغيرة، عبارة عن قلعة متطورة جداً تشعُرُ بالتهديد، من كل دول العالم، تقريباً. لا تثق في حلفائها، بقدر ما يَحْذَر منها هؤلاء الحلفاء. وهي تَرى أنّ استقرارَهَا الخاص قد تعزَّزَ بفضل عدم الاستقرار الإقليمي. وترى ازدهار اقتصادها مقابل اقتصاد عالمي منتكس وتنظر، باحتقار، إلى مفهوم المجتمع الدولي. أليست هذه الصفات تنطبق على دولة إسرائيل؟
|
وقال متحدث باسم الشرطة، إن المتخصصين في المتفجرات يعملون حالياً على تفكيكها، ومعرف ما إذا كان الطرد يشبه اللذين انفجرا الأسبوع الماضي أم أنه عمل شبيه .
|
كذلك أُعلن اكتشاف طردين مشبوهين في سفارتي إمارة موناكو وفنزويلا لكنهما كانا إنذارين خاطئين حسب الشرطة. وتحدّثت وسائل الإعلام الإيطالية أيضاً عن اكتشاف طرود مشبوهة في سفارتي المغرب والدنمارك، لكن الناطق باسم الدرك لم يؤكد ذلك. يُذكر أن الأسبوع الماضي شهد انفجار طردين مفخّخين في سفارتي سويسرا وتشيلي في روما، ما أدّى إلى سقوط جريحين. وتبنّت الاعتداءين حركة فوضوية قريبة من الحركات المتطرفة اليونانية. ومنذ ذلك الحين، شُدّدت الإجراءات الأمنية حول البعثات الدبلوماسية في العاصمة الإيطالية. رويترز، أ ف ب
|
وردّ العراق اعتباره لخسارته أمام سوريا ـ السبت الماضي في مدينة السليمانية العراقية، وتغلب عليه بالنتيجة عينها أمس على ملعب العباسيين في دمشق أمام زهاء ألف متفرج في مباراة دولية ودية.
|
وسجل سلام شاكر علي هدف المباراة الوحيد في الدقيقة ، وقدم المنتخبان مباراة جيدة المستوى تميزت بالندية والسرعة من كلا الطرفين. يذكر أن منتخب سوريا سيلعب في معسكره التدريبي النهائي في الإمارات مباريات مع الهند وكوريا الجنوبية يومي و الجاري، ومع الإمارات في الثاني من كانون الثاني المقبل، فيما يلتقي العراق مع السعودية الثلاثاء المقبل في الدمام. وتلعب سوريا في النهائيات في المجموعة الثانية إلى جانب السعودية واليابان والأردن. أما العراق حامل اللقب القاري فيلعب في المجموعة الرابعة إلى جانب إيران والإمارات وكوريا الشمالية. وفازت الصين على مقدونيا ـ ، وسجل دينغ زهو جيانغ هدف المباراة الوحيد في الدقيقة من ركلة جزاء. وتلعب الصين في كاس آسيا ضمن المجموعة الأولى إلى جانب قطر المضيفة والكويت وأوزبكستان. وتلعب غداً، الكويت مع كوريا الشمالية في القاهرة على هامش معسكر المنتخبين، استعداداً للنهائيات. يعاني المهاجم الأوسترالي جوش كينيدي إصابة في الظهر قد تحرمه المشاركة في النهائيات القارية التي يلعب فيها منتخب بلاده ضمن المجموعة الثالثة التي تضم أيضاً كوريا الجنوبية والبحرين والهند. وأفادت وسائل الإعلام الأوسترالية بأن كينيدي يخوض جلسات العلاج الطبيعي يومياً، لكنه قد يحتاج إلى إجراء عملية جراحية بسبب آلام الظهر التي كان يعانيها قبل انطلاق كأس العالم في جنوب أفريقيا. وكان كينيدي واحداً من أفضل المهاجمين في القارة الآسيوية خلال العام الجاري، حيث سجل هدفاً لنادي ناغويا غرامبوس الياباني ليقوده إلى الفوز بلقب الدوري الياباني.
|
يلتقي اليوم فريقا الصداقة، وصيف بطل لبنان، والجيش، بطل سوريا، في مباراة ودية في كرة اليد ضمن استعداداتهما للبطولات المحلية، وذلك في قاعة مجمع عاشور الرياضي الساعة . وسيلعب الفريقان مباراة ثانية غداً في التوقيت عينه والمكان ذاته.
|
ويتطلع المدير الفني للصداقة الروماني أومير ايهام الى الوقوف على مستوى تشكيلته التي ستخوض غمار بطولة لبنان والتي تنطلق بعد أسبوعين تقريباً. يحل فريق الشباب حوش الأمراء ضيفاً على فريق الحكمة، اليوم عند الساعة . على ملعب غزير، ضمن المرحلة الثامنة إياباً من بطولة بنك ميد لكرة السلة. ويحتل الحكمة المركز الخامس برصيد نقطة من مباراة، والشباب أخيراً بـ نقطة من مباراة. أحرز كل من أوسكار بستاني من نادي هوبس ونتالي جبيلي من نادي مون لاسال بطولة النوادي الاتحادية في الريشة الطائرة لعام ، في القاعة المقفلة لنادي هوبس بمشاركة لاعباً ولاعبة من نوادي هوبس، مون لاسال، قصير، دنك، اليسار، المبرة والرياضي بيروت. وقد جاءت النتائج النهائية على النحو الآتي فئة الذكور فاز أوسكار بستاني مواليد وما دون ، وجاد فرج الله من مون لاسال مواليد وما فوق . ولدى الإناث نتالي جبيلي مواليد وما دون ، وميا نصر خنيصر من مون لاسال مواليد وما فوق . وفي زوجي رجال فاز الثانائي طوني شويري وباتريك الحاج مون لاسال على اوسكار بستاني ووليد ناصر هوبس ، وفي الزوجي المختلط فاز أوسكار بستاني ومنال نعمه هوبس على طوني شويري ونتالي جبيلي مون لاسال . اختتم نادي هوبس معسكره التدريبي في لعبتي كرة السلة وكرة القدم الذي نظمه على ملاعب النادي في بيروت وأنطلياس بمشاركة لاعباً ولاعبة في الفئات العمرية ـــــ ، ـــــ ، ـــــ ، ـــــ ، ـــــ ، ـــــ ، ـــــ ، ـــــ ، تخللته تمارين في اللياقة البدنية وتدريبات فنية ومباريات ودية بقيادة مدربين اختصاصيين بإشراف ربيع فرنسيس وأحمد سليمان. وشارك في المعسكر كل من اللاعبين عباس عطوي وبلال النجارين وزكريا شرارة وعبده طافح والأميركيان وليم بيرد وكالفين كايج مع المدير الفني لفريق الرجال بكرة السلة الأرجنتيني فوكاندو بيتراتشي. أنهى فريق الجامعة الأميركية ـــــ القاهرة لـ الركبي يونيون ، زيارته لبيروت بعد تلبية دعوة الاتحاد اللبناني للعبة، بخسارتين أمام تفاهم الأندية اللبنانية، فكانت الأولى أمام تفاهم ناديي بيروت الفينيقي والجمهور ـــــ ، والثانية أمام تفاهم أندية الجمهور والعهد والراية ـــــ .
|
لقد اختار المجرم الآثم توقيتاً مريباً لارتكاب جريمته، ليذكّرنا بأنّ جريمة مماثلة لا تزال في أروقة المحاكم بينما الجناة الحقيقيون يسرحون ويمرحون. هؤلاء الذين تسببوا بسياستهم، في خلق مناخ أشبه بغرف الغاز التي تنتظر أي شرارة لإحراق الوطن.
|
واختار المجرم زمناً عجيباً، بعدما أمّم سدنة النظام آخر مؤسسة ينفس فيها الشعب بعضاً من غضبه، ويحاول أن يدق أجراس الإنذار والتنبيه لعل عاقلاً هنا أو هناك يعود إلى الرشد. احتكر النظام مجلس الشعب بتزوير الانتخابات، بعدما أمّم المساجد واتحادات الطلاب ونوادي هيئات التدريس بالجامعات والنقابات العمالية، ومجلس الشورى والمجالس المحلية. وبعدما جمّد معظم النقابات المهنية، وفرض الطوارئ لثلاثين سنة متصلة على الشعب المسكين، إذا ببركان الغضب ينفجر من الإخوة المسيحيين الذين اضطرهم النظام وشجعهم على اعتماد الكنيسة ملجأ وحيداً لهم، ومعبّراً منفرداً عن مطالبهم. مطالب أصبحت طائفية وفئوية لأنّهم أيقنوا أنّ كلّ المنافذ إلى المطالب الشعبية والوطنية قد سدت. لا يمكن تحميل الأمن مسؤولية تامة عن الحادث ـــــ رغم التقصير الواضح والشديد. إنّ الأمن ينفّذ السياسات التي يكلف بها، وعندما يُحشد لتزوير الانتخابات فماذا يبقى لديه لحماية المواطنين؟ ولا يمكن أي عاقل أن يهمل دلالة الإدانات الخارجية من الفاتيكان والدول الأجنبية التي تبعث رسالة واضحة هي أنّ النظام الفاسد المستبدّ عاجز عن حماية المسيحيين. نسي هؤلاء أنّه عجز عن حماية كلّ المصريين. ماذا يجدي الآن رفض هذا التدخل المشؤوم في شأن داخلي بينما نترك الذين أتاحوا له القدرة على التدخل بالكلام تمهيداً للفعل في شؤوننا الوطنية؟ وإذا امتدّ بصرنا إلى ما هو أبعد، نرى أنّ سلسلة الاعتداءات على الإخوة المسيحيين انطلقت من العراق إلى مصر إلى نيجيريا، وأنّ الإعداد لهذه الاعتداءات الخطيرة لا يمكن أن يكون محلياً. ورغم اختلاف الظروف في كلّ بلد عن غيره، فإن الفاتيكان يتدخل ويعقد مؤتمراً للبحث في مشاكل مسيحيي الشرق الأوسط، ويدعو البابا الدول الأوروبية صراحة إلى حماية المسيحيين في بلادنا جميعاً، فالخطر لا يستهدف مصر وحدها، بل دولاً عربية عديدة لم تكن الأخيرة من بينها السودان. إلى أين تقودنا سياسة النظام وفشله في معالجة قضايا الأمن القومي؟ يؤدي ذلك إلى تهديد الوحدة الوطنية، وتمزيق النسيج الاجتماعي لمصر، واستشراء الفتنة بين المسلمين والمسيحيين، وتكريس الطائفية. وهذه ثمار مرة لسياسة النظام التي قامت على الاستبداد السياسي والفساد المالي والإداري والظلم الاجتماعي. وأدى كلّ ذلك إلى إنهاء دور المؤسسات المدنية والهيئات المجتمعية التي حاولت تخفيف آثار تلك السياسات الخطيرة. كلّ ذلك بينما يتبجح النظام بالمواطنة شعاراً وبالديموقراطية التي ازدهرت وأينعت، فكان قطافها من مقاعد مجلس الشعب لحزب واحد. كذلك تقودنا سياسة النظام إلى إهمال توفير موارد مصر المائية من النيل وترك السودان لمصيره المحتوم بانفصال الجنوب. وتأزم العلاقات مع إثيوبيا وبعض دول حوض النيل أدى في النهاية إلى مخاطر مائية شديدة الوطأة، في مرحلة يتنبأ المراقبون فيها باندلاع حروب المياه. كذلك قد نصل إلى تفكيك المجتمع وتهديد الاستقرار والتماسك بين فئاته، والإغداق على نسبة لا تزيد على بأموال طائلة وخدمات متميزة، وترك من الشعب يعيش على الكفاف أو ما دون الكفاف تحت مستوى خط الفقر. وقد نصل إلى إهمال المرافق والخدمات، وتمويل التعليم والصحة من جيوب الناس مع سياسة ضرائبية تقوم على الجباية في كل المجالات وخاصة من الطبقة الوسطى، من دون تقديم مقابل سياسي في انتخابات حرة أو مقابل خدمات في مجالات الصحة والتعليم والنقل وغيرها. وتقودنا السياسة تلك إلى تحالف غير معلن مع العدو الصهيوني لحماية أمنه وحدوده وتوفير الموارد الطبيعية كالغاز ومواد البناء لمستوطناته، وقتل العشرات الذين يحاولون الهجرة عبر الحدود إليه. كل ذلك أدى وسيؤدي، بسبب إصرار النظام على المضي في تلك السياسات، إلى كوارث متلاحقة ومصائب لن تتوقف. يجب أن نعلق الجرس في رقبة المجرم الحقيقي، وأن نقول بكل شجاعة، حتى لو انتهت التحقيقات إلى إعلان اسم الذي فجر القنابل أمام كنيسة القديسين وانتمائه، إنّكم تتحملون كل المسؤولية عن تلك الجريمة التي جرت في حق الوطن كله وليس في حق الإخوة المسيحيين . يجب أن نعلن بكلّ وضوح أنّ سفينة الوطن أوشكت على الغرق، وأنّ النظام الحاكم هو الذي يخرقها من كلّ جوانبها. يجب أن ينتبه الجميع إلى حجم الخطر وأن تتضافر الجهود لإنقاذ مصر من سياسات حزب فقد العقل والمنطق والضمير.
|
حفلة الافتتاح شهدت تكريم أبَوَيْ المسرح اللبناني، أنطوان ولطيفة ملتقى، على أن تتواصل عروض المهرجان حتى الجاري. مدير المهرجان المسرحي اللبناني جان داوود وعد بحدث ثقافي ضخم ، ستطاول شراراته مسارح مدينة طرابلس الشماليّة. أما البرنامج الفقير ـــــ كمّاً ونوعاً ـــــ فلا يترك مجالاً لأوهام كبرى. كأنّه تجميع لما طاولته أيدي المنظمين، لا يُشغل بتقديم صورة أمينة عن راهن الحركة المسرحيّة العربيّة.
|
لكنّ ما سبق لا يلغي حضور بعض المواعيد الدسمة، إذ تقدّم رندا الأسمر عرضاً من مسرحيّة نبيل الأظن فيفا لا ديفا عن نص هدى بركات هذا المساء ـــــ بابل، . ويشارك المخرج السوري أيمن زيدان بمسرحيّة راجعين المأخوذة عن نص للطاهر وطار هذا المساء ـــــ المدينة، . المعلم اللبناني روجيه عساف سيقدّم عرضاً من مدينة المرايا ـــــ دوار الشمس، . ويقدّم المهرجان العرض العربي الأوّل لـ سيليكون جديد المخرج السوري عبد المنعم عمايري ـــــ المدينة، . سيكون المهرجان مناسبةً للتفاعل بين الفنانين العرب ، يلفت جان داوود المنهمك بالاستعدادات. هذا على الأقلّ الشعار الذي ترفعه الندوات الفكريّة تجربة المسرح العربي بين النخبويّة والجماهيريّة . وفي البرنامج عرض لتجارب أربعة مسرحيين، هم انتصار عبد الفتاح مصر ، وجواد الأسدي العراق ، وعز الدين المدني تونس ، وروجيه عساف لبنان . ومن ضيوف المهرجان الممثلة المغربيّة لطيفة أحرار التي تعرّضت لحملات في بلدها أخيراً.
|
وأضاف كراولي إنّ الولايات المتحدة اتخذت قرارها بوقف جهودها في مجال التوصل إلى تمديد وقف الاستيطان بناءً على مناقشاتها مع الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي، لأنها رأت أن هذا التوجه في هذا الوقت لن يعود بالمفاوضات إلى الطريق الفعال، لذلك غيّرنا أساس جهودنا المستمرة.. بالانتقال إلى بحث القضايا الرئيسية .
|
وكان ليبرمان قد قال في وقت سابق من الأسبوع الجاري، إن التوصل إلى اتفاق سياسي بين إسرائيل والفلسطينيين يحتاج إلى عقد من الزمن على الأقل . وأضاف لدينا تعاون اقتصادي وأمني جيد مع الفلسطينيين، وعلينا مواصلة التعاون على هذين المستويين، وإرجاء الحل السياسي إلى عقد من الزمن على الأقل.. إنني أرى أنّ من المستحيل تسريع العملية السياسية بصورة اصطناعية.. بل ينبغي التقدم خطوة خطوة . من جهة أخرى، نقلت صحيفة واشنطن تايمز عن أعضاء رفيعي المستوى في حزب العمل الإسرائيلي، أنّ هناك الآن توافقاً في الآراء داخل حزب العمل الإسرائيلي على ترك الحكومة الائتلافية اليمينية التي يترأسها بنيامين نتانياهو، في الشهور المقبلة إذا لم يكن هناك تحرك في عملية التسوية. وأعلن وزير الشؤون الاجتماعية الإسرائيلي، إسحاق هرتسوغ أحد وزراء حزب العمل الخمسة في حكومة نتنياهو، وأول من أعلن ترشيحه ليخلف إيهود باراك في زعامة الحزب ، قائلاً نود أن نرى تحركاً في عملية السلام كعنصر رئيسي، وهذا هو مطلبنا ونأمل أن يتحرك نتنياهو والفلسطينيون قدماً إلى الأمام في عملية السلام. ما زلت أرى إمكان تنفيذ ذلك، وعلينا أن نتيح فرصة لتنفيذه، لكننا نتحدث عن نافذة صغيرة جداً من الفرص . وأضاف إنه مع ذلك فإن الصورة العامة تشير الى أن حزب العمل في طريقه إلى الخروج من الائتلاف. وذكرت الصحيفة أنّ هرتسوغ ووزراء حزب العمل الآخرين، انضموا الى الدعوة التي أطلقها وزير شؤون الأقليات الإسرائيلي، افيشاي برفرمان، وهو أيضاً يتطلع الى منصب زعامة حزب العمل، بتوجيه إنذار الى نتنياهو بشأن عملية السلام. ونقلت عن برفرمان قوله لقد دخلنا الحكومة لدفع عملية السلام ، مضيفاً إنه دعا باراك في آب الماضي إلى أن يوجّه إنذاراً الى نتنياهو بشأن المضيّ قدماً في المفاوضات المباشرة لأنه يرتكب خطأ. وقال برفرمان لقد قلت لباراك أنت وسيط بين نتنياهو والولايات المتحدة وستفشل في ذلك ، مشيراً الى أنّ باراك فشل في الواقع. ومرت ستة أشهر وما هي النتيجة ؟ لدينا حكومة يمينية وأنا أقول كفى .
|
وتوقّف أردوغان، في حديثة إلى وكالة الأنباء السوريّة سانا ، عند تطوّر العلاقات مع دمشق، في جميع المجالات الاقتصادية والمائية والسياحية والأمنية، كاشفاً أنّ حجم التبادل التجاري بين البلدين في الأشهر العشرة الأولى من هذا العام بلغ مليارين ومئة مليون دولار، بعدما كان ملياراً و مليون دولار مقارنةً بالعام
|
الماضي. ورأى أنّ التعاون الرباعي بين سوريا وتركيا ولبنان والأردن نموذج مميّز وأبوابه مفتوحة أمام جميع دول المنطقة ويسهم جديّاً وبفعّالية في تحقيق السلام والاستقرار ، لافتاً إلى العمل مع القيادة السورية لإزالة بعض العقبات التي تمنع أو تؤخّر تأليف حكومة الوحدة الوطنية في العراق. وعن المساهمة التركية المحتملة في مسار السلام الإسرائيلي ـــــ الفلسطيني، أجاب أردوغان أن فشل المساعي الأميركية لإقناع إسرائيل بضرورة تمديد قرارها السابق بتجميد بناء المستوطنات، هو مصدر قلق بالغ بالنسبة إلى تركيا. وعن المسار السوري، شدّد أردوغان على أنه يكتسب أهمية كبيرة للتوصل إلى حل نهائي، بدليل أنّ المسؤولين الإسرائيليين اعترفوا بأن تركيا أدت دور الوسيط النزيه في هذا الموضوع، مؤكّداً أنّ تمسّك سوريا بالعودة إلى المفاوضات عبر الوسيط التركي يعكس ويثبت الأهمية البالغة التي توليها لتحقيق السلام والاستقرار . أما بشأن العلاقات التركية ـــــ الإسرائيلية، وما هو المتوقَّع منها، فقال أردوغان لقد كانت هناك قبل فترة قصيرة مباحثات على مستوى رفيع بين وزارة الخارجية التركية وإسرائيل في جنيف، ولم يطرأ أيّ تغيير في المطالب التركية الخاصة بالعدوان الإسرائيلي على أسطول الحرية . في هذا الوقت، طرأت أزمة جديدة على خط أنقرة ـــــ تل أبيب عندما استدعت وزارة الخارجية التركية السفير الإسرائيلي في أنقرة غابي ليفي احتجاجاً على توقيع دولة الاحتلال اتفاقاً مع قبرص لترسيم الحدود البحرية بين الدولتين في البحر المتوسط لأنه سيكون له تداعيات سلبية على الجهود الجارية منذ عاماً لوضع حد لتقسيم جزيرة قبرص إلى شطرين يوناني وتركي ، على حد تعبير نائب وزير الخارجية التركي فريدون سينيرلي أوغلو. ويوم أمس، رفضت إسرائيل الاحتجاجات التركية، وذلك على لسان المتحدث باسم وزارة خارجيتها يغال بالمور، الذي أوضح أن هذا الاتفاق مسألة ثنائية بين إسرائيل وقبرص، ولا تؤثّر في أيّ طرف آخر . وتابع لقد أبلغنا تركيا بمفاوضاتنا مع قبرص التي جرت بكل شفافية . إلا أنّ مسؤولاً دبلوماسياً آخر طلب عدم الكشف عن هويته، استخدم لهجة أقل دبلوماسية، قائلاً إنّ الأتراك يبدون وقاحة، إذ انتقدوا اتفاقاً بحجة أنهم يحتلون القسم الشمالي من قبرص . سانا، أ ف ب
|
من ناحية أخرى، تصعب مقارنة الواقعية الإيرانية بالواقعية الاشتراكية التي سادت الاتحاد السوفياتي، إلى جانب الاختلاف الإيديولوجي، للموجة الإيرانية خصوصيتها، وعلاقتها مع إبقاء مسافة مبهمة من الخيال أحياناً. لكن بعض النقاد لاحظوا سمات مشتركة مع الواقعية الإيطالية الجديدة، كالتصوير في مواقع أغلبها عامة وفقيرة، من دون اللجوء إلى استوديوهات، واستخدام فنانين هواة، فيما تظهر الشخصيات مكافحة في حياتها اليومية.
|
عمل عباس كياروستامي من هذا المنطلق على منح خصوصية لأعماله ميّزته عن باقي الأسماء في الموجة الجديدة، ومنحته أبعاداً أخرى، وموقعاً خاصاً من الجدل الدائر. في لقطة مقربة ـــــ ، س ، يذوب الروائي في التسجيلي. وفي طعم الكرز ـــــ ، س الذي نال سعفة كان الذهبية، تصبح المسألة أكثر راديكالية. تقنياً، جرّد كياروستامي العمل وصولاً إلى المينيمالية، وغيّب الأسباب والدوافع، وركز على الرحلة ذاتها في بعدها الفلسفي. شخصية بادي غامضة وبعيدة عن المشاهد. ورغم مهمته المرتقبة وهي الانتحار، وتركيز الكاميرا على وجهه، إلا أن خدعة كياروستامي هي المحافظة على مسافة بين شخصيته والمشاهد، بين الأحداث السينمائية المتخيّلة وواقع المشاهد العاطفي التواق إلى إطلاق الأحكام. إن التوق إلى البقاء في تلك المنطقة المبهمة هو ما يؤكده في المشاهد الأخيرة الصادمة من الفيلم. جعفر بناهي قدم في العام نفسه المرآة ، ووضع المشاهد في ورطة أيضاً. مبكراً في الفيلم، يبادر المخرج، السجين حاليّاً، إلى قصّ الخيط تماماً، لتظهر مينا الطفلة الضائعة، توجه الكاميرا في الاتجاه المعاكس نحو بناهي وطاقمه... إلى أن يقرر بناهي ملاحقتها بالكاميرا مرة أخرى، واضعاً المشاهد في ورطة لمحاولة اكتشاف الفيلم داخل الفيلم والتفريق بين الواقع والمتخيل. من المؤكد أن الحفاظ على هذا الخيط الرفيع، أو تذويبه في سبيل توريط المشاهد أحياناً، يمنح السينما في إيران، في مرحلة ما بعد الثورة ميزة ومساحة للتأمل خارج إطار الواقع الإيراني سواء من الناحية الفنية حيث تذوب التقاسيم بين الروائي والوثائقي، أو الاجتماعية التي تتمثل في عدم فرض وجهة نظر على الجمهور المشاهد، حتى لو سمّيت واقعاً. يمنح ذلك البعد الإضافي للعين المتلقية، وخصوصاً الإيرانية، فرصة للتأمل في خطاب الفيلم ومناقشته ضمنياً أثناء التلقّي، فلا تفرض ثوابت معينة واقعية ولا حقائق مطلقة. ويبقى الخيال كنافذة مفتوحة دائماً يسهم فيها الجميع، سواء المخرج أو المشاهد.
|
وحافظ الحزب الحاكم على معظم الوزارات السيادية، فاحتفظ كمال مرجان بوزارة الخارجية، وأحمد فريعة، الذي عينه بن علي قبل ساعات من فراره، بوزارة الداخلية، ورضا قريرة بوزارة الدفاع. وأُلغيت وزارة الاتصال. وتقرر تعيين مصطفى كمال النابلي محافظاً للبنك المركزي التونسي. وضمت التشكيلة الحكومية أيضاً، عبد الحكيم بوراي، أميناً عاماً للحكومة و كاتب دولة مساعد وزير .
|
وأكد الغنوشي أن إعلان تأليف الحكومة سيفتح صفحة جديدة في تاريخ تونس، محذراً في الوقت نفسه من أنه لا تسامح مع من يريدون إعادة استعبادنا، ومع عصابات الإجرام . وشدّد على تطبيق مبدأ فصل الدولة عن الدين، وتعهد بالتحقيق مع أي شخص يشتبه في ضلوعه في قضايا فساد أو تمكن من جمع ثروة كبيرة في عهد الرئيس المخلوع. وأعلن الغنوشي تأليف ثلاث لجان وطنية هي لجنة عليا للإصلاح السياسي برئاسة عياض بن عاشور، ولجنة لاستقصاء الحقائق في التجاوزات المسجلة في الفترة الماضية برئاسة توفيق بودربالة، الرئيس السابق للرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان، ولجنة وطنية لاستقصاء الحقائق في قضايا الفساد والرشوة برئاسة عبد الفتاح عمر. وأكد حياد الإدارة، وأن تكون الكلمة الأولى والأخيرة للشعب. وتعهد بإطلاق سراح كل المساجين والموقوفين من أجل نشاطهم السياسي وإعداد قانون للعفو التشريعي العام. وبعد إعلان التشكيلة الحكومية، وردت أنباء عن تظاهرة حاشدة في الرديف. وكان قد تظاهر في وسط العاصمة قبيل إعلان التشكيلة الحكومية المئات من النقابيين والمواطنين للمطالبة بإقصاء حزب التجمع الدستوري الديموقراطي الحاكم. وقال نقابي تونسي من نقابة التعليم الثانوي إن هذه المسيرة دعت إليها نقابته بالتعاون مع نقابة التعليم العالي. وهتف المئات من النقابيين والطلبة والمواطنين المشاركين في المسيرة بالعزة للوطن و خبز وماء والتجمع لا ، في إشارة إلى الحزب الحاكم سابقاً. كذلك خرجت مسيرة مماثلة في مدينة سيدي بوزيد، مهد الاحتجاجات الشعبية التي أطاحت بن علي، ورفع المتظاهرون شعارات مشابهة. وانتشرت قوات الأمن والجيش لتفريق التظاهرة. وقال شهود إن قوات الأمن التونسية استخدمت الغاز المسيل للدموع وخراطيم المياه وأطلقت النار في الهواء في محاولة لفض الحشد. من جهة ثانية، أعلن المعارض التونسي، رئيس حزب المؤتمر من أجل الجمهورية العلماني اليساري المحظور، المنصف المرزوقي، ترشحه للانتخابات الرئاسية في تونس المقررة في مهلة أقصاها شهران. وقال لإذاعة فرانس إنفو الفرنسية سأكون فعلاً مرشحاً للانتخابات الرئاسية. لكنه تساءل هل سنبطل القانون الانتخابي الساري حالياً الذي أعدته الديكتاتورية من أجل الديكتاتورية؟ . الأخبار، أ ف ب، يو بي آي، رويترز
|
غضب من أجل الفرد ، ربما من دون وعي كامل بثقافة الحريات والحقوق الفردية، في مناخ لا يخلو من فاشية اجتماعية ترد على الاستبداد العنيف من السلطة. الأشواق إلى مواطن محترم تتسرب عبر أغنية رامي الدونجوان، وفرق راب مصري تغني لـ للثورة و الثورجية وللهبّات المتمردة على الظلم اليومي، تستعير مزاج ثورات أوروبية وأميركية، ذات طابع اجتماعي، يهتم بمواجهة مع الرمز المباشر للسلطة عسكري البوليس ببذلته السوداء، وأدواته المستوردة خصيصاً لقمع التظاهرات، وسطوته المعتمدة على خلطة الفساد والاستبداد، أو الرشوة والضرب.
|
حرب على الشارع بين شباب عينه على موديلات ١٩٦٨ والهيبيز، بما تفجره من طاقات، وبين قوات أمن مركزي متخصصة بمظهرها اليومي في وأد التظاهرات. المزاج الرومانسي منحته ثورة الياسمين هدية كبيرة، رد فعلها الأول كان اتفاقاً على موعد الثورة في ٢٥ كانون الثاني. اتفاق صادم، ومتعجل، ومتطرف في البحث السريع عن نسخة مصرية من ثورة الياسمين . الموعد يوم عيد الشرطة، وضد بلطجتها وانتهاكها المنهجي لحرية الناس في مصر وكرامتهم وحقوقهم. اختيار ذكي لكنه وليد الحماسة، أو رغبة في اصطياد العفوية ، التي كانت محرك الثورة التونسية . إنه الهوس بالشارع، والمواجهات المباشرة مع قوات أمن أصبحت مدربة منذ ٢٠٠٥ على حرب يومية، وتحتاج اليوم إلى خيال جديد، أكثر من الحماسة الجديدة. الحرب على الشارع في مصر لها تاريخ مختلف، منذ أن كسر حاجز الخوف في ٢٠٠٤، وتعاملت معه السلطات بذكاء لم يكن متوافراً في سلطة زين العابدين بن علي. بن علي رتب سلطته على الحيلة والبطش. الاحتيال بقي حتى حين ضعفت يد البطش، وهذا ما ظهر في خطاب الهروب الذي كان جزءاً مهماً في استكمال مشهد الثورة، حين خلا من نبل زعماء، وأسهمت تفاصيل الهروب وما تلاها من محاولة حرق تونس بميليشيات المافيا الحاكمة، في حرق جسور عودة الرئيس إلى عرشه. السلطة في مصر تعاملت من البداية بذكاء الموظف، حكمت الوعود بالظروف، ونفست الغضب عبر انفراجات قصيرة المدى، وفتحت الملعب أمام الجميع لتدخل المعارضة كلها اللعبة، لكنها وفق قانون السلطة وعبر صفقاتها. ترويض الغضب أفقد المعارضة قوتها الحيوية، وحاصرها في صفقة الوجود بخطاب مستأنس ، يراعي الخطوط الحمراء، والتوافق مع السلطة الغاشمة بسلاح البيروقراطية الناعم. لم تخرج المعارضة المصرية، كما حدث مع المعارضة التونسية التي كونت خطابها الحاد، بدون خطوط حمراء، في الخارج، وتواصلت معه قطاعات اعتمدت على ثورة الاتصالات. المعارضة المصرية احتفظت بخطابها المهادن في الأجندة الداخلي، والمتطرف في ما يتعلق بالقضايا الكبرى والانتماءات الدينية والقومية. بدت المعارضة المستأنسة فجوة سوداء تمتص جانباً حيوياً من طاقة قوى التغيير، بما فيها جماعة الإخوان المسلمين المعتمدة على نجاحها في استقطاب شرائح واسعة من باب أن الاحتجاج باسم الدين لا يتصادم مع سلطة تنافس على امتلاك القناع الديني للدولة. وبهذا النجاح وضعت نفسها بديلاً افتراضياً لنظام مبارك، تحت شعارات تداعب الحس الديني وتلعب على مشاعر اليأس من حياة محترمة، والبحث عن طريق للجنة. الجماعة في نوباتها المتراجعة توافقت مع مزاج السلطة، وأرخت قلاعها، وأربكت سفينة المعارضة، الجريحة أصلاً، برغبتها في القيادة حسب اتجاهات رياحها، ولم يبق أمامها الآن إلا تقديم نصائح للنظام لكي يتجنب الثورة الشعبية، كأن الجماعة تضخ الدماء في جسد يضربها بعنف. هكذا وصلت رائحة الياسمين إلى القاهرة والمعارضة التقليدية، جثث طافية فوق ماء يغلي. الطفو يبدو من بعيد، وأمام كاميرات الفضائيات، هي الحضور الحي لقوى التغيير. من هذه المسافة بين حكمة الجثث الطافية للمعارضة التقليدية وجنون غاضب لشباب يضرب موعداً للثورة على شبكات التواصل الاجتماعي، يتولد وعي جديد وصلته الهدية التونسية، ويحاول الآن فتح صناديقها، ليدرك أن التغيير ممكن، وإزاحة الجسد العجوز لأنظمة الاستعمار الوطني اقتربت، لكن ليس على طريق الاستنساخ، لكنها روح تبحث عن سياسة جديدة تحاول بناء دول، لا مستعمرات للحكام وحاشيتهم، يُلهون فيها الشعوب بمحاربة أعداء خارجيين، بينما العدو في الداخل أكثر خطورة.
|
والسؤال الذي طرح في باريس هل هو خطأ، غباء، أم سوء قراءة للوضع، ما جاء في تصريح وزيرة الخارجية الفرنسية ميشيل إليو ماري، عن استعداد فرنسا لتقديم مساعدة أمنية للدولة التونسية، في الوقت الذي تساقط فيه العشرات من القتلى والمئات من الجرحى؟
|
تقول الوزيرة نقترح أن تسمح مهارة قواتنا الأمنية، المعروفة في العالم بأسره، بحل القضايا الأمنية من هذا النوع. ولهذا السبب نعرض على البلدين الجزائر وتونس ، في إطار تعاوننا، العمل في هذا الاتجاه لضمان حق التظاهر، وفي الوقت نفسه ضمان الأمن . وحاول الناطق باسم وزارة الخارجية، برنار فاليرو، التخفيف من الفضيحة، فقال إن الأولوية الآن للتهدئة بعد تظاهرات أوقعت قتلى. وقد شدّدت وزيرة الخارجية على ضمان حق التظاهر، وفي الوقت نفسه الحفاظ على الأمن . تكْمن الخطورة في أن الوزيرة كانت على علم بما تقوله، إذ إنها قرأت الجواب عن سؤال برلماني من نص مكتوب. مواقف وزراء اليمين ذهبت إلى حدّ الدفاع عن نظام بن علي. ومن الأصوات التي استوقفت الرأي العام التصريح الذي صدر عن وزير الثقافة فريدريك ميتران. وليس سراً أن الوزير صديق قديم للنظام التونسي، ويقضي إجازاته في منزل خاص في مدينة الحمامات الساحلية، ومن هنا لم يكن مستغرباً أن يرى الوضع من زاوية مصلحته الخاصة هناك معارضة سياسية تونسية ، ولكنها لا تعبّر عن نفسها، كما تستطيع أن تفعل لو كانت في أوروبا. ولكن القول إن تونس ديكتاتورية متواطئة، ما يقال عادة، يبدو لي مُبالَغاً فيه . أما وزير الزراعة برونو لومير، فيرى أن الرئيس التونسي يتعرض لسوء فهم، وهو الذي أنجز الكثير لتونس . وأضاف، كأنه يجهل كل شيء، قبل الحكم على حكومة أجنبية، من الأفضل التعرّف إلى الوضعية على الأرض، ومعرفة سبب هذا القرار أو ذاك. ليس من حقي تقديم أي نعت للنظام التونسي . وعلى درجة أخفّ جاء موقف رئيس مجلس الشيوخ الفرنسي، اليميني جيرارد لارشير. فقد دان القمع في تونس، وطالب السلطات التونسية بضبط النفس، فيما الوزير فرنسوا باروان، المقرّب من جاك شيراك، تأسّف للعنف وطالب بالتهدئة، مؤكداً أن الحوار وحده الذي يتيح تجاوز المشاكل الاقتصادية والاجتماعية . إفراط نظام بن علي في القتل لم يحرج بعد الموقف الفرنسي الرسمي، حيث كرر رئيس الوزراء فرانسوا فيون لازمة القلق من الاستخدام غير المتكافئ للعنف ، ودعوة جميع الأطراف إلى ضبط النفس واختيار طريق الحوار . وقال فيون، رداً على سؤال خلال مؤتمر صحافي، إثر لقائه في لندن نظيره البريطاني ديفيد كاميرون، نحن قلقون للغاية من هذا الوضع، من العنف الذي تصاعد منذ بضعة أيام . وإذ تطرق إلى الإفراج عن بعض المتظاهرين، رأى فيون أنه ينبغي التقدم في هذا الاتجاه ، مؤكداً أن الحكومة الفرنسية تتدخل لإقناع السلطات التونسية بـ الالتزام في هذا الشأن. وقال أيضاً في ما يتجاوز مشاكل السياسة الداخلية، هناك مشكلة التنمية الاقتصادية، وثمة عمل يمكننا القيام به على المستوى الأوروبي لتوفير مساعدات للتنمية أكثر فاعلية . وبعدما أخذت تتوالى برقيات الدعم من شبيبة الحزب الاشتراكي الفرنسي للمتظاهرين التونسيين وللشعب التونسي، ضحايا القمع والديكتاتورية، بدأ قادة الحزب يغادرون صمتهم، وشدد الناطق باسم الحزب، بونوا هامون، على إدانة القمع. إن الجواب السياسي الذي يكمُن في إطلاق النار على الجموع هو أسوأ شيء . وأضاف لا يمكن الردّ على تطلعات الشبيبة الجزائرية والتونسية إلى العيش الطبيعي والسكن والشغل بالقمع . أما عمدة باريس، الاشتراكي برتراند دولانوي، وهو من مواليد تونس، فقد عبّر عن قلقه من الاضطرابات الجارية. ولم يشأ الجهر بمواقفه، مفضّلاً التلميح إلى أن دعمه للشعب التونسي لا يحصل من خلال تصريحات، بل عبر اتصالات مفيدة بين هذا الطرف وذاك، من خلال التشديد على لغة وموقف لا يتغيّران . لكنّ الموقف الأكثر حدّة هو الذي صدر أمس عن رئيس الكتلة البرلمانية للحزب الاشتراكي، الذي رأى أن رحيل بن علي لا مفرّ منه ، مديناً صمت فرنسا في مواجهة قمع أعمال الشغب من قبل نظام فاسد وأمني . وقال النائب الفرنسي أريد أن أعبّر عن تضامني مع الشعب التونسي الذي يتمرّد على الظلم الاجتماعي وعلى نظام فاسد وأمني أيضاً. يجب على فرنسا أن تدين القمع، وأنا شخصياً أدين القمع . وأضاف إنهم يطلقون النار على أناس وهناك قتلى ، وفي فرنسا لا نرى إلا الصمت . ورداً على سؤال عمّا إذا كان على الرئيس التونسي مغادرة السلطة، قال أعتقد أنه أمر لا مفرّ منه. يجب أن يرحل ، لكن في إطار حل ديموقراطي، لأنه إذا استُبدل بحل أقسى وأكثر استبداداً فسيمثّل ذلك كارثة . وانتقد النائب الاشتراكي تصريحات وزيرة الخارجية، التي حذرت من التشهير ، وتحدثت عن تعاون أمني ممكن بين فرنسا وتونس. وقال هذا هو الخطاب الرسمي للسلطات أمام النواب ... قول ذلك حيال شعب يعاني أمر غير نزيه . وتابع أن صوت فرنسا يجب أن يكون خطاباً واضحاً، وهي مرتبكة تماماً اليوم، كما لو أنّ علينا ترتيب ذلك مع بن علي ونظامه . أما الحزب الشيوعي، فيكفي قراءة صفحات صحيفته لومانيتي لمعرفة الموقف المنحاز إلى الشعب التونسي وانتفاضته تونس بن علي يَقْتُل . وفي السياق سار موقف حزب الخضر، الذي دان القمع الدموي للديكتاتورية التونسية الذي لا يُطاق ، وأن حكومة تطلق الرصاص الحي على شبيبتها لا يجب أن تحظى بدعم الحكومات الأوروبية .
|
تغلب الرياضي قيتولي على ضيفه المعني صيدا ، ، ، في المباراة التي جرت بينهما في مجمع الرئيس لحود، في افتتاح المرحلة الخامسة من بطولة لبنان للكرة الطائرة. قاد المباراة الحكمان الدولي بسام الجميل والاتحادي بيار الجميل. وتتابع المرحلة اليوم وغداً.
|
وكانت اللجنة الإدارية للاتحاد قد عقدت جلستها الاسبوعية أول من أمس برئاسة رئيس الاتحاد جان همّام، وبحضور غالبية الاعضاء. وقرر المجتمعون الموافقة على طلب رئيس لجنة المسابقات الياس طايع نقل جميع المباريات الباقية من ملعب الحريري في صيدا الى مجمع ميشال المر بسبب الاشغال الجارية في الملعب، والمشاركة في دورة الألعاب الرياضية العربية في قطر بمنتخب الرجال وفريقي رجال لمسابقة الكرة الطائرة الشاطئية، وعدم الموافقة على كتاب الاتحاد الدولي للعبة، المتضمّن مساهمة بقيمة عشرة آلاف دولار أميركي كتجهيزات، من ضمن المشروع المقدّم من الاتحاد اللبناني الى الاتحاد الدولي بعنوان تحفيز النشء الطالع وإجراء بطولات الصغار ومنتخبات المحافظات للصغار بكلفة إجمالية قدرها ألف دولار على مدى سنتين، إقرار برنامج بطولة السيدات على أن تبدأ البطولة في شباط المقبل، وأخذ العلم بمتابعة مكتب الاتحاد إعداد الدورة المدرسية التي ستنطلق في آذار المقبل بمشاركة ثماني مدارس هي المون لاسال، ثانوية المتن الشمالي، الحكمة برازيليا، القلب الأقدس، ثانوية جبيل الرسمية، القلمون الرسمية، انترناشيونال سكول بترومين الكورة والإنجيلية صيدا ، والموافقة على صرف مساهمة بقيمة عشرة آلاف دولار لكل من ناديي الأنوار والزهراء لمشاركتهما في بطولة الأندية العربية.
|
وحظرت الشرطة المصرية على المدير العام السابق للوكالة الدولية للطاقة الذرية، محمد البرادعي
|
، مغادرة منزله، على خلفية مشاركته إلى جانب رئيس حزب الجبهة الديموقراطية أسامة الغزالي حرب، في احتجاجات جمعة الغضب وسط القاهرة، وذلك غداة وصوله إلى مصر وطرح نفسه بديلاً محتملاً لحسني مبارك. ويأتي وضع البرادعي في الإقامة الجبريّة بعدما استبقت السلطات الأمنية جمعة الغضب بشنّ حملة اعتقالات ضد أعضاء تنظيم جماعة الإخوان المسلمين، ظناً منها أنها تستطيع بذلك إحباط التظاهرات، بعدما أعلنت الجماعة أنها ستشارك بفعّالية في الاحتجاجات على عكس يوم الثلاثاء الماضي، عندما قررت عدم الانضمام إلى المحتجين . وأكد محامي الجماعة، عبد المنعم عبد المقصود، اعتقال عشرين عضواً على الأقل من جماعة الإخوان المسلمين، مشيراً إلى أن من بين الأشخاص الذين اعتُقلوا من منازلهم خمسة نواب سابقون، وخمسة أعضاء في المكتب السياسي، أبرزهم عصام العريان ومحمد مرسي. في هذه الأثناء، شنت السلطات حملة اعتقالات واسعة في صفوف المتظاهرين، مستغلة اندساس عناصر أمنية بلباس مدني بين المحتجين، وسط دعوات من منظمة العفو الدولية إلى السلطات من أجل العمل على كبح جماح قواتها الأمنية لمنع لمنع إراقة المزيد من الدماء. وفيما أكّدت منظمة العفو الدولية أنه لا يمكن السلطات الاستمرار في الاعتماد على قانون الطوارئ المطبّق منذ عاماً، لفرض حظر شامل على التظاهرات العامة ومنح صلاحيات واسعة لقواتها الأمنية لاعتقال المتظاهرين، أعلنت مفوضة الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان نافي بيلاي، أمس أن السلطات المصرية اعتقلت أكثر من ألف شخص، منتقدة تعامل السلطات مع المتظاهرين، وداعيةً مصر إلى أن تسمح بالتظاهر دون خوف، وأن تكف عن محاولة إسكات المعارضين. كذلك دعت إلى إنهاء قانون الطوارئ الذي قالت إنه يمثّل السبب الجذري لكثير من الإحباط والغضب الذي يشتعل الآن في الشوارع . وأضافت أدعو الحكومة إلى اتخاذ إجراءات ملموسة لضمان الحق في حرية التجمع السلمي، وحرية التعبير، بما في ذلك إعادة الاستخدام الحر للهواتف المحمولة وشبكات التواصل الاجتماعي . وطالبت بيلاي، وهي قاضية سابقة في الأمم المتحدة لمحاكمات جرائم الحرب، السلطات المصرية بالتحقيق في ادعاءات الإفراط في استعمال القوة، التي أدت إلى مقتل خمسة مدنيين على الأقل، مشيرةً إلى أن قمع أصوات المواطنين وإسكات المعارضة وخنق الانتقادات لن تؤدي جميعها إلى انتهاء المشاكل . ودعت الحكومة المصرية الى إعادة الاتصالات الهاتفية والشبكات الاجتماعية الى العمل ، في وقت دعا فيه الاتحاد الأوروبي الى الإفراج الفوري عن المتظاهرين المعتقلين في مصر. وطالبت وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي كاثرين اشتون، السلطات المصرية بالعمل على إطلاق سراح كل المتظاهرين الذين اعتُقلوا خلال التظاهرات الأخيرة على الفور ومن دون شروط ، مؤكدةً أنّ الاستخدام المتواصل للقوة ضد المتظاهرين من جانب الشرطة وقوات الأمن أمر مقلق للغاية .
|
هكذا ينتقد أمين اسكندر، عند الأقباط، الاتجاه نحو العزلة الذي يعمق الطائفية، ولا يقدم أي حل عملي. التربية الكنسية ومدارس الأحد، سبب رئيسي للانكفاء والعزلة. اقتصار نشاط الأقباط على الأنشطة الكنسية والدينية، عوضاً عن الانخراط المباشر في كل مناحي الحياة السياسية والاجتماعية، يخلق مسافة بينهم وبين المجتمع. مقاومة التمييز يجب أن تكون عبر الممارسة المباشرة، ومهما تكن العراقيل .
|
ما يتحدث عنه أمين اسكندر هو بالضبط ما مارسه خلال حياته. كان طالباً في معهد المساحة في مطلع السبعينيات، حين ترشّح لرئاسة اتحاد الطلاب. يومها، استخدمت الإدارة الدعاية ضده، وكانت كلّها تقوم على أنّه مسيحي. مع ذلك، نجح في دورتين متتاليتين. كان الحديث عن المصالح الجماعية للطلاب، والانحياز لقضاياهم أقوى من الدعاية الطائفية . لا تخلو حياة هذا المناضل الناصري من مفارقات ملفتة. كان قد بدأ حياته السياسية في تظاهرات نهاية الستينيات المعارضة لعبد الناصر. بدايةً، كنت أتفرج على التظاهرات المنددة بالنكسة، وكنت حانقاً على عبد الناصر بسببها، وأتذكر من تلك المرحلة جاري المجنّد العائد من سيناء سيراً على الأقدام. لكن عندما تنحى عبد الناصر، خرجنا أنا وجاري هذا في التظاهرات التي طالبته بالبقاء . كان اسكندر في السابعة عشرة، عندما نظّم تظاهرة تضامن مع منظمة التحرير الفلسطينية عام ، في مدرسة الخديوي إسماعيل الثانوية . نشاط أوصله إلى قسم الشرطة، وعوقب عليه بالرسوب في الإمتحان لم يمنعه هذا من الانتماء إلى الناصرية بكل إخلاص، ليس كمستفيد من النظام، لكن كمؤمن بمشروع سياسي. لم أنخرط في أي مؤسسة من مؤسسات النظام الناصري، وانتمائي للناصرية جاء بعد هجوم نظام السادات على المشروع الناصري . هذا الانتماء صار قناعة راسخة عند الرجل. الاستقلال، والعدالة الاجتماعية، والحرية، هذا هو جوهر المشروع الناصري. ليس المقصود استنساخ التجربة الناصرية، فلا ينبغي الحديث اليوم عن ضباط أحرار، لكن عن مواطنين أحرار، وعن حركات شعبية مؤمنة بالنضال والعصيان ومواجهة الاستبداد . لم يعترف أمين اسكندر بالتمييز على أساس ديني في قضايا النضال السياسي، فعامله النظام بمساواة، وأعطاه حصّته الكاملة من... الاعتقال والاضطهاد. اعتقل عام على خلفية انتفاضة الخبز، وعاد إلى السجن عام ، ثمّ أثناء انتخابات مجلس الشعب عام ، واعتقل أيضاً في قضية التنظيم الناصري المسلح عام . شوط طويل قطعه أمين اسكندر الذي ولد في السويس عام ، والتحق بالمدرسة الابتدائية في منفلوط في صعيد مصر، وشب في حي شبرا الخيمة في القاهرة، ونشط في الحركة الطلابية في السبعينيات، وناضل ضد التطبيع. إلى جانب الاضطهاد التقليدي من النظم الاستبدادية للمناضلين، واجه محاولات التمييز على أساس ديني، لكنّه واجه هذا وذاك بالإصرار نفسه. مع ذلك، يرفض الحديث عن العمل السياسي بمصطلحات التضحية، ونكران الذات. أنا لا أتعاطف أبداً مع الذين يتحدثون عن تضحياتهم، وما دفعوه من ثمن في سبيل مبادئهم. النضال مسألة اختيارية، لا يجبر عليها أحد. وأنا أقول بمنتهى الوضوح، إنّ السياسة أعطتني أكثر بكثير مما أخذت مني. ما التضحية التي يمكن أن أتحدث عنها في حياتي السياسية؟ السجن والاعتقال والاضطهاد؟ كنت سأواجه كل ذلك وأكثر حتى من دون أن أنشط في العمل السياسي. السياسة أعطتني قيمتي ووجودي. أنا ابن موظف غلبان في الشرطة، كان ينتقل من محافظة إلى أخرى سعياً وراء لقمة العيش... وها أنا اليوم لي قيمة ووجود، ما كانا ليتحققا لولا نشاطي السياسي . تشعّب عمل اسكندر السياسي بين تنسيق الحملة الشعبية ضد التطبيع والصهيونية، والترتيب مع ناشطين آخرين لبدايات حركة كفاية عام ، كما كانت له تجارب عدة في تأسيس أحزاب ناصريّة، آخرها حزب الكرامة وهو حزب قومي عربي، تحت التأسيس، ويشغل فيه حالياً موقع وكيل المؤسسين. إضافةً إلى جهده الحركي، أصدر كتباً وأبحاثاً عدة، آخرها نقد التجربة الناصرية رؤى من الداخل مركز المحروسة للنشر ــــ . قدرته على النقد وعدم الانسياق الأعمى وراء النصوص الجامدة، جعلاه أكثر قبولاً للتنوع والاختلاف. فالمناضل الذي يتصدى للتمييز الطائفي بالهجوم لا بالدفاع، لا يتردد في نقد التجربة الناصرية. إنه يرى فيها مشروعاً ناجزاً إن لم تتحوّل إلى ممارسات دوغمائية وقوالب جاهزة . بهذه الروح والمنطق، يستمر اليوم أمين اسكندر في نضاله ضد الاستبداد والفساد والتبعية. الفتى الذي تظاهر في نهاية الستينيات لدعم منظمة التحرير الفلسطينية ، ما زال يناضل ضد التطبيع. غضبه من عبد الناصر بعد النكسة، لم يمنعه من التعلق بآمال التحرر والعدالة والاستقلال. هكذا، وعلى الصفحة المخصصة له على فايسبوك ، يختار القيمون على الصفحة استقبالك بقصيدة صلاح جاهين فارس وحيد جوّا الدروع الحديد رفرف عليه عصفور وقال له نشيد منين... منين... ولفين لفين يا جدع قال من بعيد ولسه رايح بعيد... .
|
ليست المرّة الأولى التي يتغذّى فيها النظام المصريّ من دماء شعبه. وليست المرّة الأولى التي يمارَس فيها العنف ضدّ المصريّين. الفارق هو أنّ السلطة حين تصبح عاريةً، يصبح عنفها عارياً. تماماً كما انتقلنا من القوانين الانتخابيّة المجحفة إلى التزوير الانتخابي، ومن الاستغلال الاقتصاديّ إلى النهب المنظّم، ها نحن ننتقل من اللباس الرسميّ للشرطة إلى البلطجيّة والخيول والجِمال والعصيّ والسكاكين والمولوتوف.
|
وكلّما نظر الرئيس إلى نفسه في المرآة ووجد أنّه يتحوّل أكثر فأكثر إلى مومياء محنّطة، سيزداد لجوؤه إلى العنف. وهو عنف لن توجَّه سهامه إلى المتظاهرين وحسب، بل إلى التاريخ المصري برمّته. والمحاولات المتكرّرة لحرق المتحف ونهبه تشهد على ذلك. فلا يتحمّل الرئيس وجوداً لمصر من دونه، ولا يتحمّل تاريخاً لمصر لا يمجّده. بدا ذلك هاجس حسني مبارك الأوّل في خطابه الليليّ أوّل من أمس. ولعلّ اللعبة الأشدّ خطورة تبدأ حين يقترح الفرد على نفسه مواجهة مع التاريخ. انتقل مبارك إذاً من مرحلة الديكتاتوريّة إلى مرحلة الجنون. على أحد ما أن يوقفه عند حدّه. أن يتقدّم لينفّذ سيناريو زين العابدين بن علي مثلاً. يدخل إلى مكتب الرئيس ويبلغه انتهت اللعبة، هذه تذكرة سفرك إلى المملكة العربية السعودية. وفي الانتظار، يمكن الاستمتاع بمراقبة الناطقين باسم الإدارة الأميركيّة يكدّون عرقاً كلّما خرجوا للتحدّث أمام الصحافيّين. يستخدمون جميع أنواع العبارات التي تعني الشيء ونقيضه، والتي تسير على حبال الكلمات الحذرة. لكنّ الموقف تحوّل فكاهياً أخيراً. فوزيرة الخارجيّة هيلاري كلينتون طالبت بمحاسبة المسؤولين عن العنف. ربّما كان الصمت الأميركي أجدى. فقد أعاد الشعبان التونسيّ والمصريّ تذكيرنا بأنّ الديموقراطيّة تحقّقها انتفاضات الشعوب. والمتظاهرون المصريّون يعرفون كيف يوقفون جنون مبارك. فرغم كلّ شيء، ما زالوا صامدين في ميدان التحرير وفي ميادين أخرى. وأصواتهم بدأت تملأ العالم العربي، من مستنقع الشرق إلى شرق جديد .
|
إعلان من عمر سليمان بالغ الدلالة، يوحي بأن مبارك قد لا يظهر في الصورة بعد اليوم، وخاصة أن عائلته وحاشيته قد غادروا مصر على ما تفيد المعلومات، فضلاً، طبعاً، عن حقيقة أن الشعب المصري ربما سمع صوت مدير استخباراته أمس للمرة الأولى، في تجربة لم تكن مشجعة، على ما عبّرت عنه ردود فعل المتظاهرين.
|
ولا يمكن، بطبيعة الحال، فهم أهمية هذه الخطوة، إلا بوضعها في سياق تطورين اثنين الأول، إعلان الجيش المصري الصريح انحيازه إلى الشعب ومطالبه الشرعية ، مرفقاً بتعهد بعدم إطلاق النار على المتظاهرين في أي ظرف كان. أما الثاني، وهو ما كشفت عنه وكالة أسوشييتد برس ومفاده أن الرئيس باراك أوباما قرر إرسال السفير الأميركي السابق لدى مصر، فرانك ويسنر، مبعوثاً رئاسياً خاصاً إلى القاهرة لحثّ مبارك على القيام بالإصلاح المطلوب، مرفقاً بتأكيد مسؤولين أميركيين أن إدارة أوباما تفضّل ألّا يترشح الرئيس مبارك مجدداً إلى انتخابات أيلول المقبل، وذلك في ظل أنباء عن أن وحدة من قوات مشاة البحرية مارينز وُصفت بأنها مدجّجة بالسلاح قد أُرسلت إلى القاهرة لحماية السفارة الأميركية التي يقال إنها من أكبر السفارات الأميركية في العالم. ذلك كله حصل عشية تظاهرة مليونية توعّد بها المتظاهرون اليوم، في ظل محاولات من قبل السلطات لعرقلتها عن طريق تعطيل حركة النقل بين المحافظات والعاصمة، متناسية أن القاهرة وحدها يقطن فيها مليون مصري، على ما أفاد نشطاء في المعارضة. ولعل أكثر الإجراءات لفتاً للنظر، نشر السلطات المصرية وحدات عسكرية في سيناء، بضوء أخضر إسرائيلي، خلافاً لما تنصّ عليه اتفاقية كامب ديفيد، فضلاً عن الحملة الدبلوماسية الدولية التي أطلقتها الدولة العبرية دعماً لاستقرار نظام مبارك، مرفقة بانتقاد لإدارة أوباما بسبب تخلّيها عنه. أما أكثر التصريحات إثارة للسخرية، فتلك التي تحدثت عن تعهد محمد البرادعي بحماية الرئيس المصري وبعدم ملاحقته قانونياً إذا تنحّى عن السلطة طواعية. وتتحدث معلومات فرنسية المصدر عن اقتناع تكوّن لدى المعنيين الرئيسيين بالملف المصري بضرورة رحيل مبارك. وتضيف أن هذا الأخير أصرّ خلال الأيام القليلة الماضية على مغادرة البلاد، لكنه بقي فيها بضغط أميركي وبعض رجالاته، من أجل إفساح المجال لترتيب الوضع الداخلي والتمهيد لتولّي عمر سليمان مقاليد الحكم. وهذا ما يفسّر الإعلان الذي صدر عن الأخير مساء يوم أمس. ولم يتضح بعد ما إذا كان عمر سليمان والجيش يقفان في الخندق نفسه، وخاصة أن ما صدر عنهما يبدو متناقضاً للوهلة الأولى. والرأي الغالب يتحدث عن أن سليمان إنما يمثّل الحرس القديم للنظام، فيما المؤسسة العسكرية تحاول أن تؤدي دوراً منفصلاً، علماً بأن مدير الاستخبارات ووزير الدفاع محمد طنطاوي لطالما عُدّا من أوفى رجالات مبارك. ولعل ما حصل قبل أسابيع، يوم هوى مبارك عن المنصة أثناء إلقائه خطاباً في مجلس الشعب، أبرز دليل على ذلك. وقتها لم يُسمح سوى لسليمان وطنطاوي بدخول غرفة مبارك. حتى ابنه جمال مُنع من الدخول، فيما كان الجيش قد انتشر، خلال دقائق من السقطة، في التقاطعات الرئيسية في القاهرة وحول المؤسسات الرسمية من مجلس الوزراء والبرلمان، إضافة إلى الإذاعة والتلفزيون. حادثة جعلت رجالات الدولة يؤكدون، قبل اندلاع ثورة النيل، أن الناخب الأول الذي سيحدد خليفة مبارك ليس سوى الجيش ومديرية الاستخبارات، مستبعدين أي إمكانية للتوريث. ويوضحون أن الفئات المهيمنة في المجتمع المصري تضمّ كبار ضباط الجيش الذين صاهروا كبار رجال الأعمال ومعهم كبار البيروقراطيين وديناصورات الحزب الحاكم، حتى قيل وقتها إن خليفة مبارك سيكون على الأرجح ضعيفاً، ليس أكثر من واجهة لأوليغارشية مهيمنة مهمته إدارة مصالحها. ما حصل في خلال الانتخابات التشريعية الأخيرة، من انقضاض للحرس القديم على مجموعة جمال مبارك من رجال الأعمال، واستعادة الدفة منها، لم يكن ليغير من المعادلة شيئاً. انتخابات بلغ التزوير فيها حداً اضطر فيه الحزب الحاكم، في الدورة الثانية، إلى التزوير لمصلحة مرشحي المعارضة، ويرى البعض أنها كانت أحد الأسباب الرئيسة التي أدت إلى اندلاع ثورة النيل. غير أن التطورات الأخيرة، التي لم تكن في الحسبان، فرضت على الجميع حسابات من نوع آخر، كانت حصيلتها تصدّر عمر سليمان المشهد، على ما ظهر في كلمته المتلفزة أمس. قال، بصوت جاف حملته ملامح أكثر قساوة من الصخر، أن مبارك كلّفه بفتح الحوار حول كافة عناوين الإصلاح، خصوصاً السياسي والديموقراطي منه . وأضاف أن مبارك شدّد على ضرورة بتّ قرارات محكمة النقض بالطعون المقدمة بحق النواب الـ من الحزب الوطني الحاكم بنحو سريع وعادل لإعادة الانتخابات في الأسابيع المقبلة . كذلك نقل سليمان تعهُّد الرئيس بأنه في غضون أيام، سيصدر بيان الحكومة الذي سيتضمّن سياسات واضحة لاستعادة الثقة بالاقتصاد المصري وللحد من البطالة والفقر والفساد . وكان متحدث رسمي باسم وزارة الدفاع قد أكد، في بيان تلاه في وقت سابق، إلى شعب مصر العظيم ، أن قواتكم المسلحة، إدراكاً منها لمشروعية مطالب الشعب وحرصاً منها على القيام بمسؤوليتها في حماية الوطن والمواطنين، كما عهدتموها دائماً، تؤكد أن حرية التعبير بالطرق السلمية مكفولة للجميع . ولا بد من الإشارة هنا إلى أن المؤسستين العسكريتين الوحيدتين اللتين تحظيان باحترام الشارع المصري، بل مثار فخر وعزة بالنسبة له، هما الجيش الذي يقوده المشير محمد حسين طنطاوي، ومديرية الاستخبارات التي يقودها عمر سليمان. الأول، بسبب الحروب التي خاضها في أكثر من مكان، وخاصة في مواجهة إسرائيل وعبور قناة السويس وتحرير سيناء، ولكونه لم ينخرط، كقوات الشرطة والأمن المركزي، في القمع والتعذيب. أما الثانية، فبسبب شهرتها العالمية، منذ إنشائها أيام جمال عبد الناصر، ولكونها لم تتدخل يوماً في السياسة الداخلية، خلافاً لجهاز أمن الدولة الذي نغّص على المصريين حياتهم إلى الحد الذي باتوا يحلمون به في نومهم الاستخبارات لا تتدخل في الشأن الداخلي إلا عند المفاصل المصيرية . من هنا، فإن الوجهة التي ستتخذها كل من هاتين المؤسستين ستكون بالغة التأثير على مسار الأمور. وترى الولايات المتحدة في الجيش المصري حليفاً استراتيجياً لها، على اعتبار أن معظم ضباطه قد تخرجوا من أكاديمياتها العسكرية عدا عن الـ . مليار دولار من المساعدات السنوية التي يحصل عليها منها وانتشار المستشارين الأميركيين في ألويته وقطاعاته. أما إسرائيل فترى في جهاز الاستخبارات، وخاصة في مديره عمر سليمان، ضمانتها في التزام النظام المصري بمسيرة كامب ديفيد. غير أن رجالات النظام السابق من العالمين بخفايا الأمور يؤكدون أن كل هذه الأقاويل ليست سوى سياسة نظام وليس العكس، مؤكدين أن العقيدة العسكرية المصرية تحدد التهديدات الاستراتيجية وفق الأولويات التالية إسرائيل فالسعودية فإيران، وهي ملفات في أيدي جهاز الاستخبارات. ويضيفون أن موضوع السيادة بالنسبة لهاتين المؤسستين قضية لا يمكن المزاح فيها، وأي منهما لن تقبل التعدي على الأراضي المصرية بأي طريقة كانت . وإذا كانت مديرية الاستخبارات قد حسمت توجهها بدعم تولي رئيسها لمقاليد السلطة على ما يظهر، فليس واضحاً بعد ما سيكون عليه موقف الجيش. وكان لافتاً أمس رفض المعارضة المصرية للحكومة التي أعلنت تشكيلتها قبل ظهر أمس وضمت وزيراً جديداً و قديماً، بينهم طنطاوي ووزير الخارجية أحمد أبو الغيط. ولعل أكثر المواقف حدة تلك التي صدرت عن جماعة الإخوان المسلمين التي دعت إلى استمرار التظاهر حتى يترك النظام كله السلطة برئيسه ووزرائه وبرلمانه . هذا الموقف يبرّره حجم العداء الذي يكنّه سليمان للجماعة، والذي حمله معه إلى نظيرتها الفلسطينية، حماس . رفض يفترض أن يعّبر عنه الشارع المصري اليوم بتظاهرة مليونية في ميدان التحرير في القاهرة، تسعى السلطات بكل ما بقي لها من أدوات، لإجهاضها. وكان لافتاً انضمام تركيا إلى المطالبين مبارك بتلبية المطالب المشروعة للشعب المصري. كذلك فعل وزراء خارجية الاتحاد الاوروبي الذين دعوا إلى انتقال سلس للسلطة ، على قاعدة أن حكومة ذات قاعدة عريضة من شأنها أن تفضي الى عملية حقيقية من الإصلاحات الديموقراطية الضرورية . أما الموقف الأكثر تعبيراً، فقد صدر عن الرئيس السوري بشار الأسد، الذي جزم بأن ما يحصل في مصر وتونس لن يمتد إلى سوريا، لأن التسلسل الهرمي الحاكم في سوريا يرتبط ارتباطاً وثيقاً بمعتقدات الشعب ، ولأنه لا يوجد سخط جماهيري ضد الدولة ، مشيراً إلى أن الأولوية بالنسبة له تبقى الاستقرار والانفتاح التدريجي للاقتصاد .
|
لقد جرى، مع الوقت وبصورة ممنهجة، تغييب الحاجات الأساسية للناس الحاجات المتصلة بما كان يسمّى في قواميس الماضي وطناً ولم يعد بمستطاع أحد التفكير في مستقبل وطنه، بل في واقع أمعائه. نريد أن نأكل تصرخ الشعوب. نريد ماءً وكهرباء ومحروقات وألبسة أطفال وأدوية... من مشتقات الحاجات الأولية لقاضي الإسطبل.
|
ما عادت الشعوب تسأل ما الذي تفعله أميركا؟ ما الذي يفعله الإسرائيليون؟ وما الذي يفعله وكلاء أميركا وإسرائيل؟ إلى أين تمضي مشاريع الرأسماليين الوطنيين أباطرة الجرائم الكاملة؟ أبداً، ما عادت هذه الشعوب قادرة على التحلّي بترف الأسئلة. الكل يريد أن يظل على قيد الحياة، على قيد الصبر، على قيد معالف الإسطبل. هكذا تتقلص مشاريع الحياة ومشاريع الأوطان وتتحول إلى شأن معويّ . هكذا يجري تحويل الإنسان إلى مجرد دابّة. ما شهدناه ونشهده منذ عقود، وعلى امتداد القارة العربية، ليس لمجرد استلاب للحرية إنه إذلال خالص. إذلال تفاقم واشتدّ، ولم يعد أمام اليائسين من أدوات الدفاع عن الحياة غير المقامرة بالحياة ثورات يموت فيها مئات الناس، لا لكي يُرقّوا إلى مرتبة بشر، بل فقط لكي يُسمعوا صوتهم نحن جائعون . في هذه الحالة، في هذه الحالة فقط، حين تتعذر إمكانية السيطرة على هياج اليائسين، يبدأ يأس الأنظمة، وتبدأ بالإنصات. هكذا تمنح الأنظمة نفسها صفة الأنظمة المتسامحة، الديموقراطية، المتفهّمة. هكذا تمنح نفسها ـــ أمام نفسها والعالم ـــ صفة الأنظمة الحرة الصالحة للحياة. أبداً ليست هذه الحرية أيّ حرية هذه أن يضطر البشر إلى الموت ليظفروا بحق طلب النجدة؟ . إنه شيء أشبه بحق المحكوم بالشنق في الإدلاء بوصية أخيرة، أو رجاء أخير، أو شربة ماء أخيرة. شيء أشبه بسيجارة قبل تنفيذ حكم الموت حيلة بائسة لتسويغ مذاق الموت. ولنعترف ما من نظام عربي يعنيه شعبه. ما من نظام يفكر في حماية شعبه، بل في حراسة لأبديته. الأسوأ أنّه ما من نظام عربي لا يملك ما يكفي من وثائق البلاغة لإثبات مزاعمه في ما يخص مسألة العدالة والحرية. شخصياً انتبهوا يحقّ لي التحدث دونما خوف، عن مثالب النظام المصري. المواطن السعودي انتبهوا يمكنه، دونما خوف، التحدث عن مثالب النظام السوري. الليبيّ انتبهوا جداً يمكنه، بكامل الشجاعة وفصاحة اللسان، التحدث عن مثالب الجميع. لكن لا أحد باستثناء من اتخذوا قرار الإعدام بحق أنفسهم يجرؤ على التحدث عن مثالب أهل البيت. هكذا، مع الوقت، باتت خيارات المواطن العربي تضيق وتضمحل بحيث يمكن اختصارها في المفاضلة بين أنماط من الاستبداد أحدها يسلب الحرية تحت غطاء مواجهة الخطر الخارجي، وآخر يسلب اللقمة تحت غطاء الإصلاح الديموقراطي أو العكس ، وآخر يسلب الحرية واللقمة معاً تحت غطاء الشرعية... ما لا أريد نسيانه أنّ المعارضات العربية، في أحيان كثيرة، باتت أشدّ سوءاً من أنظمتها المستبدة. إما أنها معارضات مراهقة ليس لديها مشروع وطني إنساني، وفي النهاية، ما أخشاه أنّ من سيقطف الثمرة ثمرة رحيل مبارك ـــ أو سواه ـــ أو ثمرة بقائه هم الأميركيون والإسرائيليون. وفي يقيني أنّ الأزمة في مصر لن تنتهي بعد رحيل مبارك. الأميركيون وشركاؤهم الأوروبيون ينتظرون لحظة استقرار المؤشر الميداني في مصر ليبدأوا عملهم الحقيقي حماية مصالحهم، والاطمئنان على أمن إسرائيل في كل ما شهدناه على الشاشات، لم نسمع كلمة واحدة عن أميركا وإسرائيل . وفي النهاية ـــ حين يوافقون ـــ لن يوافق الأميركيون على رحيل مبارك بسبب سوء نظامه وعدم شرعيته... بل بسبب انتهاء صلاحيته كحارس لمصالحهم ومصالح إسرائيل. إن الديموقراطية يا للكلمة المراوغة هي آخر ما يهمّهم. وإذا تذكرنا بمن استعانت أميركا في حربها ضد أعداء الديموقراطية الشيوعيين في أفغانستان، يمكننا الآن تقدير خاتمة السيناريو المصري. وماذا عن مستقبل المعارضة؟ حسناً، سيُؤذن للمعارضة بالإقلاع فقط حين توافق على تقديم الضمانات لأميركا. بمعنى آخر سيؤذن لها فقط حين يتبيّن أنها تحولت ـــ صاغرة أو راضية ـــ إلى بديل صالح لتسلم الميراث. أعني إلى نسخة منقّحة ومحسّنة عن طبعة مبارك القديمة والمستهلكة. الأحداث تقول لننتظر. والأحلام تقول أرجو أن أكون على خطأ. دمشق
|
ومع أن التطورات الجارية إلى اليوم لا تكفي لرسم المشهد المستقبلي بصورة كاملة، إلا أنّ بالإمكان مراقبة ردود فعل خصوم العرب حتى يتبيّن للمرء حجم التحوّلات التي فرضتها الثورة المقبلة على مزيد من الخطوات خلال الأيام المقبلة. فاختبار القوة مع النظام بوجهه المجدّد كان يأمل من قنوات الحوار التي جرت قبل يومين فتح ثغرة في جدار الثورة وزرع الشقاق بين المعارضين من قوى سياسية وجماهير.
|
ومن ردود الفعل التي يفترض مراقبتها بدقّة أوّلاً الولايات المتحدة الأميركية التي لم تعد تخفي رغبتها في حماية سياسات النظام من دون الاكتراث لأشخاصه. وهو أمر يترجَم في نوع التواصل القائم الآن بين الإدارة الأميركية، وعمر سليمان وآخرين من أركان النظام، وحتى في نوعية التواصل الذي تجريه جهات أميركية مع شخصيات معارضة، حيث التركيز على أنه لا يمكن قلب النظام كله الآن، وأنه لا بأس بحوار مع سليمان باعتباره رجل الإصلاح الموعود. ثانياً إسرائيل التي تُظهر خشية لم يكن هناك أقدر من زعيمة المعارضة تسيبي ليفني للتعبير عنها، لجهة أن القلق يكمن في أن ما يجري قد يترك آثاره على مستقبل الدولة برمّتها. وهو كلام ينزع كل الأقنعة التي تغلّف الخطاب الرسمي لحكومة بنيامين نتنياهو الذي يحاول حصر الأمر في إطار معين، بغية توفير الدعم لحفظ النظام في مصر، مع بعض الاعتراض على السياسة الأميركية، علماً بأن تل أبيب تعرف تماماً أن المواقف الأميركية لا تستهدف إطاحة النظام، لكنها كمن يفتدي النظام القريب منه بأبرز رموزه حسني مبارك. وهذا ما فعله أيضاً عمر سليمان في محاولة افتداء نظامه وكرسيه ببضعة من رجالات النظام الفاسدين، الذين تبيّن أنهم ليسوا سوى واجهة للرئاسة وللأجهزة الأمنية. ثالثاً حكومات الاعتدال العربي والسلطة الفلسطينية التي لا تخفي من خلال وسائل إعلامها موقفها الداعم لنظام مبارك، وله شخصياً. وهي تعمل بقوة على ترويج الأفكار السيّئة عن ثوار مصر، عبر اتهامهم تارة بتخريب البلاد وإطاحة الاستقرار، وتارة أخرى بالعمل لمصحلة الخارج، مع الإشارة بالاسم إلى إيران. ويترافق موقف الحكومات هذه مع منع أي نوع من التضامن الشعبي في هذه الأمكنة مع ثورة مصر، علماً بأن شعوراً بالقلق ينتاب هذه الحكومات من احتمال انتقال عدوى الثورة إلى عواصمها ومدنها، وخصوصاً أنّ تجربتَيْ تونس ومصر تلغيان كل تحليل سابق عن عوائق وخصوصية وغير ذلك من التفسيرات التي أظهرت الوقائع أن لا صلة لها بالواقع أبداً. رابعاً القلق الذي ينتاب مؤسسات وأجهزة أمنية عالمية فشلت في وضع تقدير يقارب حقيقة ما حصل، وتبيّن أنه لم يكن هناك أي جهاز استخباري في العالم قدّر حصول ما يحصل. وهناك الآن حالة ضياع في تقدير الموقف للمرحلة المقبلة، وثمّة نقاش قائم يعكس حالة الصدمة إزاء ما يحصل، علماً بأن كل الدراسات الحقيقية التي جرت في الآونة الأخيرة دلّت على انعدام الجاذبية لدى أيّ من الحكّام، لكنّها لم تعكس على ما يبدو استعداد الجمهور لتحرّك يهدف إلى قلب هذه الأنظمة. والارتباك الذي يصيب هذه الأجهزة ينعكس أولاً بلبلةً في تصرفات وحسابات مؤسسات وهيئات تعرَّف بأنها المنظمات غير الحكومية، وهي التي تمتلئ برجال الاستخبارات والمدجّنين الذين لا عمل لهم سوى تقديم المشورة للحاكم. إن قراءة سريعة لمواقف كل هذه الجهات تدل على أن في مقدور الثوار المصريين قلب المشهد رأساً على عقب، وربما أكثر من ذلك.
|
محمد المهندس، تمكّن من دخول الأراضي اللبنانية بطريقة غير شرعية مع مجموعة من شباب جيله منذ ثلاثة أشهر، بعد رحلة شاقة وطويلة محفوفة بالمخاطر. سار وأصدقاءه مسافات طويلة في جرود باردة ووعرة. اضطر إلى بيع أشياء ثمينة يملكها ذووه، ليعمل ناطوراً في أحد الأبنية في البقاع. عزم الشاب على العودة إلى أم الدنيا ليكون له شرف المشاركة في ثورة تمنّيتها منذ وعيي على هذه الدنيا. من يصدق أن الشعب المصري استطاع أن يقول كلمته .
|
لا يبدو محمد قلقاً من انتظار المهرّب ، أو أن تفوته الثورة. يبدو واثقاً بصبر شعبه وإصراره على المتابعة حتى النهاية. يقول إن ثورة الغضب لا يمكن أن تهدأ ما لم يتنحَّ الريس والطقم الحاكم ، رغم أنه على يقين من أن مبارك لن يسلمها بالسهل بدليل ترك البلطجية يسرقون الثورة . حال محمد لا تختلف عن حال رفاقه خالد أحمد، وإسماعيل منصور، وحسين حمدي، الذين يعملون في محطة وقود في البقاع. يشعر خالد بالضيق لعجزه عن المشاركة في التظاهرات أمام السفارة المصرية. فوضعه غير الشرعي يُحتّم عليه عدم التنقّل بين شتورا وبيروت. يقول سنذهب إلى القاهرة لنشارك إخواننا ونقف معهم في وجه الطاغية وزمرته . يتنهّد محاولاً إخفاء عصبيته التي تظهر كلما تذكّر أسباب هروبه من بلده، ليعمل في محطة وقود في لبنان، بعدما فشل في نيل وظيفة باختصاصه في إدارة الأعمال. يقول مين الّلي بهدلنا غيرك يا ريس . إسماعيل يبدو أكثر هدوءً. يلجأ إلى التحليل السياسي. يقول إنه لو خيّروه بين ما قدّمه مبارك على أثر التظاهرات، من إقالة الحكومة إلى إعلانه عدم ترشّحه في الانتخابات الرئاسية المقبلة، وقبول الطعون في الانتخابات البرلمانية، وبين المعارض محمد البرادعي، فطبعاً سأختار مبارك. لأنّ البرادعي جاي يركب ثورة شعب جائع وعاطل من العمل . ينتقل إلى الحديث عن خطط الإخوان المسلمين إذا حكموا فسيكون الوضع أكثر سوءاً ، إلا أنه يقول إنه يرغب وأصدقاءه في المشاركة في اعتصامات ميدان التحرير إلى جانب اليساريين المناهضين للعملاء وللعلاقات مع إسرائيل وأميركا. فالمصريون لن ينالوا مطالبهم وطموحاتهم إلا إذا احتكموا إلى نظام علماني ديموقراطي، مستقل، معني بجميع القضايا الاجتماعية والعربية. حسين حمدي من جهته أصر على سقوط مبارك. قال المهم هو سقوط أبو الهول، ثم نرى من سيختار الشعب . يبدو سعيداً لأن الشعب المصري استطاع كسر جدار الخوف، والذي يأتي بعد مبارك سيحسب للشعب ألف حساب ، مذكّراً رفاقه بأنهم قبلوا شروط المهرّب، وكلفة دولار مقابل نقل كل فرد منهم إلى سوريا، و دولار مقابل نقلهم إلى الأردن ثم مصر. يضيف كل هذا كرمال مصر، وكرمال نشارك في الثورة والتغيير . حان دور المهرّب أبو حسان اسم مستعار . يبدو ناقماً على الثورة التي انعكست سلباً على عمله بعد تراجع مردوده من عمله في تهريب المصريين من داخل لبنان وإلىه خلال الشهر الفائت، لافتاً إلى أنه منذ بدء ثورة الياسمين في تونس، خفّ شغلنا بنسبة كبيرة . يعترف بأن عمله كمهرب يعتمد على أبناء الدول التي تعاني ارتفاع نسبة البطالة .
|
المشهد يتقلّص ويتّضح دولةٌ منهارة ومجتمع منكوب، وفي الطرف الآخر، بعباءةِ الغموض الفعّال، رجلٌ بمنتهى الثراء يُقال إنّه يحمل العصا السحريّة.
|
تلك اللحظة لم يكن أحدٌ بقوّة استقطاب هذا الرجل. وشيئاً فشيئاً بدأ يُشغّل عصاه كما في الحكاية، بلا صَخَب ولا ظهور، وتتفاعل دوائر حركته كما يتفاعل سطح البحيرة تحت هبوب الرياح. لم يلبث البلد المُنْهَك أن استسلم للرجل القويّ. وانطلقت ورشةُ التعميرِ والترميم والتضميد. سَرَت في العامّة قشعريرة الانفراج. أمّا الخاصّة فكان لها في الغالب مواقف غير نزيهة، كما هي الخاصّة في كلّ زمان ومكان ما لا تمليه صنميّات العقائد يمليه وحي الدول، وإلّا فالمصلحة الشخصيّة. ومع ابن صيدا المسكون بحبّ بيروت لم تتأخّر التحوّلات، بل راحت تنهمر كسماء شَقّتها براكينها. مَن لم يعش ذلك الجوّ المحموم لا يعرف معنى الحمّى الالتحاقيّة. وباءُ المال. تحوّل المجتمع بالعدوى إلى هوس الإثراء. إلى تسلّق القطار. أفظع من تهافت الأميركيّين على مناجم الذهب. حريقٌ هائل شبّ في الرؤوس. حريقُ اللحاق بالحريق. حريقُ القطف من هذا الكَرْم الخرافيّ. أرقام خياليّة تُنسج حولها الحكايات. مقاه ومطاعم ومكاتب لا تلهج بغير هذا. فلانٌ جاء لزيارة الحريري مستقلّاً سيّارة تاكسي فلمّا علم الحريري بضيق حاله أمر له فوراً بسيّارة. فلانٌ سُدّدت ديونه وفُتح له حساب. فلانٌ أصبح على لائحة الرواتب. فلانٌ تلقّى هديّته في حقيبة. ناسٌ قبضوا تعويضات إخلائهم لمنازل غيرهم ثلاث مرّات لأنّ وراءهم بعابع. وادي الذهب. صحفُ الذهب. شوارعُ الذهب. مهندسو الذهب. مصرفيّو الذهب. محامو الذهب. مثقّفو الذهب. يساريّو الذهب. سُفراءُ الذهب. نوّاب الذهب. وزراءُ الذهب. رؤساء الذهب. حلفاءُ الذهب. أعداءُ الذهب. في الداخل والخارج. ولم يَشْبع أحد. مَن لم يَعُم على النعمة عام على الحَسَد. والحريري كالبحر يأخذ ويعطي. وبنى علاقات بحجم قارة، وأصبحت قامته أكبر من ظلّه وظلّه أكبر ممّا تُطيق الشموس. فلقد كان ظلّاً من نوع خاص، ظلّاً أشدّ سطوعاً من النور، مزعجاً لمَن تزعجه الشمس ومزعجاً لمَن تزعجه العتمة، ظلّاً همسُه أوقعُ من الصراخ وفعلُ صدقه أقوى من سحر ماله. كانت تُخيفني أساطيره الماليّة وتَبعثُ فيَّ مشاعر الغيرة والحسد. لم أتأثّر بهالته ولا بسياسته. تقليديّة تفكيره تحمل على الضجر. وسط بيروت الذي عمَّره يُصقّع الرأس لفرط خلوّه من الروح. مواكبُ سيّاراته كانت تُشعر المارّة بأنهم حشرات. مسايرته للأقوى منه لا تستحقّ الاحترام. ومع هذا، ومع غيره من السيّئات، كنتُ أرى فيه سذاجة... الحريري ساذج ؟ يعني فيه طيبة ؟ هذا السوليدير الملياردير اليميني السعودي الأميركي الشيراكي الرجعي؟ ماحي ذاكرة بيروت ؟ مُفسد الجمهوريّة ؟ مصّاص الدماء ؟ أُجيب عن هذه الاستنكارات بسؤال لو لم يكن في هذا الرجل ما يعترض مشاريع الشرّ، فهل كان قُتِلْ؟ لو كان بلزاك حيّاً لوضعَ أخطر رواية له عن تلك المرحلة كلّ النفوس باتت تحت المجهر، خرجت من جحيم الحرب إلى جحيم الحلم بالكسب السريع، من خرائب المباني وهياكل البلد العظميّة إلى سراب المراعي الخضراء. لم يطل الأمر بالحريري حتّى اكتشف أن احتقاره للطبقة الفاعلة بات يوازي نشوته بالسلطة. والأرجح أنه كان يشعر بنوع من الرضى عندما كان يصادف، ونادراً نادراً ما كان، أحداً يقاومه. نقصد أحداً يقاومه مجّاناً لا ليزيد سعره لديه ولا لأنه مأجورٌ لدى خصم له. يحقّ لنا الافتراض أن الحريري أقبل على دنيا السياسة مخدوعاً بالكبار وبالأقوياء وبالشرفاء وخرج من الدنيا غير آسف إلّا على أحلامه. قبل أيّام توفي المخرج السوري عمر أميرالاي، وكان من أواخر أعماله شريطٌ توثيقيّ عن الحريري سمّاه الرجل الذهبي النعل . كان أميرالاي ثوريّاً. وقد وضع في هذا الفيلم ثقله الذكائي والفنّي للإيقاع بالحريري، لمطابقته على كليشيه الثريّ السلطويّ السمين غير المثقَّف المحفورة سلفاً في الرؤوس، ولا سيّما رؤوس المثقّفين التقدميّين ، فإذا بالفخّ ينقلب منصّة يطلّ منها الملياردير بمزيد من الصدق والبساطة. كان الحريري طوال الفيلم ينضح بشعور الذنب لكونه صاحب قصور وسلطان، وأحياناً يبدو على حافة إبداء الاعتذار عن يسره، وحين أظهر فرحاً بهذا اليسر بدا كفقير يعتزّ بنعمة الله عليه. وعوضَ أن يصطاد أميرالاي الحريري اصطاد الحريري أميرالاي، كما قال بحقّ الناقد السينمائي هوفيك حبشيان. غلبته طيبة الحريري. طيبةٌ لم يخفّف الثراءُ الهائل من حزنٍ قديم فيها. من تهيُّب عريق. من حرمان قديم هو حرمانُ طبقة وشعب لا حرمانَ شخص. من تواضع لم يجرفه الاعتداد بالنفس. غالباً ما يُقتَل الذين يُقتَلون لا للشرّ الذي فيهم بل للخير. حتّى الأشرار عندما يُقْتلون يعاقَبون على خير أتوه لا على شرّ. القاعدة أن يَغْلب السيئَ مَن هو أسوأ. التقيتُ الحريري ثلاث مرّات. عم تهرب منّا؟ عاتبني على الهاتف. رجوتُ الصديق نهاد المشنوق، وكان يومها الكلّ بالكلّ، أن يوضح له بكلمة طبيعتي الخجولة المنعزلة ولا سيّما حيال الحكّام وبالأخصّ منهم المليارديريّة. أمثالي من الفقراء يفضّلون فيءَ الأحلام على شمس الواقع. من بعيد لبعيد. الفاسدُ الذي فيَّ يفضّل أن يظلّ يحلم على أن يحقّق حلمه. كنت، في باريس، إذا ساقني الدربُ إلى حدود قصر الإليزيه أسارع للانتقال إلى الرصيف الآخر ويظلّ قلبي يخفق حتّى يصبح كل هذا السلطان ورائي. رواسب من عِقَد كثيرة. بل جذوعٌ وأغصانٌ وأشجارٌ جديدة. المرّة الأولى كانت في قريطم بواسطة الزميل سمير منصور مندوب النهار لدى الحريري. كانت للتعارف. وسألني ما به جبران تويني ؟ شو قصّتو معي؟ . كان جبران يهاجمه كتابيّاً مرّة في الأسبوع وشفهيّاً كلّ ساعة. كذلك علي حماده. وصارحني بحَرَجه من مواقف النهار المناوئة للانتداب السوري. أنا كافلكن عند السوريّين ، وكأنه يقول لي عم تزيدوها عليّ . وتحدّث عن بعض شجونه السياسيّة، وعن الانتخابات النيابيّة التي عاد وحقّق فيها انتصاراً ساحقاً. وشجّعني على زيارته أبوابنا كما ترى مفتوحة. ما في تكليف. لازم نشوفك أكتر . وفجأةً دخل في حديث وجدانيّ عن الأب. الوفاء للأب. حبّه واحترامه. الأب عندي مقدَّس . لم أفهم الإشارة. هل كان يقصد التعارض بين جبران وأبيه غسّان، غسّان يؤيّده وجبران يهاجمه؟ الأرجح. بدا لي كممثّل مصري يجسّد الأخلاق التقليديّة في فيلم توجيهيّ. عماد حمدي أو أحمد مظهر. قلت له وأنا أستأذن بالانصراف حلفك مع وليد جنبلاط أذكى ما عملتَه . انفرجت أساريره وسيطرت ابتسامة سعيدة على وجهه. ابتسامةٌ من قلبه. ما هيك؟ قال لي. عند الباب لم أتمالك عن سؤاله لا بدّ أن تكون محاطاً بالجواسيس. هل تحتاط كفاية؟ . أجاب بعد ثوان اطمئنّ. قدّ ما عندن عندي. وأكتر . لم نلتق ثانيةً إلّا بعد أسبوع على استقالتي من النهار . زرته مودّعاً بصفته الشريك الأكبر في الجريدة وبعدما علمتُ أنّه اهتمَّ للموضوع. كان يقرأ مقال استقالتي في الديار و القدس العربي و الوطن العربي بعدما رفضت النهار نشره. قال الله يسامحك. ما كان فيك توسّع الدواير؟ حشرتو لغسّان بالاختيار بينك وبين ابنو. ما عندو غيرو. الله يسامحك . أجبته، وكنت نصف جالس على المقعد لفرط حرصي على عدم إحراجه هو بخلافي مع النهار أنا هيك مرتاح . وسألني شو ناوي تعمل هلّق؟ ، أجبته لا شيء . ـــــ والصحافة؟ ـــــ لا شيء. سأرتاح من الصحافة . أضاف ما يُفهم منه ضرورة البقاء على تواصل . لم أبقَ على تواصل. لم أكن على تواصل. أكره التواصل مع الحكّام. ومع المليارديريّة لا أكره بل أخاف. أخاف أن يمدّ يده إلى جيبه. يحتاج الجسم الصحافي إلى قانون يضمن للصحافيّين عيشهم الكريم من تعبهم الحلال. قانون يمنع الصحافي من الوصول إلى السلطة. يمنعه من الابتزاز ومن الارتهان ويمنع دوائر رأس المال الكبرى، كأصحاب الصحف الخليجيّة، من منافسته حتى الموت. الصحافي أحوج من القاضي إلى الاكتفاء والحصانة، لأن القاضي يحكم في قضايا حصلت والصحافي يؤتمن على الحاصل وما يحصل وما قد يحصل. تخلّل المسافة بين الزيارتين تلفون عاتبني فيه بمرارة على مقال لأحد ضيوف النهار ضد موازنة الوزير السنيورة. قال شو، هيئتنا راح نوصّل معكن ع القضاء؟ . استفزّني كلامه. أجبته ع القضاء ع القضاء . قال المقال ظالم ومحشوّ بالأغلاط . قلت ردّوا . قال مستعيداً دماثته أكيد أنت لم تقرأه . قلت قرأته ونشرته. لستُ خبير اقتصاد، لكنّي أضمن للرأي منبراً كما أضمن الرد على الرأي. أبسط قواعد الصحافة . قال صاحب المقال غير بريء. إنه من جماعة الاستخبارات . قلت ضابط متقاعد متابع للموضوعات الاقتصاديّة وهذا ليس أوّل مقالاته. ويبدو لي صاحب خبرة. على كل حال، إذا كان من ردّ عليه فأهلاً وسهلاً . اقتنعَ ولم يقتنع. في مكان ما كان على حقّ. في مكان الشعور بالتحامل. لا شكّ أن سوليدير أكل حقوق كثيرين من أصحاب الحقوق ولا شكّ أن الحريري كان في محلٍّ ما ضحيّة لمفترسين أكثر توحّشاً من أيّ سوليدير. المرّة الثالثة والأخيرة كانت في تموز عندما جاءني إلى صالون كنيسة القديس يوسف ـــــ الحكمة معزّياً بزوجتي. كان في أوج اكتئابه ممّا يُحاك ضدّه من دسائس ومؤامرات، متجهّماً لم يستطع أن يكبت ألمه ممّا يحصل. أطلقَ عبارة صريحة ناقمة نادراً ما فاه بمثلها أمام جمهور. كان يُنفّس عن كَرب كمخنوق. اغتيال الحريري أكمل إدخاله الأسطورة. كثيرون سواه اغتيلوا، بينهم رئيسا جمهورية ورئيس حكومة ومفتي الجمهوريّة. لماذا الحريري يدخل الأسطورة؟ أصداء ثروته ومخلّفاتها تُساعد، لكنّها لا تصنع هذا القَدْر من الأهميّة ولا هذه الهالة. لم يكن قدّيساً ولا ملاكاً ولا مصلحاً ولا ثائراً. ومع هذا. لماذا؟ لأنه كان إطفائيّاً في بلد دائم الالتهاب. تارة يُطفئ بالمال وطوراً بالعلاقات. والإطفائي عنصر طمأنينة. حتّى كارهوه يرون فيه منقذاً عندما يفرّ الجميع من أمام النار. ليس صحيحاً أن جمهور الحريري هو السنّة وحدهم، ولا أن قاعدته الشعبيّة هي البورجوازيّة عموماً، فثمّة بين الفئات التي يفترض بها منطقيّاً أن تناهضه، كالعمّال والفقراء، مَن لا يزالون يرون فيه زعيماً أخلص لوطنه وصبر على مكاره لا تُحْتَمل. يقول أخصامه إنّه تَحمّل من أجل السلطة وإنه دخل إلى هذه ببضعة مليارات وغادرها بأضعاف أضعاف ما دخل. قد يكون ذلك صحيحاً، لكنه لا يقلّل من جوهر الهالة المحيطة باسمه. لماذا؟ لأنّه ظُلِم حيث لم يَظْلم. إذا كانت جريمته الفساد فمعظم مناوئيه كانوا أكثر فساداً، وإذا كانت العلاقات الدوليّة فجميع أخصامه مرتبطون أو مرتهَنون أو عشّاق ارتهان أكثر منه. لم يَقْتل، وقُتل. الدم لم يستسقِ الدم. أُهْرق دمُ مَن كانت فضيلته الكبرى هي المسالمة. كلُّ الذين كُتب التفوُّق على جباههم محكومون بلعنة. بصيبة عين. البصّارات على حقّ، منذ فجر التاريخ. الحقيقة؟ حجم بلدنا الصغير هو الذي قتل الحريري. جميعنا. وجميعهم. لا أحد بريء من دم هذا الرجل.
|
تنحيان تدرك واشنطن جيداً مدى خطورتهما على منطقة الشرق الأوسط، ولا سيما أن موزاين القوى باتت أكثر من أي وقت مضى تميل باتجاه خصومها السياسيين، لذلك فهي تسعى جاهدةً إلى وقف نزف حلفائها في المنطقة من خلال العمل على خطين متوازيين. الأول طمأنة ما بقي لها من حلفاء في المنطقة، الذين باتوا يشعرون اليوم بتعرضهم لخيانة غير مسبوقة، ولا سيّما أنّ الانتفاضتين المصرية والتونسية الجارفتين لم تتركا أمام واشنطن سوى خيار تأييد مطالب الشعوب على حساب الحلفاء.
|
أما الخيار الثاني، فيتلخّص في إقناع الإدارة الأميركية حلفاءها بضرورة اتخاذ إصلاحات فورية وجادة، بالتزامن مع البحث عن سبل للتأثير في مرحلتي ما بعد مبارك وبن علي. ومن هذا المنطلق، أجرت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون، أمس، سلسلة اتصالات هاتفية إقليمية ودولية لبحث عملية انتقال السلطة في مصر. وكتب المتحدث باسم الخارجية فيليب كراولي على موقع تويتر إن كلينتون اتصلت بوزير خارجية الإمارات العربية المتحدة عبد الله بن زايد آل نهيان وبحثت معه أحداث مصر وتأثيرها على الشرق الأوسط ومشاكل إقليمية أخرى ، كما اتصلت برئيس الوزراء اليوناني جورج باباندريو ووزير الخارجية الهندي س.م. كريشنا، الذي تطرقت معه إلى أحداث مصر. كذلك أفاد كراولي عن اتصال كلينتون بالرئيس الفلسطيني محمود عباس، ووزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي كاثرين اشتون، ووزير الخارجية البريطاني ويليام هيغ. واتصالات كلينتون سبقتها في عطلة نهاية الأسبوع جولة لكبار المسؤولين الأميركيين إلى المنطقة، هدفها طمأنة حلفاء أميركا الشديدي التوتر. وفي السياق، كشفت صحيفة واشنطن بوست عن توجه رئيس الأركان الأميركي مايكل مولن، ونائب وزيرة الخارجية للشؤون السياسية روبرت بيرنز، إلى الأردن للتعبير عن الدعم للملك الأردني، عبد الله الثاني، فيما تولى مسؤولون آخرون الاتصال بقادة في جنوب آسيا وأوروبا والشرق الأوسط لرسم برنامج جماعي للخروج من المرحلة الانتقالية المليئة بالغموض والمخاطر. ونقلت الصحيفة عن مسؤول أميركي قوله، إن زيارة بيرنز إلى الأردن كانت ترمي إلى دعم برنامج الأردن الإصلاحي والمساعدة على إبقائه متقدماً على الاضطراب في المنطقة . ورأت واشنطن بوست أن أميركا تحث الملك عبد الله على اتخاذ خطوات ملموسة لمواجهة مشاكل الناس، وهو درس جرى تعلّمه من إطاحة الرئيس المصري الذي رُفضت تنازلاته للمحتجين لأنها كانت قليلة ومتأخرة. كذلك تسعى واشنطن إلى التنسيق مع عشرات الدول الأخرى بشأن استراتيجية لم تتبلور بعد، لتسهيل سير مصر وتونس في مسار سلمي باتجاه الديموقراطية، ما دفعها إلى بدء مراجعة الدروس السابقة المكتسبة من الثورات الشعبية لتطبيقها في مصر. وذكرت صحيفة واشنطن بوست أن مستشار الأمن القومي توماس دونيلون، طلب من بعض كبار المسؤولين، بعضهم من خارج الطاقم المختص بالشرق الأوسط، مراجعة الثورات الشعبية الحديثة التي أطاحت حكومات، لدراسة احتمال تطبيقها في مصر . وتتركّز المراجعة على ثورات ضد دكتاتوريات كانت تحظى بدعم الولايات المتحدة، منها الثورة ضد الرئيس الفيليبيني فيرديناند ماركوس عام ، وانتقال تشيلي إلى الديموقراطية عام واحتجاجات إندونيسيا عام ، إضافةً إلى الدروس المكتسبة من صربيا وبولندا. ووفقاً للصحيفة يبدو أن الحالة الإندونيسية، تحظى بانتباه أكبر بالنسبة إلى الرئيس الأميركي باراك أوباما، بعدما قضى جزءاً من طفولته في الدولة الإسلامية الأكبر. وكشفت الصحيفة عن أن مسؤولين في إدارة أوباما استعانوا منذ اندلاع الثورة المصرية بعدد من الخبراء في الثورة الإندونيسية للرد، على انتقادات المحافظين المتوجسين من ظهور جمهورية إسلامية على الطراز الإيراني في قلب الوطن العربي والشرق الأوسط. الأخبار، أ ف ب، يو بي آي
|
وصحيح أن الأنصار لم يكن سباقاً، إذ إن التضامن صور سبقه في هذا الإطار على الصعيد المحلي، إلا أن بقاء ممثلين للبنان في البطولة القارية أمر جيد، لكن بشرط أن ينجح الأنصار في تخطي الأزمة الفنية بعدما نجح في تخطي الأزمة المادية.
|
أما بالنسبة إلى أبو اللعبة فقد استطاع الاتحاد اللبناني لكرة القدم أن يحافظ على حصرية الاعتذار عن عدم المشاركة في البطولات القارية على صعيد المنتخبات، ويبقى رائداً في هذا المجال وخصوصاً في ظل كمية الاعتذارات التي ترد في تعاميم الاتحاد الغريب أنه لا يعتذر عن مشاركات إدارية كالجمعيات العمومية والاجتماعات... . كانت الساعات السبع بين ظهراً والسابعة مساء حاسمة لنادي الأنصار أمس. فحامل الكأس وممثل لبنان في كأس الاتحاد الآسيوي أعلن انسحابه من البطولة قبل أن يعود ويؤكد مشاركته. القصة بدأت حين عقد رئيس نادي الأنصار كريم دياب مؤتمراً صحافياً، أمس في قاعة المؤتمرات في الملعب البلدي، أعلن فيه انسحاب فريقه رسمياً من مسابقة كأس الاتحاد الآسيوي لكرة القدم لأسباب مادية. وجاء الانسحاب بعدما أوصدت جميع الأبواب في وجه الإدارة... إلا باباً واحداً. باب وزارة الشباب والرياضة الذي فتح بتدخل من رئيس الجمهورية ميشال سليمان. فرابطة جمهور الأنصار كانت قد ناشدت رئاسة الجمهورية التدخل لمساعدة الأنصار على تخطي أزمته المادية وتأمين الأموال لمشاركة الأنصار في البطولة القارية. وعليه، حصل اتصال من مكتب رئاسة الجمهورية بمدير الفريق بلال فراج الذي وضعه في أجواء ما يحصل ليطلب ممثل الرئيس من إدارة الأنصار الاجتماع بوزير الشباب والرياضة علي عبد الله وطرح المشكلة. وأمس، بعد المؤتمر الصحافي، عقد اجتماع مع الوزير عبد الله بمتابعة من الرئيس سليمان، وأثمر الاجتماع عن حصول الأنصار على مبلغ مليون ليرة لبنانية ليصدر بيان من النادي يعلن العودة عن قرار الانسحاب. وأعطى الوزير عبد الله موافقة الوزارة الفورية على صرف مبلغ مئة مليون ليرة لبنانية وفق إحالة رسمية الى مجلس الوزراء، كما بادر عبد الله الى وضع إمكانات الوزارة في تصرف النادي لتأمين تأشيرات الدخول اللازمة بعد انتهاء الفترة القانونية لطلبها. وبناءً عليه، قررت اللجنة التنفيذية لنادي الأنصار إرسال كتاب فوري الى الاتحاد اللبناني لكرة القدم للعودة عن قرار الانسحاب، والعمل على نحو طارئ للاتصال مع داعمي النادي ومحبّيه وأعضاء مجلس الأمناء لتأمين المبلغ اللازم لتسديد كامل المصاريف المطلوبة، وهي تتجاوز ضعف ما حصل عليه النادي من الدولة.
|
وفيما يعتمد الكثير مما ستؤول إليه الأحداث على التضامن الدولي، فإنّ مستقبل عالم عربي متجدد، جامع وديموقراطي، يحدّده ملايين من المتظاهرين المناصرين للديموقراطية في مصر، الذين يحطمون النظام العنفي لما بعد الحرب الباردة، ويعيدون تعريف الثقافة السياسة للعالم الثالث. المصريون الذين يدافعون عن ميدان التحرير في القاهرة يغرسون شعوراً كبيراً بالعزة القومية في العالم العربي، من الرباط إلى بغداد، ومن اليمن الى سوريا. وعاجلاً أم آجلاً سوف يؤدي هذا الى سقوط مزيد من الأنظمة التسلطية في المنطقة.
|
ما جعل هذه اللحظة الثورية ممكنة كان عفويتها المطلقة والغياب الكامل لأية مؤامرة، حقيقية أم متخيّلة. العاصفة السياسية التي اندلعت في تونس ومصر كانت سريعة ومفاجئة لدرجة يصعب إدراجها ضمن المخططات وسيناريوهات الجهود الأميركية والدولية للدمقرطة، كما حصل في أوكرانيا، لبنان أو إيران، وإذ تزداد هذه العاصفة قوّة، فإنّها تفضح زيف الادعاء بأنّ توسيع نطاق الحرية يعني بالضرورة قبول الهيمنة الغربية. في الواقع، إنّها تشي بأنّ الأنظمة الاستبدادية العربية تسند وتستند بطريقة حيوية إلى الديموقراطيات الليبرالية في الغرب باسم الاستقرار وثالوثه السافر النفط، إسرائيل، والإسلاموفوبيا. لحظات نادرة ومتسارعة في التاريخ كهذه، هي التي تذكّرنا بأنّ المثل العالمية للإنسانية والحرية يصونها معذبو الأرض ضد مصالح الليبرالية الغربية. ألم تُبقِ الثورة الهايتية الوعد بهذه المُثل حياً في وقت انحدرت فيه فرنسا نابوليون الى الديكتاتورية والمطامح الكولونيالية؟ في القرن العشرين، جندت هذه القيم الشعوب في آسيا، أفريقيا، الكاريبي وأميركا اللاتينية ضد السيطرة الغربية إيران مصدّق، كونغو لومومبا، تشيلي ألييندي، وهايتي أريستيد، كانت ثورات ديموقراطية في وجه ديكتاتوريّين تابعين للغرب. وكما في إسبانيا في الثلاثينيات وهنغاريا في عام ، جرت خيانة هذه الثورات من جانب ديموقراطيات ليبرالية غربية. هذه اللحظات من الماضي تخاطب تونس ومصر اليوم بشأن إمكان أو هشاشة مشاريعهما الثورية. التجمع الشعبي في القاهرة، أو كومونة القاهرة ، والتأييد الذي تلقّته من محتجين في جميع المدن المصرية الكبرى الأخرى، يبرهنان للعرب والعالم أجمع أنّه نعم، نحن أيضاً نستطيع ، كما كُتب على إحدى اللافتات، ووفق شروطنا أيضاً. وكما لاحظ أخيراً الزميل خالد صاغية في مقال له، فإنّ المعركة التي يخوضها شباب مصر ليست معركة إسقاط حسني مبارك وحسب، بل هي معركة استعادة الذات واستعادة مصر والعرب من قعر الهزيمة . منذ الهزيمة العسكرية المصرية في حزيران أمام إسرائيل، يتابع المقال، عانى العرب من اتفاقية كامب دايفيد، من الاحتلال المستمر للأراضي الفلسطينية، الحرب الأهلية اللبنانية، الإسلام التكفيري، المذابح في العراق في ظل صدام حسين، وفي ظل الاحتلال الأميركي المستمر، ونهب الثروة الوطنية من جانب نخب رجال أعمال كومبرادورية متحالفة مع ديكتاتوريات بلادها. هكذا، تصبح هذه لحظة تطهير ثقافي ذات قدرة على تحرير العرب من نحو نصف قرن من الخوف المشلّ والانكسار. لم تبدأ الثورة في ميدان التحرير. كان على الجماهير الغفيرة غير المسلحة دفع قوى الشرطة الى الوراء للوصول الى الميدان في آخر أيام كانون الثاني ، في ما ما سيصبح على الأرجح واحداً من الأشرطة الأيقونية على الإنترنت، مشى المتظاهرون المسالمون في وجه مئات من رجال الشرطة وقوى الأمن وحاملات الجند المسلحة وخراطيم المياه لشق طريقهم الى قلب القاهرة. في مواجهة جسر قصر النيل التي استغرقت يوماً بكامله، أنشد هؤلاء النشيد الوطني التونسي خلال مسيرتهم، وخفضوا رؤوسهم بطريقة جماعية عند الصلاة للصمود في مكانهم. عندما هاجم نهّابون متحف القاهرة ومكتبة الإسكندرية، قامت سلاسل بشرية بالدفاع عن التراث الوطني؛ عندما قطع النظام وسائل الاتصال الإلكترونية في جميع البلاد، جرت التعبئة للاحتجاج عبر الجوامع وعبر التواصل الكلامي بين الناس؛ عندما أرسل النظام المتهالك خيّالته لكسر الكومونة ، دافع المحتجون الشباب عن أنفسهم بالحواجز المؤقتة، الحجارة وأيديهم العارية. يعرف المصريون بماذا يدينون للانتقاضة التونسية التي أطاحت نظام الرئيس بن علي المدعوم من الغرب لمدة سنة، ذلك أنّ هذه اللحظة الثورية انطلقت من مدينة سيدي بوزيد، التي تقع في أراضي جنوب تونس الخصبة لكن الفقيرة، والبعيدة عن عالم الإنترنت الصاخب. في ذلك اليوم، قام بائع متجول يتيم كان قد أوقف تعليمه لإعالة عائلة من ثمانية أشخاص، بإحراق نفسه كفعل احتجاج أخير ضد المصادرات المتكررة للنزر اليسير من رزقه، والاستغلال المستمر على أيدي السلطات الذي عاناه هو وآخرون. أطلق هذا الفعل احتجاحات في الأرياف التونسية. وما إن اجتاحت هذه الاحتجاجات العاصمة حتى جنّدت النقابات نفسها، وسرعان ما تآخى الجيش مع جموع المتظاهرين. يستمر صراع التونسيين مع بقايا النظام القديم، لكن شرارتهم قد أشعلت المصريين الذين أقاموا يوم غضب وطنياً في كانون الثاني. لقد استجلبت الأحداث الدرامية في تونس ومصر مقارنات بسقوط جدار برلين، الذي أدى الى إنهاء الحرب الباردة. وعندما حاول بلطجية نظام مبارك قمع المتظاهرين من على ظهور الأحصنة، أعاد ذلك الى الأذهان أطياف مجزرة ميدان تيانانمين في بكين عام . انتصار المتظاهرين ومرونتهم خلال الأسبوعين الماضيين، يذكّران بأمواج المتظاهرين الصرب التي أسقطت سلوبودان ميلوسيفيتش عام . في خطواتها التكتيكية، تثير التظاهرات أيضاً التضحية بالنفس والإصرار اللذين اتسمت بهما مقاومة غاندي غير العنفية، فيما تأثيرها الطويل الأمد على الثقافة العربية قد يكون مماثلاً لما مثّلته حركة الحقوق المدنية في الولايات المتحدة، و أحداث رودني في جامايكا بالنسبة إلى وعي السود. لكن بالرغم من أوجه الشبه هذه، فإنّ الحركة الاحتجاجية المصرية متجذّرة بعمق في تاريخ مصر الحديث، من المعارضة السياسية لعقود من الحكم التعسفي في ظل قانون الطوارئ، واستيلاء مبارك على مليارات الدولارات، وتواطئه مع سجن إسرائيل للفلسطينيين في غيتو غزة . وقد كانت نوال السعداوي، الكاتبة النسوية المصرية الأسطورية والناشطة من أجل العدالة الاجتماعية من ضمن المتظاهرين. عن عمر يناهز عاماً، هي تجسّد ذاكرة المصريين للمقاومة لقد تظاهرنا ضد الملك فاروق وضد عبد الناصر. لقد سُجنت خلال حكم السادات وعشت في المنفى في ظل حكم مبارك ... لكنّني لم أرَ شيئاً كهذا في حياتي، لذلك علينا أن نجلس هنا، علينا أن نحافظ على مكاننا . وفيما أعضاء الكومونة يجلسون ولا يبارحون أماكنهم في ميدان التحرير، فلا شك أنّهم كانوا ولا يزالون يناقشون دروس الماضي والخيارات التي اتخذها أسلافهم من السياسيّين كالقائد الوطني الكبير سعد زغلول الذي أجبر البريطانيين على إسماع صوت المصريين في موتمر باريس للسلام في عام . زغلول استطاع، عبر المقاومة السلبية ودعم سكان الأرياف، انتزاع استقلال جزئي من براثن الاحتلال البريطاني بعد ذلك بثلاث سنوات. وقد يكون النشطاء المخضرمون مثل نوال السعداوي ذكّروا الحشود الأصغر سناً بمخاطر التسوية مع النظام في عام ، أقر عبد الناصر باحتجاجات شعبية مطالبة بعودة الجيش الى ثكنه والسماح بانتخابات حرة، لكنّه ما لبث أن نكث بوعده واعتقل قادة الاحتجاجات بعد توقف التظاهرات. من الواضح أنّ القيادة الجماعية في ميدان التحرير قد أخذت العبرة من التاريخ بأنّ الحرية ليست شيئاً يمنح بسخاء من جانب ذوي السلطة، بل شيء يجب أن ينتزعه بالفعل الشعب. الكثير من متظاهري اليوم هم ناشطون مخضرمون تشكّل وعيهم في اللجان التضامنية لدعم الانتفاضة الفلسطينية الثانية منذ عام ، الحركة المناهضة للحرب، المحتجة على الاجتياح الأميركي للعراق في عام ، والاضطرابات العمالية في دلتا النيل منذ . وقد أيدت هذه الأحداث الأخيرة التي شهدت إضراب عامل مصري، مجموعة من الناشطين الاجتماعيين اسمها حركة شباب أبريل ، الذين نقلوا الإضرابات على شبكة الإنترنت. وكان استشهاد واحد منهم، المدوّن خالد سعيد، الذي قُتل تعذيباً على يد قوى الأمن المصرية في تموز ، هو الذي أعاد تنشيط الحركة الاحتجاجية المناهضة لمبارك. وقد ظهرت مجموعات مثل أبريل و كلنا خالد سعيد كمنظّمين متماسكين للاحتجاحات. نظرتهم الديموقراطية واضحة تمام الوضوح على مبارك رفع القيود وترك منصبه؛ سيتفاوضون مع حكومة انتقالية حول الانتقال الى انتخابات جديدة وحرة؛ إعداد دستور جديد للتصديق عليه في البرلمان؛ وعلى الجيش أن يكون خاضعاً للسلطات المدنية. بالرغم من الخلفية التاريخية لهذه المطالب وعالميتها، فإنّ الخبراء والسياسيين الغربيين يزعمون أنّ المصريين، مثل جميع العرب، ليس عندهم تقليد ديموقراطي، وبحاجة الى رجل كبير يحكمهم. فكرة أنّ العرب غير صالحين لتقرير مصيرهم بأنفسهم تعود الى أصول نظام الدولة العربي بعد الحرب العالمية الأولى. في ذلك الوقت، صُرف النظر عن الطموحات العربية بالاستقلال في أعقاب انهيار الإمبراطورية العثمانية، من جانب الإمبرياليين البريطانيين والفرنسيين، وتخلى الرئيس الأميركي ودرو ويلسون عن هذه الطموحات على نحو رخيص. إنّ إطلالة هذا المفهوم العنصري برأسه البشع مرة أخرى كقناع لحجب لازمة الحفاظ على الاستقرار، خلال هذه اللحظة العظيمة للإنسانية المشتركة، يعطي الساعة الصفر في القاهرة بعداً أكثر عالمية من مجرد رحيل مبارك. هي ليست أقل من دعوة إلى تفكيك البعد الكولونيالي للديموقراطية. أستاذ تاريخ الشرق الأوسط في جامعة تورونتو، كندا خاص الأخبار ترجمة وهيب معلوف
|
أمس كانت طبخة المصالحة قد نضجت، إذ عُقد خلال الفترة السابقة قران الشاب والفتاة رسمياً، قبل إطلاق سراح الموقوفين على دفعات في موازاة شفاء الجرحى من إصاباتهم، ما أفسح في المجال أمام أعيان العائلتين بعد هدوء النفوس، لقبول عقد لقاء مصالحة بينهم، بعد جهود مضنية بذلها أكثر من طرف سياسي وأمني وديني وفاعليات المنطقة. لهذه الغاية، عقد في دارة رئيس المركز الوطني للعمل الاجتماعي في الشمال كمال الخير بمنطقة المنية، لقاء مصالحة بين العائلتين بحضور النائبين السابقين محمود طبو ومحمد يحيى، ممثل مفتي طرابلس والشمال الشيخ مالك الشعار، أمين الفتوى في طرابلس الشيخ محمد إمام، رئيس اللقاء التضامني في الشمال الشيخ مصطفى ملص، وشخصيات وفاعليات وحشد من أهالي المنطقة. متابعون للقاء المصالحة أوضحوا لـ الأخبار أنه جاء بعد جهود مضنية بذلها كمال الخير بالتعاون مع لجنة الصلح في المنطقة وأقطاب العائلتين، لمعالجة تداعيات الإشكال وأسبابه ، مشيرين إلى أن لجنة الصلح أطلقت عملها بالتنسيق مع الخير، وبدأت المساعي على خط العائلتين للتخفيف من حدة التشنج ومنع تفاقم الأمور في المنية، التي شهدت توتراً ملحوظاً كاد يتسبب في وقوع إشكالات أمنية مماثلة، ونجحت بعد فترة في إقناع طرفي الخلاف بإجراء المصالحة . أشار عضو لجنة الصلح الشيخ فايز سيف إلى المراحل التي قطعتها عملية إنجاز المصالحة، والدور الإيجابي لرموز العائلتين منذ بداية الإشكال لإنجاح هذه المهمة . بدوره، أكد الشيخ إمام، في كلمة ألقاها نيابة عن المفتي الشعار، ضرورة التحلّي بالصبر والعمل بروحية الدين الإسلامي، وعدم الانجرار وراء العصبيات العائلية والعشائرية . أما الخير، فأثنى على الجهود التي بذلت وعلى دور وجهاء العائلتين ، مشيداً بتجاوب الجيش بما هو صمام الأمان في البلد الذي وقف جنباً إلى جنب مع المقاومين الأبطال، وكذلك القضاء اللبناني .
|
خلاف خطيفة ينتهي بمصالحة
|
أطلق العرب اسم البحرين عليها، وتعني مثنى البحر. هذه الجزيرة الصغيرة، التي لا تتجاوز مساحتها كيلومتراً مربعاً، دخلت إلى نادي الممالك حديثاً، إذ تحولت من إمارة إلى مملكة في . وبحكم موقعها الجيوبوليتيكي وتركيبتها الديموغرافية، طبيعي أن تستقطب العمالقة الإقليميين، الأمر الذي رشحها إلى ساحة لتصفية الحسابات. فهي تقع في الخليج العربي، تحيط بها السعودية إلى الغرب ، وقطر الجنوب ، وإيران يفصلها عنها البحر لجهة الشرق .
|
جزيرة بلا شطآن مملكة على كلم وتنوّع سكاني
|
حين ولدت في تشرين الأول أكتوبر في القاهرة بالتزامن مع حرب أكتوبر، سمّتها والدتها الكاتبة والناقدة نوارة لأنّ ولادتها بشّرت بالانتصار. بعد ثمانية أشهر، سمع اليساريون ومحبّو الأغنية الملتزمة باسمها من المحيط إلى الخليج بعدما كتب والدها الفاجومي قصيدة لها غنّاها الشيخ إمام نوارة بنتي النهار دة تبقى بتخطّي عتبة ليوم جديد، يا ربّ بارك، يا ربّ خلِّ، يا ربّ حافظ، يا ربّ زيد . هذه الكلمات المملوءة بالأمنيات ألهبت مشاعر آلاف الآباء في ذلك الوقت. لكن والدها لم يكن موجوداً في الكثير من مراحل حياتها. حالما بلغت عامها الثاني، فارقته مع والدتها إلى العراق وتركته في السجن الذي حلف السادات أن لا يُخرج منه الفاجومي إلا بعد موته.
|
هذه الطفولة القلقة علّمتها ألا تفرح كثيراً. عاشت في العراق حتى الثامنة، وكانت والدتها تخرج صباحاً إلى عملها وتعود ليلاً. مع ذلك، أحبت نوّارة بلاد الرافدين، شاركت في ترديد أمّة عربية واحدة ذات رسالة خالدة في المدرسة كل صباح. أول أغنية حفظتها في الحضانة كانت أنا جندي عربي بندقيتي في يدي، أحمي بيها وطني من شرور المعتدي، طا طي طا طا طي طا ، تقول ضاحكة ثم تضيف أول مرّة قابلت والدي كان عمري أربع سنوات في سجن طرة . حينها، تأملت الطفلة وجه والدها الطويل النحيل الذي أهداها وردة. ما زلت أضعها في كتاب وتضيف تثاقلت قدماي وأنا أخرج من طرة. كنت أعرف أني سأعود إلى العراق من دون أبي . مع عودتها مع أمها إلى مصر، عادت المشاكل. في أيلول سبتمبر أيقظتها والدتها وأخبرتها أنّ السادات سيعتقلها. ودّعتها وطلبت منها ألا تبكي وأن تعاود النوم. وبالفعل، صلّت نوارة وعادت إلى سريرها، لكنها حملت في نفسها كرهاً كبيراً لسجّان والديها. حين اغتيل السادات في تشرين الأول أكتوبر ، قيل لها السادات اتضرب ، فأجابت الطفلة ببراءة يا رب يتعاقب، ويسقط في المقرر . هذه الذكريات المؤلمة لم تهزم نوارة نجم. صاحبة مدوّنة جبهة التهييس الشعبية سارت على خطى والدها. دخلت سجن القناطر أسبوعين بعد دعوتها إلى تظاهرة ضد مشاركة إسرائيل في المعرض الصناعي في جامعة عين شمس . تقول كان الجو لطيفاً في القناطر ، ثم تردف هذا بالمقارنة مع الضرب الذي تعرضت له خلال الاحتجاز . عند ترحيلها إلى هناك، نامت على الأرض من دون وسادة وغطاء، ومن دون أكل أيضاً . لنوارة أختان من والدها، هما عفاف وزينب. المفارقة أنّ عفاف تكبرها بـ عاماً و أشهر، وزينب تصغرها بـ عاماً و أشهر أيضاً والدي ينجب كل عاماً تقول ضاحكة. تصف نوارة أختها الكبرى بالفاضلة، لكنّها نادراً ما تراها لأنها تعيش خارج القاهرة. أما الصغيرة فقد ربتها بنفسها عشان كدة طلعت بايظة تقول ممازحة. أما والدها فتعامله كابنها. هو متعِب ولا يعرف مصلحته، لا يهتم بنفسه ولا بصحته . تزوجت نوارة زميلاً لها يدير مركزاً لحقوق الإنسان، لكنهما افترقا بسبب الخلافات، فبعض الرجال يقولون كلاماً عن المبادئ، لكن ساعة الحقيقة يطبقون ما تربّوا عليه ... وتضيف افترضت أنّه تقدمي. لكنه كان كأي رجل عادي . يجرّنا هذا الحديث إلى حجابها لو لم أكن مسلمة، للبست الحجاب . يأتي جواب ابنة الأسرة اليسارية حاسماً. هي تعتز بالحجاب الذي تعتبره جزءاً من هويتها وخصوصيتها. وتشرح فكرتها لو لم أكن مسلمة للبست الحجاب لأن الإسلام مضطهد، والحجاب سبب التفتيش في مطارات الغرب، والإسلام كان ذريعة لاحتلال العراق . وترى أنّ هذا الشكل من اللباس جزء من ثقافة المنطقة، و لم يعق المرأة عن المشاركة في ثورة النيل . ثم تسخر من كلام بعضهم بأنّه بعد الثورة، يجب منع الحجاب بعد الذي حققناه كنساء في الثورة، لا يحق لأحد أن يملي علينا ماذا نلبس . منذ السنة الأولى من دراستها الجامعية في قسم اللغة الإنكليزية، عملت صحافية متدربة في مجلة الشباب بين و . ثم تدربت في الـ أهرام ويكلي التي تصدر بالإنكليزية، وفي مجلة نصف الدنيا النسائية التابعة أيضاً لمؤسسة الأهرام . لكن تعيينها في المجلة قوبل بالرفض من رئيس مجلس إدارة المؤسسة إبراهيم نافع، لأسباب تتعلق بعدائه لوالديها، فتركت المؤسسة بحثاً عن فرصتها في أماكن أخرى. هكذا، وجدت في صحيفة القاهرة تشجيعاً من رئيس تحريرها صلاح عيسى. وفي النهاية، التحقت بالعمل في قنوات النيل . أما مدوّنتها جبهة التهييس الشعبية فقد أسستها في عام وبلغ عدد قرائها ما بين و ألف شخص يومياً. هذا قبل الثورة. أما خلالها، فقد ارتفع العدد إلى و ألفاً في اليوم. مدوّنتها تشبهها كثيراً الكثير من المواضيع، والكثير من القضايا، وحماس فائر، ولهجة عامية مباشرة وسريعة. في رصيدها حتى الآن ثلاثة كتب، أوّلها عش ع الريح وهو مجموعة من المقالات نشرت في جريدتي الحلوة و الوفد ، وشاركت في العام ذاته مع مدوِّنة مصرية في كتاب أنا أنثى الصادر ضمن سلسلة مدونات مصرية للجيب ، ونشرت ترجمتها لوثائق ويكيليكس المتعلقة بمصر، بالشراكة مع عبده البرماوي، ضمن كتاب الوثائق التي هزت العالم وثائق ويكيليكس . لم تتوقع نوّارة نجم أن تندلع ثورة يناير . تقول إنّ نجاح التظاهرات في ذلك اليوم أفرحها أكثر من سقوط حسني مبارك المتوقَع. كان حاضراً في ذهنها دوماً نجاح الثورة التونسية هم عملوا معانا أجدع واجب . علّموا المصريين كيفية الحماية من الصعق الكهربائي، وكيفية مواجهة مسيّل الدموع عبر غسل الوجه بالمشروبات الغازية . تتابع لم أتخيّل أن يقوم الشعب المصري بكل هذا. كل الإقدام والشجاعة والتلاحم لم يكن له أي إشارة مسبقة في الشارع. ولا أدري حتى الآن من أين أتى. الشباب العادي كان يركض صوب الرصاص ويستشهد. لا أعلم من أين أتى هؤلاء بكل هذه الشجاعة .
|
في هذا الجو الذي قد يوتّر أعصاب من عرف الميدان في أصعب أوقاته وأجملها، أسمع فجأةً صراخاً ودعوات إلى ضبط النفس والإمساك بأيدي الأطفال، وأرى ناساً يجرون الجيش أزاح خيمة من الخيام التي بقيت صامدة لكنّ صاحبها أعاد بناءها بعد مغادرة الجنود. إلى جانب الخيمة البيضاء تجمّع الناس ـــــ البعض يحمل مكنسة والبعض الآخر لا يحمل إلّا كلاماً حاداً استغرب أن يصدر من متظاهر أخذنا مطلبنا خلاص، والريس مشي، هانقعد هنا نعمل إيه؟ الجيش يبقى يعتقله بالليل . من الواضح أنّ بعضهم جاء للمرة الأولى إلى التحرير وقد يكون بعضهم الآخر من المشبوهين ، الذين لم يتبخروا بطبيعة الحال فور مغادرة حسني مبارك سماء القاهرة. أشعر بحسرة، أعود أدراجي إلى نقابة الصحافيين وعند تقاطع شارعي شمبليون ومحمود بسيوني تصادفني تظاهرة من مئات لا يحملون إلا بضع لافتات ويهتفون الصحاااافة فيييين....... . يمرون بسرعة شديدة جداً عاملون في سلسلة متاجر التوحيد والنور المملوكة لرجل الأعمال السويركي يطالبون بتعيينهم ورفع المرتبات.
|
وأنا أتسكّع، يومي السبت والأحد، وسط نقاشات عارمة بشأن قرار فض الاعتصام من عدمه، في شوارع كنست وغسلت جدرانها وأعيد تبييض أرصفتها، مستفَزّة مما أصبحت أسميه في قرارة نفسي هوس محو الآثار ، أشعر فجأة بأنّ ثمة طريقتين للتعامل مع الحدث. الأولى طريقة المهووسين، أولئك الذين يحاولون إعادة الميدان إلى ما كان عليه ـــــ على منوال إعادة ترتيب المنزل بعد فترة فوضى ـــــ كأنّ شيئا لم يكن، لـ فتح صفحة جديدة ، على حد قولهم. الثانية هي طريقة من لم تُتَح لهم الفرصة لالتقاط أنفاسهم، فكيف لأهالي المفقودين منذ يناير أو أسر الـ معتقل، الذين يقبعون في السجون منذ سنوات حسب أرقام وزير الداخلية الجديد أن يفكّروا في محو آثار أحداث الأسابيع الماضية؟ كيف للملايين الذين يعيشون تحت خط الفقر، أو فوقه قليلاً ـــــ على غرار عمال متاجر التوحيد والنور ـــــ أن يبدأوا محوها ولم يتخلَّ المجلس الأعلى للقوات المسلّحة، بعد أكثر من أسبوع عن تنحّي الرئيس، عن لهجته التهديدية تجاه من يقومون بـ تفضيل مطالبهم الفئوية على المصلحة الوطنية العليا؟ لا أحد يمكنه أن يستاء من حملات التنظيف، وخصوصاً أنّها تخطّت ميدان التحرير لتشمل أحياءً أخرى ـــــ من حلوان إلى مصر الجديدة مروراً بالمعادي ـــــ وأنّ كثيراً من الناس يشارك فيها حتى من لم نكن نتخيّل أن نراه يوماً حاملاً مكنسة في الشارع. المشاركة في القضاء على أحد مظاهر عدم كفاءة الإدارة تعبّر عن رغبة في فعل إيجابي وفي التغيير نحو الأفضل، لكنّ التركيز على ميدان التحرير وتوقيت شن الحملة ـــــ لم يكن قد مر على تنحّي الرئيس ساعة ـــــ وكذلك مواكبتها لضغوط الجيش لفرض العودة إلى حياة طبيعة ، غير موفّقة. كأنّ المراد قوله هو أنّ الثورة قد انتهت وأنّ الأوان قد آن لبناء بلد جديد، في ذات لحظة انفجار مئات الاحتجاجات، من اعتصام العاملين في دار الأوبرا بالقاهرة، إلى إضراب غزل المحلة، مروراً بتحركات ممرّضات العديد من المستشفيات، المطالبة بتحسين أوضاعهم واسترداد حقوقهم المسلوبة. هناك بعض السذاجة في الشروع في حملات تنظيف مكثفّة فيما لم تنته المعركة، بل لا تزال في أوجها. لماذا هذا الإصرار على محو آثار الاعتصام فيما لا يزال النظام البائد قائماً وآثار جرائمه بادية للعيان؟ لماذا ودم جروح المعتقلين الذين تعرّضوا لتعذيب وحشي في معسكرات الجيش لم يجفّ بعدُ . . . والمسؤولون عن التعذيب لا يزالون في مناصبهم؟ لا يمكن فتح صفحة جديدة مع إبقاء نفس الوجوه والاكتفاء بمسرحة التغيير عن طريق التضحية ببعض رموز عهد مبارك دون غيرهم، وتحديداً حبيب العادلي ومجموعة رجال أعمال الحزب الوطني. لا يمكن فتح صفحة جديدة إلا بعد عزل الرؤوس المتسبّبة في هذه الكوارث كلها، ومحاكمة المسؤولين عن مآسي ملايين المصريين ممن لا يشغلهم كنس وسط القاهرة قدر ما يشغلهم النضال من أجل الكرامة والعدالة الاجتماعية، مدفوعين بقوة أحلام لم تعد مجنونة، ازدهرت في ليل التحرير الكالح وعلى أرصفة كل مدن مصر. صحافية مصرية
|
في تلك الزاوية، لا يمكن رصد خضار ذابلة. إنها الخضرة الأكثر حيوية على الدوام، وبهذا المعنى، هي اسم على مسمّى. ومن يلج سوق الخضار في السوق، تزكي أنفه الروائح المنبعثة من هنا وهناك، خليط من رائحة البصل الأخضر والبقدونس والكزبرة والنعناع والفجل والهندباء، إلى الصعتر الأخضر و صعتر الدقّة والرشاد والروكا، الفلفل الحار والحلو، فضلاً عن بعض البقول البرّية التي بات لها روادها ممن يطلبها ويرغبها مثل العلت و الخبيز ، الشومر ، الصيفي ، فضلاً عن الدردار و العنّة ، و القرّة و الجرجير .
|
ويمثّل الجزر الأحمر الآتي من سهل الميذنة، سهل كفررمان الغزير بمياهه، الثمر الأكثر إغراءً في هذه السوق، فهو حلو، نادر ومميز، ولم تعد زراعته منتشرة بشكل واسع، إذ يحتاج إلى مزارعين متخصصين وأرض خشيش تحتوي على حصى ورمول، بينما يقتصر موسمه على الفترة الممتدة بين كانون الأول وشباط. أما سعر الكيلوغرام الواحد منه فيراوح بين ألفي ليرة و . وهو متميز عن الجزر الأحمر السوري، الموجود كذلك في السوق، لكن طعم الأخير مختلف ولونه سرعان ما يتحلل على الأيدي. وبينما تحلّ في الموسم الصيفي البامية والملوخية الخضراء والفرفحين بقلة والفول الأخضر واللوبياء والفاصولياء والبندورة البعليّة والكوسى والباذنجان ضيوفاً ناعمة على الزاوية، تغذّي السوق في جميع المواسم منتجات زراعية يابسة، منها البصل الأبيض والفاصولياء وغيرها.
|
تستقبل منى أبو حمزة في حديث البلد ، الإعلاميّة مي شدياق الصورة ، النائب عقاب صقر، ديانا كرازون، وأنور نور. وتضيء أيضاً على مسيرة نعم لإسقاط النظام الطائفي . ثم تستضيف الأب فادي تابت والممثلة كارول عون، وريتا قرقفي، لتتحدّث عن كتابها الأخير .
|
يفتح مارسيل غانم في برنامج كلام الناس هذا المساء، ملف البطالة في حلقة بعنوان بلد عاطل من العمل . فيرصد أيام الشلل وأرقام الجمود، ويتحدث عن نواب ووزراء ومؤسسات وأشخاص عاطلين من العمل، ويسأل إلى متى يبقى الشعب صامتاً ولا يتحرّك؟ أخبار المستقبل يتابع برنامج نبض مع ماتيلدا فرج الله، قانون الحدّ من التدخين، وطرحه على الجلسة العامة لمجلس النواب للتصويت عليه. وتسأل فرج الله لماذا المماطلة في إقرار القانون، رغم توقيع رؤساء الكتل النيابية وكل النقابات وجمعيات المجتمع المدني على عريضة تؤيّد ذلك؟ تفشي دومينيك حوراني أسرارها وتكشف المستور بشأن حياتها الشخصية لطارق سويد في حلقة الليلة لألأة مع طارق سويد ومي سحّاب. وتتحدث للمرّة الأولى عن كواليس مسيرتها الفنية وحياتها العائلية، وتكشف عن آخر أعمالها ومشاريعها الغنائية. الجديد يستضيف غابريال يمين في حلقة الليلة من برنامجه بيروت مع غابي الإعلامية مهى سلمى، والممثلة اللبنانية ندى بو فرحات الصورة . ويناقش يمين مع ضيفتَيه آخر مشاريعهما، وموقفيهما من التطورات الاجتماعية والسياسية في لبنان. وتتخلّل الحلقة اسكتشات كوميدية. دريم تعيد قناة دريم الليلة عرض حلقة برنامج كنت وزيراً مع جمال الكشكي، التي أطلّ فيها وزير الداخلية المصري منصور العيسوي الصورة . وتحدّث هذا الأخير في المقابلة عن ملفات عدة، أبرزها توقعه قبل أشهر اندلاع ثورة في مصر، وخطته الحالية لإعادة الأمن إلى شوارع القاهرة.
|
وفي العاصمة الليبية طرابلس، أعلنت وزارة الخارجية في بيان نقلته وكالة الأنباء الرسمية اوج ، أن قرار الجامعة العربية أُسس على ادعاءات كاذبة وتشويه صريح للحقائق وما جرى على الأرض، والتي عملنا على إيضاحها وإتاحتها أمام الجميع، بل طالبنا مراراً بإيفاد لجان للتحقيق .
|
ونقل التلفزيون عن اللجنة الشعبية العامة للاتصال الخارجي والتعاون الدولي وزارة الخارجية ، قولها إن القرار خروج غير مقبول على ميثاق الجامعة العربية وعلى الممارسات التي تكرست في الجامعة العربية منذ إنشائها . وأضاف البيان كان الأولى بمجلس الجامعة أن يقرر إرسال لجنة لتقصي الحقائق أولاً . وكان وزراء خارجية دول الجامعة العربية قد طلبوا أول من أمس، في قرار اعتمدوه إثر اجتماعهم الطارئ في القاهرة، من مجلس الأمن الدولي تحمّل مسؤولياته إزاء تدهور الأوضاع في ليبيا واتخاذ الإجراءات الكفيلة بفرض منطقة حظر جوي على حركة الطيران العسكري الليبي فوراً ، والذي يستخدمه نظام القذافي سلاحاً لاستعادة مدن سيطر عليها الثوار. وأكد الأمين العام لجامعة الدول العربية، عمرو موسى، أن اجتماع الجامعة، أسفر عن قرار بأن الانتهاكات الجسيمة والجرائم الخطيرة التي ارتكبتها حكومة القذافي ضد الشعب جرّدتها من الشرعية. غير أن مراقبين يعتقدون أنه لا غنى عن القرار العربي لأي تدخل غربي لتحييد استخدام نظام القذافي لسلاح الجو في المواجهات الحالية في ليبيا، فيما بات على مجلس الأمن الدولي الاستعداد لاتخاذ القرار الذى يتيح منع استخدام القوة الجوية المهلكة للثوار الليبيين، وخاصة في ظل تقدم القوات الموالية للقذافي على الأرض وسيطرتها على منطقة حوض الصناعات النفطية الذي يمتد من رأس لانوف إلى البريقة، التي لا تبعد سوى كيلومتراً عن بنغازي و كيلومتراً عن أجدابيا، حيث يتحصن الثوار. وفيما لم يصدر أي تصريح يؤكد عزم الولايات المتحدة على الضغط من أجل استصدار قرار من مجلس الأمن، أصدر البيت الأبيض بياناً جاء فيه نرحب بهذه الخطوة الصادرة عن الجامعة العربية، وهي تعزز الضغط الدولي على القذافي وتدعم الشعب الليبي . وأضاف إن المجتمع الدولي موحّد في توجيه رسالة واضحة بأنه لا بد من توقف العنف في ليبيا، وبأنه لا بد من محاسبة نظام القذافي . ويقول مسؤولون أميركيون إن الولايات المتحدة هي الدولة الوحيدة إلى جانب روسيا التي تمتلك القدرات العسكرية والمراقبة الاستخبارية من الجو وتعطيل منظومة الدفاع الجوي والاتصالات لدى ليبيا لفرض حظر جوي فعال، بينما يرى وزير الدفاع الأميركي، روبرت غيتس، أن البنتاغون قادر على تنفيذ ذلك إذا تلقى أوامر من الرئيس باراك أوباما. وتقول الحكومة الأميركية إنه ينبغي على الدول العربية أن تقوم بأكثر من إصدار قرار يتبنى فرض منطقة حظر جوي على ليبيا بأن تشارك بالفعل في هذا الشأن. وقال مسؤول أميركي إن هذا لا يعني أن تشارك الدول العربية بطائرات حربية، بل هناك الكثير مما يمكن أن تفعله من توفير المطارات والقواعد الجوية إلى توفير وقود الطائرات والصيانة . ونقلت صحيفة نيويورك تايمز عن دبلوماسي عضو في مجلس الأمن قوله إن قرار جامعة الدول العربية كان مساعداً، لكن هناك الكثير من التحفظات داخل المجلس في الوقت الراهن ، مشيراً إلى أن القرار العربي لم يؤد بعد إلى إزالة كل ما يعوق تبني مجلس الأمن قراراً بفرض الحظر الجوي، وخصوصاً أن القوات الموالية للقذافي تعتمد اعتماداً رئيسياً على المدفعية والدبابات في هجماتها، فيما تظهر استخداماً محدوداً للطيران العسكري. أمّا باريس، فقد رحبت من ناحيتها بدعوة الجامعة العربية. وقال وزير الخارجية، آلان جوبيه، في بيان، إن بلاده ستعزز جهودها في الساعات المقبلة بالتعاون مع شركائها في الاتحاد الأوروبي وجامعة الدول العربية ومجلس الأمن الدولي والمجلس الوطني الانتقالي الليبي . وفي لندن، نقلت هيئة الإذاعة البريطانية بي بي سي عن المتحدثة باسم وزارة الخارجية قولها إن إقامة منطقة حظر جوي فوق ليبيا مجرد خيار حتى الآن يسمح بالرد السريع عند الضرورة . ونقلت بي بي سي عن بعض المراقبين قولهم إن خيار الحظر الجوي لا يحظى على ما يبدو بتأييد الصين وروسيا، فيما تتخذ الولايات المتحدة وألمانيا وإيطاليا خطاً أكثر حذراً. وفي برلين، رحب وزير الخارجية الألماني، غيدو فيسترفيله، بموقف جامعة الدول العربية. ودعا مجلس الأمن الدولي الى الانعقاد بأقصى سرعة ممكنة لمناقشة الأوضاع في ليبيا مجدداً . وفي باريس أيضاً، يجتمع وزراء خارجية مجموعة الثماني اليوم وغداً، للسعي الى تقريب مواقفهم بشأن ليبيا وخصوصاً بصدد إقامة منطقة حظر جوي تطالب بها الجامعة العربية في مواجهة الهجوم المضاد لقوات القذافي. فبعد اجتماعات عدة بين الغربيين في إطار الاتحاد الأوروبي والحلف الأطلسي لم تفض الى موقف حاسم في هذا الشأن، ستجري وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون ونظراؤها الأوروبيون مشاورات مع وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، الذي ما يزال موقف بلاده غامضاً أيضاً بهذا الخصوص. وأبدى وزراء خارجية الدول السبع والعشرين الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، الذين اجتمعوا السبت في المجر، تحفّظات شديدة على أي تدخل عسكري في ليبيا، معتبرين أنه الحل الأخير. في هذه الأثناء، أعلن المندوب الليبي لدى الأمم المتحدة الذي انشقّ عن نظام القذافي، عبد الرحمن شلقم، في واشنطن، أن وزيرة الخارجية الأميركية ستلتقي محمود جبريل المكلف الشؤون الدولية من قبل المجلس الوطني الانتقالي اليوم في باريس. من جهته، أعلن رئيس المجلس الوطني الانتقالي الليبي، مصطفى عبد الجليل، أن قرار وزراء الخارجية العرب بالاتصال بالمجلس يعدّ اعترافاً ضمنياً به. وحذر من أن يؤدي هجوم كاسح لقوات القذافي على بنغازي إلى مقتل نحو نصف مليون ليبي. ويأتي تحذير عبد الجليل بعد تطورات على الأرض لا تصبّ في مصلحة الثوار. ونقل التلفزيون الرسمي في العاصمة طرابلس، حيث معقل الزعيم الليبي معمر القذافي، عن مصدر عسكري أنه جرى تطهير مدينة البريقة من العصابات المسلحة . أمّا مدينة الزاوية التي سقطت أول من أمس في أيدي السلطة، فقد تعرضت للدمار، وسوّت قوات القذافي مقابر دفن فيها مقاتلون من المعارضة بالأرض. وقال مقاتل من المعارضة يدعى محمد أحمد إنهم يستعدون لمواجهة مجزرة. وشرقاً، تمكنت قوات القذافي من السيطرة على رأس لانوف بعد يوم من تنفيذها هجوماً برمائياً على المدينة النفطية الساحلية استخدمت فيه دبابات ومقاتلات ضد الثوار المسلحين بأسلحة خفيفة. من جهة ثانية، قال متحدث باسم قوات المعارضة، إن تمرداً حدث داخل كتيبة خميس معمر القذافي، بينما كانت تزحف إلى مدينة مصراتة، مشيراً الى انضمام فرداً إلى قوات المعارضة التي تسيطر على المدينة. وقال إن أحد المنشقّين يحمل رتبة لواء. وأضاف إن الكتيبة التي تقف على بعد نحو ما بين و كيلومتراً إلى الجنوب من مصراتة، انخرطت في قتال بالأسلحة النارية بعدما أحجم عشرات من الجنود عن فكرة قتل المدنيين. وفيما تتقدم كتائب القذافي نحو الشرق على طول الساحل الليبي، توعّد سيف الاسلام القذافي، بخوض الحرب حتى النهاية ، معرباً عن ثقته في أن القوات الحكومية ستنتصر. وقال سيف الإسلام لمراسلي صحف إيطالية سينتهي كل شيء في القريب العاجل ، مدّعياً أن قوات النظام استعادت في المئة من البلاد . في هذا الوقت، أعلن آمر التوجيه المعنوي في القوات المسلحة الليبية، العقيد ميلاد الفقهي، أن القوات المسلحة ستواصل التوجه شرقاً، مؤكداً عزمها على تحرير جميع المدن الليبية من العناصر الجهادية المتطرفة . وقال، في مؤتمر صحافي، الليلة وغداً ستسمعون أخباراً جيدة لتحرير البؤرة الثورية العالمية في إشارة منه إلى ليبيا، مشيراً الى أن الهجوم الكاسح مكّن الحكومة من السيطرة على الزاوية ورأس لانوف وتطهير العقيلة والبريقة . في المقابل، أعلن المتحدث باسم المجلس الوطني الليبي، عبد الحفيظ غوقة، أن الانتفاضة بدأت وأن الشعب انتصر. وأضاف إن كل ما يريدونه الآن هو الحرب على العصابات وإنهم يعتقدون أن فرض منطقة لحظر الطيران سيمكنهم من الانتصار. وتابع إنه في الوقت الراهن، هناك جهد كبير يبذل لتعزيز تسلحهم، وإنهم يعملون على استيراد أنواع مختلفة من الأسلحة إلى ليبيا لمواجهة القوات الحكومية. وذكر أنه إذا لم تتخذ خطوات بشأن منطقة حظر الطيران فسيضطرون إلى الأخذ بزمام المبادرة لتسليح أنفسهم لأكبر قدر ممكن ومواصلة القتال. الى ذلك، أعلنت ليبيا أمس أن موانئها النفطية باتت آمنة، ودعت الشركات النفطية الى إرسال ناقلاتها لاستئناف شحن النفط، حسبما أفاد التلفزيون الرسمي الليبي. الأخبار، أ ف ب، رويترز، يو بي آي
|
مسؤول قضائي رفيع أكّد لـ الأخبار أن قضية مصنع ما يسمّى المتمّمات الغذائية باتت فعلاً لدى مجلس شورى الدولة، إلا أن إبداء الرأي فيها يحتاج إلى نحو أسبوعين، بغية إجراء دراسة شاملة وموسّعة. ويلفت المسؤول القضائي إلى أن رئيس مجلس شورى الدولة، القاضي شكري صادر، قد وقّع على قبول مراجعة بقرادوني، لكنه لم يقرأها بعد، وذلك لكي لا يتأثر بما ورد فيها عاطفياً، وهو لن يقرأها قبل أن يستمع إلى رأي الجهة المدّعية، أي الدولة، وتحديداً وزارة الصحة العامة التي كانت تقدمت بالادّعاء على الأتات أمام هيئة القضايا في وزارة العدل، بعدما أصدر وزير الصحة قراراً قضى بإغلاق المصنع .
|
يبدي المسؤول القضائي، المتابع للقضية عن كثب، استغرابه لناحية أخذ قضية الأتات كل هذا الأخذ والرد . ويردف قائلاً أنا، كمواطن لبناني، أتابع هذه القضية منذ أكثر من سنتين، وفي كل مرّة يقيمون القيامة في الإعلام ولكن لا شيء يحصل، وقد بقيت الحال هكذا إلى أن منعت السعودية والإمارات منتجات زين الأتات من الدخول إلى أراضيها، فأثيرت القضية مجدداً في لبنان، لكن هذه المرّة يبدو أن المسؤولين في الدولة قرروا التكشير عن أنيابهم في وجه الأتات . وفي السياق نفسه، أوضح مسؤول في مجلس شورى الدولة لـ الأخبار أن آلية التدقيق في القضية ستكون كالآتي تدقيق في المواد المكوّنة للمنتجات وما إذا كانت مذكورة على العلب من الخارج. وفي حال عدم التطابق فهذا يعدّ غشاً، وبالتالي لن يُقبل طلب وكيل الأتات نقض قرار وزارة الصحة. مسألة أخرى أيضاً، إذا لم يتبيّن وجود غش، لكن تبيّن أن بعض المواد في المنتجات المذكورة مضرّة بالصحة، فإنها سوف تمنع ولن يُقبل الطعن المقدم في مراجعة بقرادوني. وبخلاف وجود الغش أو الضرر، لا يمكن التجنّي على الناس، على الأتات أو غيره، وبالتالي لن تمنع . هكذا، تستمر قضية الأتات بين أخذ ورد وانتقال من مرحلة إلى أخرى، والنتيجة واحدة، زين الأتات ما زال قائماً ويعمل بطريقة طبيعية. في هذا الإطار، شاع أخيراً أن للأتات علاقات وثيقة ببعض الشخصيات النافذة في لبنان، والتي قد يكون لها علاقة بعمليات تبييض أموال وتجارة مخدرات، إلا أن المسؤول القضائي الذي يتابع القضية يشير إلى عدم وجود ما يثبت ذلك حتى الآن، حتى ولو كان ظاهراً أن المعنيّ لديه إمكانات مالية كبيرة، ليس أقلها توكيل محام بمنزلة كريم بقرادوني .
|
ثم تقدمت الجمعة بعد الظهر إلى رأس لانوف، حيث كانت القوات الخاصة بالقذافي تختلف في ما بينها، وانشقت بعدما اعترض مقاتلون من مناطق بنغازي والبيضاء على وحشية الكتيبة الخاصة بالقذافي المتمركزة في راس لانوف، فتمكن الثوار من السيطرة على المنطقة، مهددين سرت، مسقط رأس العقيد القذافي بالسقوط بين أيديهم.
|
من بنغازي إلى عتيقة يمتد الشريط الأسفلتي إلى أكثر من كيلومتراً، وعلى طول هذا الشريط سترى العلم الليبي الجديد ـــــ القديم مرفوعاً على السيارات. وفي مداخل القرى الثائرة ومخارجها، وعلى الآليات العسكرية التي استولى عليها الثوار، ستلقى الشبان الذين كانوا حتى الأمس يهجسون بالهجرة إلى الغرب يحملون العلم بألوانه الحمراء والسوداء والخضراء، ويلوحون به بيد، وبالأخرى يرفعون شارات النصر. كان الشرق في الماضي مقرّاً للثورة الليبية التحررية الأولى على الإيطاليين. هكذا يقول التاريخ الذي عاد الثوار للتحدث فيه، بعدما أُخفي أربعين عاماً تحت طائلة الاعتقال. والشخصية التي يعتز بها الليبيون اليوم هي عمر المختار. يتحدثون عنه باحترام، ويشيرون إلى الناحية التي دفن فيها كلما مررت من قربها. وحين تحررت ليبيا من الاستعمار الإيطالي، وقررت من بعدها الأمم المتحدة منحها استقلالاً تاماً، كانت العائلة السنوسية هي الحاكمة. البلاد الفقيرة قبل اكتشاف النفط، عاشت من إيجار قواعد عسكرية للغرب، بضعة ملايين خصص نصفها الحكم الملكي للتعليم والصحة، والنصف الآخر من الموازنة يوزع على كل المصاريف الأخرى. ثم اكتشف النفط، وبدأ الحكم الملكي بإنشاء المعاهد التعليمية، وبتطوير البنى التحتية الموروثة عن الاستعمار الإيطالي وقبله عن السلطنة العثمانية، حتى أتى انقلاب القذافي ليعيد رسم كل التاريخ كما يشاء. اليوم حين تلفظ تعبير ثورة الفاتح ، يجادلك الناس في أن ما حصل لم يكن ثورة، وأن ضباطاً في الجيش انقلبوا على الحكم الملكي، وأن القذافي صفّى رفاقه واحداً تلو آخر، وبقي معه فقط عبد السلام جلود، الذي عاد وعزله في مرحلة متأخرة. لا يريد الليبيون اليوم العودة إلى الحكم السنوسي، أو الملكية، لكنهم لا يجدون غضاضة في التحسر على الحكم الملكي، الذي ظلمه القذافي. ويبررون ما حصل من موافقة الشعب على الانقلاب بأن الرجل الذي حكم ليبيا أكثر من أربعين عاماً، خدع كل الدنيا بشعاراته، لا الليبيين فقط، فهو قال إنه مع الوحدة العربية، لكنه دعم كل حركات الانفصال في العالم العربي، وحرض الفلسطينيين بعضهم على بعض، ودفع الأموال الطائلة لكل أطراف التخريب في العالم العربي. الليبيون شعب مسالم بطبيعته، إذا ما تُرك في شأنه ولم يتعرض لأي اعتداء. لكن عقيدهم أدخلهم في كل صراعات الدنيا، حتى بات الناس يشعرون بضغط الحياة، كأنهم يحملون هموم العالم ولا مجال للتأفف أو التعبير عما يجول في صدورهم من تعب، وانفجروا أخيراً. في عام قرر العقيد الليبي تصفية من معارضيه، وهي الحادثة الشهيرة، التي تكفلت بإطلاق الثورة اليوم. وبعد عشرة أعوام من تصفية هؤلاء، اكتشف أهاليهم أن المساجين السياسيين، أبناءهم وأحبتهم، الذين واظبوا على إرسال المال والطعام والسجائر لهم في السجن قد ذبُحوا في ما يعرف اليوم بمجزرة سجن بوسليم طرابلس ، ودفنوا، وأُخفيت معالم الجريمة. ربما من هذه الزاوية ينظر الليبيون إلى مسألة اختفاء موسى الصدر بتعاطف، فالعقيد قد ذبح أهل بلده أنفسهم، ولم يسلم من أحكامه أحد في داخل ليبيا ولا في خارجها. ارتبطت هذه المجزرة بمجزرة أخرى حصلت أمام القنصلية الإيطالية في بنغازي في السابع عشر من شهر شباط عام وأخذ تاريخ الحادثة مناسبة لإطلاق الثورة الحديثة ، حين أُطلقت النار على متظاهرين محتجين على ما عرف بالرسوم المسيئة إلى النبي، وخصوصاً أن أهالي المعتقلين المفقودين كانوا يتجمعون كل يوم سبت أمام محكمة شمال بنغازي. وصار الحشد يكبر، وتحول إلى قضية أمام المحكمة، استمرت إلى عام ، توكلها المحامي فتحي تربل الذي اعتقل يوم شباط الماضي من داخل المحكمة لتنفجر حينها الثورة في ليبيا، وتصل إلى ما وصلت إليه. قبلها، كان العقيد كل يوم يعد الشباب بـ ليبيا الغد ، التي يبنيها وحده من أجلهم. وأهل الشرق الليبي، كما أهل الغرب، ينتظرون ويسألون. والشرق الليبي يفخر دائماً بأن عمر المختار أتى منه، ونزل من مدينة البيضاء إلى الغرب، وقاتل الإيطاليين، وكان يتمركز في مرتفعات الشرق من طبرق إلى المرج، معطياً ظهره إلى مصر حيث تستقر العائلة السنوسية، ووجهه صوب الغرب حيث تقاتل قواته المستعمرين. الناس الفخورون بهذا التاريخ سمعوا القذافي يعدهم بالقليل القليل ثم يخذلهم في كل سبل الحياة. في النصف الثاني من عام تمكن أحد المواطنين من بنغازي، خلال حضوره للقاء مع العقيد القائد الإمام القذافي، من استجماع شجاعته، وقال أنا لا أملك مسكناً، ولم أحصل على مسكن من خلال الطلبات الرسمية ، فكان جواب العقيد المباني الجديدة الخالية في المدينة أمامك، نط على واحد احتل أحدها ، فصدق الرجل وأخبر الناس بما سمع. وهجم المواطنون على المساكن الخالية، واحتلوها، فأرسل العقيد قواته الخاصة لإخراجهم بالقوة. لكن اليوم، مع الثورة وانعدام وجود أي روادع عنفية، لم يحتل أي من أبناء المدن أو القرى منزلاً أو شقة. سئم الناس محاولة الهجرة من دون طائل، وحين لمعت شرارة الثورة سارعوا إلى السلاح، ومن الشرق لأنه الأكثر اختلاطاً. ولأن الشرق وبنغازي لطالما كانا أفضل احتكاكاً من الغرب بالعالم الخارجي، ولأن أهل الشرق دمهم حار كما يعبر الليبيون، حمل الشبان السلاح، وكلما توغلوا في العمل المسلح كانت تأتيهم خطابات العقيد لتشد من عزيمتهم. فهو مرة يصف الليبيين بالجرذان، وأخرى يقول إن نساء مدينة البيضاء يعشن في الغابة المحيطة بالبيضاء ، وأخرى يقول إن القاعدة استولت على المدن ومنعت النساء من الخروج، فتخرج تظاهرات نسائية استنكاراً. وحيناً يتحدث عن إحدى القبائل بأشنع الصفات، ثم يوم الجمعة في الرابع من آذار الحالي يقتل من أبناء قبيلة الفرجان، ليسرع مع هذه الخطوة من سقوط راس لانوف ويمهد الطريق أمام الثوار إلى سرت. ومع يأس الناس، جاء الالتحاق بالقوى الثورية، فحملوا السلاح وانضموا إلى القوى العسكرية المقاتلة، وذهبوا في الصحراء تماماً كأسلافهم، لكن هذه المرة لقتال القذافي، وهو من كان إلى وقت قريب يعبّر عن صورة ليبيا. الزاوي، ضابط خمسيني، قاتل في لبنان، وتجول في مناطق بلاد الأرز. يمتنع الزاوي عن البوح بطبيعة مهمته في لبنان، وإن كان يمكن الاستنتاج بسهولة، من خلال الأماكن التي زارها أنه كان يقاتل تحت راية أحد التنظيمات اللبنانية في مرحلة ما قبل الاجتياح الإسرائيلي للبنان، ما بين عام وعام . الضابط الخمسيني تحول إلى الاحتياط، وهو من المرج، خدم في قوات الدفاع الجوي في ليبيا، ضمن وحدات الجيش النظامي، ثم عاد إلى قريته، ومع بداية الثورة التحق بالقوات النظامية المقاتلة، واستعاد موقعه القيادي، حيث يقود اليوم مئات الرجال تحت إمرته، لكنه عملياً لا يخضع لقيادة، وحين تسأله عن الضابط الأعلى منه رتبة، يخبرك بأنه ينسق نيرانه وعملياته مع القوات الأخرى مباشرة. تضم كتيبة الزاوي، إضافة إلى الرشاشات المضادة للطائرات وصواريخ سام الخفيفة المحمولة على الكتف، كل ما تمكنت الكتيبة من الحصول عليه من أسلحة، ووحدات مقاتلة، فهي تحمل على عرباتها أيضاً مدافع مباشرة مختلطة ما بين روسية الصنع وأميركية المنشأ، وتضم كذلك مقاتلين مسلحين ببنادق هجومية وقواذف صاروخية خفيفة، وبعض الهاونات. كتيبة الزاوي انفصلت عن الجيش النظامي في أول أيام الثورة، والتحق الزاوي بها، وسلمت إليه قيادتها، ومع تقدم أيام الثورة مثّلت هذه الكتيبة أحد روافد الدعم الرئيسية، وتخلى المواطن الزاوي عن حياة التقاعد واستسلم لرياح الثورة التي تهب عكس رياح الغبار، من الشرق إلى الغرب. مقاتلو الزاوي متنوعون ما بين جنود نظاميين واظبوا على ارتداء بزاتهم الرسمية خلال العمليات القتالية الجارية، وما بين متطوعين يرتدون ثياباً مدنية، وجنود محترفين تخلوا عن الزي الرسمي علامة تحولهم إلى ثوار أحرار. في الثالث من آذار كان الزاوي في مدينة بنغازي، وتحرك إلى أجدابيا ومنها إلى البريقة، حيث تمكنت قوات القذافي من الدخول إلى حرم جامعي يبعد عشرات الكيلومترات عن البريقة، وبعد معركة مع هذه القوات، تمكن الثوار من إسقاطها، وتمركزوا في خط دفاعي أول على مبعدة كيلومترات إلى غرب المقر الجامعي، ونشروا الكمائن ومجموعات الرصد في المناطق الفاصلة بينهم وبين راس لانوف على مسافة كليومتر تقريباً وسرت. طه، الشاب الثلاثيني، التحق بكتيبة شهداء الزاوية بعدما تمكن من الحصول على بندقية كلاشنيكوف خلال مواجهة مع مرتزق في بنغازي. خفّ طه إلى بنغازي لدعم أهلها في الأيام الأولى من الاضطرابات، وكانت القوات الخاصة بالقذافي تدخل بنغازي عبر المطار الدولي، أولاً لسحب الوفد المفاوض الذي ضم أحد أبناء القذافي، وتالياً لقمع أهل المدينة، وهناك انتزع طه بندقيته الهجومية، والتحق منذ يوم عشرين شباط بالقوات المقاتلة. شارك طه سابقاً في قوات حرس الحدود، وتدرب على الأسلحة الخفيفة، ثم أنهى دراسته الجامعية في كلية الآداب ـــــ فرع الآثار، لكنه طبعاً كمئات آلاف الليبيين لم يجد عملاً، فعاد إلى قريته بجوار مدينة البيضاء، حيث زرع الأرض وتزوج وأنجب طفلة، وبقي لأسبوعين من دون أن يشاهدها حتى أرسلتها زوجته مع أحد أقربائه إليه في محاور القتال لرؤيتها لساعات. طه اليوم يعيش إصراراً، وهو يقول إن الأمر لم يعد في المعيشة أو الحرية فقط، بل لقد تعرض لإهانة من العقيد القائد، الذي أرسل مرتزقته لقتال أهالي المناطق الفقيرة، وإنه لن يتوقف عن القتال حتى يموت أو يبلغ طرابلس وينتهي نظام العقيد. ويشرف رفاق طه على تدريبه على المدفعية المضادة للطائرات، وهو يستخدم الآن مجموعة كبيرة من أسلحة وحدته المقاتلة ضمن كتيبة الزاوية. كتيبة أخرى تنتشر على مقربة من كتيبة شهداء الزاوية، هي كتيبة القتال الأولى المضادة للطائرات، يقودها النقيب عبد الحميد علي محمد من مدينة البيضاء، وهو ضابط متقاعد أيضاً، جمع معه مئات من المتطوعين، وعدداً من الضباط، وتمكن من الاستيلاء على أسلحة الكتيبة والتحق به عدد من عناصرها، وكوّن كتيبة متكاملة، لكن أيضاً تضم أسلحة مختلفة. انتشرت هذه الكتيبة جنوب غرب البريقة، وشاركت في المعارك المباشرة والتقدم وصولاً إلى تقديم الدعم لكتائب أخرى اشتركت في معارك البريقة، ووصلت بعد انتهاء القتال في البريقة، وتمركزت في نقاطها بانتظار التقدم إلى مواقع أخرى. وقد عاد النقيب عبد الحميد إلى ارتداء الزي الرسمي محاطاً بمئات من رجال الميليشيا غير المدربين جيداً، لكنهم يملكون معنويات عالية ويصرخون بعبارات النصر كلما دوى إطلاق نار من مدافعهم الرشاشة.
|
عودة الى التحكيم الكروي مجدداً. وقد يعتقد البعض أن اللجنة العليا للاتحاد اللبناني لكرة القدم مشلولة، فكيف الحال بلجانها، ومنها لجنة الحكام المشلولة أساساً، لكن بطولات الدوري يمكن أن تستمر دون اجتماع اللجنة العليا عبر قرارات للجنة الطوارئ، إلا أن المباريات لا يمكن أن تُقام دون حكّام. وما يحصل في بطولة الدرجة الثانية يثير تساؤلات عن الأداء التحكيمي الذي لا يتحمل أيّ مسؤولية، نتيجة الأخطار التي تحيط بالحكام في المباريات، فيما لجنة الحكام واللجنة العليا من ورائها لا تحميان حكامهما.
|
فأن تصل الأمور إلى حد قول عضو اللجنة نبيل عياد في جلسة الحكام قبل الأخيرة إن الوضع في مباريات الدرجة الثانية لا يحتمل والله يعين الحكام هو دليل على ما يحصل، وخصوصاً أن الحكام أصبحوا يقودون المباريات وفق حسابات السلامة، أي إن الأفضلية لصاحب الأرض والتعويض لاحقاً للضيف. وهذه المعادلة فهمتها الأندية فأصبحت تتصرف على هذا الأساس، الى درجة أن أحد المسؤولين الشماليين قرر اعتماد خطة عمل أندية البقاع من ناحية الضغط على الحكام، وهو ما بدأت بشائره قبل ثلاثة أسابيع في طرابلس وتحت أنظار العضو عياد. والخطر الذي يتهدد الحكام أوصلهم الى مرحلة أصبحوا فيها يفضلون الإيقاف وقضاء فترة العقوبة قرب عائلاتهم على قضائها في المستشفى نتيجة الاعتداء عليهم. ولا تتوقف الأمور عند هذا الحد، إذ إن أحد الحكام يعمل على تأمين أمنه الذاتي في بعض المباريات الحساسة في الدرجة الثانية عبر معارفه في القوى الأمنية، الى درجة أن أحد أقربائه سأله شو ما في غيرك في التحكيم؟ . كل هذا أوصل الحكام الى الاعتذار عن عدم قيادة مباريات في الدرجة الثانية، ما وضع اللجنة في مأزق. ورغم ذلك فإن جلسات التقويم الفولكلورية مستمرة وإن كان بما تيسّر من الحكام لا يتجاوز عددهم العشرين ، فيما تمارين اللياقة، التي كان من المفترض إقامتها قبل الجلسة وفق توصيات لجنة التحقيق، طارت ولم تعد موجودة، بينما عرض حالات بطولة الدرجة الثانية يسير وفق مبدأ جلسة إيه وجلسة لأ .
|
والمدرسة المناسبة بالنسبة إلينا، هي المدرسة التي تقدّم تعليماً ذا نوعية، وتكون مختلطة طبقياً ودينياً حدّاً أدنى وعلمانية التوجه وحقوقيّة تربوية المبادئ.
|
طبعاً، بعد نقاش طويل وحسابات معقّدة، استبعدنا معيار الكلفة القسط المدرسي وما يأتي معه من مدفوعات أخرى قد تساويه ، لأنّ كلّ المدارس التي تلبّي هذه المعايير، تبدأ أقساطها بعتبة السبعة ملايين ليرة ،أو ما يعادلها بالعملة الأميركية اللبنانية. بناءً على هذه المعايير، استطعنا تحديد مدارس بدائرة الاختيار الأولى معيارا المسافة الجغرافية ولغة التدريس الفرنسية و مدارس بدائرة الاختيار الثانية. لكن، لم يُقبل في أيّ منها. السبب المعلن لا أماكن إلى هذا الحدّ، قد يبدو الأمر طبيعياً أو عادياً، لكن لندخل معاً إلى ما وراء ذلك من ديناميّات تعزّز النظام الطائفي القائم، بما فيه من زبائنية وفساد وتمييز، حتى لو تعلّق الأمر بمؤسسات تدّعي غير ذلك ظاهرياً. جميع الأصدقاء والأصحاب والمعارف، القريب منهم والبعيد، أشاروا لنا بأنّ مهمّتنا مستحيلة إذا لم نستعمل واسطة سياسيّة ثقيلة لهذا الغرض. يجب معرفة أي زعامة سياسية ـــــ طائفية يجب استعمالها لأيّ مدرسة. تفضّل المدارس، وحسب الفرع المنطقة، طوائف معيّنة على غيرها، من أجل التوازن الطائفي من ناحية، ولضمان الرضى من المحيط المباشر بالدرجة الثانية. أما نحن، فقد استعملنا فقط الطرق المنصوص عليها ظاهرياً ، بمعنى آخر، تقديم طلب وإجراء مقابلة، وهنا لا بدّ من ذكر أننا لم نُبلّغ ولا نُبلّغ بأية معايير ستُستعمل في تقويم هذه المقابلات، وهو ما ينفي مبدأ الشفافية ويسمح بالتلاعب الذي حصل معنا كما اكتشفنا لاحقاً . وعلى فكرة، ربطاً بالعلاقة مع المعايير الأخلاقية والتربوية، تتقاضى معظم المدارس مبلغاً ثمن الطلب، وهو غير مرتجع. كذلك يحقّ للولد مقابلة واحدة فقط، وهذا يعني أنّ الشاب البالغ أو عاماً له الحق بدورة ثانية إذا رسب في الدورة الأولى بالامتحانات الرسمية لشهادة الثانوية العامة أو البكالوريا، أمّا الطفل ذو الثلاث سنوات، فلا. والحجة عادة هي ما بدنا نفتح باب على حالنا ، أي إنّ راحتهم أهمّ وأكبر من القيمة التربوية أو الأخلاقية. وتخيّل طفلاً يُمتحن عبر الطلب منه التعرف إلى إحدى الشخصيات الكرتونية الأميركية أو الفرنسية مثلاً، و طلع ما بيعرفها ، لأنّه لا يحبّها أصلاً ربّما أو تخيّل أنّه لم يفهم سؤالاً وُجّه له باللغة الفرنسية أو الإنكليزية، معقول ما عرف يجاوب، ولو هذا نموذج عن كيف يخدم هؤلاء الأذناب الزعامة الطائفية ـــــ السياسية. في حالتين على الأقلّ من الحالات التي نعرفها بالاسم، أعيد قبول الأطفال بعد رفضهم لكلّ الأسباب أعلاه، بعد مكالمة هاتفية من الزعيم الطائفي ـــــ السياسي. وهذا يعني أنّ الديناميات الداخلية غير المنظورة للمدارس المسمّاة مدنية وتربوية ، تخدم مباشرةً إعادة إنتاج النظام الطائفي والفاسد والزبائني. وهذا كلّه كان يمكن أن ينتفي لو وُجدت المدرسة الرسمية ذات النوعية، في بلد غير طائفي وديموقراطي. وعلى أمل ألّا تنعكس هذه القيم الزبائنية والفاسدة على التلامذة، وإن كنّا نشك بذلك، خصوصاً أنّهم عندما يكبرون سيعرفون أنّ قبولهم كان بتسهيل مباشر من نظام العلاقات الفاسد هذا، الذي من شبه المؤكد أنّهم سيستعملونه بدورهم، ممّا يعيدنا إلى المربّع الصفر. وما أجمل الصفر ألم يكن العرب هم من اخترعوه كما يُقال أصلاً. بالإذن من علاء الأسواني إلغاء النظام الطائفي هو الحلّ. كاتب لبناني
|
اتجهت أنظارهم نحو القصر الرئاسي، فتذكروا أن قاطنه أمعن في اغتصاب السلطة طوال أكثر من ٣٢ عاماً، محوّلاً إياها إلى شركة عائلية يديرها بمساعدة من نجله، الموعود بأن يقدم إليه كرسي الحكم بعد حين، وأولاد أشقائه القابضين على مفاصل المؤسسات الأمنية. نقّبوا في ذاكرتهم عن موعد آخر انتخابات حرة ونزيهة شهدتها البلاد، فعجزوا عن إيجاده، وتبادر إلى أذهانهم الصراع القائم منذ مدة بين السلطة والمعارضة بشأن قانون الانتخابات، وتعمّد النظام التلاعب بجداول الناخبين لحرمان فئات واسعة من الشعب المشاركة في الحياة السياسية.
|
بحثوا عن مؤسسات الدولة، فتذكروا أن فعاليتها شبه معدومة، بعدما أصبح الفساد رديفاً لها، ومن نجا منها من الإفلاس، كان في طريقه إليها، فتيقّنوا أن الوقت ربما حان للتغيير الشامل، وأن لا مفر من الشارع للتعبير عن خيارهم الجديد، أسوة بأقرانهم في مصر وتونس. فبدأوا ضمن مجموعات صغيرة يخرجون إلى الشوارع رافعين شعارات تطالب بالتغيير، فيما النظام يتجاهلهم كعادته، ظناً منه أن سيناريو الاحتجاجات المطلبية سيتكرر، أيام قليلة من الاحتجاجات ومن بعدها ستعود الأمور إلى الهدوء. في تلك الأثناء، كان الخلاف بين المعارضة والسلطة قد وصل إلى أوجه، بعد تصميم السلطة على المضي قدماً في إجراء الانتخابات في موعدها المحدد في نيسان المقبل. ولجأت المعارضة إلى الاستفادة من ورقة الشارع للضغط على الرئيس للعودة إلى الحوار والأخذ بمطالبها، فيما كان النظام قد بدأ يتخلى عن سياسة اللامبالاة التي اعتمدها طوال سنوات تجاه المعارضة. أجّل الرئيس زيارة كانت مقررة للولايات المتحدة أواخر الشهر الماضي، بعدما أدرك أن غيابه عن البلاد في مثل هذه الظروف يحمل الكثير من المخاطر، وسارع عوضاً عن ذلك إلى إطلاق المبادرات الحوارية الواحدة تلو الأخرى. افتتح بورصة التنازلات بإعلان تراجعه عن فكرة توريث الحكم لنجله أحمد أو التمديد لنفسه، مؤكداً أن طموحه لم يعد يتعدّى إكمال ما بقي من ولايته التي تنتهي في عام ٢٠١٣. انقلبت الأدوار وتجاهلته المعارضة، مقدمةً عرضاً للقوة في ٣ شباط لإسماع صوتها، فيما دفع صالح، في الوقت نفسه، بأنصاره إلى الشارع في محاولة للإيحاء بأن لعبة الشارع لن تكون حكراً على أحد، مرتكباً خطيئته القاتلة بقيام أنصاره باحتلال ساحة ميدان التحرير في صنعاء ونصب الخيم فيها. وفيما كانت المعارضة قد بدأت تغيب عن مشهد التظاهرات، بحثاً عن تسوية مع النظام، كان المحتجون يمسكون بزمام المبادرة، بعدما قدم سقوط النظام المصري جرعة دعم معنوية لهم، معلنين بدورهم اعتصاماً مفتوحاً حتى سقوط النظام. وطوال الأسابيع الخمسة الماضية، نجح المعتصمون في كسب نقاط عديدة، أسهمت كل واحدة منها في تدعيم صمود الثورة. فالاعتصامات التي بدأت بتعز وصنعاء، سرعان ما تمدّدت إلى مختلف المحافظات، ومن بينها عدن. وبينما كان النظام يراهن على خلافات اليمنيين لتفكّك الاحتجاجات، نجح المحتجون، بدءاً من صنعاء مروراً بصعدة ووصولاً إلى عدن، في التوحد خلف مطلب تنحية الرئيس اليمني. فالحوثيون الذين عرفوا بشعار الموت لأميركا... الموت لإسرائيل ، والجنوبيون الذين خاضوا طوال السنوات الماضية صدامات ماراتونية مع القوات اليمنية للمطالبة بفك الارتباط، نحوا مطالبهم وشعاراتهم جانباً، وبات إسقاط الرئيس شعاراً تتردد أصداؤه من أقصى الشمال إلى أقصى الجنوب. عجز النظام عن إدراك ما يدور من حوله، وراهن على عدم خبرة الشباب، ومحدودية تمثيلهم للمجتمع، معتقداً أنهم بلا مظلة دينية أو قبلية تحميهم، في بلد يمثّل الدين والقبلية عماد أركانه. فأطلق نحوهم بلطجية مسلحين بعتاد قوات أمنية، في محاولة لإرهابهم ودفعهم إلى إجهاض تحركهم. استعمل في البداية العصي الكهربائية والحجارة، فكانت النتيجة عزيمة أكبر لدى المعتصمين، وانضمام أعداد أكبر من المحتجين. من جديد لجأ النظام إلى الترهيب باستخدام القنابل السامة، فسرّع من استقطاب المعتصمين لفئات جديدة، أبرزها القبائل التي بدأت تعلن تباعاً انضمامها إلى الثورة، مقدمةً صورة حضارية متميزة عن سلوكها، بعدما باتت الكلمة سلاحها. اعتقد النظام أن جرعة إضافية من العنف ستسهم في خروج القبائل عن طورها ومسارعتها إلى السلاح للتعبير عن غضبها لتفجير أعمال عنف دموية تقود إلى حرب أهلية فيستعيد زمام المبادرة، لكنّ ظنه خاب من جديد، وباتت الثارات بين القبائل أمراً ثانوياً، بعدما أصبح علي عبد الله صالح العدو الأوحد، فيما أولى بوادر التمرد داخل المؤسسة العسكرية كانت قد بدأت تلوح في الأفق، مع خروج صيحات تطالب الرئيس بالتنحّي من داخل مقر الأمن المركزي، وقيام أحد أبرز دعائم النظام، علي محسن الأحمر، بالانضمام إلى الثوار، بعدما تولى عناصره الفرقة الأولى المرابطون عند أحد مداخل ساحة التغيير حماية المعتصمين. عند هذه النقطة، حسم صالح خياره بضرورة إخلاء ساحة التغيير مهما كلف الأمر، بعدما تيقّن من أن المعركة هي معركة وجود، وبقاء المحتجين يعني رحيله، ولا سيما أنه شاهد جمعاً كبيراً من أعضاء حزبه ونوابه ووزرائه ينفضّون من حوله، معلنين أن السيل قد بلغ الزبى من رئيس لا يتقن سوى القتل. تطورات أفقدت الرئيس صوابه، فتحيّن جمعة الإنذار المليونية ، في الثامن عشر من الشهر الحالي، وحوّلها إلى مجزرة أسقطت ٥٢ قتيلاً، في موازاة ترسيخها لحتمية بقاء المعتصمين، ولو تطلّب الأمر سقوط المئات لا العشرات منهم، بعدما نقل شهود عيان روايات عن لحظة وقوع المجزرة، أكدوا خلالها أنه في لحظة إطلاق القناصة المتمترسين على أسطح المنازل الرصاص، كان المحتجّون يتقدمون بالمئات نحو مصدر الرصاص، ليتساقطوا واحداً تلو الآخر، حتى تراكمت الجثث وسط بركة من الدماء سرعان ما فاضت لتحدث طوفاناً يقترب من إطاحة صالح من منصبه. فالمجزرة مثّلت نقطة تحوّل حاسمة في مسيرة النضال الشعبي والسياسي ضد صالح. المعارضة المترددة حسمت خيارها بما لا رجعة فيه، بالوقوف في صف المطالبين بتنحية الرئيس، بعدما بقيت طوال الفترة الماضية مترددة، واضعةً قدماً في السفارات، تستمع هناك إلى نصائح غربية ـــــ أميركية ـــــ أوروبية تطالبها بضرورة العودة إلى الحوار، والقدم الأخرى على مقربة من ساحة الاعتصام. أما كبار ضباط الجيش الذين أعلنوا استقالاتهم، وفي مقدمتهم علي محسن الأحمر، خلال اليومين الماضيين، فكانت المجزرة ذريعة قوية ليبرروا بها الهروب من سفينة النظام، رغم أنهم كانوا حتى الأمس القريب من بين أكثر المستفيدين منه، فيما دفعت المجرزة كبرى القبائل حاشد وبكيل وكبار مشايخها، وفي مقدمتهم صادق الأحمر، إلى إعلان براءتها من الرئيس، داعين إياه إلى تلبية مطلب الشعب بالرحيل.
|
أما مورينيو، فقد أمل أن يتفادى مواجهة فريقيه السابقين تشلسي الإنكليزي وانتر ميلانو الإيطالي حامل اللقب. وقال مورينيو لا أحبّذ اللعب ضد انتر أو تشلسي بسبب عامل المشاعر. إذا اضطررت إلى مواجهة أناسي السابقين فسأفعل ذلك، لكنني سأكون حينها بحاجة الى الاستعداد نفسياً بطريقة أكبر من استعدادي لمواجهة أي منافس آخر ليس في قلبي .
|
رونالدو يأمل تفادي برشلونة في قرعة الأبطال اليوم
|
السر في الرمل يقر علي. فعلى الجمر، في فرن الحطب القريب، وعلى فرنية خاصة، توضع حبات الفول مع الماء من دون إضافات، في جرار تحاط بالرمل حيث تغلي وتختمر لأكثر من اثنتي عشرة ساعة، وكلما غلت أكثر، أُضيف اليها الماء. بعدها تنقل الى المحل حيث يُستكمل غليها على الفحم. وعند الطلب، يُغرف الفول من الجرة ويُهرس يدوياً بالكبشة، وهي عبارة عن ملعقة حديدية كبيرة بيد طويلة، ثم يُقدّم مع تتبيلة الحامض والثوم والملح وفوقه زيت الزيتون الأصلي والى جانبه حبة بصل وأوراق نعناع. يوضح علي أن البعض يضيفون إلى طبق الفول عدساً مجروشاً وزبدة وسمنة بلدية وبندورة مقطّعة. أما الحمص الذي يلازم طبق الفول، فهو يغلي على بابور الكاز قبل أن تنزع قشوره ويقدَّم على أنواعه المختلفة كـ المسبّحة التي تضاف اليها الطحينة والملح والحامض والثوم والزيت، أو البليلة التي تشبهها لكن من دون طحينة، الى جانب الحمص الناعم المهروس.
|
وإذا كان ورثة مدرسة بارود لا يزالون ملتزمين بالطرق القديمة في صناعته، فإن بعض الفوّالين الجدد لم يجدوا من داع لكل تلك اللبكة . هكذا، يكتفي جهاد عابد صاحب محل مثلاً بغلي الفول على النار وقتاً طويلاً بدلاً من استخدام الطريقة التقليدية المرتكزة على الجمر والرمل، قبل أن يهرسه آلياً بالماكينة الكهربائية ويضيف إليه التتبيلة المعروفة. مع ذلك، يلقى محله، الذي افتتحه قبل عشرين عاماً، إقبالاً، ليس على مذاق الفول وحده، بل على السرفيس الذي يقدمه معه، أي الخبز الطازج والخضر المشكلة والزيتون والمرطبات. يتحدث جهاد عن تطورات أصابت الفول في صور، أهمها أنه لم يعد أكلة شعبية، حتى إن الفقراء لم يعد بإمكانهم تناوله يومياً، إذ إن سعر صحن الفول الواحد، على صغر حجمه لا يقلّ، في جميع المحال، عن ثلاثة آلاف ليرة. المشهد اختلف عن السابق، بحسب جهاد، حيث تحولت المطاعم من بسطات صغيرة متواضعة الى صالات تستقبل الزبائن كأيّ مطعم عادي. أما عن مصدر الفول، فيشير مزرعاني الى أن الفوّالين يعتمدون على شراء الفول المستورد الإنكليزي والأميركي، إلا أنه يؤكد أن الفول المصري هو الأجود. أما البلدي، فليس جيداً لأن قشرته تكون قاسية لا تصلح للغلي والهرس.
|
وبين هذا التحرّك وذاك، وقفت الفضائيات العربية والعالمية عاجزة عن تقديم قراءة واضحة للمشهد. اكتفت بعرض ما خصها به الإعلام السوري للتظاهرات المؤيدة، بينما استعانت بمقاطع الهاتف الخلوي التي حُمّلت على مواقع التواصل مثل فايسبوك و يوتيوب ... لنقل صورة الاحتجاجات المعارضة. هذا الواقع ـــــ أي غياب التوازن في التغطية ـــــ دفع قسماً كبيراً من المتظاهرين السوريين المعارضين، إلى التعبير عن نقمتهم على الفضائيات العربية الإخبارية، وخصوصاً الجزيرة ؛ إذ رأى هؤلاء أن الفضائية القطرية تقاعست وتأخّرت في التغطية السورية، بعدما عدّها السوريون سندهم الأول، وخصوصاً إثر تغطيتها للثورات العربية المتلاحقة ووقوفها إلى جانب الشعب العربي المنتفض أينما كان تقريباً . هكذا، غابت عبارة خاص عن مجمل المشاهد التي عرضتها المحطة الإخبارية الشهيرة، بعدما تميزت طوال الشهرَين الماضيَين بلقطات وأشرطة حصرية فضحت من خلالها ممارسات الديكتاتوريات المتهاوية، وخصوصاً في تونس، مصر واليمن... وهو ما جعلها في طليعة المحطات الإخبارية العربية.
|
يوم الجمعة الماضي، نقلت مختلف القنوات الفضائية مشاهد مباشرة عن اعتصام الشباب الأردني في عمّان وأعمال العنف التي لحقت به، بينما لم تكترث بتظاهراتنا أي فضائية عربية أو غربية. أين الموضوعية والصدقية التي يتغنّون بها؟ قد تكون هذه العبارة التي قالها أحد المعتصمين في ساحة المرجة في وسط العاصمة السورية خير دليل على الامتعاض المنتشر بين المتظاهرين السوريين. مقابل هذا التجاهل الفضائي، بدا الإعلام الرسمي السوري مصرّاً على نظرية المؤامرة التي يستحضرها في كل مرة تبدو سوريا أمام مأزق داخلي. وهي النظرية التي تؤكد وجود عناصر تخريبيّين مندسين في المجتمع السوري. عناصر يقفون وراء جميع الأحداث الدموية والفوضى التي عصفت بالبلاد، وتحديداً في درعا التي تُعَدّ اليوم قبلة الثورة السورية على النظام، كما وصفها العديد من المواقع الإلكترونية. أما ضيوف المحطات الفضائية المختلفة، من رجال الإعلام أو السلطة السورية، فلا يزالون حتى اللحظة يدافعون بشراسة عن وجهة النظر والسيناريو الذي يتبناه الإعلام السوري الرسمي، ضاربين عرض الحائط بجميع المشاهد الدموية للتظاهرات السورية المعارضة، وإطلاق الرصاص الحي، وصور الجثث الملقاة على الطرقات. وفي ظل هذا الغياب التلفزيوني عن حقيقة ما يجري على الأرض، وجد المواطن السوري ضالته في شبكة الإنترنت وبعض المواقع الإلكترونية، والصفحات الإخبارية على فايسبوك ؛ إذ تابع الناشطون عبر هذه المواقع الأحداث لحظة بلحظة، وعُرضت مشاهد بالجملة، تحدث بوتيرة متسارعة جداً، صوّرتها كاميرات الهواتف الخلوية. وقد رافقت هذه الصور والأشرطة تعليقات بالمئات، باتت أشبه بمتنفّس ديموقراطي بعيد عن السطوة المباشرة للرقابة. بدورها، جاءت صفحة شبكة شام الإخبارية معادلة لـ شبكة رصد التي برزت خلال الثورة المصرية على فايسبوك ، وجذبت أعداداً كبيرة من المتصفحين والمعلقين، فيما اتجهت بعض الصفحات الأخرى إلى بث شعارات تثير الغرائز الطائفية. في هذا الإطار، نشرت شبكة شام بيانات ونداءات ترفض الخطاب الطائفي والمذهبي، ودعت إلى التهدئة وتجنّب العنف، في رد مباشر على كل من اتهمها بالسعي إلى إشعال فتنة طائفية في سوريا. ولعل أحد أبرز البيانات التي نشرتها الشبكة كان الآتي شبكة شام تعلن أنها ستغلق موقعها مقابل أن تسمح الحكومة السورية لكل وسائل الإعلام بالدخول إلى جميع مدن سوريا وقراها. نناشد كل القنوات الفضائية أن تضغط إعلامياً على سوريا كي تسمح لها بالدخول وكشف الحقيقة. لماذا تمنعون وسائل الإعلام من التصوير؟ ألستم أنتم من يدّعي أنّ الوضع هادئ؟ إذاً اسمحوا للإعلام بالدخول إن كنتم لا تخشون شيئاً . يبدو أن الأحداث التي تعيشها سوريا، أعلنت بداية سقوط عروش شبكات إعلامية عريقة، لطالما غنّى وهلل لها الشعب العربي، قبل سقوط ما بقي من الأنظمة العربية المستبدة.
|
بان زار مصر وتونس الأسبوع الماضي، وتعرض للصد والهجوم من جانب الجماهير، ولا سيما في القاهرة، والتحاشي من جانب مسؤولين مؤقتين في تونس. لم يقل حينها شيئاً عن صحوة الجماهير وتوقها إلى الحرية السياسية والكرامة، ولم يربط بين حركتها وغياب العدالة السياسية الدولية. ورأى أن الثورات العربية يمكن أن تصبح نموذجاً للتحول الديموقراطي إذا عولجت بعناية ولقيت الدعم القوي من المجتمع الدولي.
|
وبعد التطرق إلى الأسباب الاقتصادية التي وقفت وراء حركات التغيير، قال إن الأمم المتحدة ستساعد على تنسيق استجابة عالمية فعالة لهذه الاحتياجات والتحديات الاقتصادية . وحدد البطالة على رأس تلك التحديات، وخصوصاً أنها متفشية بنسبة ما بين و في المئة في أوساط الشباب. ورجّح أن ترتفع النسبة أكثر، نظراً إلى تعطل قطاعات إنتاجية وسياحية جراء الاضطرابات التي وقعت. وقال إن ما تستطيع الأمم المتحدة عمله إلى جانب تشجيع المساعدة الدولية هو تنظيم برامج تدريب وتأهيل مهني وإيجاد فرص عمل بمشاركة عدد من الدول المهتمة. لكنّ بان حذر من أن المساعدات الدولية وحدها لن تكون كافية. فالمطلوب ملاحقة أموال الفساد وإعادتها إلى الدولة. لذا لا بد من تحديد الأموال المسروقة والعمل على استرجاعها وتوظيفها في مشاريع البنى الأساسية، وبناء ركائز لتوفير وظائف لائقة تضمن تحقيق انتعاش اقتصادي سريع. وفي ما يتعلق بليبيا، قال بان إنه بحث في إسبانيا وفرنسا سبل تطبيق قرار مجلس الأمن ، الذي أنشأ منطقة الحظر الجوي. ونفى أن يكون النظام قد التزم بوقف النار أو اتخذ أي خطوات من أجل تنفيذ واجباته المنصوص عليها في القرارين و ، مشيراً إلى تقدم المتمردين في عدد من المدن الساحلية، وتولّي حلف شمال الأطلسي قيادة عمليات منطقة الحظر الجوي. وتعهد العمل الدبلوماسي الواسع بهدف بلوغ وقف إطلاق النار وإيجاد حل سياسي . وفي السياق، قال مبعوث الأمين العام الخاص إلى ليبيا، عبد الإله الخطيب، إنه يتوقع أن يسافر إلى ليبيا في وقت قريب من أجل الاجتماع بجميع الأطراف. من جهة أخرى، عقد مجلس الأمن الدولي جلسة استمع فيها إلى تقرير أعدّه مندوب البرتغال الدائم بصفته رئيس لجنة عقوبات خاصة تكوّنت بموجب القرار الخاص بليبيا، خوزيه فيليب موراس كابرال. تحدث التقرير عن سير عملية تأليف لجنة خاصة ترفع تقريرها إلى المجلس خلال يوماً بشأن فرض حظر السلاح، وتطبيق حظر السفر وتجميد أرصدة العقيد معمر القذافي وأفراد أسرته وأعوانه، فضلاً عن العديد من المؤسسات الليبية. وتشمل العقوبات شخصيات مثل سفير ليبيا في تشاد قرين صالح قرين، وحاكم الولاية الجنوبي في ليبيا الكولونيل عميد حسين الكوني، المتهمين باستئجار المرتزقة وتجييشهم ضد الثوار. وربط بين نجاح عمل لجنة العقوبات والتزام الدول بالتعاون مع القرار.
|
ودعا بولحية المؤسسة العسكرية إلى التزام الحياد والتفرغ لعملها وفق ما ينص عليه الدستور، وألا تقحم نفسها في السياسة . وقال على الجيش أن يأخذ العبرة من جيش تونس ومصر، الذي وقف إلى جانب الشعب . كذلك طالب بإجراء انتخابات سياسية مسبقة مع حياد الجيش والأمن فيها، وحصر فترات الرئاسة في ولايتين فقط، مع تحديد نمط الحكم البرلماني، وتعديل الدستور، وحل المجالس المنتخبة من البرلمان إلى المجالس المحلية، وإجراء انتخابات تشريعية ومحلية نزيهة تشرف عليها حكومة وحدة وطنية، واحترام الحريات الفردية والجماعية واعتماد الأحزاب، وفتح المجال السمعي البصري . وشدّد على ضرورة صون الدماء والمكتسبات الوطنية والممتلكات الشخصية وتطلعات الشعب المشروعة في بناء دولة ديموقراطية حقيقية .
|
من جهة أخرى، استجابت السلطات الجزائرية لمطالب الأساتذة العاملين بعقود مؤقتة، بعدما أعلنت صحف جزائرية عدة أن رئيس الوزراء الجزائري أحمد أويحيى، أمر وزير التربية أبو بكر بن بوزيد، بتثبيت هؤلاء الأساتذة الذين اعتصموا أمام رئاسة الجمهورية منذ عشرة أيام. وأطلع وزير التربية الممثلين عن الأساتذة خلال لقاء جمعهم مساء أول من أمس، على قرار رئيس الوزراء تثبيت جميع الأساتذة المتعاقدين في مناصبهم التي يشغلونها حالياً . وإلى السعودية، أعلنت جمعية حقوق الإنسان أولاً أن السلطات ألقت القبض على أستاذ جامعي هو مبارك آل زعير بعد يوم من دعوته للإفراج عن أبيه وشقيقه المعتقلين، وسجناء آخرين. وقالت في بيان إنه كان يفترض أن ينقل مبارك للمتظاهرين أمام وزارة الإعلام كانوا يحتجون على تمديد اعتقال ذويهم بنحو غير شرعي ، أخباراً سارة بالإفراج عن عدد منهم. وتابعت الجمعية أنه أثناء توجه مبارك إلى مبنى وزارة الإعلام في العاشرة والنصف من صباح آذار الجاري، حيث تجمع المتظاهرون، أوقفته الشرطة السرية وألقت القبض عليه. ولم يستطع المتحدث باسم وزارة الداخلية السعودية منصور التركي تأكيد خبر اعتقال آل زعير، الذي التقى مساعد وزير الداخلية للشؤون الأمنية للمطالبة بالإفراج عن أبيه وشقيقه وسجناء آخرين قبل يوم من اعتقاله. وأوضح رئيس الجمعية الحقوقية، إبراهيم المقيطيب، أن والد مبارك سعيد آل زعير، هو أستاذ جامعي، وإسلامي ينتقد الأسرة الحاكمة في السعودية علناً، أودع السجن منذ خمس سنوات من دون أن يحاكم . وأضاف أن شقيقه سعد آل زعير، وهو محام، معتقل من دون محاكمة منذ نحو أربعة أعوام . يو بي آي، رويترز
|
هناك، إذاً، ما يشبه القطع بين السابق والراهن، وسبب ذلك ليس الحراك ما دام لم يسعَ إلى ذلك. السبب هو الظروف والتراكمات والتحوّلات، السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية. وإذا كان من المبكر القول إنّ السابق هو السبب، فإنّ التوقيت مناسب للقول إنّ الكرة في ملعب الجميع، بما في ذلك السابق الذي تأثرت حياته وخياراته بالتجارب الماضية وتتأثر بالظروف الراهنة والتراكمات والتحوّلات. ومن المفيد المصارحة، في هذا المقام، بأنّ ثمّة شعوراً لدى غالبيّة المنخرطين في الحراك، مفاده أنّه إذا لم يتحقق شيء من هذا الحراك، فلا قيامة للديموقراطيين المدنيين والعلمانيّين، ولا خروج للبلد من الحلقة المفرغة التي أوصل الطاقم السياسي الطائفي الدولة والبلد إليها. وهذا، إلى حد بعيد، معبّر وحقيقي وليس للتحريض والحشد ولا للاتهام، فالظروف معروفة ولا يخفى أنّه لا أطر سياسية ونقابيّة تقوم بمهمة الوصل... والإحباط سيّد الموقف.
|
هنا مربط الفرس، فالحراك، إذا ما سألنا ما هو، هو أولاً ملاقاة الشحنات والطاقات العربيّة نحو التخلص من الأنظمة الاستبدادية الفاسدة؛ وهو ثانياً لحظة وعي وضمير خاصة لكلّ مواطن ولحظة قلق أيضاً. وقد التقى على ذلك المنخرطون في الحراك، متظاهرين ومؤيدين، من جهة، والذين ساءلوه أو عارضوه من مواقع مختلفة. فإذا كان المنخرطون في الحراك يراوحون بين العلماني والديموقراطي والمدني وغير القلِق على مجموعته المذهبية من إسقاط النظام الطائفي، فإنّ الذين ساءلوه يراوحون بين القَلِق على مجموعته المذهبيّة والقَلِق، إلى حدّ الاتهام، من أن تكون هناك أكثرية ما وراء الحراك، أو يخدم تلك الأكثريّة من دون تعمّد ذلك. وهذا من التراث اللبناني السياسي الذي استطاع الطاقم السياسي الطائفي بأدواته المتعدّدة، ولا سيما الدعائية والإيديولوجيّة والنفعية، تحويله لاوعياً يحرّك المواطنين ويسيطر على ردّات أفعالهم إلى حد خيانة الوعي أو تزييفه. فكما يبدو تعليق نبيه برّي شريطه على خط كهرباء الحراك غير أصيل ومن طبائع البازار السياسي وألاعيبه، يبدو غير أصيل ومن طبائع البازار السياسي وألاعيبه تجاهل جمهور التيار الوطني الحر، مثلاً، الحراك وشعاراته التي نادى بها التيار قبل أن ينخرط في تفاهم سياسي طائفي نفعي مع حزب الله الذي يُقال إنّ إسقاط النظام الطائفي يخدم مذهبه ، وقبل أن ينخرط في النظام الطائفي وطاقمه السياسي رغم محاولاته للتميُّز. المسألة إذاً معقّدة إذا ما نُظر إليها تحت وطأة خطابات المجموعات المذهبيّة وزعمائها. ورغم أنّ تجاوز هذا صعب، لا مناص من أن ينشط الحراك لمخاطبة الوعي ومكامن القلق، من خلال نقل هواجس المواطنين ومخاوفهم إلى رؤيته واستراتيجيته غير المبلورتين بعد. فلا يمكن الحراك أن يستمر ويحقق شيئاً من دون ذلك، من دون القول، بالخط العريض وبالقانون، إنّه لا يريد إسقاط النظام الطائفي لغلبة أكثرية عددية على أقلية عددية، بل ليساوي بين المواطنين، وليضمن حقوق الأقلية، أو الأقليات، إزاء الأكثرية، أو الأكثريات، وإنّه لا يريد إسقاط النظام الطائفي ليستقوي القوي، بل ليجعل الضعيف قوياً. ولا يمكن الحراك أن يتّسع ويكسر حلقة الخوف والاستسلام للفراغ السياسي وأوهام الحماية المذهبيّة، إذا لم يقارب من موقعه الوطني الديموقراطي المدني العناوين التي تحتكر الحياة السياسية، المحكمة والسلاح والدين العام والفساد على سبيل المثال، من دون الانزلاق إلى أيّ من فريقي النزاع المذهبي وخطابه والتطبّع مع الحياة السياسية العقيمة. إلى هذا الذي يجب أن يتسع وينخرط فيه الجميع، ولا سيما النخب والأحزاب ومؤسسات المجتمع المدني، ثمّة مهمة ملحّة أمام الحراك وخصوصاً الناشطين، ألا وهي تجاوز الانقسام الذي وإن كان مفهوماً نظرياً فهو غير مبّرر شخصياً وسياسياً... والتمادي به هو الخطر الأكبر، إذ لا يعبّر ذلك عن قصور ثقافي وتنظيمي وحسب، بل سيؤدي إلى توفير بيئة سلبية تخدم الخطاب الطائفي والطاقم السياسي بدلاً من أن يوفر الحراكُ بيئة إيجابيّة ضاغطة وقابلة للتوسع والفاعلية. والمدخل إلى ذلك، أيّ إلى استيعاب الانقسام وتحويله إلى فرصة تخصيب فكري وسياسي، هو الشروع ـــــ معاً ـــــ بإبداع آلية عمل حوارية تتّسع للنشاطات والمجموعات والناشطين... والمواطنين، وتنتج استراتيجية عمل و خطاباً سياسياً يترجم الشعار الفضفاض ويستفيد من الطروحات والتجارب والدراسات والمؤسسات الديموقراطية والمدنيّة... ومن الطاقات العلميّة، ولبنان غني بذلك. غير ذلك سيؤدي بالحراك إلى زواريب ضيّقة ليس فيه إلا الحروب الميليشياوية، وقد بدا ذلك واضحاً في الأيام الماضية التي برز فيها ما يهدد الحراك وإمكان تطوير الحياة السياسية، ويشوّه دخول الفئات الاجتماعية والثقافية والسياسية، ولا سيما الشبابيّة، المسرح السياسي الذي يحتكره الطاقم السياسي للنظام الطائفي. ولا تبشّر الأيام الماضية وما فيها من ظواهر بذلك، فمعظم الناشطين في الحراك انتظموا في مجموعات لاعتبارات لا تزال غامضة حتى الساعة، وراحوا يخوضون حروباً صغيرة أقفلت الباب أمام فئات واسعة تنتظر بيئة إيجابية خلاقة، الحراك بحاجة إليها. وحتى الساعة، يكرّر الحراك والناشطون فيه الشعارات والأفكار القديمة... والبالية، ما جعله يبدو حراكاً يسارياً يتقاطع في بعض عناوينه مع خطاب وطني من الجهة الإسلامية، ولا سيما الشيعيّة. وهذا مقتل يتحمّل مسؤوليته الناشطون الذين لم يبذلوا الجهد الفكري والسياسي الضروري، والذين وفدوا إلى الحراك لأسباب سياسية وربما مذهبيّة. لا مخرج من هذا، إلا بالشروع في إبداع مقاربات مدنيّة ديموقراطية للعناوين السياسية والاجتماعية والثقافية، بالتزامن مع تفكيك النظام الطائفي الذي لم يقدّم، على عكس ما يدعي الطاقم السياسي، الحقوق والطمأنينة للمجموعات الطائفية والمذهبيّة، فهو لعبة لغلبة فريق تحالف أو تفاهم على آخر، ولا يَغلبُ فريقٌ فريقاً إلا بحرب أو باستقواء خارجي، ولا تنفكّ زعامات المجموعات عن جذب الدول الأجنبية إلى الساحة. فمن إيجابيّات الحراك، وقبل عملية الحشد المستمرّة التي يجب أن تُفعّل، وإنتاج الشعار والرؤية والاستراتيجية، نزع صفة الأبدية والقدسية عن نظام الزعامات الطائفية وحروبها وصراعاتها ذات الامتداد الخارجي. ومن الواجب هنا التوجه إلى هذا النظام، وإلى المواطن اللبناني الواعي المستقل القلق، بالسؤال إلى أين؟ أيجوز أن نبقى في هذا الانفصام والاجتماع المَرَضي، داخل كل منا، لشخصين أو أكثر ، واحد ديموقراطي مدني وآخر طائفي ميليشيوي، واحد حداثي وآخر تقليدي بل متخلّف، واحد يدّعي الوعي والتحضّر وآخر تسيطر عليه الغرائز، واحد منفتح على الحياة وآخر مشدود إلى الموت، واحد منفتح على الآخر البعيد الأجنبي وآخر منغلق على الآخر القريب؟ إلى أين هذا النظام الذي ينتج الحروب والأزمات ويعيدنا قروناً إلى الوراء؟ مهمّات هذا الحراك لا حصر لها، لهذا يلحّ صوغ استراتيجيّة، وإلا فسيغدو الحراك تحت الشعار الفضفاض والغامض في موقع الدفاع وربما التقهقر. ففراغ الحراك من استراتيجية ورؤية وآليات عمل ديموقراطية مرنة قادرة على استيعاب الاختلافات والمختلفين يمثّل ضعفاً بنيويّاً خطيراً يسمح بتسلل الطاقم السياسي وبملاقاته من قوى حزبيّة ومدنيّة موجودة في الحراك. وهذا الكلام بريء من أي دعوة إلى التطهير، لكن ينتسب إلى العمل الجَماعي لإنتاج استراتيجية ورؤية وآليات عمل. ولعل من الأَولى، إضافة إلى الاستمرار والشروع في صوغ الاستراتيجية والرؤية وآليات العمل، تفكيك النظام الطائفي ونزع صفة الأبدية والقدسية عنه وتأكيد ما هو عام وتطوير مفهومه الديموقراطي المدني وتعميمه. العام بما هو مساحة للقاء المواطنين والدولة لا النظام ولا الطاقم السياسي الطائفي . فكما الشوارع والساحات والميادين عموميّة، كذلك مؤسسات الدولة وإداراتها العسكرية والأمنية والمدنيّة ليست ملكاً للطاقم السياسي ونظامه الطائفي. تلفزيون لبنان، على سبيل المثال، مؤسسة عامة من ضحايا المحاصصة الطائفية وابتلاع الطاقم السياسي الدولة ومؤسساتها واحتلاله المساحات العامّة وإفسادها وتطييفها. لهذا، على الحراك النضال لاستعادة هذا المنبر العام والمؤثّر يفترض وتحريره ليس كمؤسسة عامّة مهمّشة وحسب، بل كتعبير عن العمل من أجل الدولة الديموقراطية المدنيّة، ولإيجاد مساحات عامة يمكن العمل لتحريرها من الطاقم السياسي. فتلفزيون لبنان هو من رموز الدولة ـــــ المواطن في مواجهة الطاقم السياسي ونظامه الطائفي. وليس في هذا الكلام أي تبنٍّ لتاريخ التلفزيون الرسمي الذي حوّله النظام الطائفي أداة دعائية، ثم حين تعددت رؤوس النظام حاصرته وهمّشته وحلّت بدلاً منه قنوات مذهبيّة. أليس تلفزيون لبنان نموذجاً لحلول الزعماء المذهبيين بدلاً من الدولة؟ لا أقدّم النضال لاستعادة تلفزيون لبنان على استعادة القضاء واستقلاله وتنقية الدستور من الخلايا الطائفية التي زرعت به عندما كنّا، بوصفنا مواطنين، مستقيلين من المساحات العامة ومستسلمين للخطاب الطائفي المذهبي ولضغوط المعيشة. ولا أقدّم هذه وتلك من المهمات على قانون انتخابي عصري يسهم في حلّ النزاعات الطائفية المذهبية ويطمئن الأقليات والمواطنين وفي الوقت نفسه يفتح أفق الحياة السياسية أمام النُّخَب والكفاءات... ولا يمكن تأخير الشأن الاجتماعي الاقتصادي وهو المغارة الحقيقية التي يخفيها النظام الطائفي وطاقمه السياسي وأدواته الدعائية. فلنتحرك نحو المساحات العامّة... والعناوين كثيرة.
|
وفيما شهدت بعض المناطق الجنوبية، وتحديداً في زنجبار وجعار والحبيلين والضالع، أمس عصياناً مدنياً شاملاً دعا إليه الحراك الجنوبي وتخلّله إقفال شامل للمحال، لا تزال الحركة شبه مشلولة في أنحاء عدن تلبيةً لدعوة العصيان المدني التى دعا إليها شباب ثورة فبراير يوم السبت الماضي، مطالبين بعدم تسديد فواتير الكهرباء والماء، إضافة إلى عدم دفع الضرائب، تصعيداً للاحتجاجات المطالبة بإسقاط نظام الرئيس اليمني، علي عبد الله صالح.
|
وأكد الصحافي والناشط فارس الجلال، أن نسبة العصيان المدني وصلت في عدن الى في المئة، مشيراً إلى أن هذا العصيان كان عبارة عن بروفة اتخذها شباب الثورة لاختبار مدى الاستجابة لهذه الخطوة الجديدة، وهذا التصعيد المتقدم من عمر الثورة. ورأى أن ما حققه العصيان في عدن إيجابي وقدم زخماً جديداً في مواجهة النظام وأثر على وضعه، ما يؤكد أن فكرة العصيان قد تفيد كثيراً في الأيام المقبلة وستتكرر لإرغام النظام على الرحيل. وفشلت وحدات الجيش في إنهاء حالة العصيان المدني في بعض مديريات عدن كالمنصورة، بعدما حاولت المصفحات العسكرية، مدعومة بالدبابات والأطقم العسكرية، فتح عدد من الشوارع في المديرية أمام حركة مرور السيارات، التي أقفلت إقفالاً تاماً في محافظة عدن يوم السبت، قاطعةً الطريق أمام التنقل بين المديريات. واصطدمت القوات بالمتظاهرين الرافضين لفك الاعتصام، ما اضطرها إلى الانسحاب بعدما أطلقت الرصاص في الهواء. ورغم أن العصيان لا يشمل حتى اللحظة كل المرافق، بسبب امتناع بعض المرافق الخدماتية كالبنوك والمستشفيات ومراكز الشرطة عن المشاركة، يؤكد النشطاء في عدن إيجابية وأهمية ما تحقق، داعين في الوقت نفسه إلى ضرورة أن يشمل العصيان جميع محافظات الجمهورية، وأن يستمر حتى سقوط النظام. ويقول الناشط الحقوقي والصحافي أسامة الشرمي، إن هناك استجابة شبه كاملة في المرافق المدنية لدعوة العصيان المدني، واستجابة جزئية لبعض الوحدات العسكرية كالمراكز الأمنية في دار سعد ومعهد الثلايا و كتائب من اللواء في صلاح الدين، التي ألقت السلاح واستجابت للدعوة أيضاً. ويرى الشرمي أن مظاهر العصيان واضحة، فالشوارع خالية من الناس، وهم لا يخرجون إلا للضروريات، ولذلك يرى أن العصيان قد نجح نوعاً ما في عدن، وإن لم يكن كاملاً، واضعاً إياه في سياق التمهيد لعصيان أكبر وأشمل. من جهتها، توضح الممرضة في مستشفى الجمهورية، سعاد عبيد، صعوبة الاستجابة للعصيان المدني في بعض القطاعات الحيوية، على الرغم من تأييدها له. ورأت أن استجابة الناس لدعوة العصيان على نحو كامل وامتناع الموظفين عن الذهاب إلى دوائرهم الحكومية، كانت واسعة، لكننا في هذه المرافق كالمستشفيات لا يشملنا العصيان تحسباً لاي طارئ قد يحدث، ولوضعنا كمرافق خدماتية لا يمكن إيقاف العمل فيها . ولا تخفي عبيد الضغوط التي يسبّبها العصيان، وتحديداً لجهة مضاعفة صعوبات التنقل في عدن، لكنها في الوقت نفسه تؤكد أن ما حدث في عدن من تظاهرات وإغلاق الطرق في المنصورة وخور مكسر، ما هو إلا استمرارية لرفض بقاء علي عبد الله صالح في الحكم، مشددةً على ضرورة تعميم الدعوة إلى استمرار العصيان في كافة المحافظات، وخاصةً بعد المجزرة الجديدة التي ارتكبت في تعز على أيدي القوات الأمنية. بدوره، يؤيد حسن، وهو صاحب محل في محافظة لحج، العصيان، قائلاً الجميع يناضل بطريقته، ونحن جزء من هذا الشعب الثائر، ومساهمتنا في هذه الثورة تأتي من خلال الالتزام بالإضراب الذي دعت إليه القوى السياسية، ومستعدون لتقديم أكثر من ذلك. أما حمد الحشوبي، فأبدي تحفظه على العصيان المدني الشامل، وقال أنا ضد العصيان الذي يستهدف المواطن العادي، وخصوصاً أصحاب المحال الصغيرة ، معرباً عن اعتقاده بأن العصيان يجب أن يكون في مؤسسات الدولة الخدماتية والمصانع والمصافي حتى تصيب قطاعات الدولة بالشلل .
|
وبحسب البرقية رقم
|
، فإن فيلتمان ناقش ريفي في تقاصيل التعيينات الأمنية الجديدة في المطار، الهادفة إلى منع تهريب الأسلحة. وقال ريفي إن رئيس جهاز أمن المطار، العميد وفيق شقير، لم يعترض على تهميش دوره في المطار، لأن قوى الأمن الداخلي تعرف كل شيء عنه إدمانه الكحول ونشاطاته السابقة في مجال التهريب، إلخ... . وعلى ذمة فيلتمان، فإن ريفي لا يثق بولاء ضباط الأجهزة الأمنية الأخرى الجيش والجمارك المكلفين بمراقبة رحلات الشحن. وتحدّث ريفي بالتحديد عن ضرورة استبدال عشرة ضباط شيعة . كذلك دعا المدير العام لقوى الأمن الداخلي إلى تزويد مؤسسته بعشرة آلاف بندقية من نوع كلاشنيكوف أو ما يوازيها، لتلبية حاجات الأفراد الجدد الذين تضمّهم المديرية إلى صفوفها. ولفت ريفي إلى أن المشكلة الوحيدة التي يعاني منها في عملية تجنيد شبّان لبنانيّين في مديريّته تكمن في العدد غير الكافي من المتقدمين المسيحيين.
|
وقال دبلوماسيون إن الحلف أخفق في حل الخلافات بشأن ما إذا كان يتعين عليه تولي مهمة تطبيق الحظر الجوي فوق ليبيا، إذا تراجعت الولايات المتحدة عن قيادة العملية.
|
وفي ضوء هذا الخلاف الدائر بين دول التحالف، يرى العديد من الثوار أن ذلك لن يفيد ليبيا، وسيضر بالعملية العسكرية، وطالبوا بحسم تلك الدول مواقفها للالتفات إلى ما يحدث داخل ليبيا، محذرين من أن قوات العقيد معمّر القذافي ستستغل هذا الأمر لتوسع عملياتها في العديد من المدن. ويعود سبب الخلاف أساساً الى تخلّي واشنطن عن تحمّل مسؤوليات العمليات العسكرية ضدّ النظام الليبي، وخاصة لناحية التمويل والتسليح، وهو ما فجّر هذه التناقضات، التي كانت كامنة، لأن الولايات المتحدة كانت تسدّد كلّ التكاليف، إذ إن صقور الحلف الأطلسي مثل الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي، ورئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون، ورئيس الوزراء الإيطالي سيلفيو برلسكوني، يرغبون في جني المكاسب من حرب ليبيا، لكن من دون أن يدفعوا الثمن. وكانت الوثيقة التي سرّبها ممثل المجلس الوطني الانتقالي لدى أوروبا، محمد فايز جبريل، والتي تخصّ اتفاقية وقّعت بحضور ممثلين عن قطر والإمارات والسعودية، هي التي فجّرت الخلاف داخل المجلس في كيفية التعاطي مع دول الحلف، وداخل الحلف نفسه. لذلك رأت إيطاليا وتركيا وبريطانيا أن ساركوزي يدفعها دفعاً الى حرب، قبض هو مسبقاً ثمنها، فيما ستتكبّد هي الخسائر المالية والبشرية من دون أن يكون لها نصيب في الثروة. جبريل، الذي يُعدّ رجل بريطانيا الموثوق، سرّب الوثيقة عمداً، بدفع من الاستخبارات الانكليزية، حتى ينتقم من فرنسا التي تريد أن تأكل كعكة النفط الليبي وحدها، وهو ما أثار حنق المجلس الانتقالي الذي سارع الى عقد اجتماع طارئ، قرر بموجبه عزل جبريل عن تمثيل المجلس في أوروبا وتكليف بديل منه. فالثوار الليبيون يتّهمون الأطلسي بأنه بطيء الحركة، وبأنه ترك ثغرة قوية حين توقّف عن القصف استطاعت من خلالها كتائب القذافي أن توجّه ضربات قاسية للثوار، كما يتّهمونه أيضاً بالارتباك في قيادة وتوجيه العمليات، وخاصة أنه يرفض الاستماع لنداءاتهم بقصف المناطق الغربية، التي يرون أنها لو تمكنت بفضل الغطاء الجوي للحلف من تسديد ضربة قوية لكتائب القذافي لخففت عنهم الضغط في محور البريقة أجدابيا، ولمكّنتهم ربّما من الالتحام بالثوار في مصراطة، الذين يتهمون الحلف بتباطؤه في تنفيذ المهمات الموكلة إليه. على النقيض من ذلك، يرى حلف شمالي الأطلسي الذي تبدو قيادته غير متجانسة بالمرة في ما يخصّ الموقف من الوضع في ليبيا، أن الثوار غير مضموني الولاء، وخاصة بعد كشف جبريل عن الوثيقة التي تعهّد بموجبها المجلس الانتقالي لفرنسا بمنحها نسبة كبيرة من النفط الخام. وهو أمر أثار ريبة بريطانيا وإيطاليا خاصة، التي ترى أنها قامت بدور كبير في الهجمات على ليبيا، من دون أن تغنم فوائد تُذكر مقارنة بإدارة ساركوزي. ولعلّ ما أربك موقف الحلف الأطلسي وجعله يراوح مكانه، وترك الفرصة لكتائب القذافي أن تحقّق انتصارات ميدانية لا بأس بها، هو الموقف التركي، الشريك القوي لليبيا في مجالات الإعمار والاستثمار والنفط والعمالة والخدمات وغيرها، فقد ارتأى رئيس الوزراء التركي، رجب طيب أردوغان، أن في مسارعة الحلف الى شنّ الحرب على النظام الليبي، خضوعاً تاماً لرغبة طرف وحيد، من دون النظر الى مصالح بلدان الحلف في ليبيا مستقبلاً إذا ما أزيح نظام القذافي. وهو الموقف الذي جلب له سخط الثوار وحلفائهم، وترحيب نظام العقيد، الذي سارع الى إرسال عبد العاطي العبيدي الى أنقرة للبحث في إمكان إغراء تركيا حتى تغيّر موقفها من نظام القذافي، وتتراجع كلياً عن الانحياز للثوار. ولعلّ التراجع الأميركي عن قيادة العمليات على ليبيا يبقى السبب الرئيسي لضعف أداء الحلف في الأيام القليلة الماضية، وهو الذي فجّر الخلاف بين الثوار والأطلسي، إذ رأوا فيه أن الحلف غير كفء لقيادة العمليات، مستدلين على ذلك بالمجزرة التي ارتكبتها الطائرات الفرنسية ضدّ قافلة سيارات تابعة للثوار كانت منسحبة باتجاه أجدابيا، كما رأى الحلف على العكس من ذلك أن الثوار مستعجلون لإسقاط النظام وغير مدربين بالقدر الكافي، ولا هم قادرون على تحمّل مسؤولية اتفاقات دولية وترتيبات ميدانية وسياسية تُطبخ على نار هادئة.
|
لملمت الحياة أوراقها، وظلّ وعي خالد علي متيقّظاً لأسئلة خطرة تالية، كشفت عن نفسها بعد عاماً، عندما صار حقوقياً شهيراً، وأحد أشرس المدافعين عن الطبقة العاملة المصرية.
|
انحاز خالد علي صبياً، إلى معسكر الشيوعيين في قريته ميت يعيش الكوزموبوليتانية ، في محافظة الدقهلية، وقد أنجبت من قبل مناضلاً شيوعياً بحجم شهدي عطية الشافعي. وذات مرّة، كان على موعد مع اتصال هاتفي، سيغيّر مجرى حياته بامتياز. كان المتصل يوسف درويش، الأستاذ، والمناضل الشيوعي الاستثنائي، يحدثّه خالد. كيف الحال؟ تعال إلى البيت. أريدك في أمر خاص. سلام . لم يتردَّد في حمل حقيبة ثقيلة من عنده، زاخرة بالمذكرات الشخصية، والوثائق التي تدوّن كفاح الطبقة العاملة. توفي العم يشوف بعد ذلك بأيام قليلة، وكان ذلك عام . في نهاية اللقاء الأخير، قال العمّ يوسف قضايا العمال غير مربحة، لكنّها ستعمّدك في نهاية الأمر. الطبقة العاملة تمجِّد من يدافع عنها. العمال لا ينسون . بعد فترة قليلة، سيصفق له العمال بحرارة غير عادية في عيدهم ، ويكرمونه في نقابة الصحافيين، لدعمه الحقوق العمالية، والدفاع عن المهمّشين . من يمرّ في شوارع الطبقة العاملة، يهده العمال وردة. بعض الذين اقتربوا أكثر، نالوا قبلة على الجبين. لكن أن تكرس حياتك لأجلهم، فلك الخلود. في واجهة مكتبه المتواضع في وسط القاهرة، تطِلُّ صور بعض من فازوا بقلب الكادحين. إلى راحلين أكثر خلوداً، من أحياء، وعمال، ومناضلين ، تقول اللوحة التي احتضنت صور يوسف درويش، وأحمد نبيل الهلالي، وهشام مبارك، وآخرين ... لم يعلِّق هو. نقل النظر إلى لوحة مجاورة. التمعت عيناه. هنا عمال شركة طنطا للكتان . بيعت الشركة لمستثمر أجنبي، بـ مليون جنيه مصري، رغم أنّ سعرها الحقيقي يجاوز المليارات. حرّر العمال في لوحة ورقية متواضعة، محاطة ببرواز خشبي بسيط، شهادة تقدير للمحامي المناضل الذي دعم إضرابنا الأخير أمام مجلس الوزراء . بعد أشهر على البيع، انتزع خالد علي حزيران يونيو حكماً تاريخياً لهؤلاء العمال من محكمة طنطا، يقضي بحبس المستثمر السعودي، صاحب الشركة. حكم فارق. يلوّح بالعقوبة أمام كل رجل أعمال تسوّل له نفسه إهدار حقوق العمال . شاش، وقطن طبي، ومطهرات جروح، ومسكنات لآلام العظام على رفوف خزنة معدنية في مكتبه. هذا ما بقي من مواد طبية كنا نقدمها في الأيام الأولى للثورة لدعم المستشفى الميداني في ميدان التحرير . يمسح عرق جبهته، وهو يتحدّث عن قانون تجريم الإضراب الذي أصدره مجلس الوزراء أخيراً يبلّوه ويشربوه، فالاحتجاجات متواصلة. الطبقة العاملة هي الحامي الأول للثورة وضمانة استمرارها . في مواجهة مكتبه مباشرة، هناك لوحة عن حقوق المرأة العاملة تضمّ صوراً لـ نضالات عمالية، دعمناها وانتصرت، منهنّ الرائدات الريفيات، وعاملات الضرائب العقارية، وعاملات شركة وبريات سمنود ، وعاملات غزل المحلّة ... ساهمت المصادفة كثيراً في تشكيل مزاج خالد الإنساني والسياسي. عندما تخرّج من كليّة الحقوق، عمل محامياً في مكتب أقل من مغمور، في مدينة ميت غمر، وانتقل بالمصادفة إلى مركز المساعدة القانونية. التقطه أحمد سيف، المحامي والناشط الحقوقي الذي تعرض للتعذيب أكثر من مرة، وسجن سنوات في قضية طلابية. فتح لي مكتبته وأعطاني مفتاحها. مناضل رومانسي . بعد أربع سنوات، يؤسس خالد مع سيف وآخرين، مركز هشام مبارك للقانون ، وينتزع من خلاله عشرات الأحكام حكم بطلان انتخابات النقابات العمالية، وقضية خصخصة الهيئة العامة للتأمين الصحي، وقضية نهب الدولة لأموال التأمينات المقدرة بـ مليار جنيه مصري ... صار خالد مديراً للمركز في ما بعد، ثم تركه ليؤسس المركز المصري للحقوق الاقتصادية والاجتماعية . في هذا المركز واصل نضاله لمصلحة الحقوق العماليّة، وكسب حكماً تاريخياً يلزم الدولة بإقرار حد أدنى للأجور، وانتزع حكماً بإنهاء الحراسة على نقابة المهندسين... لم تمرّ كلّ تلك النضالات بسلام. تعرّض خالد للاعتقال للمرة الأولى عام ، في موقع إضراب ممرضات مستشفى جامعة الزقازيق . وتعرض للضرب على أيدي الشرطة، واعتقل لأربع ساعات في أحد متاجر وسط القاهرة. كان ذلك يوم عيد العمال. كما تعرض مكتبه، الواقع أسفل مركز هشام مبارك ، لهجوم من ضباط أمن الدولة والشرطة العسكرية، في أيام الثورة الأولى. وأدى الهجوم حينها الى اعتقال أحمد سيف، ونشطاء آخرين، وأفرج عنهم قبل خلع الرئيس السابق حسني مبارك. بعد سنوات، سيكمل تلاميذ آخرون مشوار خالد ننظم في المركز دورات تدريبية لخلق كوادر من المحامين العماليين، كما نُعِدّ للعمال دورات أخرى لتعريفهم بحقوقهم الأساسية . لا ينسى أن يوسف درويش أسس قبل عقود مدارس ليلية لتعليم العمال مبادئ التنظيم واللغة العربية ... قبل أيام قليلة، أنشئت النقابة المستقلة لعمال هيئة النقل العام، ونقابة العاملين في مستشفى منشية البكري. أنا متفائل بوضع العمال بعد الثورة. الطريق مفتوح لتأسيس الاتحاد المستقل لعمال مصر . ساهم خالد علي، مع آخرين، في دعم تأسيس أربع نقابات مستقلة. يشير بيده إلى آخر كتاب شارك في إعداده كيف تؤسس نقابة عمالية ، ويقول العمال أوّل من عمّدوا الثورة. مستقبل الطبقة العاملة في عهدة الطبقة العاملة .
|
وسجل هدف ريفر بلايت الوحيد ماريانو بافوني في الدقيقة .
|
وأدى تعادل استوديانتيس الى تراجعه الى المركز الرابع، فيما صعد فيليز الى المركز الثاني بفوزه على نيولز أولد بويز . وتقدم فيليز مبكراً عبر سانتياغو سيلفا ، قبل أن يضيف له أوغوتسو فرنانديز الثاني ، علماً بأن أولد بويز لعب بعشرة لاعبين إثر طرد مارسيلو استيغاريبيا منتصف الشوط الثاني. ويستطيع فيليز أن ينتزع الصدارة بفارق نقطتين لأنه يملك مباراة مؤجلة. وبينما شهد مستوى ريفر بلايت تقدماً كبيراً فإن غريمه بوكا جونيورز، أحد أشهر الأندية الأرجنتينية، واصل عروضه المخيبة لينسج على منوال الموسم الماضي، وسقط هذه المرة أمام مضيفه لانوس بهدفين سجلهما فاليري وهويوس . ولم يحصد بوكا فريق الأسطورة دييغو أرماندو مارادونا سوى نقاط من تسع مباريات. وفاز انديبندينتي على غودوي كروز بثلاثة أهداف تناوب على تسجيلها بيريز وفريديس ونونيز . وسقط كولون على أرضه أمام أوليمبو بهدفين سجلهما باريرو وليتري . وحذا حذوه تيغري بخسارته على ملعبه أمام أول بويز بهدف لبارينتوس . وتعادل هوراكان وراسينغ كلوب سلباً، وأرجنتينوس جونيورز مع جيمنازيا دي لا بلاتا . سجل للأول فيزكارا ، وللثاني ريوس . ترتيب فرق الصدارة ريفر بلايت نقطة من مباريات فيليز سارسفيلد من أوليمبو من استوديانتيس من أرجنتينوس جونيورز من .
|
في ظل الأزمة التي تعيشها البلاد، يرى أصحاب القرار أنّ على تلفزيون البحرين الحكومي أن يكون مبدأ المشهد الإعلامي ومُنتهاه، وهو الذي لا يختلف كثيراً عن بقية تلفزيونات الأنظمة العربية القمعية في الكذب غير الاحترافي وتشويه المحتجين المطالبين بحقوقهم، وفبركة مشاهد التخريب و حيازة الأسلحة مرفقة بتحليلاتٍ تستفز كل ذي عقل. لكنه يجد رواجاً أكثر من أقرانه في بيئة خصبة ومعبأة طائفياً تتلقف أكاذيبه لتوظيفها في السجال الطائفي المستعر خليجياً. لذلك، يواصل لعبه على الوتر الطائفي الذي لا يجد غيره سبيلاً لنشر دعاياته بين الجماهير.
|
بالإضافة إلى الاحتقان الطائفي في الخليج، يساعد تلفزيون البحرين غياب القنوات الفضائية المؤثرة ذات الثقل عن تغطية المشهد البحريني. تغيب العربية بالتأكيد، وتتبعها الجزيرة مع وجود تغطية مميزة للجزيرة الدولية ، ويبقى وجود بي بي سي العربية والإعلام الأجنبي مشكلة للنظام. لكن ما العمل مع وسائل إعلام أجنبية غير اجتراح المزيد من الأكاذيب؟ وحتى لو اعتُدي على مراسل أي بي سي ، يمكن مواجهة ذلك بتكذيب من وزير الخارجية نفسه. المزعج حقاً على المستوى المحلي وجود بقايا من رأي آخر وصحافة مهنية وموضوعية في تغطيتها للأحداث. الإعلام البديل مثّل متنفساً ووسيلة لمواجهة أكاذيب الإعلام الرسمي، ومعه صحيفة اسمها الوسط أرادت أن تكون موضوعية في تغطيتها وأن تنقل الحقيقة كما هي، وتفسح المجال لرأي آخر غير رأي الحكم وإعلامه، علماً بأنّها آخر صحيفة مستقلة في البلاد بعد احتجاب الوقت في أيار مايو وسيطرة الطبلة الحكومية على بقية الصحف البحرينية. هنا، أدرك أصحاب العقلية الأمنية القمعية أنّه لا يمكن الاكتفاء بالكذب وحده، وأن المطلوب تسيّد الكذب الساحة من دون إزعاج المستقلين والمعارضين. هكذا، بدأت حملة اعتقالات للمدونين لتَسْتَكمِل اعتقال المعارضين السياسيين، ثم جاء الدور على الوسط راجع المقال أدناه لفرض سيطرة كاملة على الجو الإعلامي في البلاد. إنها حالة السلامة الوطنية ، وهي اسم خفيف الظل لحالة الطوارئ المفروضة في البحرين. وهي أيضاً اسم معبّر عن طبيعة الحالة المراد فرضها من وجهة نظر النظام؛ إذ إنّ سلامة الوطن أولوية، والوطن هو النظام نفسه وأركانه الكبار. ومن ينتقد النظام ويعارضه، يعرّض سلامة الوطن للخطر. لذلك، لا سلامة له، ولا لرأيه وفكره وصوته، فيكون قمعه واجباً وطنياً وإنجازاً أمنياً يستحق الاحترام والتقدير. وهكذا يسلم الوطن من شرور الفاسدين والمخربين الذين خرجوا على الثوابت الوطنية التي هي ألف باء العقيدة الرسمية واللغة الإعلامية لأنظمة القمع العربية الوطن يُختزل في شخص، ولا عزاء للشعب. ليس الغريب أن يُقدِم النظام على ما أقدم عليه من كمّ للأفواه وإسكات لصوت الصحافة الحرة وخنق لحرية التعبير. لكن الغريب تصفيق زملاء المهنة وتهليلهم لهذا الفعل القمعي والمشاركة في احتفال مثير للغثيان على تلفزيون البحرين رددوا فيه اتهامات للصحيفة بالفبركة وأداء دور في المخطط الإرهابي ونشر الفتن، باعتبار أن نشر ما يضر النظام ويفضح ممارساته القمعية بحق أفراد شعبه إرهاب وفتنة. رؤساء تحرير أخبار الخليج ، و البلاد و الأيام استنكروا سلوك الوسط المُشين وتهجموا على زميلهم؟ رئيس تحرير الصحيفة منصور الجمري الذي أقيل أمس. أقاموا محاكمة تلفزيونية للصحيفة وأصدروا الأحكام، ثم تحدثوا عن إجراءات قانونية، لا من باب التحقيق في الأخبار التي وردت في الصحيفة، بل من باب تأكيد معاقبة الصحيفة الخارجة عن العمل الصحافي المدجن الذي أراده النظام. يمكن الاختلاف مع منصور الجمري وصحيفته، التي ـــــ في المناسبة ـــــ اختلفت مع المعارضة نفسها في فترات ماضية، ولم يشفع لها ذلك في حالة السلامة الوطنية . وكذلك يمكن أن تكون لـ الوسط أخطاؤها المهنية التي لن تكون أشنع من الجرائم التي يرتكبها الإعلام الحكومي بحق المهنية والموضوعية، لكن مفاهيم العمل الصحافي والإعلام الحرّ تقتضي التضامن مع الصحيفة، وإن كانت مختلفة في توجهاتها وآرائها؛ لأن في ذلك انحيازاً لمبدأ حرية التعبير. غير أن هذا المبدأ لم يمر على رؤساء تحرير الصحف المدجّنة ولا على رئيس جمعية الصحافيين عيسى الشايجي وهو نفسه رئيس تحرير الأيام الذي هاجم الصحيفة بدلاً من الدفاع عن حقوق زملائه في التعبير عن آرائهم. جنون النظام يزداد، ويدفعه إلى ضرب المعارضة وحتى الوسط . لا يريد أن يسمع غير صدى صوته. هو مرعوب من الكلمة الحرة، يظن أنّه بإسكاتها تخمد الروح الاحتجاجية على قمعه. لكن للكلمة طبيعة لا يفهمها الطغاة، فكلما ضربوها ازدادت وهجاً.
|
لا خلفيات عقائدية محدَّدة لطنطاوي، ولم يتّبع في إدارته مملكته التي تتوزع على وزارة الدفاع، والجيش الذي بقي فعلياً قائده الأول والأجهزة الأمنية والعلاقات المصرية ـــــ الأميركية والمصرية ـــــ الإسرائيلية، إلا مبدأً واحداً كل شيء مباح لبقاء النظام وللمحافظة على وضعه القائم. كان طنطاوي رجل ممنوع التغيير في كل شيء؛ ممنوع تغيير طبيعة الجيش وشكله. ممنوع المسّ بالمساعدات العسكرية الأميركية ـــــ المصرية البالغة قيمتها . مليار دولار سنوياً منذ اتفاق كامب ديفيد ، أو ربطها بشروط إصلاحية سياسية أو عسكرية أو اقتصادية. ممنوع الإصلاح الداخلي، ممنوع توريث الحكم لجمال مبارك لكونه من خارج نادي الجيش الحاكم. ممنوع جرّ مصر إلى مواجهة مع إيران أو مع سوريا، رغم أنّ لهاتين الدولتين حصّة لا بأس بها من عداء، أو على الأقل عدم إعجاب المشير. ممنوع المس بالوضع القائم على حدود مصر مع قطاع غزة، طالما لا تزال إسرائيل ترفض زيادة عدد القوات المصرية المنصوص على عديدها في اتفاقية السلام الإسرائيلية ـــــ المصرية عنصر حرس حدود مصرياً على الجهة المصرية من الحدود.
|
وفي قائمة الممنوعات المصرية، يبدو أن الاختصاص الأكبر للمشير طنطاوي هو صفة محامي الدفاع عن المساعدات العسكرية الأميركية السنوية لمصر، وهي حجر الزاوية في العلاقات الاستراتيجية الأميركية ـــــ المصرية . من هنا تظهر كل السياسة الخارجية المصرية بمثابة ردّ جميل لـ الـ . مليار دولار أميركي . لذلك، يستحيل أن يجد قارئ برقيات ويكيليكس مسؤولاً أميركياً واحداً يزور مصر من دون التعريج على مكتب وزير الدفاع، حتى إنه التقى، في غضون أيام فقط من حتى آذار ، عضواً من الكونغرس الأميركي. لقاءات انتهزها للتشديد على المساهمات المصرية في المصالح المشترَكة الأميركية ـــــ المصرية في الشرق الأوسط ، وخصوصاً في ما يتعلق بالتسهيلات المصرية الممنوحة للأميركيين بعبور غوّاصاتهم وسفنهم الحربية قناة السويس، إضافةً إلى الطلعات العسكرية الأميركية العديدة في الأجواء المصرية وتدريب القوات الأمنية العراقية ونشر مستشفى ميداني مصري في أفغانستان، والمساعدات المصرية الإنسانية في أفغانستان والسودان، والالتزام المصري الواسع مع طرفي النزاع الفلسطيني ـــــ الإسرائيلي، والجهود المصرية في مكافحة تهريب الأسلحة إلى قطاع غزة. وفي سياق الرفض المطلق للمسؤولين المصريين لأي نية أميركية بتعديل اتفاقية المساعدات العسكرية الأميركية إلى مصر من خلال مشاريع قوانين تناقَش في كل عام في الكونغرس ، يأتي اعتراضه الشديد إزاء مشروع مجلس الشيوخ في حينها لتحويل جزء من المساعدات العسكرية إلى الطابع السياسي، وربط مليون دولار من أصل الـ . مليار بشروط الإصلاح السياسي وتحديث الجيش وتحسين الرقابة المفروضة على الحدود بين مصر وغزة. وورقة الابتزاز حاضرة دوماً في أحاديث طنطاوي، بدليل أنه يحذّر الوفد الأميركي من أن أي تغييرات في المساعدات العسكرية الأميركية إلى مصر لن تخدم الاستقرار في المنطقة . وفي سياق التحذير نفسه، يقدم طنطاوي مرافعة طويلة لمساعد وزير الدفاع الأميركي بيتر رودمان عن أهمية الجيش في الحياة السياسية المصرية، ليخلص إلى أن المساعدات العسكرية الأميركية تفيد في إبقاء حب الشعب المصري لجيشه لكونه يسهم جدياً في المشاريع التنموية أيضاً، ولينتهي إلى تهديد من نوع أنه إن خسر الجيش المصري المساعدة الأميركية، فلن يكون قادراً على المساهمة في هذه المشاريع، والناس لن يظلّوا سعداء . وتابع لا أريد أن أقول إن الأمر سيكون خطيراً، لكن أثر ذلك لن يكون جيداً . والتمنين كذلك حاضر في حديث المسؤولين المصريين حيال الامتيازات المقدمة إلى القوات الأميركية، مثلما تشير إليه برقية التي تنقل كلام أحد مسؤولي الجيش المصري لضيف أميركي ما حرفيته أن مصر عزّزت من الإجراءات الأمنية الآيلة إلى حماية السفن الأميركية في محيط قناة السويس، وأن وزارة الدفاع المصرية خصّت البواخر الأميركية تحديداً بهذا الامتياز. وعند تعريف السفارة الأميركية لدى مصر بالمشير، تتكرّر في أكثر من برقية العبارة نفسها ليس فاعلاً في السياسة الخارجية المصرية إلا في الملف السوداني المؤثر جداً فيه ، وهمّه الخارجي الأوّل هو الحفاظ على المساعدات الأميركية العسكرية السنوية لمصر . وتحذّر السفارة الأميركية جميع الزوار الأميركيين الرسميين إلى القاهرة من أن طنطاوي يسعى، بمناسبة وبلا مناسبة، إلى إقناع ضيوفه بفك الارتباط بين المطالب الأميركية بالإصلاح في مصر، من جهة، والمساعدات الأميركية العسكرية إلى مصر من جهة ثانية، وهي التي يرى أنها حجر الزاوية في العلاقات الأميركية ـــــ المصرية . حتى إن طنطاوي ينصح السفير الأميركي، عام ، بأن المهمة الرئيسية للسفارة الأميركية في القاهرة، هي إقناع الكونغرس بأهمية وفرادة العلاقات الأميركية مع مصر ، محذراً من أنّ مبارك غضب كثيراً من القانون الذي يناقشه الكونغرس لخفض المساعدات العسكرية الأميركية لمصر، ومن أن الشعب المصري ينظر إلى هذا الأمر على أنه تدخل أجنبي في شؤونه الداخلية ومسّ بالأمن القومي المصري. وهنا يعرف طنطاوي أيضاً كيف يضرب على الوتر الحسّاس، فيذكّر السفير ريتشارديوني بأنّ ربط المساعدات الأميركية بشروط إصلاحية أو ببنود تتعلق بتحديث الجيش وبوضع الحدود مع غزة يهدّد العلاقات الأميركية ـــــ المصرية، وخصوصاً أنّ مصر ملتزمة باتفاقية السلام الموقعة مع إسرائيل منذ عاماً، بينما تخرقها إسرائيل وتعمل على إفساد العلاقات المصرية ـــــ الأميركية . وكل شيء مباح لطنطاوي في سبيل المحافظة على المساعدات العسكرية الأميركية، فهو يصرّ على زوّاره الأميركيين دائماً بأن عليهم عدم إعادة النظر في هذه المساعدات، مذكِّراً إياهم بكيفية اتّباع مصر سياسة عسكرية خارجية داعمة للأولويات الأميركية، من أفغانستان المستشفى الميداني في باغرام الأفغانية وتسليح الجيش الأفغاني ومساعدات إعادة الإعمار في كابول والعراق تدريب من عناصر الأمن العراقيين وفلسطين قوات الحدود المصرية في سيناء لمنع التهريب والسودان المشاركة المصرية في قوة حفظ السلام في دارفور والضغط على الرئيس عمر البشير ليقبل قوات سلام دولية وحل أزمة دارفور ، إضافةً إلى المشاركة المصرية في القوات الدولية في القرن الأفريقي. وهنا لا تنتهي الطلبات المالية المصرية، كمبلغ الـ مليون دولار الإضافية التي طلبتها وزارة الدفاع المصرية من واشنطن لتحديث تجهيزات مراقبة الحدود المصرية ـــــ الفلسطينية. وفي إعداد السفارة لزيارة الجنرال جون أبي زيد إلى القاهرة، تشدد البرقية الرقم ، على ضرورة ممارسة المزيد من الضغط على طنطاوي لتقدم بلاده المزيد من المساعدة السياسية والعسكرية في ملفّين خصوصاً العراق وأفغانستان. وفي مكان آخر من الوثيقة نفسها، كشفٌ عن أن طنطاوي كان صاحب الدور الرئيسي في تمديد العمل بمواد من الاتفاقية الأميركية ـــــ المصرية في آذار . وترد في الوثيقة مجموعة من النصائح لأبي زيد، أبرزها ممارسة الضغط على طنطاوي بهدف إقناعه بالسير في خطّة تحديث الجيش المصري لتسهيل تمرير استمرار المساعدات العسكرية الأميركية لمصر في الكونغرس، وهي الخطة التي يجب أن تشمل جوانب العقيدة والتجهيزات والتنظيم والتدريب والقيادة. كلام غالباً ما يُرفَق بتهديد مبطَّن إضافي من جانب طنطاوي، مفاده أن مصر ستلجأ إلى الصين أو روسيا للتزود بالسلاح منهما إذا أخلّت واشنطن باتفاقية المساعدات العسكرية. وفي لقاء عام ، لا يجد السفير فرانك ريتشارديوني حرجاً في الطلب من طنطاوي أن يكون شريكاً مع وزراء مصريين آخرين في تأمين معلومات للسفارة الأميركية عن الاستراتيجيا المصرية سياسياً وعسكرياً واقتصادياً، تحتاج إليها السفارة لترفعها في تقرير إلى وزارة الخارجية. ومن بين ما تخلّل الاجتماع، نصائح أميركية لطنطاوي بضرورة تفعيل مصر دعايتها الإعلامية بشأن المساعدات التي تقدمها في إطار التعاون المصري ـــــ الأميركي، مثل تقديمها أخيراً قطع غيار لمروحيات لباكستان إثر الهزة الأرضية التي ضربتها، وتسليم أسلحة وألغام لأفغانستان، ودور مصر في حفظ السلام في السودان، فما كان من طنطاوي إلا أن تقدّم بطلب مقابل مفاده ضرورة أن تقدّم الولايات المتحدة المساعدة على هذا الصعيد الدعائي أيضاً. ويظهر طنطاوي كصندوق بريد يصعب عليه رفض الطلبات الأميركية. فحين طلب منه رودمان المشاركة في مشروع القوة ، التي تعمل على وقف تدفق الإرهابيين في منطقة البحر الأحمر وبحر العرب وخليج عدن، واعداً إياه بإمكان توكيل مصر في المستقبل بقيادة هذه القوة، أمر طنطاوي رئيس أركان الجيش سامي عنان بإيجاد وسيلة لتشارك مصر في هذه المهمة. وفي السياق، عرف رودمان كيف يضرب على الوتر الحساس عند طنطاوي، عندما ذكّره بأن السير في الإصلاحات الديموقراطية في مصر، سيجسّد دفعاً للصفة المعتدلة لمصر. غير أن الجواب موجود دائماً عند طنطاوي، الذي أوضح لضيفه الأميركي أنّ البناء الديموقراطي ليس ذا شكل واحد يسري على جميع الدول. هو نفسه طنطاوي الذي لا يفوّت مناسبة لقاء مع أي مسؤول أميركي لتحذيره من مخاطر الانسحاب الأميركي من العراق، وضرورة تأمين مشاركة سنية عربية فاعلة في الحكم العراقي، ويعود ليطمئن هؤلاء إلى أن ملف السودان، رغم أنه وجعة رأس ، ليس بتعقيد الملف العراقي . وعن العراق، يعرب وزير الدفاع للسفيرة الأميركية مارغريت سكوبي عن رأيه في مشروع الاتفاقية الأمنية الأميركية ـــــ العراقية بأنها إيجابية من حيث أنها تمثّل هزيمة للتدخل الإيراني في الشؤون العراقية، وتشجّع طهران على تغيير سياساتها إزاء بغداد، وتحثّها على التعاون مع واشنطن. ورغم العلاقات الممتازة التي كانت تجمع بين حكام مصر والدولة العبرية، كان طنطاوي ينتهز فرصة اللقاء بأي مسؤول أميركي ليطلب ضغطاً أميركياً على إسرائيل للسماح للقوات المصرية بزيادة عديد عناصرها المنتشرين على الحدود مع قطاع غزة، وهو ما عجز عن إقناع وزير الدفاع الإسرائيلي شاؤول موفاز به خلال لقائهما في شباط . وتُظهر البرقية أن الهدف من أحد اجتماعات ولش مع طنطاوي كان القيام بوساطة أميركية بين إسرائيل ومصر لحل الخلاف بشأن الترتيبات الحدودية بين مصر وغزة للسماح لمصر بزيادة عديد جنودها المنتشرين على هذه الحدود من الى عنصر ينتشرون على طول كيلومتراً و كيلومتراً في البحر وعمق كيلومتراً . ويبدو طنطاوي شديد الالتزام بتقسيم الملفات على أركان النظام المصري؛ إذ إنّه، بعدما وافق على الاجتماع مع ايهود باراك إذا زار الأخير مصر، طلب من المسؤول الأميركي الاتصال بعمر سليمان وأحمد أبو الغيط أولاً.
|
وتشير البيانات التي أدلت بها وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون، في مؤتمر الأمن الأوروبي في ميونيخ، إلى انتقال الإدارة من سياسة المراوحة في التعامل مع تطورات الوضع في مصر، إلى انتهاج سياسة تقوم على دعم نائب الرئيس عمر سليمان باعتباره رجل أميركا الحالي، ودفعه إلى تنفيذ برنامج إصلاحي لتنفيس الانتفاضة الشعبية، مع بقاء مبارك في موقع رمزي من دون أن تكون له صلاحيات تنفيذية حتى نهاية ولايته في أيلول المقبل. وحجة الأميركيين في مخططهم أن سليمان وعد المسؤولين الأميركيين، وخصوصاً كلينتون ونائب الرئيس جوزف بايدن، بأنه سينفذ عملية انتقالية منظمة تشتمل على إصلاح دستوري يسبقه حوار مع الأحزاب والقوى المعارضة.
|
ومن أبرز علامات تغير الموقف الأميركي، دعوة كلينتون، في ميونيخ، المصريين إلى التحلي بالصبر لأن التغيير سيستغرق بعض الوقت ، وهي تصريحات تلت تشديد مبعوث الرئيس الأميركي الخاص إلى مصر فرانك ويزنر، على ضرورة الإبقاء على مبارك في الوقت الحالي على الأقل حتى ينفذ الإصلاحات الدستورية . ودفع تصريح ويزنر، المرتبط وعائلته بعلاقات تجارية واسعة مع آل مبارك، الإدارة الأميركية إلى محاولة النأي بنفسها عنه، إذ سارع المتحدث باسم وزارة الخارجية فيليب كراولي إلى التأكيد أن ويزنر قام بمهمته إلى القاهرة كمواطن خاص، ولم يكن يتحدث باسم الحكومة الاميركية . غير أن كراولي لم ينف أن ويزنر قدم تقريراً مفصلاً عن زيارته المصرية لأوباما وطاقمه للأمن القومي والسياسة الخارجية يوم الجمعة. ويرى خبراء في شؤون السياسة الخارجية الأميركية أن الاستراتيجية التي ينتهجها البيت الأبيض تجاه الوضع في مصر تتبدل حسب تسارع التطورات والظروف، على قاعدة أن واشنطن تحاول التعامل مع تنحّي مبارك كمجرد عنصر واحد من عملية أكبر لضمان انتقال السلطة . ويقدّم المسؤولون الأميركيون يومياً مزيداً من الإشارات، إلى اعتمادهم على سليمان بوصفه رجلهم في هذه المرحلة؛ فإلى جانب اتصال كلينتون به، فعل بايدن الشيء نفسه يوم السبت، وسأله عن التقدم الذي تحقق على صعيد بدء مفاوضات شاملة لنقل السلطة في مصر إلى حكومة ديموقراطية. وعن المعنى الأميركي لـ الانتقال السلس والسلمي للسلطة ، أجاب مسؤول رفيع المستوى في وزارة الخارجية الأميركية بأنه لا يمكننا إملاء معنى الانتقال المنظم للسلطة، لكن حان الوقت لكلا الطرفين حتى يشمّرا عن سواعدهم. على الحكومة أن تقوم ببعض الخطوات، لكن على المعارضة أيضاً أن تكون راغبة في المشاركة في المفاوضات . كلام ترجمه المتحدث باسم البيت الأبيض روبرت غيبس عندما أعرب عن ثقته بأن أكبر خطوة ندفع إليها هي أن تبدأ الحكومة بالمفاوضات، وأكبر دور نؤديه هو أن نشجع حكومة مصر على المشاركة في هذه المفاوضات مع المتظاهرين الذين يخرج المزيد منهم إلى الشارع . وفي السياق، كشفت مصادر مطلعة أن المسؤولين في البيت الأبيض يسعون في اتصالاتهم الهاتفية مع سليمان، إلى دفعه لتجاوز مبارك وتصفية دوره التنفيذي قبل أيلول المقبل. ونقلت صحيفة نيويورك تايمز عن مسؤولين مصريين وأميركيين اعترافهم بأن سليمان وغيره من القادة العسكريين يناقشون خطوات للحد من سلطة مبارك في اتخاذ القرارات، وربما نقله من القصر الرئاسي قصر العروبة في القاهرة، وإن لم تُنزع منه الرئاسة مباشرة . وكشف مسؤولون أميركيون عن أن من بين الأفكار المطروحة، انتقال مبارك إلى منزله في شرم الشيخ أو التوجه إلى ألمانيا في إجازة طبية يخضع فيها لفحوص مطولة. خطوات قد تكون مدخلاً لخروج يحفظ فيه مبارك ماء وجهه، ولا يعود لاعباً سياسياً مركزياً، فيما يلبي في الوقت نفسه جزءاً من مطالب المتظاهرين . وفي الوقت الذي تشجع فيه الولايات المتحدة سليمان وكبار قادة الجيش لإجراء محادثات مع المعارضة، تتناول الوساطة الأميركية كيفية انفتاح النظام السياسي، ووضع قيود على الرئيس وبعض المبادئ الديموقراطية الرئيسية قبيل موعد انتخابات أيلول. لكن لا يمكن أن يحصل أي شيء من هذا إذا بقي مبارك في مركز السلطة، ولكن هذا لا يتطلب بالضرورة مغادرته منصبه الآن ، على حد تعبير مسؤول أميركي. وقد لوحظ أنّ أوباما وكبار مساعديه تجنبوا الدعوة المباشرة إلى تنحي مبارك، لكنهم في الوقت نفسه أوضحوا أنهم لن يعارضوا اتخاذ الرئيس مثل هذا القرار. وبحسب المعلومات، فقد نصحوه بالتنحي جانباً على الأقل، بينما تنخرط الحكومة وسليمان في حوار مع المعارضة. في المقابل، لم ينف البيت الأبيض ما أوردته نيويورك تايمز ، حيث لمّح مسؤول في البيت الأبيض إلى أنّ الولايات المتحدة تدرس سلسلة من الخيارات لإقناع مبارك بالتنحي بما يضمن نزع فتيل المواجهة في القاهرة. وقال المسؤول من الخطأ القول إن هناك خطة واحدة يجري التفاوض بشأنها مع المصريين . ونقلت شبكة سي أن أن عن مسؤول مصري تأكيده أن الولايات المتحدة أظهرت دعماً لخريطة طريق الانتقال إلى الديموقراطية مع نهاية ولاية مبارك، من دون أن ينسى كيف أن دعوة أوباما إلى انتقال منظم للسلطة يتعارض مع دعوته إلى انتقال فوري لها . ولفت المسؤول إلى أن مبارك أفل نجمه في السياسة المصرية، لكن إطاحته فوراً ستضفي ضبابية على العملية السياسية، ما سيحول دون إجراء الانتخابات الحرة والنزيهة التي يطالب بها الشعب. ورأى المسؤول نفسه أن العالم يشهد مرحلة تنتهي فيها حقبة مبارك، سواء الآن أو في أيلول، وهذا أمر مهم لم يحصل في المنطقة منذ وقت طويل . غير أنّ الإشارات المختلطة التي تصدر عن واشنطن تغذّي القلق في مصر من أنّ إدارة أوباما أدارت ظهرها لجوهر مطالب الانتفاضة الشعبية، وهو ضرورة رحيل مبارك؛ ذلك أن مجمل الاقتراحات التي يتداولها المسؤولون الأميركيون لا تتضمن استقالة مبارك أو إعلان تنحّيه بالكامل، وهو ما من شأنه تهديد كسر إصرار الشعب على عدم التفاوض مع أي من أطراف النظام ما لم يترك مبارك الرئاسة. ويبرّر مسؤولون أميركيون السياسة الحالية للبيت الأبيض بإبقاء مبارك حتى انتهاء ولايته، بالرغبة في عدم خلق مشاكل دستورية تؤسِّس لفراغ سياسي ، علماً بأن الدستور المصري يوفّر المخرج القانوني لتنحية مبارك؛ إذ ينص على تسلم رئيس مجلس النواب السلطة أقله اسمياً في حال استقالة الرئيس. وأوضحت مصادر مطلعة أنّ أوباما، الذي تلقى نصيحة من مجلس الأمن القومي في البيت الأبيض يوم الشهر الماضي بضرورة الطلب من مبارك بالتنحي فوراً، عاد وسمع نصائح مختلفة في مشاوراته الهاتفية مع رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو والملك السعودي عبد الله. مشورة تفيد بضرورة منح مبارك فرصة البقاء حتى نهاية ولايته على الأقل. ويرى عدد من الخبراء في السياسة الخارجية والشأن المصري أنه خلافاً لما قاله أوباما يوم الجمعة عن أن الضغط لا يجدي في إنهاء الانتفاضة، فإن لدى إدارته، بما لها من نفوذ داخل المؤسسة العسكرية المصرية، القدرة على المساعدة في حسم وضع السلطة في مصر. غير أن الأميركيين يخشون تخلخل ولاء القيادات العسكرية الكبيرة في الجيش بعد رحيل مبارك، بدليل أن بإمكان عمر سليمان إزاحة مبارك بأساليب عديدة . ونقلت صحيفة واشنطن بوست عن مسؤولين أميركيين سابقين وحاليين وصفهم لهيئة الأركان المصرية بأنها موحّدة حول دعم مبارك ووزير الدفاع المشير محمد حسين طنطاوي ، على قاعدة أنه إذا كنتَ جنرالاً في الجيش المصري، فإنك بالتأكيد موالٍ لمبارك. هو الذي اختارك ورقّاك .
|
الحادثتان سبقتهما عدة حوادث مماثلة في حي يارين في خراج البيسارية وفي النجّارية وأنصارية قضاء الزهراني . كذلك في مجدل زون والمنصوري في قضاء صور، إلا أن كثيرين تفننوا في مقارعة القوى الأمنية، بدءاً من التحايل على نقاط المراقبة والتفتيش التي استُحدثت على مداخل القرى المخالفة، وصولاً الى إنشاء جماعات منظمة تكون جاهزة للالتفاف على الدورية إذا ما اقتربت من ورشة مخالفة.
|
لكن ما الذي أوصل الأمور الى هذا الحد من الفوضى من جهة، ومن كسر هيبة القوى الأمنية من جهة أخرى؟ بل إن التساؤل الأكبر في رأي الكثيرين يسجَّل ضد البلديات ومسؤولي الأحزاب في بلدات الزهراني هل اضطلعت في قمع المخالفات أم في تشجيعها؟ . القوى الأمنية لا تزال تدافع عن أدائها. يقر مصدر أمني للأخبار بأن القوى الأمنية لم تكن صارمة في قمع المخالفات لأنها كانت تجابَه بتجمهر عنيف للمواطنين الذين كانوا يقطعون الطريق بالإطارات المشتعلة، ويرشقون العناصر الأمنيين ودورياتهم بالحجارة، في الوقت الذي هي فيه حريصة على عدم التصادم مع الأهالي ، علما بأن حركة أمل وحزب الله رفعا الغطاء عن المخالفين والمعتدين. لم تشهر القوى الأمنية سيفها على نحو واضح الى أن امتدت انتفاضة رفض معادلة السمنة والزيت الى أهالي البيسارية، الذين تعجّبوا إزاء مشهد المهجّرين الذين آووهم قبل أكثر من ثلاثين عاماً وهم يعمّرون على أرضهم في مقابل الحصار المفروض عليهم كسائر البلدات الأخرى . سريان فوضى البناء المخالف في مشاع البيسارية، ومنه الى بعض القرى المحيطة، كان كالنار في الهشيم، حيث لم تستطع القوى الأمنية ضبطه، رغم الإجراءات الميدانية التي اتخذتها، ولا سيما لناحية طلب مؤازرة الفهود والجيش في حصار يارين ومداخل البيسارية ومنع الآليات ومواد البناء من الدخول اليها. قصة انتفاضة مخالفات البناء والتعدي على الأملاك العامة، واحدة، لكنها ببدايات وخواتيم تختلف باختلاف الانتماء الطائفي والمناطقي والسياسي لقارئها. الرواية الأكثر انتشاراً لسبب اندلاع الانتفاضة في الزهراني منتصف شهر آذار الفائت، هي التي نفاها تيار المستقبل، وتتحدّث عن أن مخالفات البناء في الأملاك العامة بدأت في حي يارين الجديدة في مشاع بلدة البيسارية إثر تدخّل النائبة بهية الحريري لدى قوى الأمن لتغطية أعمال بناء مخالفة فيها لمناصرين لها كإغراء لهم لمشاركتهم في مهرجان قوى الرابع عشر من آذار . هكذا وبحسب رواية اليارينيّين أنفسهم، فإن حوالى أربعة أشخاص شرعوا بالبناء من دون نيل ترخيص رسمي، على مرأى من سائر أبناء الحي، الذين كانوا قد هجّروا عام من مسقط رأسهم يارين الحدودية، وعدد من جاراتها إثر مجزرة نفذتها قوات الاحتلال الإسرائيلي. ورغم أن تلك الأعمال التي كانت تجري بهدوء وتحت جنج الظلام، اقتصرت على زيادة سقف إضافي أو غرف الى منازلهم الأصلية، انتفض أهالي الحي أنفسهم ضدها، رافضين معادلة ناس بسمنة وناس بزيت . وما هي إلا أيام قليلة حتى تحوّل الحي بكامله الى ورشة بناء.
|
فرئيس تحرير مجلة مختارات إيرانية في مركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية، محمد السعيد إدريس، يرى أن هناك عوامل أسهمت في زيادة التوتر في العلاقات المصرية الإيرانية، يمكن تقسيمها إلى ثلاث مجموعات، بعضها يخص النظام الدولي، والثاني يتعلق بتطورات البيئة الإقليمية. أما المجموعة الثالثة فهي التي تتعلق بخصوصية الأوضاع ومعالم نظام الحكم في البلدين .
|
ويضيف أن التزامات الرئيس المصري حسني مبارك السياسية مع واشنطن كانت العقبة الأساسية في طريق التقارب المصري ـــــ الإيراني، وخصوصاً بعد أن اكتشفت أميركا أن إيران هى أكثر المستفيدين من غزوها للعراق . أما في ما يتعلق بالتطورات الإقليمية، فالموقف المصري الإيراني تأثر كثيراً بسبب تناقض الرؤى بين البلدين في العديد من الملفات، أبرزها الملف الفلسطيني ثم الملف الخليجي، وبعدهما يأتي ملف المخاوف والتحفظات المصرية على تنامي أدوار إيران ونفوذها على المستويين العربي والإقليمي . يوضح إدريس أن مصر تحولت في عهد مبارك إلى دولة مسؤولة عن ملف تسوية الصراع العربي الإسرائيلي سلمياً. ورأت أن أي تقدم في هذه التسوية هو دليل على جدارة خيار السلام المصري، وأي تعثر فيه تشكيك غير مقبول لهذا الخيار، في حين أن إيران رفضت مبكراً معاهدة السلام المصرية الإسرائيلية، واعترضت على خيار السلام باعتباره خيار النظم العربية الاستراتيجي، وانحازت إلى خيار المقاومة . أما في ما يتعلق بالتحديات الإيرانية لمصر في الملف الخليجي، فهي تحديات تواجه الدور القومي لمصر. وقد تزايد التوتر مع تزايد النفوذ الإيراني على حساب النفوذ المصري في الدائرة العربية وفي ملفات عربية هامة، ابتداءً من لبنان إلى العراق إلى العلاقة المتصاعدة مع حركة حماس في قطاع غزة، والتعاون الوثيق بين طهران ودمشق . وربما جعل التنازع على الملفات الإقليمية من إيران مصدراً للتهديد بالنسبة إلى مصر، وفرض توجهات سياسية مصرية نحو إيران اتسمت بالتوتر شبه المستمر بين البلدين وتعثر معظم محاولات التقارب. المفارقة التي يؤكدها إدريس، أن كل الدولة العربية، بما فيها الخليجية، لها علاقات مع إيران، وأن مصر هي الدولة العربية الوحيدة التي لا تربطها أيه علاقات معها، رغم عدم وجود صدام مباشر بين الدولتين، أي لا مشاكل حدودية أو صراعات على موارد اقتصادية، بل كلها خلافات على قضايا تمس آخرين. من جهته، المحلل السياسي نبيل عبد الفتاح، الخبير في مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، يرى أن هناك توجهات لدى شرائح اجتماعية عديدة لإحداث قدر من التغيير في علاقات مصر الخارجية بعد ثورة يناير، في محاولة ملء الفراغات التي خلت من نظام الرئيس السابق. هذه الشرائح النخبوية والشبابية ترى أن الخلاف مع إيران لم يكن خلافاً جذرياً، واستعادة هذه العلاقات من الممكن أن تخدم الأمن في المنطقة، وتحديداً في الدائرة الخاصة بالصراع العربي الإسرائيلي. لكن حسبما يرى عبد الفتاح، كان ينبغي لإيران أن تقدم بعض التنازلات، مثل إزالة اسم الشارع الذي يحمل اسم قاتل الرئيس الراحل أنور السادات خالد الإسلامبولي. وفي نظر البعض أيضاً، إن إيران في التمدد الإقليمي لم تكن تراعي الحساسيات الإقليمية من خلال توظيف القضية الفلسطينية، وإن كان البعض يرى أن مصر قد بالغت كثيراً في تصوير هذا التمدد في محاولة منها لخلق فزاعة إيرانية. عبد الفتاح يشدد على أنه ينبغي إعادة صياغة متوازنة للعلاقات تراعي بعض الحساسيات المذهبية، حتى وإن كان المصريون لا يشعرون بتناقض مع المذهب الشيعي على عكس المؤسسة الوهابية الضاغطة. فالثقافة المصرية لديها رؤية أكثر انفتاحاً وعمقاً للمذهبية، وإن كان المصريون أيضاً لا يقبلون بالتمدد المذهبي. بيد أن السؤال هنا هو هل يمكن أن يكون هناك حلف بين مصر وإيران بعد عودة العلاقات؟ في رأي إدريس هذا سابق لأوانه ، لأن هناك أطرافاً تحاول تعجيز استعادة العلاقات ، وبعض دول الخليج تحاول الترويج لذلك. الأمر ذاته يتفق فيه رئيس مركز الشرق للدراسات الإقليمية والاستراتيجية في القاهرة، مصطفى اللباد، الذي يؤكد أن مصلحة مصر في تحسن العلاقات مع إيران، وهذا ينبغي أن يكون في المرحلة الأولى. لكن هل سيثمر هذا التحسن في وجود تحالف أم لا؟ هذا أمر سابق لأوانه؛ لأن هناك أطرافاً كثيرة لا يهمها هذا التحالف، مثل إسرائيل. على الجانب الآخر، يرى عبد الفتاح أن المرحلة المقبلة ستشهد تقارباً متدرجاً ومتوازناً بين مصر وإيران وتركيا، من ضبط التفاعلات في النظام الإقليمي على نحو يفيد الأقطاب الثلاثة، ولخلق حالة من التوازن تخدم الأطراف وتضبط من غلواء غطرسة القوى الإسرائيلية، ومحاولات بعض الدول المحافظة كالسعودية . لكن هل يمكن أن تنجح الضغوط الخليجية في وقف التقارب المصري الإيراني؟ يرى إدريس أن هذه الضغوط نجحت في فرملة هذا التقارب إلى حد الإلغاء، وخاصة من التصريحات المصرية بأن أمن الخليج خط أحمر وهذه رسائل إلى إيران. ويضيف إدريس أن مصر مطالبة بأن تكون علاقاتها مع إيران طيبة، حتى يمكنها أن تقوم بدورها في مشروع نهضة الدول العربية الذي فشلت السعودية في أن تقوم به، واكتفت بأن تقدم مشروع تبعية الدول العربية لأميركا وإسرائيل . من جانبه، يرى اللباد أنه لا يعني تحسن العلاقات مع إيران أن ندير الظهر للدول العربية، ولا يعني كذلك أن نوافق على كل ما تريده إيران منا . ويشير اللباد إلى أنه لا تعارض بين علاقات قوية مع إيران من ناحية، وأخرى قوية أيضاً مع المملكة العربية السعودية، بالرغم من أن هناك تصادماً موضوعياً بخصوص العراق والخليج بين مصر وإيران، حتى لو ارتفع سقف العلاقات؛ فعودة العلاقات المصرية الإيرانية لا تعني تطابق السياسات، أو أن مصر ستقبل بالتدخل الإيراني والسياسات الإيرانية في المنطقة العربية . ويلفت اللباد إلى أن دول الخليج الست، بما فيها المملكة العربية السعودية والإمارات العربية، لها علاقات دبلوماسية وتجارية مع إيران، رغم الاختلاف السياسي معها ، مضيفاً لا ننسى أيضاً أن الدول العربية ليس من مصلحتها أن تخسر مصر، ولا يمكن الدول العربية أن تضحي بعلاقاتها بمصر في حال إعادة العلاقات بينها وبين إيران . الأمر ذاته يؤيده عبد الفتاح الذي يقول لا ينبغي أن نأخذ تهديدات السعودية في الاعتبار، لأنه لا دولة يمكن أن تؤثر على توجهات السياسة الخارجية المصرية بعد الثورة .
|
ونقلت وسائل إعلام روسية عن لافروف قوله، في ختام محادثات أجراها مع نظيره السلوفيني صامويل جبوغار في العاصمة السلوفينية لوبليانا، يقلقنا ما يجري في ليبيا، وإن التطور الأخير للأحداث في هذا البلد لا يسرّنا. وهذا تورّط واضح في نزاع على الأرض .
|
في هذا الوقت، قال مسؤولون أميركيون وأوروبيون إن الزعيم الليبي العقيد معمر القذافي عزّز موقفه في وسط ليبيا وغربها بما يكفي لاستمرار المواجهة بينه وبين المعارضة إلى أجل غير مسمّى. وقال مسؤول أمني أوروبي يتابع عن عن كثب الوضع في ليبيا، إن رجال القذافي يشعرون بالثقة تماماً . وأضاف أن النتيجة المُرجّحة هي تقسيم بحكم الأمر الواقع لفترة طويلة مقبلة ، بسبب تحسّن موقف القذافي وضعف قوات المعارضة المسلحة وغير المدربة، والتي تحارب بأسلحة متهالكة. وقالت صحيفة نيويورك تايمز إن تكتيكات جديدة من جانب قوات القذافي الاختلاط بالسكان المدنيين وأسلحة تمويه وشاحنات نصف نقل بدلاً من مدرعات عسكرية جعلت من الصعب على طيّاري الأطلسي العثور على أهداف، فيما ألحقت الانقسامات داخل الأطلسي الضرر على ما يبدو باستراتيجيته بقدر التكتيكات الجديدة للقذافي ، حسبما قال مدير مؤسسة كاتام هاوس الملكية للشؤون الدولية في لندن، روبين نيبليت. وقال سفير رفيع المستوى في حلف شمالي الأطلسي إن بعض الدول تعتقد أن عملية ليبيا يمكن أن تنتهي بسرعة.. إلا أنه ليس ثمة قائد جيش يعتقد بذلك . وفي ما يعزّز فرضية مباشرة حرب بريّة، قال مصدر جزائري إن الولايات المتحدة وحلف شمالي الأطلسي طلبا من الجزائر مساعدة قوات التحالف في حصار نظام القذافي حتى إزاحته من الحكم، تتضمن تقديم تسهيلات لوجستية في حال اندلاع حرب برية بين التحالف وقوات القذافي. ونقلت صحيفة الخبر الواسعة الانتشار عن مصدر أمني جزائري رفيع المستوى قوله إن القيادة العسكرية لحلف الأطلسي ووزارة الدفاع الأميركية شرعا في التحقيق في أخطاء ارتكبت خلال الغارات الجوية على ليبيا، وزار عسكريون أميركيون الجزائر في هذا الإطار. ولفت المصدر إلى أن عسكريين وأمنيين جزائريين زاروا واشنطن قبل أيام بدعوة أميركية لإجراء مباحثات بشأن الوضع الأمني في شمال أفريقيا والساحل الأفريقي بعد اندلاع الحرب. ورجّحت الصحيفة أن تكون الجزائر قد رفضت تقديم مثل هذه التسهيلات للقوات الأطلسية. وفي هذا السياق، بحسب تقرير نشرته صحيفة الفيغارو الفرنسية، فإن الحرب تكلّف غالياً، مشيرة إلى أن صاروخ سكالب على سبيل المثال، يكلّف ألف يورو، أي ما يتجاوز مليون دولار. وفي ما يتعلق بتسليح المعارضة، أفادت مصادر متطابقة لـ الأخبار بأن الثوار الليبيين في غرب البلاد استطاعوا الحصول على أسلحة أُدخلت من الحدود التونسية مع شحنات الإعانة والإغاثة التي توجهت منذ شهر ونيف إلى مدينة رأس لانوت التي تبعد عن الحدود التونسية قرابة كيلومتراً. وقال المصدر الذي رفض التصريح عن اسمه، إن عملية تسليم الأسلحة والمعونات حصلت داخل ليبيا، وجرت بالتعاون مع رجال يعرفون الطرق الليبية الوعرة التي كانت تستغل في تهريب السلع بطريقة غير شرعية، في ما يعرف في تونس بـ الكونترا . وأضاف المصدر أن عمليات التنسيق تحصل مباشرة بين منسّقي اتصال تابعين للثوار في تونس وأوروبا، ما يشير إلى علاقة مباشرة بين حلف شمالي الأطلسي والمجلس الانتقالي الليبي، في محاولة لتحريك الجبهة الغربية التي تسيطر عليها كتائب القذافي. في هذه الأثناء، أفاد شاهد عيان بأن الثوار الليبيين سيطروا أمس على معبر وازن، الواقع على الطريق بين مدينتي نالوت الليبية والذهيبة التونسية، بعد معارك قصيرة دارت بين كتائب القذافي والمعارضة. وأعلن مصدر عسكري ليبي مقتل سبعة أشخاص وجرح في قصف قوات التحالف الدولي لمنطقة خلة الفرجان في العاصمة الليبية طرابلس أمس، فيما قتل في مصراتة شخصاً، بينهم ثلاثة من الثوار والمصوّران الصحافيان البريطاني تيم هيذرينغتون، والأميركي كريس هوندروز، وأصيب آخرون. في المقابل، قال المتحدث باسم الحكومة الليبية، موسى إبراهيم، إن السلطات التابعة للقذافي تسلّح مدنيين للتصدّي لأي هجوم بري محتمل تشنّه قوات حلف شمالي الأطلسي. وأضاف أن سكان الكثير من المدن الليبية نظّموا أنفسهم في مجموعات لمحاربة أي غزو للأطلسي، مشيراً إلى توزيع بنادق وأسلحة خفيفة على جميع السكان. الأخبار، رويترز، يو بي آي، أ ف ب
|
Subsets and Splits
No community queries yet
The top public SQL queries from the community will appear here once available.